لحوم الضأن... فوائد للجسم عند تناولها بطريقة صحية

تحتوي على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية

لحوم الضأن... فوائد للجسم عند تناولها بطريقة صحية
TT

لحوم الضأن... فوائد للجسم عند تناولها بطريقة صحية

لحوم الضأن... فوائد للجسم عند تناولها بطريقة صحية

تكتمل فرحة عيد الأضحى في يومنا هذا لدى الكثيرين بتناول وجبة شهية من لحوم الضأن. وقد يفضل البعض تناول قطع مقلية من أعضاء الكبد والكليتين مع مزيج من قطع اللحم وشيء من خضار البصل والفلفل الأخضر وبهارات الفلفل الأسود والكمون مع قليل من الملح، فيما فد يفضل آخرون تناول قطع من اللحم الهبر المشوية مع قطع من خضار البصل والطماطم والفلفل البارد، والمبهّرة بالفلفل الأسود وأوراق الروزماري، مع القليل من الملح. وثمة من يُفضلون إعداد «فتة اللحم» لقطع من لحم الضأن المسلوقة التي تُضاف، مع قليل من مرق اللحم، على طبقة من رقائق خبز دقيق البر لحبوب القمح الكاملة، والمبهرّة بالفلفل الأسود والكمون وقليل من الملح. وهناك أطباق شهية أخرى للحوم الضأن يتم التفنن في إعدادها للتناول خلال أيام العيد.
- قيمة غذائية عالية
الفوائد الصحية لأكل لحم الضأن قد لا يعرفها الكثير من الناس، رغم أنه نوعية من اللحوم العالية في قيمتها الغذائية التي يستفيد منها الجسم.
ومصدر القيمة الغذائية العالية تلك، هو احتواء لحوم الضأن على مكونات صحية لمجموعة متنوعة من العناصر الغذائية، وهي التي تسهم في إعطاء الجسم مزيداً من الصحة والنشاط ضمن التشكيلة الصحية للتغذية.
وبداية، تحتوي أنواع الأطعمة على نوعين من المغذيات، هما «المغذيات الكبرى» Macronutrients التي تمد الجسم بالطاقة وتشمل البروتينات الدهون والسكريات، و«المغذيات الدقيقة» Micronutrients التي لا تمد الجسم بالطاقة وتشمل المعادن والفيتامينات والأملاح المعدنية ومضادات الأكسدة ومواد كيميائية أخرى لها أدوار مختلفة في العمليات الكيميائية الحيوية للتمثيل الغذائي ونمو الخلايا والتواصل فيما بينها وغير ذلك من الأنشطة الحيوية لأعضاء الجسم.
وبالنسبة لـ«المغذيات الدقيقة»، فإن كمية بوزن أربع أونصات (الأونصة 28 غراما) من لحوم الضأن، تمد الجسم بنسبة 50 في المائة من احتياجه اليومي لمعدن السيلينيوم، و40 في المائة في المائة من فيتامين بي - 12، و38 في المائة في المائة من فيتامين بي - 3، و35 في المائة من معدن الزنك، و27 في المائة من معدن الفوسفور، و20 في المائة من معدن الحديد، و15 في المائة من معدن النحاس، و12 في المائة من معدن الكالسيوم.
وعلى وجه الخصوص تتميز لحوم الضأن الذي تغذى على أعشاب المرعى مقارنة بالضأن الذي تغذى على العلف الصناعي، بأن كمية أربع أونصات منها تمد الجسم بنسبة 110 في المائة من احتياجه اليومي لمركبات تريبتوفان البروتينية، إضافة إلى مركب كرياتين الذي هو مركب أساسي كمصدر للطاقة في العضلات، ومركب تاورين الذي هو حمض أميني مضاد للأكسدة، ومركب غلوتاثايون المضاد للأكسدة. إضافة إلى مواد بايوتينومواد كولين، التي تسهم في خفض معدلات تراكم مواد هوموسيستين التي لها دور سلبي حال تراكمها بالجسم في ارتفاع احتمالات حصول تصلب الشرايين القلبية والدماغية.
- «مغذيات دقيقة»
والواقع أن هذه المجموعة من «المغذيات الدقيقة» مفيدة صحياً، وتوفرها لحوم الضأن لجسمنا بطريقة جيدة. ومثلاً، يُوجد الحديد في لحوم الضأن في هيئة يسهل على الأمعاء امتصاصها كي يستفيد منه الجسم في إنتاج هيموغلوبين خلايا الدم الحمراء، بخلاف الحديد في المنتجات الغذائية النباتية. وفيتامين بي - 12 فوق أنه عنصر ضروري لتكوين خلايا الدم الحمراء، هو أيضاً عنصر أساسي في عملية تكوين الحمض النووي «دي إن إيه»، وكذلك هو عنصر أساسي في سلامة تكوين وعمل الخلايا العصبية، هذا بالإضافة إلى دوره في عمليات تنشيط تنفس الخلايا وإنتاجها للطاقة.
وأيضاً معدن الزنك أساسي في حفظ نشاط وقوة عمل جهاز مناعة الجسم، وإنتاج هرمون تيستوستيرون الذكورة وهرمون الأنسولين، إضافة إلى دوره في نشاط عمليات انقسام الخلايا خلال مراحل نمو الجسم ومراحل التئام الجروح.
ومعدن السيلينيوم منشط لعمل مضادات الأكسدة في الجسم. ومضادات الأكسدة تعطل عمل الجذور الحرة. والجذور الحرة مواد ضارة تتراكم في الجسم، وعندما لا يتم التخلص منها فإنها تتسبب بالضرر في مناطق عدة بالجسم، مثل تسريع ترهل الجلد وترسيخ ترسب الكولسترول في جدران الشرايين القلبية وتهييج نمو الخلايا السرطانية وغير ذلك من الآثار الصحية الضارة.
- «مغذيات كبرى»
وكمية أربع أونصات من لحم الضأن الهبر تحتوي على 230 كالوري من السعرات الحرارية. وبالنسبة للـ«المغذيات الكبرى» تحتوي هذه الكمية من لحم الضأن الهبر على نحو 30 غراما من البروتينات السهلة الهضم، وهي ما تمثل 60 في المائة من الاحتياج اليومي للجسم من البروتينات. وثمة خمسة أسباب وجيهة لضرورة الحصول على ما يكفي من البروتين للجسم في كل يوم، أولها أن البروتينات مكون أساسي في كل خلايا الجسم، وحتى الشعر والأظافر مكوناتها الرئيسية هي البروتينات. وثانيها أن الجسم يستخدم البروتينات في بناء وإصلاح الأنسجة. وثالثها أن الجسم يحتاج البروتينات لصنع الإنزيمات والهرمونات والمواد الكيميائية الأخرى. ورابعها أن البروتينات تمثل كتلة البناء المهمة في تراكيب العظام والعضلات والغضروف والجلد والدم. وخامسها أن تناول البروتينات يخفف من الشعور بالجوع ويُسرّع بالشعور بالشبع، وبالتالي يُسهم تناول البروتينات في ضبط وزن الجسم. وعلى عكس الكربوهيدرات والدهون، لا يقوم الجسم بتخزين البروتين، لذلك لا يوجد في الجسم «خزان بروتينات» يمكنه السحب منه عند انخفاض كميتها في الجسم.
ولذا نحتاج إلى تناول البروتينات بشكل يومي، وتشير مصادر التغذية الإكلينيكية إلى أن الأطفال الصغار يحتاجون إلى نحو 10 غرامات يومياً من البروتينات، ويحتاج الأطفال في سن المدرسة إلى ما بين 19 إلى 34 غراماً يومياً، ويحتاج الأولاد المراهقون والبالغون إلى 52 غراماً يومياً، بينما تحتاج الفتيات في سن المراهقة والبالغات إلى 46 غراماً في اليوم، وترتفع تلك الكمية إلى 71 غراما في اليوم بالنسبة للحوامل والمرضعات.
- جودة الدهون
وتوفر لحوم الضأن، التي تغذت على أعشاب المرعى، نوعية جيدة من الدهون. كما تُسهم إزالة طبقات الشحوم عن قطع اللحم، في توفير لحم ضأن هبر قليل المحتوى بالدهون. وكانت عدة دراسات قد لاحظت في نتائجها أن صغار الضأن التي تغذت على العشب الطبيعي، ومارست عملية الرعي للسعي نحو غذائها، تحتوي على كمية أقل من الدهون المشبعة، وتتوفر فيها بكمية أكبر نوعية الدهون غير المشبعة، وبها نسبة جيدة صحياً من دهون أوميغا - 3. وأضافت نتائج تلك الدراسات، أن نسبة الدهون المشبعة، التي من الضار الإكثار من تناولها، قد لا تتجاوز 35 في المائة من كمية الدهون في صغار الضأن التي تغذت على الأعشاب الطبيعية. ولذا فإن تناول لحم الضأن بطريقة صحية يتطلب انتقاء نوعية جيدة من الضأن الذي تمت تغذيته بأعشاب وأعلاف ملائمة، مع الحرص على رعيها وتحريكها.
