تحويل المسلسلات اللبنانية إلى أفلام سينمائية... بين مؤيد ومعارض

أولها «بنات عمتي» وأحدثها «سكت الورق»

الممثلة ماغي بوغصن نجحت في مسلسل «كاراميل» فحولت إنجازها إلى فيلم «حبة كاراميل»
الممثلة ماغي بوغصن نجحت في مسلسل «كاراميل» فحولت إنجازها إلى فيلم «حبة كاراميل»
TT

تحويل المسلسلات اللبنانية إلى أفلام سينمائية... بين مؤيد ومعارض

الممثلة ماغي بوغصن نجحت في مسلسل «كاراميل» فحولت إنجازها إلى فيلم «حبة كاراميل»
الممثلة ماغي بوغصن نجحت في مسلسل «كاراميل» فحولت إنجازها إلى فيلم «حبة كاراميل»

ظاهرة تحويل المسلسلات اللبنانية إلى أفلام سينمائية يعود تاريخها الحديث إلى عام 2003 مع الدراما الكوميدية «بنات عماتي وبنتي وأنا» لكاتبته منى طايع وبطلاه ورد الخال ويورغو شلهوب. فهذا المسلسل الذي حقق يومها نجاحا واسعا وشارك فيه مجموعة من الممثلين المخضرمين أمثال علي دياب ونجلاء الهاشم ووداد جبور ومارسيل مارينا، جذب المشاهد بقصصه التي تدور حول مشكلات الزواج والغيرة والطلاق. وتحول فيما بعد إلى فيلم سينمائي لاقى رواجا مطلوبا ولكن ليس بمستوى فيلم آخر للكاتبة نفسها حمل عنوان «غنوجة بيا». فهذا الفيلم الذي استوحي من الحلقة الأخيرة لمسلسل تلفزيوني حمل الاسم نفسه في عام 2006 عرض على مرحلتين، إذ تم توقيفه قسرا إثر اندلاع حرب تموز وليعود ويتم استكماله بعدها. وإثر النجاح المنقطع النظير الذي حققه دفع بمنتجيه إلى تحويل الحلقة الأخيرة منه إلى فيلم سينمائي حقق بدوره إيرادات كبيرة وما زال يتم التحدث عنها حتى الساعة ويعتمد مثلا يحتذى به في هذا الإطار.
ويبدو أن الحلقة الأخيرة لدراما تلفزيونية ناجحة تختم حلقاتها بنهاية غير واضحة شكلت موضة يعتمدها منتجون كثيرون على مر الزمن التلفزيوني في مصر ولبنان. فترك عقدة معينة حتى اللحظة الأخيرة من العمل يساهم في تحويله إلى فيلم سينمائي يتوقع له النجاح بعد عملية ترويج له في دراما تلفزيونية يتابعها المشاهد على مر أسابيع طويلة. وهو الأمر الذي حصل مؤخرا مع مسلسل «سكت الورق» لكاتبه مروان نجار ومخرجه نديم مهنا. ومهنا الذي دخل عالم الإخراج حديثا كان قد اشتهر في تقديم برنامج رياضي تلفزيوني (موتورشو) يتناول موديلات السيارات الحديثة وخصائصها. وقام بإخراج أول مسلسل تلفزيوني له بعنوان «رفيق» ويحكي قصة الرئيس الراحل رفيق الحريري كتبها للتلفزيون شكري أنيس فاخوري. إلا أن العمل لم ير النور حتى الساعة لأسباب غير معروفة. ومع مسلسل «سكت الورق» لمروان نجار سجل مهنا أول إخراج تلفزيوني له. ورغم أن أحداث المسلسل لم تحمل نسبة التشويق المرجوة فإن مهنا صاحب شركة الإنتاج «NMpro» قرر دخول هذه الظاهرة وتحويل المسلسل المذكور إلى فيلم سينمائي تحت عنوان «مينك انت». الفيلم الذي بدأ عرضه حديثا في الصالات اللبنانية هو أيضا من بطولة داليدا خليل والممثل السوري خالد القيش ومجموعة مع الممثلين الذين شاركوا في نسخته التلفزيونية. وحدها تقلا شمعون غابت عن الفيلم الذي يمكن وصفه بعمل غير مكتمل لا بحبكة نصه ولا بمجريات أحداثه ولا بأداء ممثليه تحت إدارة مهنا. فجاء باهتا يحمل خلطة أحداث مقتطعة من المسلسل حاول مهنا تحديثها بمشاهد من نوع «أكشن» لم يفلح بها وبأخرى رومانسية لم تلامس قلب مشاهده.
ولد فيلم «مينك انت» نقاشات ساخنة إثر عرضه تناول فيها مشاهدون عاديون وخبراء سينمائيون مدى نجاح هذه الظاهرة الرائجة في الآونة الأخيرة. فأيدها البعض لأنها تفتح نافذة يطل منها المشاهد على عمل أحبه من خلال الشاشة الذهبية فيقترب بشكل أكبر من أبطاله المحببين إلى قلبه. كما اعتبرها محاولات ولو خجولة تصب في تحريك عجلة الصناعة السينمائية في لبنان. فيما رأى فيها آخرون أنها خطرة وتساهم في استسهال هذه الصناعة وإخراجها من المستوى الذي تكافح لبلوغه.
