قصة «أنتيكا تراتوريا بالوتا» اختلطت بتاريخ إيطاليا وحبها للرياضة والفن

مطعم أثري في روما افتتح قبل 200 عام

ديكور كلاسيكي يحمل عبق التاريخ  -  أطباق يسيل لها اللعاب
ديكور كلاسيكي يحمل عبق التاريخ - أطباق يسيل لها اللعاب
TT

قصة «أنتيكا تراتوريا بالوتا» اختلطت بتاريخ إيطاليا وحبها للرياضة والفن

ديكور كلاسيكي يحمل عبق التاريخ  -  أطباق يسيل لها اللعاب
ديكور كلاسيكي يحمل عبق التاريخ - أطباق يسيل لها اللعاب

التوجه العالمي الجديد في الغذاء والمطاعم يميل إلى المأكل النباتي والطعام العضوي واستخدام الروبوت أو الإنسان الآلي في الطهي، لكن المطعم الإيطالي العريق «بالوتا»، في روما، يحافظ على المأكل التقليدي اللذيذ الذي «يقفز إلى فمك حين تنظر إليه» منذ نحو مائتي عام، حين افتتح عام 1820، قبل أن تتوحد إيطاليا. ما زال البناء القديم قائماً بعد إصلاحه، وكذلك الحديقة الصيفية الكبيرة التابعة له، التي تتسع إلى أكثر من 300 شخص، وتصلح لإقامة الحفلات والأفراح، كالتخرج من المدرسة أو أعياد الميلاد.
اختلطت قصة المطعم (واسمه الكامل: أنتيكا تراتوريا بالوتا Antica Trattoria Ballotta)، بتاريخ إيطاليا وحبها للرياضة والفن. ويقع في ساحة في شمال العاصمة جسر مشهور يسمى «ميلفيو»، بني عام 206 قبل الميلاد منذ أيام الرومان، وكانت السيارات تمر عليه حتى أواخر ثمانينات القرن الماضي، وأصبح الآن ملتقى العشاق وأقفالهم التي تنبأ عن حبهم العميق والتزامهم لدرجة أنهم يلقون بمفتاح القفل في مياه نهر التيبر التي تمر تحت الجسر، فانتشرت هذه البدعة منذ 12 عاماً كتقليد للفيلم الإيطالي «أريدك»، ثم امتدت فيما بعد إلى دول أوروبا. ولم يتمكن عمدة روما من منعهم بعد زيادة كبيرة في الأقفال، فاشتكوا عليه «لأنه يعتدي على حقوق العشاق»، وبقيت الأقفال!
لجسر ميلفيو أهمية تاريخية قديمة منذ انتصار الإمبراطور الروماني قسطنطين على غريمه الذي غرق في نهر التيبر عام 312 بعد الميلاد، وبدأ قسطنطين مسيرته في اعتناق المسيحية، ثم حول مدينة بيزنطة إلى مدينة القسطنطينية (إسطنبول بتركيا)، مثلما سميت مدينة قسنطينة بالجزائر باسمه أيضاً.
ومن أشهر زبائن مطعم بالوتا في القرن التاسع عشر كان جيوسيبه غاريبالدي، أحد الآباء الثلاثة للوحدة الإيطالية عام 1870، وهم كافور وماتزيني، وربما كانت زياراته للمطعم في الفترة التي تقع في منتصف القرن، أيام الثورات والاضطرابات في أوروبا آنذاك، حين كانت فرنسا تحتل روما في عهد نابليون الثالث الذي كان يحمي بابا الفاتيكان. وكان غاريبالدي سياسياً ومغامراً وعسكرياً برتبة جنرال، وقد حارب لتوحيد مقاطعات إيطاليا المستقلة بشكل دويلات، فأرسل ألف مقاتل إلى جزيرة صقلية، حيث انتصروا على القوات الفرنسية في معركة قلعة فيمي، التي بناها الأغالبة في صقلية في أثناء حكم إمارة صقلية، وكان شعاره: «هنا، سنخلق إيطاليا الموحدة أو نموت»، كما حارب مع الثوار في البرازيل في أميركا الجنوبية، وعاد إلى إيطاليا ليطرد القوات النمساوية من شمال إيطاليا.
