مصر: واعظات إلى ساحات عيد الأضحى تصدياً لشائعات «الإخوان»

تواضروس للطيب: الأعياد تجسّد المحبة... والشباب قادر على نشر ثقافة التعايش

أحمد الطيب خلال استقباله البابا تواضروس الثاني في مقر مشيخة الأزهر أمس (الشرق الاوسط)
أحمد الطيب خلال استقباله البابا تواضروس الثاني في مقر مشيخة الأزهر أمس (الشرق الاوسط)
TT

مصر: واعظات إلى ساحات عيد الأضحى تصدياً لشائعات «الإخوان»

أحمد الطيب خلال استقباله البابا تواضروس الثاني في مقر مشيخة الأزهر أمس (الشرق الاوسط)
أحمد الطيب خلال استقباله البابا تواضروس الثاني في مقر مشيخة الأزهر أمس (الشرق الاوسط)

قال مصدر في وزارة الأوقاف المصرية، إن «هناك حالة من الاستنفار لمنع العناصر المتشددة وأنصار جماعة الإخوان التي تصنفها مصر تنظيماً إرهابياً من استغلال صلاة عيد الأضحى لنشر الشائعات». ولفت المصدر إلى أنه «سيتم الدفع بالواعظات إلى المصليات النسائية خلال العيد للتصدي لأي محاولات لنشر الأكاذيب».
يأتي هذا في وقت، استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في مقر مشيخة الأزهر أمس، للتهنئة بقرب حلول عيد الأضحى، وقال تواضروس إن «الأعياد والمناسبات تجسّد روح المحبة والتعايش المتأصلة بين أبناء المجتمع المصري من مسلمين ومسيحيين... والشباب قادر على نشر ثقافة التعايش».
واعتادت الحكومة المصرية، خلال الفترة الماضية، نفي شائعات ومزاعم بوجود أزمات في البلاد. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد قال في نهاية يوليو (تموز) الماضي، إن البلاد تواجه «خطراً حقيقياً يسعى إلى تدمير الدولة من الداخل، عبر نشر إشاعات تستهدف فقدان الأمل، والإحساس بالإحباط، وتحريك الناس للتدمير»، موضحاً في هذا السياق، أنه تم «رصد 21 ألف إشاعة في ثلاثة أشهر فقط».
وقررت وزارة الأوقاف منع إقامة صلاة عيد الأضحى في الطرقات والشوارع أو الحواري في ربوع البلاد... حيث اعتاد المصريون أن يفترشوا الشوارع والأرصفة خارج المساجد في الأعياد، وقال المصدر في الأوقاف إنه «لن يتم السماح بإقامة صلاة العيد في غير الأماكن التي حددتها الوزارة».
وأعلنت وزارة الأوقاف المعنية بالإشراف على شؤون المساجد في مصر تخصيص نحو 5800 ساحة لعيد الأضحى، مؤكدة أن «كل ساحة تحتوي على خطيب أساسي وآخر احتياطي». ولفتت «الأوقاف» إلى أن من يقيم ساحة للصلاة بالقوة بعيداً عن الطرق القانونية المعروفة يتعدى على حق الدولة، وتم حظر أداء خطبة العيد على أي جماعة أو كيان سياسي خصوصاً بعض المشايخ المؤيدين لـ«الإخوان». وطالب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، «الأئمة بالبعد عن أي موضوعات سياسية، والتصدي لأي جماعة تحاول السيطرة على ساحات العيد».
إلى ذلك، وضعت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية خطة متكاملة لتنفيذها على مدار 4 سنوات، لنشر سماحة الإسلام لمواجهة التطرف الفكري والأعمال الإرهابية الناجمة عن عدم الفهم الصحيح للدين، فضلاً عن تصويب المفاهيم الخاطئة، سعياً إلى قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة التي تحاول استغلال مصليات النساء في المساجد. وقال المصدر نفسه في الأوقاف، إن «الواعظات سيؤدين الصلاة في المصليات النسائية، لتوجيه السيدات والأطفال ومشاركتهن بهجة العيد وضمان انضباط العمل».
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، أن «الواعظات سيكون عليهن دور كبير في العيد وسط الفتيات والسيدات اللاتي تتلقفهن عناصر من الجماعات المتطرفة داخل مصليات السيدات، لإقناعهن بأفكار تدعو للتطرف ونشر الشائعات والأكاذيب في المجتمع».
وأشاد بابا الأقباط، أمس، بفكرة «منتدى شباب صناع السلام» الذي نظمه الأزهر ومجلس حكماء المسلمين وكنيسة كانتربري للشباب المسلم والمسيحي من الشرق والغرب في لندن الشهر الماضي، مؤكداً أهمية جمع الشباب للحوار والتفاهم وتبادل الأفكار والتعايش الفعلي، وهو ما يمثل خطوة مهمة لتحقيق التعايش، لأن الشباب لديهم القدرة على التواصل ونشر الفكر من خلال وسائل التواصل الحديثة والتلاحم المجتمعي.
وسبق أن تحاور 25 شاباً من أوروبا اختارتهم كانتربري، و25 شاباً من العالم العربي اختارهم الأزهر من عدة دول عربية، حول مفاهيم التعايش السلمي والمواطنة ونبذ العنف، والاندماج بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة، في نهاية يوليو الماضي.
وهدف الشباب في لقاءاتهم بـ«منتدى شباب صناع السلام» إلى بناء فريق عالمي منهم الساعي للسلام. وجاء عقد المنتدى في إطار جولات الحوار بين الشرق والغرب، التي أطلق مبادرتها شيخ الأزهر قبل عدة سنوات، بهدف مد جسور الحوار والتعاون بين الشرق والغرب.
من جانبه، أكد الدكتور الطيب أن وحدة المصريين وتماسكهم قدمت نموذجاً مصرياً عالمياً للتعايش الاجتماعي على أساس المواطنة المشتركة، موضحاً أن «منتدى شباب صناع السلام» نقل جهود السلام والحوار بين الأديان من مجال المؤتمرات واللقاءات بين القيادات الدينية، إلى التطبيق العملي على يد الشباب من الشرق والغرب. وأضاف أن المنتدى كان فرصة كبيرة للاستماع إلى آراء ومقترحات الشباب، الذين أثبتوا رغبة كبيرة في التصدي للمشكلات التي يعيشها أبناء الأديان حول العالم من أجل مستقبل أكثر سلاماً وأماناً.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.