«لطالما شقت المسلسلات طريقها إلى السينما» يقول إميل شاهين أحد الخبراء والمختصين في عالم السينما في لبنان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «لا أستطيع الحكم على فيلم لم أشاهده ولكني أصر على أن عملية تحويل مسلسل تلفزيوني إلى فيلم تقضي القيام بها بدقة وبصورة أنجح من المسلسل لأنه عادة ما يرصد لها ميزانية أكبر ويتوفر وقت أطول لإنجازها». ويتابع: «فالمسلسل الأميركي (المهمة المستحيلة) تم تحويله إلى سلسلة أفلام تلاقي نجاحا كبيرا للحبكة والقصة والميزانية الضخمة المعتمدة، وأي صناعة سينمائية لا ترتكز على العناصر تلك فقد تفشل». ويؤكد شاهين أن التجربتين الوحيدتين من هذا النوع اللتين يتذكرهما في لبنان هما «غنوجة بيا» و«حلوة كتير وكذابة». «لقد شهد الفيلمان إقبالا على شباك التذاكر بعد أن أحبهما الجمهور وتعاطف مع أبطالهما مسبقا في حلقاتهما التلفزيونية واستكمل الأمر في العملين السينمائيين المتعلق بهما». تكررت محاولات منتجي الدراما اللبنانية في هذا الإطار أكثر من مرة وراحوا يجربون حظهم مع الحلقات الأخيرة من مسلسل تلفزيوني نجح. إلا أن بعضهم استسهل الأمر إلى حد خطف معه هالة نجاحه التلفزيوني وحصره في عمل سينمائي أقل من عادي.
ويعد البرنامج الانتقادي الساخر «أس أل شي» والمؤلف يومها من عادل كرم وناتالي نعوم ورلى شامية وغيرهم هو أول من اتجه نحو الصناعة السينمائية، إذ حول برنامجه هو أيضا إلى فيلم سينمائي في عام 2000. ومع «غنوجة بيا» الذي حفر في ذاكرة السينما اللبنانية انطلقت موجة جديدة من هذه الصناعة لم تأت نتائجها دائما على قدر آمال أصحابها. وتؤدي برصونا في الفيلم دور فتاة ثرية مدللة من قبل أبيها المليونير تتحول إلى فقيرة بعد أن خسر والدها أمواله. فتتعرف إلى رجل أعمال ثري (بيتر سمعان) يقع في حبها إلا أنها تصده لاعتقادها بأنه يقف وراء إفلاس أبيها. ويرتكز الفيلم على مجريات المسلسل الذي حمل الاسم نفسه واستطاع جذب اللبنانيين بروح الفكاهة التي تتخلل أحداثه وكذلك على خفة ظل ريتا برصونا وهو من كتابة منى طايع وإخراج إيلي حبيب.
وتوالت الأفلام السينمائية التي تكمل قصة مسلسل معين. فجاء فيلم «ليلة عيد» في عام 2008 ليحكي تكملة الحلقة الأخيرة من مسلسل يحمل الاسم نفسه لريتا برصونا وبيتر سمعان بعد أن شكلا ثنائيا تمثيليا ناجحا معا. إلا أنه لم يحقق الإيرادات نفسها التي سبق أن لمسها منتجوه في «غنوجة بيا». ومن ثم في عام 2013 تحول مسلسل «حلوة وكذابة» لكاتبته كارين رزق الله إلى فيلم «حلوة كتير وكذابة» لداليدا خليل وزياد برجي، منبثقا عن المسلسل التلفزيوني المذكور وهو من إخراج سيف الشيخ نجيب وإنتاج شركة مروى غروب. فنجح وبقي اللبنانيون من كبار وصغار يتذكرونه حتى اليوم.
وبعيد هذه التجربة لكارين رزق الله تحمست لإعادتها مع مسلسل «قلبي دق» ولكن ولظروف خارجة عن إرادتها تتعلق ببطل المسلسل يورغو شلهوب تم إلغاء الفكرة.
ومع ماغي بو غصن شاهدنا قصة مستوحاة من مسلسل «كاراميل» بعد أن تم تطوير القصة في فيلم «حبة كاراميل» للأبطال أنفسهم (ماغي بو غصن وظافر عابدين) تحت إدارة المخرج إيلي حبيب. فلاقت النجاح المطلوب بعد أن أبقت على عروض الفيلم مستمرة لأكثر من 3 أشهر متتالية.
تاريخ طويل لسينما تلفزيونية من شأنها أن تشكل مرجعية لمن يخطط لولوجها والمطلوب أن يتقن المخرج والكاتب النص والسيناريو والحبكة بأكملها كي يخرج العمل السينمائي ليليق بمشاهده الذي يقصد صالات السينما بقرار نابع من نفسه لا يفرض عليه كما في الدراما التلفزيونية.


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».