زيادة اهتمام الأميركيين بشهر رمضان

برامج تلفزيونية وتطبيقات إلكترونية تسهم في تيسير الأمر على المسلمين

الرئيس باراك أوباما يستقبل في البيت الأبيض أبناء الجالية المسلمة خلال حفل إفطار في العام الماضي
الرئيس باراك أوباما يستقبل في البيت الأبيض أبناء الجالية المسلمة خلال حفل إفطار في العام الماضي
TT

زيادة اهتمام الأميركيين بشهر رمضان

الرئيس باراك أوباما يستقبل في البيت الأبيض أبناء الجالية المسلمة خلال حفل إفطار في العام الماضي
الرئيس باراك أوباما يستقبل في البيت الأبيض أبناء الجالية المسلمة خلال حفل إفطار في العام الماضي

عاما بعد عام، مع زيادة اهتمام الأميركيين بالإسلام والمسلمين - وهو الاهتمام الذي زاد كثيرا بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 - صار الإعلام الأميركي يهتم أكثر بشهر رمضان.
ورغم اختلاف بداية الشهر في دول عربية، بادر الرئيس باراك أوباما، وهنأ المسلمين بقدوم الشهر.
وشكر، في بيان أصدره البيت الأبيض، المنظمات الإسلامية التي تعمل داخل أميركا «على مساعدة الفقراء الأقل قدرة بسبب الصعوبات الاقتصادية، وعدم المساواة».
ولوحظ أن أوباما رأى إدخال الأميركيين المسلمين في جهوده ضد «عدم المساواة»، التي قال إنه سيركز عليها بقية سنواته في البيت الأبيض.
وأضاف أوباما أن رمضان «يعيد إلى الأذهان المسؤولية المشتركة تجاه المعاملة الحسنة لبعضنا. ويعيد، أيضا، المبادئ الأساسية التي يلتزم بها أهل جميع الأديان، وهي السلام، والعدل، والمساواة»
وكعادته كل سنة، قال إنه يتطلع لاستضافة المسلمين الأميركيين لحضور مأدبة إفطار في البيت الأبيض. ويتوقع أن تكون هذه في الأسبوع المقبل.
ومع حلول الشهر المبارك هذا العام، اهتمت به بعض الأجهزة الإعلامية الأميركية الرئيسة؛ فقد أسست صحيفة «هافنغتون بوست» موقع «بلوغ» عن رمضان يشترك فيه القراء. وتشرف عليه صحافيتان تعملان في الصحيفة، واحدة منهما هي ياسمين حافظ، مسؤولة مشتركة عن الشؤون الدينية، وكانت تخرجت، في العام الماضي، من جامعة ييل الأميركية.
كما قدمت شبكة تلفزيون «إن بي سي» تقريرا عن اللاعبين المسلمين في منافسات كأس العالم في كرة القدم في البرازيل. كتبته آمنة نواز، الصحافية في الشبكة. وأشارت في تقريرها إلى وجود لاعبين مسلمين في عديد من منتخبات الدول الأوروبية المشاركة، مثل ألمانيا وسويسرا وبلجيكا، بالإضافة إلى الدول الإسلامية، مثل نيجيريا والجزائر.
كما نشرت مجلة «تايم» تقريرا عن الموضوع نفسه، تحت عنوان «صيام شهر كامل ربما سيؤثر على أداء اللاعبين المسلمين في المباريات».
وأوضح التقرير أن د. جيري دفوراك كبير أطباء «فيفا» قال إن اللاعبين المسلمين ربما يريدون الحصول على فتاوى من علمائهم المسلمين. وأنه، في منافسات عام 2012، أفتى علماء الإمارات العربية المتحدة بإمكانية إفطار لاعبيها. وهذه المرة، قال مسعود أوزيل، الألماني التركي، إنه لن يصوم.
كما نشر موقع شبكة تلفزيون «إيه بي سي» خمس معلومات أساسية، أجابت على هذه الأسئلة: ما هو رمضان؟ لماذا يختلف يوم بدايته من دولة إلى أخرى، ومن عام إلى عام؟ ماذا يريد المسلم الذي يصوم رمضان؟ كيف يصومون؟ هل يؤذي الصيام من يصوم؟
وفي إذاعة «صوت أميركا»، كتب المذيع محمد الشناوي تحت عنوان «مسلمو أميركا يصومون»، عن مقابلة أجراها مع الدكتور عبد الله خوج، السعودي الجنسية وإمام المركز الإسلامي في واشنطن. أوضح فيها خوج: «نعمل على إشعار المسلمين بأنهم في دولة مسلمة، ويعيشون في مجتمع مسلم. نقدم لهم إفطار رمضان كل عام. ويوجد متوسط 600 رجل وامرأة وطفل وطفلة يفطرون معنا كل يوم، ويصلون معنا».
كل عام، مع بداية شهر رمضان، مثلما يناقش المسلمون في الدول الإسلامية الموضوع، بدا اختلاف مواقيت رؤية الشهر، يناقشه المسلمون في أميركا. لكن، يبدو أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تسهم في تيسير الأمر على المسلمين، ليس فقط في رؤية الهلال، ولكن، أيضا، في اتجاه القبلة، والأذان، وحتى التسبيح.
وكان جيمس أوتون، وهو مسلم أميركي، قد ذكر: «عندما رأيت هذه التطبيقات في الجوال ما كدت أصدق. ليوفق الله من طور هذه التطبيقات»، كان أوتون يتحدث عن تطبيقات في هاتفه مثل «آي برايار» (الصلاة)، «آي قرآن» (تلاوات من المصحف الشريف)، «آي مكة» (البحث عن اتجاه القبلة)، «آي موسك» (البحث عن جامع قريب).
وتوجد تطبيقات أخرى، مثل البحث عن متجر يبيع اللحم الحلال، أو ملابس إسلامية، أو بطاقات معايدة وتهنئة إسلامية.
وبالنسبة للذين لا يتحدثون العربية، توجد تطبيقات تسهل عليهم قراءة القرآن الكريم، وأداء الصلاة، وترديد التحيات والدعوات الإسلامية.
وذكرت سمية كاليونكون المهاجرة من تركيا، أن هاتفها يذكرها بمواعيد الصلاة كلما سافرت من مدينة إلى مدينة. ويردد الأذان في صفاء ونقاء بفضل «سراوند ساوند» (ستيريو كامل). وقالت إن ذلك يذكرها بأيام طفولتها وصباها في تركيا. وأيضا، لأن القوانين الأميركية تمنع المساجد من استعمال مكبرات الصوت في الأذان. وقالت: «هذه تقاليد عمرها 14 قرنا تقريبا. وها هي التكنولوجيا تعيدها».
أخيرا، انتشرت في الإنترنت مواقع مثل: «اجعل هاتفك مسلما»، تقدم تطبيقات منها صوت منتظم بدلا عن السبحة لتنظيم ترديد دعاء. وأسماء الله الحسني في بطء، ليرددها الشخص مع الهاتف. وآيات معينة من القرآن الكريم، يختارها الشخص مسبقا.
وطبعا، هناك كل سور القرآن الكريم، حسب ترتيلات مختلفة، وبعضها مع تفسيرات، وشروح بلغات مختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».