جمهور الفنان جورج خباز يلحق به إلى حيث يذهب. هذه المرة الوجهة بعلبك. مسرحية «إلا إذا» الكوميدية نفسها التي قدمت في «مسرح شاتو تريانو» (شمال بيروت) ولقيت ترحاباً كبيراً، وصمدت على المسرح لثمانية أشهر، تم العمل عليها موسيقياً، وأدخلت عليها لوحات راقصة، وصفق لها الجمهور لليلتين متتاليتين الجمعة والسبت في القلعة التاريخية.
ثمة شعبية لهذا الفنان متعدد المواهب الذي يخرج ويؤلف مسرحياته، ويمثل فيها أدوراً رئيسية. الحكاية هذه المرة عن عمارة على خطوط التماس بين المنطقتين الشرقية والغربية من بيروت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، سكانها بأسمائهم ولهجاتهم وانتماءاتهم، يمثلون مختلف الطوائف والأحزاب والمشارب، حتى اللاجئ السوري والعلماني اللبناني حاضران في العمارة بوجهة نظر كل منهما، ولسان حاله وتطلعاته وانكساراته. المبنى مهدّد بالسّقوط على رؤوسهم جميعا. يمضي العرض لأكثر من ساعة ونصف والسكان لا يجدون طريقة للتفاهم فيما بينهم للوصول إلى تسوية تنقذ بيوتهم ومعاشهم. يمرون بمحاولات عدة، فيما بينهم، مع تدخل صحافية آتية من خارج العمارة لإيصال صوتهم إلى المسؤولين، لا شيء يجدي معهم. يطلع لهم التاريخ يعود بهم إلى الماضي الغابر حتى يومهم هذا، يحادثهم بصوته الأجش، يؤنبهم، يصحّح معلوماتهم، لكن عبثاً. يبقى لكل منهم رأيه الذي لا يحيد عنه ولو ذهب به إلى التهلكة.
العمل كوميدي، مبني على المباشرة والبساطة وروح النكتة واللعب على الكلمات. عمل خفيف يخاطب الناس باللغة التي يتحدثونها، يعتمد التسلية والترفيه والتنبيه إلى الخطر بالضحك والسخرية من الذات.
مقدمة موسيقية حية بدأت بها أوركسترا من 40 عازفاً بقيادة البديع لبنان بعلبكي، رافقت هذا العرض الذي تم تطعيمه بأغنيات ورقصات لـ«فرقة المجد للاستعراض» أدت الدبكة الفولكلورية بقيادة خالد نابوش، على وقع الدلعونة، وأغنيات أخرى معروفة استبدلت كلماتها بما يتناسب والحكاية.
لينا فرح غنت بصوت شجي، بعد المقدمة الموسيقية وقبل أن يبدأ العرض المسرحي الفعلي، الذي شارك في أدائه مجموعة كبيرة من الممثلين سينتيا كرم، وجوزيف آصاف، وغسان عطية، ومي سحاب، وجوزيف ساسين، ووسيم التوم، وجوزيف سلامة، وعمر ميقاتي، ولورا خباز، وكريستال فغالي، وبطرس فرح، وأسبيد ختشادوريان، وتولى توزيع موسيقى الأغاني لوقا صقر. شارك في هذا العمل ما يقارب مائة فنان بين مؤدين وتقنيين.
لم يرد على ما يبدو جورج خباز أن يقلب مسرحيته رأساً على عقب وهو يذهب بها إلى بعلبك، بعد أن أمّن نجاحا طوال أشهر. الإضافات جاءت على جوانب العمل دون أن تدخل في نسيجه. فكرة لها مخاطرها، لكنها ربما أكثر حذراً من تقديم محاولة جديدة بالكامل.
الحوارات خفيفة الظل، تكاد تكون مرآة لما يمكن أن نسمعه كل يوم، من نقد ذاتي، واعتراض على يوميات ممضة، دون أن يتمكن أحد من اختراق دوامة الأخطاء المتراكمة أو الخروج من فخ العصبيات.
استخدمت الخلفية الحجرية لمعبد باخوس بشكل بارع من قبل إميل عضيمة، لنرى عمارة قديمة تارة، أو باباً ضخماً يرقص في فراغه طيف امرأة، والأجمل حين نرى الحجارة وكأنها تتهاوى أو الماء ينساب كشلال، وأحد تماثيل بعلبك الضخمة يخرج من الحائط وكأنه يتوجه صوبنا. ليختتم العرض بأغنية عن بعلبك «راية العز وست الأيام» بينما تمر صور الكبار الذين عبروا من هنا، وجه فيروز، وعاصي ومنصور الرحباني، وفيلمون وهبي، ونصري شمس الدين، وصباح، وسعيد عقل وآخرين، في تحية من جورج خباز لهؤلاء الكبار الذي حفروا بصماتهم الفنية بين الأعمدة الرومانية في هذا المكان.
7:57 دقيقة
مسرحية جورج خباز «إلا إذا» في بعلبك... ترفيه وسخرية من الذات
https://aawsat.com/home/article/1361341/%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B2-%C2%AB%D8%A5%D9%84%D8%A7-%D8%A5%D8%B0%D8%A7%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D9%84%D8%A8%D9%83-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%87-%D9%88%D8%B3%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA
مسرحية جورج خباز «إلا إذا» في بعلبك... ترفيه وسخرية من الذات
عرض كوميدي ـ موسيقي شارك فيه نحو 100 فنان
- بيروت: سوسن الأبطح
- بيروت: سوسن الأبطح
مسرحية جورج خباز «إلا إذا» في بعلبك... ترفيه وسخرية من الذات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة