اتجاهات الموضة تولد من تزاوج الثقافات. نظن أحيانا أن الصيحات تأتي من الغرب وبالبحث نكتشف أنها تعود لأصول عربية، مثل القفطان الذي طورته الموضة ليتحول من قطعة مناسبات مهمة إلى إحدى صيحات ملابس البحر.
أصل كلمة قفطان غير متفق عليها. هناك مصادر تقول إنها كلمة مشتقة من التركية القديمة وتعني «تغطية الملابس»، ورأي آخر يعيدها إلى الثقافة الفارسية، ولكن المتفق عليه أن القفطان هو عبارة عن ثوب طويل، ذي أكمام كاملة، إما برقبة مفتوحة حتى بداية الصدر أو مفتوحة بالكامل إلى الكاحلين، وتطور هذا المفهوم وأصبح القفطان يُطلق أيضاً على السترة الفضفاضة من دون أكمام محددة. بداية ظهور هذه القطعة يعود إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكان السلاطين العثمانيون من القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر يرتدونه مزينا كنوع من الترف. ولم تعرف أوروبا وأميركا الشمالية القفطان سوى من بعض المستشرقين.
في فترة الخمسينات وأوائل الستينات من القرن العشرين، شهد القفطان تطوراً ملموساً من خلال لمسات مصممي الأزياء الفرنسيين مثل إيف سان لوران وبالمان وغيرهما، حيث عاد كشكل جديد من فساتين السهرة الفضفاضة. ومن منتصف السبعينات وحتى العقد الأخير، اختفى من عروض الأزياء الراقية لكن بقي رداء المرأة المسلمة في المنزل وفي المناسبات المهمة، وخاصة في المغرب حيث يُعد القفطان جزءا من أصولها وثقافتها.
ثم عاد القفطان للظهور من جديد. هذه المرة على منصات عروض الأزياء، على يد مصممين مثل نعيم خان، وإيلي صعب اللذين قدماه بالطراز المترف المزين بالخرز وأشكال أخرى من التطريز. وبشكل مواز ظهر القفطان الصيفي والرمضاني الذي تميز بألوان جريئة وخامات خفيفة على عكس الشكل التقليدي للقفطان. وأخذ صغار المصممين يقدمون أنماطاً مختلفة من هذه القطعة، بطراز بوهيمي تارة وطراز عربي تارة أخرى. ودون سابق إنذار أصبح صيحة على الشواطئ العالمية والعربية.
تقول مصممة القفطان الليبية الإيطالية، نبيهة بن زايد، لـ«الشرق الأوسط»، إن القفطان العربي أصبح صيحة عالمية تُقبل عليها النجمات. وزاد من رواجه ارتباطه بملابس البحر حيث حل محل غطاء البحر التقليدي الذي هو عبارة عن قطعة مستطيلة أو مربعة لا تخضع لأي تصميم أو حياكة. وتضيف: «بدأت في عام 2011 بتقديم تصاميم عربية لقفطان صيفي بهدف تغطية الجسم على الشاطئ، ولاقت الفكرة استحسانا كبيرا من قبل السيدات في المجتمع العربي، لأنه عملي جدا».
ورغم رواج هذه القطعة، بعد ظهور عدة نجمات به مثل جينفر لوبيز وعارضة الأزياء كيندل جينر وغيرهما، فإن مدونة الموضة المصرية نهى الشربيني ترى أنها تتطلب بعض الحذر في التعامل معها. تشرح: «رغم رواجها وشعبيتها فإنني أتعامل معها بحذر، لأن تصاميم القفاطين تميل إلى الطابع الإسلامي والنقوش العربية التي ربما لا تتسق مع البحر وأجوائه الصيفية. كما أرى أن هذا الطابع يناسب السيدات فوق الأربعين، بينما أفضل أن ترتدي الفتيات الصغيرات الكيمونو أو (الكاش مايوه) التقليدي، لا سيما أن موضة التسعينات عادت بقوة وعادت معها ملابس البحر المرفوقة بغطاء مزركش بألوان الصيف». وتتابع: «أنصحها بارتداء القفطان فقط إذا كان خفيفا وبلون هادئ».
ويبدو أن نبيهة بن زايد لها رأي مخالف، حيث ترى أن القفطان لقي رواجاً لعمليته. فعندما يأتي كسترة فضفاضة فإنه لا يلتصق بالجسم بعد الاستحمام. كما أنها خفيفة تجف في وقت قصير دون التأثير على الإطلالة كلها.
من هذا المنظور، تؤكد نبيهة بن زايد ضرورة اختيار خامات تناسب الصيف مثل الكتان وأنواع القطن رفيعة الجودة. فالخامة، برأيها، عنصر مهم، خصوصا أن تصميم القفطان يتميز عموما بالبساطة، حتى وإن كان يواكب توجهات الموضة وخطوطها.
هذا العام أضافت المصممة كرانيش كبيرة الحجم لتزيين أكمام أو أطراف القفطان الصيفي الذي طرحته في الأسواق.
القفطان... يخرج من المناسبات إلى البحر
القفطان... يخرج من المناسبات إلى البحر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة