«المازة اللبنانية»... موسيقى من نوع آخر

أكثر من 100 صنف من فسيفساء ملونة بأطباق منوعة

«المازة اللبنانية»... موسيقى من نوع آخر
TT
20

«المازة اللبنانية»... موسيقى من نوع آخر

«المازة اللبنانية»... موسيقى من نوع آخر

هي موسيقى فولكلورية لبنانية من نوع آخر. فعندما تصطف على المائدة ونسمع قرقعة صحونها الصغيرة يخيل إلينا أننا أمام لوحة استعراضية يسيل لها اللعاب.
فالمازة اللبنانية المشهورة في مطاعم لبنان التي تقدم الأكلات الشعبية تعد عنصراً أساسياً من لائحة طعام طويلة تتضمن البارد والساخن منها وتعرف في عالم المائدة بـ«المشهيات». فأن تقصد مطعماً لبنانياً ولا تتذوق «المازة» من مشهيات تسبق الأطباق الرئيسية فكأنك تقدم على خطوة ناقصة في عالم المطبخ اللبناني الأصيل.
«شوفي عندكن مازة؟»، هو السؤال البديهي الذي يفتتح جلسة على البحر تتناول فيها طعاماً يتألف من ثمار البحر والسمك. والسؤال نفسه يتكرر في جلسة مشابهة تجري في مطعم في المدينة أو في الريف يقدم المشاوي واللحوم على أنواعها. وتطول لائحة «المازة» اللبنانية المنقسمة إلى جزأين: الباردة والساخنة، لتتألف من نحو 100 صنف تتمازج فيها روائح البهارات والثوم مع أنواع الحبوب والخضار كاللوبيا والفاصوليا والبامية إذا كانت من الصنف الأول، ولتحمل عبق الكبة والنقانق وأجنحة الدجاج المقلية والمشوية إذا كانت من الصنف الثاني. واليوم نطل معكم على بعض هذه الأطباق التي عادة ما يلتزم اللبناني بتذوقها عندما يقصد مطعماً ما. فالقاعدة الأساسية في موضوع ارتياد مطعم دون غيره ترتكز على مذاق «المازة» عنده. فإذا كانت طازجة ولذيذة الطعم فهي تطبق القول المأثور «المكتوب يقرأ من عنوانه» فيتشجع الزبون على طلب باقي الأطباق دون تردد بما أن «المازة» منها لاقت إعجابه. والمعروف أن أطباق المازة الباردة يرتكز تحضيرها على استخدام زيت الزيتون بعيداً عن السمن وأنواع اللحوم، وهي تعرف في لبنان بـ«القاطع». فيما أطباق «المازة» الساخنة تقتصر على أنواع لحوم (عصافير وبقر وغنم) مقلية أو مشوية على الطريقة اللبنانية التي يتفنن كل مطعم في طريقة تحضيرها.
وتأتي أطباق «البرغل بالبندورة» و«المدردرة» و«الفلافل» واللوبيا والفاصوليا والبامية بالزيت في مقدمة أصناف المازة الباردة، وعادة ما تترافق مع سلطات الفتوش والتبولة و«الشنكليش» و«محشي ورق العنب والسلق» بالحمص والأرز والمتبلة بالحامض والثوم. أما اللبنة المتومة والجبنة البلدية والحمص بالطحينة و«بابا غنوج» فتعد من الأطباق الرئيسية التي تحتويها مائدة لبنانية أصيلة وعادة ما ترفق مع السلطات الخضراء كـ«الجرجير مع الصعتر» ومكعبات الشمندر السكري المسلوق والمتبلة بصلصة الحامض وزيت الزيتون.
ويعد صحن الحمص بالطحينة الأشهر في عالم المازة اللبنانية وأحياناً كثيرة يأخذ مذاقات كثيرة، إذ يتفنن الطباخون في خلطه مع الأفوكادو والشمندر أو مع «الكبيس» والبقدونس والبندورة المفرومة قطعاً صغيرة (تعرف بالحمص العكاري نسبة إلى منشئها في بلدات عكار الشمالية). ويقدم هذا الطبق مرات أخرى ضمن «المازة الساخنة» إذا كانت تدخل مكوناته لحمة «القاورما» الدسمة و«راس عصفور» من الفيليه الطرية. وعادة ما يلحق بطبق الحمص بالطحينة آخر من الصنف نفسه وهو «بابا غنوج» المؤلف من الباذنجان المشوي المهروس والمتبل مع الطحينة والحامض والثوم. ويأتيك في الإطار نفسه «سلطة الراهب»، وهي كناية عن باذنجان مشوي تغطيه البندورة والبصل والفلفل الأخضر مع زيت الزيتون. وكذلك أطباق «حمص بليلة» و«فول مدمس». كما يشكل «الطاجن» (يحضر مع البصل المفروم المقلي مع الكزبرة والبندورة متبل مع الطحينة والحامض) طبقاً معروفاً يندرج على هذا الشكل تدخله أحياناً قطع من سمك الفيليه المشوي حسب الطلب. ومن الأصناف التي تندرج على اللائحة نفسها أصناف الكبيس على أنواعه كـ«مكدوس باذنجان» (كبيس باذنجان محشو بالجوز وحبوب الرمان والثوم) وكبيس الملفوف حار الطعم واللفت والخيار والجنارك والمقتي اللذيذة الطعم. كما يحضر على المائدة أيضاً الخرشوف المسلوق المتبل مع الحامض والثوم وقطع البندورة مع السماق والثوم وشرائح جبن «فيتا» مع الصعتر البلدي.
ومن المقبلات الساخنة التي تندرج على لائحة «المازة» اللبنانية أيضاً أطباق كثيرة نبدأها برقائق الجبن (مشوية أو مقلية) وفطائر بالسبانخ والسمبوسك والكبة أقراص مقلية ومحشوة باللحم والصنوبر والبصل أو باللبنة. ويلحق بهذه الأصناف «سودا دجاج» (كبد الدجاج) و«راس عصفور» و«السجق» و«النقانق» المقلية أيضاً والمتبل بعضها مع دبس الرمان أو الحامض والثوم. وللبطاطا مكانتها في موضوع «المازة» فتقدمها بعض المطاعم مقلية ومشوية على شكل مكعبات ومتبلة بالكزبراء والثوم، وأيضاً مع السماق والبندورة أو «بروفنسيال» كسلطة يغمرها الزيت نفسه ورشة بقدونس مع السماق وأحياناً تقدم متبلة مع الفلفل الحر وتعرف بـ«البطاطا الحرة».


