حركة الإصلاح... تنافس أم تكامل بين مصر وتركيا؟

بدأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر

محمد علي باشا
محمد علي باشا
TT

حركة الإصلاح... تنافس أم تكامل بين مصر وتركيا؟

محمد علي باشا
محمد علي باشا

يبدو أن هناك خطاً فكرياً متوارثاً لإرجاع بذور وحركة الإصلاح في العالم العربي للدولة العثمانية، وهو ما يمكن أن يكون صحيحاً بحساب زمني ضيق للغاية، ولكن ليس بالضرورة بحسابات حركة الفكر، وذلك رغم اعترافنا الكامل بأن حركة الإصلاح كانت ظاهرة متشابكة بين مركزين أساسيين، هما مصر والآستانة، ولكن التجربتين الإصلاحيتين اختلفتا في عناصر كثيرة للغاية، وتشابهتا في عناصر أقل، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، للأسباب التالية:
أولاً: جذور حركة الإصلاح والحداثة في المنطقة لم تتوافر في الآستانة، بل في مصر. فمنذ قدوم حملة نابليون في 1798، أصيبت المنطقة بالصدمة الحضارية، خصوصاً بعدما سعى نابليون لإنشاء مفهوم برلمان مصري صوري الشكل معدوم الفاعلية، ولكنها كانت تجربة جسدت المفهوم النيابي للمصريين، ثم كانت التبعات الثقافية المرتبطة بهذه الحملة التي رسخت أهمية العلوم والثقافة الغائبين بسبب سياسيات التخلف العثماني، فعرف المصريون أنها ليست مقصورة على علوم الدين فقط، ناهيك عن الانفتاح على الأفكار الإصلاحية والثقافية والعلمية الأوروبية، التي انعزل عنها العالم العربي تحت وطأة الحكم العثماني.
ثانياً: سعى محمد علي، والي مصر المستقل عملياً، للعمل على بناء أول نموذج للدولة الوطنية المحدثة في المنطقة، بعدما قرر بناء مؤسسات الجيش المصري في 1822، ثم كسوتها بمؤسسات الدولة الحديثة، خصوصاً التعليمية، للتخديم عليها، بالتالي كان لزاماً عليه وضع منظومة تعليمية قوية خلقت المؤسسية العلمية، وتبنى حركة الابتعاث الخارجي، التي كانت بمثابة نقل روح الإصلاح للتجارب الخارجية، خصوصاً الفرنسية، لمصر. فكان لذلك تبعاته العميقة على مصر ككل، حتى بعد تقليم أظافر مصر بمعاهدة لندن 1840، فقد استمرت هذه المؤسسات، وكان الوقت والقيادة الرشيدة هما العاملان المتبقيان لانطلاقة المرحلة العملية للإصلاح الثقافي والسياسي.
ثالثاً: تزامن مع ذلك استمرار الدولة العثمانية بمفهومها الأممي شكلاً، التركي / الأناضولي عملاً، فوصلت لمرحلة متدنية من سوء الإدارة والفساد والمحدودية الثقافية والعلمية، ناهيك عن الظروف السياسة الخارجية المرتبطة بها، التي أدت لنعتها بـ«رجل أوروبا المريض». ورغم ظهور حركات إصلاحية إدارية، على رأسها «النظام الجديد» و«الخط الشريف ثم الهمايوني»، فإن أغلبها باء بالفشل، بينما كان النموذج الإداري / الإصلاحي المصري في حالة نجاح نسبي، بل إن مصر مثلت نموذجاً سعى بعض السلاطين العثمانيين، خصوصاً محمود الثاني، لتطبيقه، ولكنه فشل، بل إن الثابت تاريخياً أن حلم محمد على بإرث الدولة العثمانية، فيما عُرف بـ«مشروع إعادة بعث الخلافة العثمانية - Rejuvenation Project»، وتطبيق النموذج المصري المحدث إدارياً وعسكرياً على الدولة العثمانية، هو ما أدي لتمترس الغرب ضده، واستخدام القوة لمنع عملية التوريث السياسي.
رابعاً: ارتبط مشروع النهضة الثقافية والسياسية في مصر بالخديوي إسماعيل، بوحي من النموذج الفرنسي. وهنا، تبرز أهمية ارتباط هذه الحركة بمؤسسات الدولة وقيادتها، على عكس ما حدث في الآستانة، فقد أنشأ إسماعيل طواعيةً «مجلس شورى النواب» في 1767، بينما فُرض الدستور البرلماني في 1876 على السلطان، فأجهضه بعد سنتين. كذلك، أنشأ إسماعيل نسقاً جديداً لمؤسسية الإصلاح الفكري والعلمي، منه في مجال الصحافة دار الكتب ومطبعة بولاق والجمعيات العلمية مثل المعارف في 1866، والجمعية الجغرافية الخديوية والجمعية الخيرية الإسلامية، ودار العلوم ومدرسة الحقوق، وغيرها، وتشجيع الفنون والمسرح والصحافة، ناهيك عن استمرار حركة الابتعاث الخارجي، وهو ما يثبت أن حركة الإصلاح كانت فوقية الطابع، ولاقت استحسان العامة.
خامساً: لعل عنصر اللغة العربية كان العامل الحاسم للملكية المصرية / العربية لحركة الإصلاح الثقافي، رغم التماس الزمني مع الحركة العثمانية، فلا خلاف على أن بعض النخب كانت تتحدث اللغتين العربية والتركية في مصر والآستانة تباعاً، إلا أن لغة الشعوب هي العنصر الحاسم لنجاح أي حركة إصلاح وتنوير، فحتى لو كان مبعثها النخبة، فإن هدفها يكون الشعب، فلا بد أن تكون بلغته؛ وإذا ما أخذنا كل ما سبق في الحسبان، فإنه ليس بالمستغرب أن تكون مصر هي مركز الحركة التنويرية في المنطقة، بملكية عربية لعناصرها من المصريين والشوام والعرب، لذلك انطلقت وانتشرت حركة الفنون والصحافة والفكر من القاهرة، وهو الدور الذي لم تستطع الآستانة لعبه مع العالم العربي.
سادساً: يضاف هنا عنصر هام للغاية، وهو الانفصال التركي الكامل عن حركة الإصلاح العربي بتثبيت أركان الدولة التركية الحديثة على أيدي الزعيم أتاتورك، وإلغاء مؤسسة الخلافة، مما أدى لتحويل هوية الدولة من الأممية الإسلامية إلى التركية البحتة، بما تناقض والأحلام العربية، بما في ذلك عملية «تلتين» الحروف العربية، وفصل الدولة عن محيطها العربي، سياسياً وثقافياً، وتحويل الفكر والثقافة نحو الغرب، وإرجاع البعد الديني كعقيدة فقط، وليس هوية. وهنا، كانت نهاية أي ارتباط بين الحركتين الإصلاحيتين في الآستانة ومصر.
وإذا ما أخذنا كل العناصر سالفة الذكر في الحسبان، فتقديري أننا يمكننا التأكيد على الملكية العربية النسبية لحركة الإصلاح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحتى اليوم، فالتاريخ لا يُطمس، والحقائق لا تتبدل اليوم مع الزمن.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية
TT

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ حول منظومتها، لتقوم بطرح أسئلة تُفند بها ذلك الخطاب بداية من سؤالها: «هل تحتاج الأمومة إلى كتاب؟»، الذي تُبادر به القارئ عبر مقدمة تسعى فيها لتجريد كلمة «أمومة» من حمولاتها «المِثالية» المرتبطة بالغريزة والدور الاجتماعي والثقافي المُلتصق بهذا المفهوم، ورصد تفاعل الأدبين العربي والعالمي بتجلياتهما الواسعة مع الأمومة كفِعل وممارسة، وسؤال قبل كل شيء.

صدر الكتاب أخيراً عن دار «تنمية» للنشر بالقاهرة، وفيه تُفرد أبو النجا أمام القارئ خريطة رحلتها البحثية لتحري مفهوم الأمومة العابرة للحدود، كما تشاركه اعترافها بأنها كانت في حاجة إلى «جرأة» لإخراج هذا الكتاب للنور، الذي قادها «لاقتحام جبل من المقدسات، وليس أقدس من الأمومة في مجتمعاتنا ولو شكلاً فقط»، كما تقول، وتستقر أبو النجا على منهجية قراءة نصوص «مُتجاورة» تتقاطع مع الأمومة، لكاتبات ينتمين إلى أزمنة وجغرافيات مُتراوحة، ومُتباعدة حتى في شكل الكتابة وسياقها الداخلي، لاستقراء مفهوم الأمومة وخطابها كممارسة عابرة للحدود، ومحاولة فهم تأثير حزمة السياسات باختلافها كالاستعمارية، والقبلية، والعولمة، والنيوليبرالية، وغيرها.

فِعل التئام

يفتح اختيار شيرين أبو النجا للنصوص الأدبية التي تستعين بها في كتابها، في سياق القراءة المُتجاورة، مسرحاً موازياً يتسع للتحاوُر بين شخصيات النصوص التي اختارتها وتنتمي لأرضيات تاريخية ونفسية مُتشعبة، كما ترصد ردود أفعال بطلاتها وكاتباتها حِيال خبرات الأمومة المُتشابهة رغم تباعد الحدود بينها، لتخرج في كتابها بنص بحثي إبداعي موازِ يُعمّق خبرة النصوص التي حاورت فيها سؤال الأمومة.

يضع الكتاب عبر 242 صفحة، النصوص المُختارة في مواجهة المتن الثقافي الراسخ والنمطي لمنظومة الأمومة، تقول الكاتبة: «الأمومة مُتعددة، لكنها أحادية كمؤسسة تفرضها السلطة بمساعدة خطاب مجتمعي»، وتتوقف أبو النجا عند كتاب «كيف تلتئم: عن الأمومة وأشباحها»، صدر عام 2017 للشاعرة والكاتبة المصرية إيمان مرسال بوصفه «الحجر الذي حرّك الأفكار الساكنة المستكينة لفكرة ثابتة عن الأمومة»، على حد تعبير أبو النجا.

تتحاور الكاتبة مع منطق «الأشباح» وتتأمل كيف تتحوّل الأمومة إلى شبح يُهدد الذات سواء على المستوى النفسي أو مستوى الكتابة، تقول: «في حياة أي امرأة هناك كثير من الأشباح، قد لا تتعرف عليها، وقد تُقرر أن تتجاهلها، وقد تتعايش معها. لكن الكتابة لا تملك رفاهية غض الطرف عن هذه الأشباح»، ومن رحِم تلك الرؤية كانت الكتابة فعل مواجهة مع تلك «الشبحية»، ومحاولة تفسير الصراع الكامن بين الذات والآخر، باعتبار الكتابة فعلاً يحتاج إلى ذات حاضرة، فيما الأمومة تسلب تلك الذات فتصير أقرب لذات منشطرة تبحث عن «التئام» ما، ويُجاور الكتاب بين كتاب إيمان مرسال، وبين كتاب التركية إليف شافاق «حليب أسود: الكتابة والأمومة والحريم»، إذ ترصد أبو النجا كيف قامت الكاتبتان بتنحّية كل من الشِعر والسرد الروائي جانباً، في محاولة للتعبير عن ضغط سؤال الأمومة وفهم جوهرها بعيداً عن السياق الراسخ لها في المتن الثقافي العام كدور وغريزة.

تقاطعات الورطة

ترصد أبو النجا موقع النصوص التي اختارتها ثقافياً، بما يعكسه من خصائص تاريخية وسياسية ومُجتمعية، المؤثرة بالضرورة على وضع الأمومة في هذا الإطار، فطرحت مقاربةً بين نص المُستعمِر والمُستعمَر، مثلما طرحت بمجاورة نصين لسيمون دو بوفوار المنتمية لفرنسا الاستعمارية، وآخر لفاطمة الرنتيسي المنتمية للمغرب المُستعمرة، اللتين تشير الكاتبة إلى أن كلتيهما ما كان من الممكن أن تحتلا الموقع الذي نعرفه اليوم عنهما دون أن تعبرا الحدود المفروضة عليهما فكرياً ونفسياً ومجتمعياً.

كما تضع كتاب «عن المرأة المولودة» للأمريكية إدريان ريتش، صدر عام 1976، في إطار السياق الاجتماعي والقانوني والسياسي الذي حرّض آنذاك على انتقاد الرؤى الثابتة حول تقسيم الأدوار بين الجنسين وبين ما يجب أن تكون عليه الأم النموذجية، ما أنعش حركة تحرير النساء التي خرجت من عباءة الأحزاب اليسارية والحركات الطلابية آنذاك، وتشير إلى أن هذا الكتاب أطلق على الأمومة اسم «مؤسسة» بما يجابه أطراف المؤسسة الذكورية التي ترسم بدقة أدوار النساء في العائلة وصورهن، وصاغت ريتش هذا الكتاب بشكل جعله يصلح للقراءة والتأمل في بيئات مُغايرة زمنياً وجغرافياً، ويخلق الكتاب تقاطعات بين رؤية ريتش مع تجربة شعرية لافتة بعنوان «وبيننا حديقة» للشاعرتين المصريتين سارة عابدين ومروة أبو ضيف، الذي حسب تعبير شيرين أبو النجا، يمثل «حجراً ضخماً تم إلقاؤه في مياه راكدة تعمل على تعتيم أي مشاعر مختلفة عن السائد في بحر المُقدسات»، والذات التي تجد نفسها في ورطة الأمومة، والتضاؤل في مواجهة فعل الأمومة ودورها. تجمع شيرين أبو النجا بين النص الأميركي والديوان المصري اللذين يفصل بينهما نحو 40 عاماً، لتخرج بنص موازِ يُعادل مشاعر الأم (الكاتبة) وانسحاقها أمام صراع بين القدرة والعجز، والهوية وانسحاقها، لتقول إنه مهما تعددت الأسئلة واشتد الصراع واختلفت تجلياته الخطابية انسحبت الكاتبات الثلاث إلى حقيقة «تآكل الذات»، وابتلاع الأمومة للمساحة النفسية، أو بتعبير الشاعرة سارة عابدين في الديوان بقولها: «حروف اسمي تتساقط كل يوم/ لأزحف أنا إلى هامش يتضاءل/ جوار متن الأمومة الشرس».

في الكتاب تبرز نماذج «الأم» المُتعددة ضمن ثيمات متفرقة، فتضعنا الناقدة أمام نموذج «الأم الأبوية» التي تظهر في شكلها الصادم في أعمال المصرية نوال السعداوي والكاريبية جامايكا كينكد التي تطرح الكاتبة قراءة تجاورية لعمليهما، وتتوقف عند «الأم الهاربة» بقراءة تربط بين رواية «استغماية» للمصرية كاميليا حسين، وسيرة غيرية عن الناقدة الأمريكية سوزان سونتاغ، وهناك «الأم المُقاومة» في فصل كرسته لقراءة تفاعل النص الأدبي الفلسطيني مع صورة الأم، طارحة تساؤلات حول مدى التعامل معها كرمز للأرض والمقاومة، فيما تُشارك شيرين أبو النجا مع القارئ تزامن انتهائها من هذا الكتاب مع «طوفان الأقصى» وضرب إسرائيل لغزة، في لحظة مفصلية تفرض سؤالها التاريخي: ماذا عن الأم الفلسطينية؟ أمهات الحروب؟ الأمهات المنسيات؟