الشطرنج دخل إلى أوروبا من البوابة الأندلسية

نشأت لتكون «رقعة» لتعايش الأديان

قطع أثرية
قطع أثرية
TT

الشطرنج دخل إلى أوروبا من البوابة الأندلسية

قطع أثرية
قطع أثرية

يُجمع المؤرخون على أن لعبة الشطرنج التي تعود جذورها المعروفة إلى القرن السادس في بلاد الهند وفارس، قد انتشرت في أوروبا وأميركا من البوابة الإسبانية حيث كانت منتشرة في أوساط النبلاء وأهل الدين والعلوم، فتطوّرت قواعدها وتعدّلت حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. وكان الاعتقاد السائد بين الباحثين أن العرب هم الذين حملوا هذه اللعبة إلى الغرب خلال الفتح الأندلسي لشبه الجزيرة الإيبيرية بين مطالع القرن الثامن وأواخر القرن الخامس عشر.
وقد ذهبت بعض الدراسات إلى القول بأن الجزر البريطانية هي التي كانت مدخل الشطرنج إلى بلاد الغرب، استناداً إلى القطع الشهيرة التي عُثر عليها في جزيرة لويس الاسكوتلندية، والمحفوظة حالياً في المتحف البريطاني بلندن ومتحف أدنبره. وتضمّ هذه المجموعة 78 قطعة من العاج 14 لوحة يُرَجّح أنها من أصل إسكندينافي.
لكن العثور مؤخراً على أربع قطع شطرنج في منطقة البيرزو الواقعة في الشمال الإسباني يعود تاريخها إلى القرن التاسع الميلادي، جاء ليؤكد النظرية التي تقول إن المسلمين هم الذين حملوا هذه اللعبة إلى إسبانيا عندما دخلوا الأندلس مطلع القرن الثامن، وإن النسّاك المستعربين هم الذين نقلوها من الأندلس إلى المناطق الشمالية لتنتشر بعد ذلك في أوروبا.
وقد جاء في «كتاب الشطرنج والألعاب» الذي وضعه العاهل الإسباني ألفونسو العاشر «الحكيم» عام 1283 في إشبيلية: «إن الشطرنج وسيلة تساعد على التعايش بين المسلمين واليهود والمسيحيين». ويوجد مخطوط الكتاب محفوظاً في مكتبة قصر الأسكوريال الشهيرة على مقربة من العاصمة الإسبانية. ويستفاد من الأبحاث التي أجريت على القطع الأربع أن الرهبان المستعربين، الاسم الذي كان يُطلق على المسيحيين الذين كانوا يعيشون في المناطق الخاضعة لحكم المسلمين، هم الذين نسخوها وحملوها معهم عندما قرروا الهجرة إلى مناطق الشمال.
وتفيد البحوث التي أجراها أخصائيون في جامعة برشلونة، أنه عندما صارت تعرف إسبانيا باسمها الحالي، أي على عهد الملكين الكاثوليكييّن في نهاية القرن الخامس عشر، وُلدت لعبة الشطرنج الحديثة (بنفس القواعد التي نعرفها اليوم) في مدينة فالينسيا، مع تعديل بسيط على القواعد العربية بحيث أصبحت الملكة هي القطعة الأقوى بتحركاتها، ربما تكريماً للملكة إيزابيل كما يقول المؤرخ غوفيرت وسترفيلد الذي كرّس حياته لدراسة هذه اللعبة. ويؤكد وسترفيلد أن القطع الأربع التي عُثر عليها في الشمال الإسباني، أقدم من تلك الموجودة في متحف اللوفر الباريسي ومتحف متروبوليتان في نيويورك.
وتنشط وزارة الثقافة الإسبانية منذ فترة لتنظيم لقاء دولي للاحتفال بهذا الاكتشاف، علماً أن إسبانيا هي منذ عام 1988 البلد الذي ينظّم أكبر عدد من المباريات الدولية بالشطرنج، وهي رائدة في التطبيقات التربوية والاجتماعية والعلاجية لهذه اللعبة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».