مطارات بريطانيا تمنع الأجهزة الإلكترونية غير المشحونة على الرحلات إلى أميركا

بعد تلقي السلطات الأمنية تحذيرات من حدوث عمل إرهابي جديد

تشديد أمني في مطار هيثرو بسبب تهديدات محتملة (أ.ف.ب)   -  القانون الجديد من شأنه تأخير المسافرين في مطارات بريطانيا (رويترز)
تشديد أمني في مطار هيثرو بسبب تهديدات محتملة (أ.ف.ب) - القانون الجديد من شأنه تأخير المسافرين في مطارات بريطانيا (رويترز)
TT

مطارات بريطانيا تمنع الأجهزة الإلكترونية غير المشحونة على الرحلات إلى أميركا

تشديد أمني في مطار هيثرو بسبب تهديدات محتملة (أ.ف.ب)   -  القانون الجديد من شأنه تأخير المسافرين في مطارات بريطانيا (رويترز)
تشديد أمني في مطار هيثرو بسبب تهديدات محتملة (أ.ف.ب) - القانون الجديد من شأنه تأخير المسافرين في مطارات بريطانيا (رويترز)

في وقت ما زالت فيه تفجيرات لندن ونيويورك تلقي بظلالها بشدة من خلال التشديد الأمني الذي تبنته المطارات في البلدين وكافة مطارات العالم، يطبق اليوم قانون جديد في جميع المطارات البريطانية على الرحلات المنطلقة منها باتجاه أميركا، وسيمنع أي مسافر من ركوب الطائرة في حال تبين أن الهاتف الجوال أو الحاسوب أو أي جهاز إلكتروني آخر غير مشحون وغير قابل للتشغيل.
وعقدت مصلحة النقل في بريطانيا أول من أمس مؤتمرا صحافيا، أكدت فيه القانون الجديد، وحذرت المسافرين من الوصول إلى المطار وبحوزتهم جهاز إلكتروني غير مشحون، وأكدت بالتالي أنه سيجري التعامل مع أي مسافر يضبط وبحوزته جهاز ببطارية فارغة بصرامة وسيمنع من السفر، ونوقشت إمكانية مصادرة الجهاز وإرساله للمسافر بواسطة البريد المسجل على أن يتكبد هذا الأخير التكاليف الناجمة عن ذلك، أو ترك الجهاز بحوزة جهاز الأمن في المطار وتسلمه مجددا في طريق العودة من الرحلة.
وجاءت الإرشادات الجديدة بعدما عززت الولايات المتحدة التدابير الأمنية وسط تقارير بأن جماعات إرهابية في سوريا واليمن يعدون لتطوير قنابل سيكون رصدها أكثر صعوبة.
وقال متحدث باسم وزارة النقل، إنه لا يمكن أن يدلي بتعليق حول مسارات الرحلات الجوية المهددة «لأسباب واضحة».
ومع ذلك، يحتمل أن يطلب الآن من المسافرين على بعض المسارات من بريطانيا وإليها أن يظهروا أن الأجهزة الإلكترونية الموجودة في حقائب اليد معهم قابلة للتشغيل وإلا لن يسمح لهم بدخول الطائرة ومعهم الأجهزة.
وعملية التفتيش ستكون عشوائية ولا تستهدف أشخاصا معينين، وسيجري تفتيش حقائب اليد بعد نقاط التفتيش من قبل أجهزة المطار، وتحديدا في قاعة الانتظار لركوب الطائرة عند بوابة السفر، ولن يتردد المسؤولون في شركة الطيران عن منع المسافرين الذين يبرزون أجهزة إلكترونية لا تعمل من السفر.
ويعد هذا القانون الأقصى منذ أن شددت الولايات المتحدة إجراءاتها الأمنية تخوفا من حدوث أعمال إرهابية جديدة، وتزامن إعلان القانون الجديد في بريطانيا في الذكرى التاسعة لتفجيرات لندن، وهذا ما يؤكد وصول معلومات إلى جهاز أمن الملاحة الجوية في بريطانيا بأن هناك مخططا إرهابيا يعد له في أحد مطاراتها وتحديدا على إحدى الرحلات المتوجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية.
وتقول الخطوط البريطانية «بريتش إيرويز» إنها تطبق القانون بإيعاز من السلطات الأميركية، غير أن الحكومة البريطانية اكتفت بالتصريح بأنه ستصادر الأجهزة الإلكترونية، ولكنها لم تتطرق إلى فكرة منع المسافرين من السفر في حال وجدت معهم أجهزة غير مشحونة.