وثمة أمران آخران لتناول لحوم الضأن بطريقة صحية، أولهما الاعتدال في الكمية التي يتناولها المرء من لحوم الضأن الخالية من طبقات الشحوم، بحيث لا تتجاوز كميتها في الأسبوع نحو نصف كيلوغرام، وهو ما يُمكن تقسيمه على وجبتين في الأسبوع بوزن 250 غراما لكل منها. وفي كل 250 غراما من لحم الضأن الهبر نحو 10 غرامات من الدهون المشبعة ونحو 12 غراما من الدهون غير المشبعة، ونحو 100 ملغ من الكولسترول. وهذه تعتبر كميات معتدلة من الدهون والكولسترول ويُمكن للجسم أن يتحملها. كما تشير بعض مصادر التغذية الإكلينيكية أن بإمكان الأصحاء من الناس، غير المُصابين بأمراض القلب أو السكري أو اضطرابات الكولسترول أو ارتفاع ضغط الدم أو ضعف الكلى أو ضعف الكبد، تناول لحم الضأن بشكل يومي على أن لا يتجاوز وزن كمية اللحم الهبر من الضأن 100 غرام في اليوم.
- خطوات لشواء لحم الضأن بطريقة صحية
يعتمد الشواء بطريقة صحية للحوم الضأن على عدد من الخطوات، والتي منها:
> إعداد قطع اللحم بطريقة صحية يتطلب غسلها جيداً وإزالة طبقات الشحوم عنها للحصول على قطع اللحم الهبر. وهناك غايتان من إزالة طبقات الشحوم، الأولى تقليل تناول كمية الدهون المشبعة التي تتراكم في طبقات الشحوم بشكل أكبر مقارنة باللحم الهبر، والغاية الثانية تقليل تكون المواد والغازات الضارة التي تنتج عن احتراق قطرات الدهون المتساقطة على قطع الجمر الملتهبة بالحرارة.
> الحرص على شواء قطع صغيرة نسبياً من اللحم الهبر للضأن، وذلك لغايتان، الأولى تسهيل نضج اللحم وتقليل المدة الزمنية لتعرض اللحوم للهيب حرارة الجمر أثناء الشواء، والثانية تسهيل اختلاط التوابل وتغلغلها داخل قطع اللحم من أجل تطرية اللحم والتفاعل معه وجودة طعمه.
> إضافة إلى الملح والفلفل الأسود وغيرهما من التوابل، يجدر الحرص على تتبيل اللحم بواحد من عدة عناصر تعمل على خفض احتمالات تفحم اللحم أثناء الشواء، ومن ذلك الخل أو الليمون أو قطع أوراق الروزماري أو مرق الترياكي أو مزيج من الكركم والثوم أو بعصير أحد أنواع الفواكه الطازجة كالرمان أو الكرز.
> عند وضع اللحم في أسياخ سفّود الشواء، يجدر الحرص على تصفية اللحم جيداً وتجفيفه تماماً من السوائل أو من المرق الذي تم نقع اللحم فيه قبل الشواء، ووضع قطع من الخضار كالفلفل البارد أو الطماطم أو غيرها فيما بين قطع اللحم لحمايتها من التعرض المباشر للحرارة وتهيئة الفرصة لامتزاج اللحم مع المواد المضادة لتكوين المركبات الكيميائية الضارة في اللحم المشوي.
> عند إعداد الفحم، يجدر الحرص على حرق الحطب لحين تكون الجمر وزوال اللهب، أو استخدام الفحم النباتي. وتشير المصادر الطبية، كالمجمع الأميركي للسرطان، إلى ضرورة تقليل كمية الفحم الصناعي. وتُضيف أن جمر الحطب بالذات تصدر مع دخانه مواد طبيعية مضادة للأكسدة، أما الفحم الحجري فتتطاير منه غازات سامة ودرجة حرارته أعلى من الحطب أو الفحم النباتي. هذا مع الحرص على تقليل كمية الجمر المستخدم وإبعاد اللحم عنه ما أمكن لتجنب احتراق مكونات اللحم عند تعرضها لحرارة عالية أثناء الشواء، مع تجنب بقاء اللحم مدة طويلة فوق الجمر أثناء الشواء.
- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