ويقع مطعم بالوتا قرب الملعب الكبير (ستاديوم) لكرة القدم، ومقر وزارة الخارجية الإيطالية، لذا شهد منذ مائة عام العديد من أشهر اللاعبين وكبار الدبلوماسيين والزوارن يتناولون طعام الغذاء أو العشاء فيه، كما يحلو لمشجعي فريق روما وفريق مقاطعة لاتزيو لكرة القدم التنافس على إقامة المآدب والحفلات فيه، ووصل الأمر ذات مرة إلى أن فريق روما أقام أمام المطعم جنازة وهمية للفريق المنافس الذي خسر المباراة، مما سبب المشاجرات العنيفة، ودعا إلى تدخل رجال الشرطة!
اللافت للنظر أن الإدارة الجديدة للمطعم، إثر تحديثه وتنظيف حديقته قبل 5 سنوات، تأتي من كالابريا في الجنوب الإيطالي، التي استأجرت المطعم من العائلة الأصلية التي أبقت على المكتبة المجاورة للمطعم تحت إشرافها، ويعتبر مدير المطعم فرانشسكو جورجي من أنشط وأكفأ من تجتمع بهم في المقاصد الطعامية في روما. وقد صدر منذ سنوات كتاب باللغة الألمانية عن تاريخ المطعم، لكنه غير متوفر للقارئ حالياً. وكانت العائلة المالكة للمطعم تبيع نوعاً ممتازاً يسمى «غوليلمو» من القهوة الإيطالية المصنوعة من حبوب القهوة العربية الصافية (أرابيكا 100 في المائة)، لكن يصعب الحصول عليها في روما حالياً، إنما تباع في لندن لدى بعض الحوانيت المتخصصة بالقهوة والشاي أو المنتجات الإيطالية. كما أن رئيس ومالك فريق روما، جيمس بالوتا (اسم العائلة نفسها)، وهو ثري أميركي من بوسطن، ومن أصول إيطالية من مقاطعة كالابريا أيضاً، يريد بناء ملعب ضخم جديد لكرة القدم في الطرف الآخر من العاصمة، وقد تناول عشاءه عدة مرات في هذا المعقل التاريخي المحبوب لدى سكان الحي. وترى داخل المبني التاريخي المغطى صوراً تذكارية لعدد من نجوم السينما والمسرح والتلفزيون في إيطاليا والعالم، ومن بينهم فيتوريو غاسمان الذي كان يقطن في الحي، والحسناء جينا لولو بريجيدا ابنة العاصمة الإيطالية.
- لائحة الطعام
نجد لائحة حافلة بالوجبات التقليدية في روما، ومقاطعة لاتزيو في وسط إيطاليا، وبعض الأطباق من كالابريا وبقية أرجاء إيطاليا. ولا يعتبر الأكل في روما تاريخياً من أهم ما يمكن الاستمتاع به في إيطاليا لأن رعاة الغنم في العصور الغابرة، بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، كانوا فقراء لا يملكون سوى غنمهم، ولم يستعملوا التوابل أو البهارات، ولا حتى الملح، فاقتصر مأكلهم على الخضار، مثل الفول والقرع والملفوف، ويعتقد أن البابوات الذين حكموا روما أدخلوا البطيخ الأصفر إلى موائدهم، وصنفوه بالأكل الفاخر، إنما تذكر المصادر التاريخية أن أهل روما كانوا يتمتعون بروح المرح والضجيج، وتميز الأقوياء والأغنياء القلائل منهم بنوع من العجرفة، وأغلبية البسطاء بالحسد، لكن الجميع كان يتمتع بالذوق واللباقة وحب الحياة.