مقالات ذات صلة

بينها الشوكولاته... أفضل 10 وجبات خفيفة لشيخوخة صحية ومنع التدهور المعرفي

صحتك شوكولاته مصنوعة يدوياً في بريطانيا (رويترز)

بينها الشوكولاته... أفضل 10 وجبات خفيفة لشيخوخة صحية ومنع التدهور المعرفي

نرغب جميعنا في الحفاظ على صحتنا ونشاطنا لأطول فترة ممكنة، وإحدى طرق مكافحة الشيخوخة هي تناول أطعمة تدعم الصحة على المستوى الخلوي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك السبانخ لها فوائد صحية جمة وقد تساعد حتى في الحد من الجوع (رويترز)

هل تساعدنا السبانخ النيئة على الحد من تناول الوجبات الخفيفة؟

يتناول بعض مستخدمي منصة «تيك توك» كميات كبيرة من أوراق السبانخ النيئة، ويزعم الكثيرون أن تناول السبانخ في الصباح الباكر يُعيد تدريب براعم التذوق لدينا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأطعمة شديدة المعالجة وعالية السعرات الحرارية تلعب دوراً مهماً في تطور السمنة (رويترز)

كيف تؤثر 5 أيام فقط من تناول الوجبات السريعة على دماغك؟

بعد يوم عمل طويل ومجهد، أو عند ضيق الوقت، قد يكون تناول وجبة خفيفة سريعة ومشبعة - مثل رقائق البطاطس أو لوح الشوكولاته - حلاً لذيذاً ومرضياً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق من خشبة المسرح إلى خشبة تقطيع اللحم... 9 مشاهير أبدعوا في المطبخ

من خشبة المسرح إلى خشبة تقطيع اللحم... 9 مشاهير أبدعوا في المطبخ

ليست ميغان ماركل وحدها من بين المشاهير الذين يمتلكون مواهب مطبخيّة على ما استعرضت في برنامجها التلفزيوني الجديد. فقد سبقتها إلى ذلك كيت ميدلتون وغيرها من النجوم

كريستين حبيب (بيروت)
صحتك رجل يحمل قطعة من التمر خلال حضوره إفطاراً ضمن شهر رمضان في برلين (إ.ب.أ)

الصيام المتقطع قد يحميك من تجلط الدم

من المعروف أن جلطات الدم خطيرة وتؤدي إلى مضاعفات مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وقد تضر بالرئتين أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
TT
20

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

وفقاً لبعض التقارير والإحصائيات الحديثة، تشير بعض الدراسات إلى أن ثلث المطاعم في لندن ومناطق أخرى في المملكة المتحدة قد تأثرت بهذا النوع من السلوك. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها في تزايد كبير، وتعود لأسباب عديدة، مثل الازدحام، حيث تعدّ لندن مدينة ذات كثافة سكانية عالية جداً، ومن بين أكثر عواصم العالم من حيث استقبال ملايين السياح سنوياً، وهذا الازدحام يخلق بيئة يسهل فيها على البعض الخروج من المطاعم دون أن يُلاحَظوا من قبل الموظفين، كما أن هناك من يعتقد أنه ليس هناك قانون صارم بما فيه الكفاية، ما يساهم في ازدياد هذه الحوادث.

القانون في بريطانيا قد يتغير قريباً، خاصة أنه تم إصدار حكم بالسجن لمدة عام لزوجين بريطانيين قاما برفقة أبنائهما الستة بالأكل في مطاعم كثيرة في بريطانيا من دون دفع الفاتورة، بالإضافة إلى سرقة منتجات من السوبرماركت، ويبدو أن الحكومة في بريطانيا أرادت أن تجعل من برنارد ماك دونا، وزوجته آن ماك دونا، عبرة لكل من يعتقد أنه سيتمكن من الفرار من دون عقوبة، بعدما ازدادت هذه الظاهرة بشكل كبير.

يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)
يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)

ومن بين الأسباب التي تساعد على حدوث هذا النوع من السرقات هو استخدام بعض المطاعم أنظمة دفع عبر الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية أو «كيو آر كود»، ما يجعل من السهل على الشخص مغادرة المكان دون التفاعل المباشر مع الموظفين، وفي بعض الأحيان قد تكون الأنظمة في بعض المطاعم غير كافية لتوثيق المدفوعات بشكل صحيح، ما يمنح الأشخاص فرصة للهروب من دفع الفاتورة.

وفي مقابلة مع الشيف الإيطالي ألدو زيلي، قال: «الحوادث تزداد بشكل كبير، ولا سيما المطاعم التي لديها جلسات خارجية، فمن الصعب على فريق العمل في المطبخ أن يراقبوا الجالسين في الخارج طيلة الوقت. وبالتالي من السهل على النصابين ترك الطاولة دون أن يدفعوا فلساً واحداً».

وأكثر المطاعم التي تتعرض للسرقة في لندن وخارجها هي المطاعم الفاخرة أو التي تقدم المأكولات الراقية، فقد يجد البعض أن الفاتورة مرتفعة للغاية ولا يستطيعون دفعها، وبالتالي يلجأون إلى الهروب دون دفع. وعن الخسائر المادية التي تتكبدها المطاعم، يقول زيلي: «هذا النوع من السلوك يؤدي إلى خسائر مالية للمطاعم، ويؤثر على أرباحها، خاصة إذا كانت الظاهرة منتشرة في مناطق مثل لندن، حيث يزداد عدد الزبائن بشكل مستمر. وفي حال لم تتدخل الحكومة فستضطر عدة مطاعم لإقفال أبوابها أو سيكون مصيرها الإفلاس».

وتابع الشيف زيلي أنه بدأ يطلب من زبائنه ترك بطاقة الائتمان الخاصة بهم مع النادل قبل طلب الطعام لضمان دفع الفاتورة. في حين يرى البعض الآخر من الطهاة وأصحاب المطاعم أن هذه الطريقة قد تؤثر على علاقة المطعم بزبائنه، ومن الصعب تطبيق هذا الأسلوب.

يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)
يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)

مكافحة مثل تلك السرقات مكلفة جداً بالنسبة للمطاعم، فهي تخسر عندما تأتي مجموعات من الأشخاص لتناول الطعام، وغالباً ما يختارون أغلى الأطباق المتوفرة على لائحة الطعام، وبعدها يتركون المطعم والعاملين فيه لتحمل العبء المادي، فبعض المطاعم تحمل الموظفين والندل هذه المسؤولية، وتقوم بخصم المبالغ المسروقة من رواتبهم، كما أن التكلفة الأخرى التي تعاني منها المطاعم تكمن في طرق مكافحة الاحتيال من خلال استخدام تقنيات وأدوات مكلفة، مثل كاميرات المراقبة أو أنظمة الدفع المعززة، لتقليل حدوث هذا النوع من السلوك.

على الرغم من أن ثلث المطاعم في لندن يعاني من هذه الظاهرة، فإن الأمر يعدّ أقل من الظواهر الأخرى مثل الاحتيال أو السرقة في الأسواق الكبرى، لكنه لا يزال يمثل تحدياً لصناعة المطاعم في المدينة.

ومن بين المطاعم التي تعرضت للنصب بهذه الطريقة، مطعم «ذا لادبيري» في منطقة نوتينغ هيل، ومطعم «غوردون رامسي» في مايفير وكينزينغتون، بالإضافة إلى مطعم «هاكاسان» الآسيوي في منطقة مايفير، ويتعرض أيضاً كثير من المطاعم السياحية، مثل كوفنت غاردن وسوهو ونوتينغ هيل وبوند ستريت وأكسفورد ستريت، التي تعدّ من بين أكثر الشوارع التجارية ازدحاماً في لندن، حيث يكثر فيها التسوق وتناول الطعام. ومع وجود حركة مرور دائمة، قد يعتقد البعض أنه بإمكانهم مغادرة المطاعم دون أن يُلاحظ أحد.

ولم تسلم مطاعم الوجبات السريعة من هذه الظاهرة، فيتعرض يومياً كل من «فايف غايز» و«شيك شاك» للسرقة، بالإضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة من مناطق مكتظة بالسياح مثل «شورديتش» و«هاكني».

ويقول ألدو زيلي إن عدم دفع الفاتورة لا يقتصر على الهرب فقط من المطعم، إنما على استخدام الأزواج لأطفالهم. ويروي: «الأطفال يتدربون على السرقة أيضاً، فيكونون على دراية بالسيناريو الذي يرسمه الأهل، وهذا الأمر مؤسف للغاية».

ويتابع زيلي: «من أساليب عدم دفع الفاتورة أيضاً هو وضع قطعة من البلاستيك في الأطباق للتهرب من الدفع، والوقاحة تتعدى هذا الشيء لدرجة أن بعضهم يأكلون أغلى الأطباق، وبعد الانتهاء من أكلها يرفضون الدفع لأن الأكل لم يرق لهم».

«الزبون هو دائماً على حق»، لكن هل يحقّ له أن يأكل ويهرب؟ وهل يحقّ له أن يتسبب في إفلاس مطعم وإقفاله؟!