علاج فوري للصداع النصفي يثبت فعاليته

صحتك الصداع النصفي هو اضطراب عصبي شائع يتميز بنوبات متكررة من الصداع الشديد (جامعة كاليفورنيا)

علاج فوري للصداع النصفي يثبت فعاليته

أكدت دراسة أميركية أن دواءً معتمداً للوقاية من الصداع النصفي يمكن أن يبدأ مفعوله فور تناوله.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تحديد وقت محدد لتمارينك سيساعدك على زيادة كثافتك وتركيزك (أرشيفية - رويترز)

4 ممارسات تساعدك على فقدان الوزن دون الذهاب لصالة الألعاب الرياضية

نصح مدرب لياقة بدنية بأن هناك أربع ممارسات سهلة يمكنك إجراؤها في يومك من أجل الحفاظ على حرق السعرات الحرارية لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تمكن العلماء أخيراً من تحديد الحد الأقصى لسرعة التفكير (رويترز)

ما مدى سرعة تفكيرنا؟ علماء يجيبون

تمكن العلماء أخيراً من تحديد الحد الأقصى لسرعة الدماغ في معالجة الفكر البشري، في تقدم يكشف سبب عدم قدرة أدمغتنا على معالجة العديد من الأفكار في وقت واحد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
TT

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)
أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)

ارتكبت أداة الذكاء الاصطناعي «ميتا آي» (Meta AI) خطأً فادحاً بعد اختبارات في نصوص دينية، حيث تداول عدد من مستخدمي منصة «فيسبوك» في مصر صوراً توثق هذا الخطأ؛ ما أثار جدلاً كبيراً وانتقادات حول مدى دقة استخدامها في النصوص القرآنية والدينية.

وأداة «ميتا آي» (Meta AI) هي إحدى التقنيات المطورة من قِبل شركة «ميتا» (فيسبوك سابقاً)، وتعمل على محاكاة التفاعل البشري من خلال تقديم إجابات تعتمد على تحليل البيانات والمعلومات المتاحة.

وتُستخدم هذه الأداة في الكثير من المجالات مثل البحث، وتحليل البيانات، وتصنيف المحتوى. ومع ذلك، أثارت بعض التحديات والمخاوف، خصوصاً فيما يتعلق بالدقة، حيث يمكن أن تنتج نصوصاً غير صحيحة أو مضللة، كما حدث مؤخراً عند تقديم نصوص خاطئة لآيات من القرآن الكريم؛ ما يبرز أهمية مراجعة وتدقيق المحتوى الذي تقدمه قبل الاعتماد عليه.

وكشفت الصور المتداولة عبر مواقع التواصل، عن أن الأداة قدمت نصوصاً غير صحيحة، ومنها أنها عرضت نص سورة «الإخلاص» بدلاً من سورة «الفلق».

وعند تنبيه الأداة إلى هذا الخطأ، تعتذر وتقوم بتصحيح النصوص، لكنها أحياناً تقدم نصوصاً غير دقيقة مجدداً. وقد أجرت «الشرق الأوسط» تجربة مماثلة، أثبتت تكرار الأداة الخطأ نفسه.