ومن المآكل المحبوبة في مطبخ روما المعاصر، نجد المعجنات، مثل الفتوتشيني بالزبدة، وسباغيتي كاربونارا مع قطع من اللحم والبيض نصف الناضج وجبن الغنم، من ريف روما، والخرشوف (أرضي شوكي)، والهندباء البرية (شيكوريا)، ولحم الغنم الشهي المشهور. أما مطبخ كالابريا، التي حكمها الإغريق ثم العرب في القرن العاشر، فيمتاز بفاكهة معروفة تسمى «الرغموت»، وهي فاكهة تشبه الليمونة الكبيرة أو الكباد من الفصيلة البرتقالية، وتستعمل في العطور. والمأكل الرئيسي في كالابريا هو الخضراوات، خصوصاً الفلفل الأخضر والأحمر والحريف والطماطم والباذنجان، ويمتاز السمك فيها بنوعية عالية، ويقال إن العرب أدخلوا إلى إيطاليا الأرز والسكر والسبانخ والزهرة أو القرنبيط.
ونجد في بالوتا تشكيلة كبيرة من مختلف أنواع البيتزا البيضاء أو الحمراء، وتخبز في فرن تقليدي على الخشب، ويشرف عليها الطاهي البارع أحمد ذو الأصل المصري. ويتم تحضير المعجنات الطازجة يومياً في المطعم، ومنها السباغيتي مع جبن الغنم المبشور والفلفل الأسود أو معجنات بوكاتيني، على طريقة بلدة أماترشانا في مقاطعة لاتزيو، مع الطماطم واللحم، أو السباغيتي مع الصدف البحري والثوم والفلفل الأحمر الحار والبقدونس، على طريقة مدينة نابولي في الجنوب. أما الصحن الثاني، فيشتمل إما على سمك اللقز (أو القاروص) أو سمك أوراتا الذي يتم طهيه بعدة طرق من الشوي، أو الخبز مع الكوسا أو القرع والطماطم الصغيرة، أو شرائح اللحم البقري مع الجرجير الطازج والطماطم، أو قطع لحم الغنم المشوية على الفحم، وهناك كثير من أنواع السلطة، ويقولون إن تحضير السلطة الإيطالية يتطلب جهد 4 أشخاص: بخيل لإضافة الخل، ومسرف لصب زيت الزيتون، وعاقل يدرك كيفية استخدام التوابل والأعشاب العطرية، ومجنون يقوم بخلطها ومزج مكوناتها بسرعة، من الخس الروماني والطماطم والجرجير والشمرة!
أما أشهر الحلويات، فهي كعكة الجبن الحلو (ريكوتا) والكرز أو بروفيتيرول (شو ألا كريم بالفرنسية)، مغطاة بالشوكولاته، مع مثلجات القهوة أو حلوى روما المعروفة تيراميسو (وترجمتها: ارفعني إلى الأعلى، كوصف لمذاقها الشهي).
الديكور في بالوتا جميل بسيط، وجو الحديقة مريح، خصوصاً في ليالي الصيف حيث يضفي النسيم العليل فيها متعة وافرة لمن يحب الهواء الطلق. أما الخدمة، فيمكن اعتبارها جيدة على العموم، وتقوم بواجباتها على أحسن وجه، لا سيما إذا كان الزبون من المدمنين على الحضور، ومن سكان الحي، ومن أبرز من تلقاهم من الندل جعفر فانتازي (ويسمونه: جيف)، وأصله جزائري يتكلم الإيطالية والفرنسية والعربية بطلاقة، إضافة إلى اللغة الأمازيغية.
وغدت العاصمة الإيطالية مدينة لا تنام، خصوصاً لثلاثة أيام في عطلة نهاية الأسبوع، وساحة جسر ميلفيو، نفضت عنها الغبار منذ عقدين، وأصبحت من الأماكن المفضلة لسكان المدينة (لا للسائحين الذين لم يكتشفوها بعد)، وفيها كثير من المقاهي والحانات والمطاعم، لكن مطعم بالوتا يبقى مرجعاً تاريخياً للمختصين بالأكل والنوعية الجيدة، فهو من أفضل المطاعم بالنسبة للكلفة المعتدلة والنوعية المميزة.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية
TT

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

تنافس بين الطهاة والمدونين على تقديم وصفات شهية واقتصادية

هل فكرتِ في إعداد أصابع الكفتة دون اللحم؟ وهل خطر في بالك أن تحضري الحليب المكثف في المنزل بدلاً من شرائه؟

قد يبدو تحضير وجبات طعام شهية، واقتصادية أمراً صعباً، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء؛ مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن طرق مبتكرة لتحضير وجبات شهية دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة.

وهو ما دفع الكثيرين مؤخراً إلى إعادة التفكير في عاداتهم الغذائية، والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية، الأمر الذي تفاعلت معه مدونات الطعام على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرز لدى القائمين عليها هذا الاتجاه في الطهي بإيقاع تنافسي، لتقديم العديد من الطرق لتحضير الطعام بما يلائم الميزانيات.

وحسب خبراء للطهي، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، فإنه بقليل من الإبداع والتخطيط، يمكن تحويل مطبخك إلى مكان لإعداد وجبات شهية واقتصادية دون تكلف.

تقول الشيف المصرية سارة صقر، صاحبة مدونة «مطبخ سارة»: «أصبح الطعام الاقتصادي من أهم اتجاهات الطهي حالياً، لمحاولة تقليل النفقات بشكل كبير، تزامن ذلك مع انتشار ثقافة توفير الوقت والجهد، من خلال تحضير وجبات سهلة وسريعة وأيضاً مبتكرة، وهو ما تفاعل معه الطهاة وأصحاب مدونات الطهي، الذين يتسابقون في تقديم أفكار تساعد الجمهور على تلبية احتياجاتهم بشكل اقتصادي، وبطريقة شهية وجذابة».

وتضيف: «من وجهة نظري فإن أساس تحقيق معادلة الشهي والاقتصادي معاً تكمن أولاً في اختيار المكونات البديلة المستخدمة، فمن المهم أن نفكر بشكل دائم في البديل الأوفر في جميع أطباقنا». وتضرب مثلاً بتعويض أنواع البروتين الحيواني بالبروتين النباتي مثل الفطر (المشروم) أو البيض؛ ويمكننا أيضاً استبدال الدواجن باللحوم، مع الابتعاد تماماً عن اللحوم المُصنعة، فهي غير صحية وليست اقتصادية».

وترى أن الابتكار في الوجبات بأبسط المكونات المتوفرة عامل رئيسي في تحقيق المعادلة، و«يمكنني تحويل وجبة تقليدية مُملة للبعض لوجبة شهية وغير تقليدية، وهذا ما أهتم به دائماً، لا سيما عن طريق إضافة التوابل والبهارات المناسبة لكل طبق، فهي أساس الطعم والرائحة الذكية».

من أكثر الأطباق التي تقدمها الشيف سارة لمتابعيها، وتحقق بها المعادلة هي الباستا أو المعكرونة بأنواعها، لكونها تتميز بطرق إعداد كثيرة، ولا تحتاج إلى كثير من المكونات أو الوقت. كما أنها تلجأ إلى الوجبات السهلة التي لا تحتوي على مكونات كثيرة دون فائدة، مع التخلي عن المكونات مرتفعة الثمن بأخرى مناسبة، مثل تعويض كريمة الطهي بالحليب الطبيعي كامل الدسم أو القشدة الطبيعية المأخوذة من الحليب الطازج، فهي تعطي النتيجة نفسها بتكلفة أقل، وبدلاً من شراء الحليب المكثف يمكن صنعه بتكلفة أقل في المنزل.

تشير الشيف سارة إلى أن كثيرات من ربات المنازل قمن باستبدال اللحوم البيضاء بالحمراء، وأصناف الحلوى التي يقمن بإعدادها منزلياً بتكلفة أقل بالحلوى الجاهزة، كذلك استعضن عن المعلبات التي تحتوي على كثير من المواد الحافظة بتحضيرها في مطابخهن.

بدورها، تقول الشيف نهال نجيب، صاحبة مدونة «مطبخ نهال»، التي تقدم خلالها وصفات موفرة وأفكاراً اقتصادية لإدارة ميزانية المنزل، إن فكرة الوجبات الاقتصادية لا تقتصر على فئة بعينها، بل أصبحت اتجاهاً عالمياً يشمل الطبقات كافة.

وترى نهال أن الادخار في الأصل هو صفة الأغنياء، وفي الوقت الحالي أولى بنا أن ندخر في الطعام لأنه أكثر ما يلتهم ميزانية المنزل، وبالتالي فالوجبات الاقتصادية عامل مساعد قوي لتوفير النفقات، لافتة إلى أن «هذا الاتجاه فتح مجالاً كبيراً أمام الشيفات لابتكار وصفات متعددة وغير مكلفة، وفي الوقت نفسه شهية لإرضاء كل الأذواق، فليس معنى أن تكون الوجبات اقتصادية أن تفقد المذاق الشهي».

وتضيف: «محاولة التوفير والاستغناء عن كل ما زاد ثمنه وإيجاد بدائله لا يعني الحرمان، فالأمر يتمثل في التنظيم وإيجاد البدائل؛ لذا أفكر دائماً فيما يفضله أفراد أسرتي من أنواع الطعام، وأحاول أن أجد لمكوناته بدائل اقتصادية، وبذلك أحصل على الأصناف نفسها ولكن بشكل موفر».

وتشير الشيف نهال إلى أن هناك العديد من الوصفات غير المكلفة والشهية في الوقت نفسه بالاعتماد على البدائل، مثال ذلك عند إعداد أصابع الكفتة يمكن إعدادها بطرق متنوعة اقتصادية، تصل إلى إمكانية التخلي عن اللحم وتعويضه بالعدس أو الأرز المطحون أو دقيق الأرز، وتقول إن «قوانص» الدجاج، والمعكرونة المسلوقة، توضع في «الكبة» مع بصل وتوابل ودقيق بسيط لإعطاء النتيجة نفسها، كما يمكن الاعتماد في الكفتة على البرغل أو الخبز أو البقسماط، الذي يضاف إلى كمية من اللحم المفروم لزيادتها.

وكذلك بالنسبة لكثير من أصناف الحلويات، التي يمكن تغيير بعض المكونات فيها لتصبح اقتصادية مع الحفاظ على مذاقها، فعند إعداد الكيك يمكن استخدام النشا كبديل للدقيق الأبيض، واستخدام عصير البرتقال أو المياه الغازية بدلاً من الحليب. وتلفت أيضاً إلى إمكانية إعداد أنواع الصوصات في المنزل بدلاً من شرائها، فهذا سيوفر المال وأيضاً لضمان أنها آمنة وصحية، وكذلك الحليب المبستر يتم الاستغناء عنه لغلو سعره والاستعاضة عنه بالحليب طبيعي، والسمن البلدي يمكن تعويضه بزيت الزيتون الصحي وليس بالسمن المهدرج المضر بالصحة.

من خلال اقترابهما من جمهور «السوشيال ميديا»، وتبادل الأحاديث معهم، توجه الطاهيتان كثيراً من النصائح لحفاظ السيدات على أطباقهن شهية واقتصادية.

فمن النصائح التي توجهها الشيف سارة، التوسع في استخدام البقوليات، خصوصاً العدس والحمص والفاصوليا المجففة، بديلاً اقتصادياً وصحياً للحوم، مع الاعتماد على المكونات الطازجة في موسمها وتخزينها بشكل آمن لتُستخدم في غير موسمها بدلاً من شرائها مُعلبة.

بينما تبين الشيف نهال أن الأجيال الجديدة تفرض على الأم وجود بروتين بشكل يومي، وهو ما زاد من مسؤوليتها في ابتكار وجبات اقتصادية وشهية، وما ننصح به هنا تعويض المكونات ببدائل أخرى، مثل الاستغناء عن اللحوم البلدية واللجوء للمستوردة في بعض الأطباق، واستخدام المشروم بديلاً للبروتين.

وتشير إلى أن لكل ربة منزل «تكات الطهي» أو ما يطلق عليها «النفس»، وهو ما عليها استغلاله لتقديم أطباق مبتكرة، مبينة أن الكثير من صفحات «يوتيوب» و«فيسبوك» توفر أفكاراً اقتصادية متنوعة يمكنها أن تساعد السيدات في تلبية احتياجاتهن.