وفي أول يوم لتطبيق هذا القانون المفاجئ، شهدت المطارات في بريطانيا يوم الاثنين الماضي ارتباكا واضحا في صفوف المسافرين وأفراد الأجهزة أمن المطار.
وإلى جانب القانون الجديد، لا تزال قوانين منع المسافرين من اصطحاب مادة الجل والماء معهم عبر نقاط التفتيش سارية، كما أنه لا يزال يطلب من المسافرين خلع أحذيتهم وفحصها في الماكينات الخاصة، على خلفية الحادثة التي وقعت في باريس مع المسافر البريطاني ريتشارد ريد المشهور بلقب «ذا هيل بومر» أو «مفجر الكعب»، عندما وجدت كمية من المتفجرات مخفية في كعبي حذائه قبل صعوده على متن الطائرة المتجهة إلى ميامي عام 2001.
ومنذ ذلك الحين لا يزال المسافرون يعانون من التأخير في المطارات بسبب التشديد الأمني، وفي بعض الأحيان تجد طوابير طويلة في المطارات بسبب تضييع الوقت في خلع الأحذية ووضع الأجهزة الإلكترونية خارج أغطيتها، إضافة إلى ضبط عبوات السوائل التي يزيد حجمها على 100 مللي لتر، والقانون هنا يناقض نفسه، إذ يسمح للمسافرين بأخذ ما يشاءون من سوائل بعد المرور بمنطقة التفتيش الأمنية، فيسمح لهم بشراء السوائل والمشروبات والعطور من السوق الحرة.
وجددت الحكومة البريطانية والمطارات المعلومات المنشورة على مواقعها الإلكترونية الرسمية يوم الاثنين الماضي، وحذرت المسافرين من حمل الأجهزة غير المشحونة، أما بالنسبة للخطوط البريطانية فكتبت على موقعها: إذا كنت مسافرا وبحوزتك جهاز إلكتروني غير مشحون سوف يتحتم عليك التنسيق مع موظفي الشركة لحجز رحلة أخرى إلى الولايات المتحدة بالإشارة إلى أن القانون سيمنع المسافرين على متن الخطوط البريطانية من السفر ولن تسمح الشركة بمصادرة الأجهزة، ولكن لا تزال هذه المعلومات متناقضة، لأن الصورة لا تزال غير واضحة.
وبحسب المسافرين، فهذا الوضع يعد مأساويا بالفعل، وتقول المسافرة م. ه التي كانت بطريقها إلى الولايات المتحدة من مطار هيثرو بفرعه الخامس لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه القوانين تسيء إلى المسافرين الأبرياء الذين يدفعون ثمن ما يفعله ويخطط له الإرهابيون في العالم. وأضافت أن الإرشادات الأمنية الجديدة مبالغ بها.
ونصحت الخطوط البريطانية على موقعها الرسمي أيضا المسافرين من التأكد من شحن أجهزتهم قبل التوجه إلى المطار. وأضافت أنه يتعين على مسافري الترانزيت المحافظة على بطاريات أجهزتهم وعدم استخدامها بالكامل، وطلبت من المسافرين الذين ينوون شراء أجهزة من السوق الحرة، التأكد أيضا من أن بطارياتها مشحونة، وإلا فسيطبق القانون على الأجهزة الجديدة أيضا.
أما «فيرغن أتلانتك» فلم تصرح عن كيفية تطبيقها القانون واكتفت بالقول: «إرشاداتنا الأمنية لا تزال قيد البحث وسيجري تطبيقها بسرعة حال جهوزيتها».
يشار إلى أن الشركة تلتزم بتطبيق قوانين الملاحة الأمنية التي تفرضها الولايات المتحدة.
ولم تقدم «إير فرانس» أو «دلتا» أي تعليقات حول المسألة، وهذا ما يؤكد أن القانون لا يزال ضبابيا، وسيكون من الصعب تطبيقه كما يجب في الأيام الأولى، ولكنه سوف يتسبب في تأخير المسافرين، لذا ينصح دائما بالوصول إلى المطار باكرا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».