تحديات الذكاء الاصطناعي

قال الدكتور مختار محمد عبد الله، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إن «الذكاء الاصطناعي يعدّ اختراعاً بشرياً مفيداً في الكثير من المجالات مثل استرشاد المعلومات وتصنيف العلوم، حيث يسهم في تسريع البحث وتحليل البيانات واستخراج العناصر المهمة من المواضيع العلمية، ومع ذلك، تبرز تحديات ومخاطر تستوجب الحذر عند استخدام هذه التقنية، خصوصاً في المجالات الحساسة مثل النصوص القرآنية والبحث العلمي».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «فيما يتعلق بالنصوص القرآنية، هناك تحذيرات شديدة من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، حيث ثبت أن بعض الأنظمة قد تنتج نصوصاً غير صحيحة وتنسبها للقرآن الكريم؛ مما يسبب لبساً كبيراً. وقد يُظهر النظام هذه النصوص على أنها آيات قرآنية، مع ذكر السورة والآية بشكل يوحي للقارئ بأنها صحيحة».

وشدد على أن «هذا الأمر قد لا يُكتشف بسهولة إلا من قِبَل حفظة القرآن أو العلماء المتخصصين، مما يُعد خطراً كبيراً على سلامة النصوص المقدسة، ويدعو للحذر الشديد من استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق».

وأشار عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر إلى أن «هذا الأمر لا يقتصر على القرآن فقط، ففي مجال البحث العلمي، تبرز مشكلات أخرى مرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، فمن الممكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بترويج أفكار أو نتائج بحثية دون نسبها إلى أصحابها الحقيقيين، أو قد يختلق مراجع وهمية مثل أوراق بحثية غير موجودة أو كتب منسوبة لعناوين مزيفة».

وشدد على ضرورة توخي الحذر عند استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات التي تتطلب دقة النصوص والمعلومات وسلامتها.

وأكد أنه «يجب على طلاب العلم والباحثين التحقق من المصادر التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، والتأكد من صحة المعلومات قبل الاعتماد عليها». واختتم حديثه لافتاً إلى أن «الذكاء الاصطناعي، رغم إمكاناته الهائلة، لا يزال في حاجة إلى مراقبة وتدقيق لضمان استخدامه بطريقة تخدم المصلحة العامة دون المساس بدقة النصوص العلمية أو الدينية».

أهمية دقة البيانات المدخلة

من جانبه، قال الدكتور وائل عبد القادر عوض، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة دمياط بمصر، إن «الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل رئيس على دقة البيانات المدخلة، وإن البيانات غير الصحيحة أو غير الموثوقة تؤدي بالضرورة إلى نتائج خاطئة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذكاء الاصطناعي مرّ بمراحل تطور كبيرة، بدءاً من الذكاء الاصطناعي الضعيف وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي المتقدم أو السوبر».

ولفت عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة دمياط إلى أن «برامج الدردشة الآلية مفتوحة المصدر، أو المجانية تسمح لأي شخص بإدخال البيانات؛ مما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء في النتائج، حتى مع النماذج التي تطورها الشركات العملاقة والشهيرة مثل (ميتا)، وهو ما لا يحدث مع برامج (القرآن الكريم) البسيطة التي توجد على الهواتف الذكية؛ لأن البحث فيها يتم وفق بيانات محددة».

وأشار إلى أن «هناك أيضاً اختلافاً واضحاً بين النسخ المدفوعة والمجانية من برامج الذكاء الاصطناعي؛ فالنسخ المدفوعة عادةً ما تكون أكثر تطوراً ودقة، حيث تعتمد على نسخ بيانات عالية الجودة وتتميز بقدرتها على التحقق من المعلومات ومعالجة الأخطاء. أما النسخ المجانية، فقد تكون محدودة الإمكانيات؛ مما يجعلها أقل دقة في معالجة البيانات، وهذا ما يجعلها تخطئ في النصوص؛ لذلك من الأفضل ألا يتم الاعتماد عليها في النصوص القرآنية والدينية».

وشدد على أنه «بينما قد يُظهر الذكاء الاصطناعي الضعيف نتائج خاطئة نتيجة لاعتماده على بيانات غير دقيقة، فإن الذكاء الاصطناعي المتقدم أو (السوبر) يتميز بقدرته على التحقق من جودة البيانات المدخلة وتصحيح الأخطاء قبل معالجة المعلومات، وهذا المستوى من الذكاء قادر على تحسين النتائج بشكل كبير؛ مما يجعله أداة فعّالة وموثوقة في الكثير من المجالات».