هل يمكن للنظام الغذائي علاج الآلام المزمنة؟

أنواع الطعام الصحي تعزز قدرة الجسم على مكافحة الالتهابات

هل يمكن للنظام الغذائي علاج الآلام المزمنة؟
TT

هل يمكن للنظام الغذائي علاج الآلام المزمنة؟

هل يمكن للنظام الغذائي علاج الآلام المزمنة؟

من الممكن أن تحدد أنواع الطعام التي تتناولها (وتلك التي لا تتناولها) مدى قدرة جسدك على محاربة الالتهابات المؤلمة. وثمة مقولة شهيرة بأن الإنسان هو ما يأكله، وهذا صحيح بكل تأكيد بالنسبة للآلام المزمنة.
ويقول الدكتور فريد تابونج الباحث الزائر لدى قسم شؤون التغذية في مدرسة تي. تشان. للصحة العامة التابعة لجامعة هارفارد: «الكثير من الآلام المزمنة تنتج عن التهابات مزمنة، وهناك أدلة قوية على أن النظام الغذائي الذي تتناوله يمكنه الإسهام في زيادة الالتهابات المستمرة، لكن النظام الغذائي أيضاً أحد أفضل السبل لتقليل هذه الالتهابات».
- نظرة أعمق إلى الالتهابات
تلعب الالتهابات دورا مزدوجا فيما يتعلق بصحة الجسم يجمع بين إيجابيات وسلبيات. عندما تتعرض لإصابة أو عدوى يرسل جسمك إشارات إلى جهاز المناعة كي يبعث بخلايا دم بيضاء إلى المناطق المتضررة لإصلاح الجرح أو مقاومة العدوى. وعندما تشفى الإصابة أو تختفي العدوى عادة ما يختفي الالتهاب كذلك. إلا أنه في بعض الأحيان يجري تفعيل جهاز المناعة لديك ويبقى على هذه الحال حتى بعد مرور «الأزمة».
وحينها، وبمرور الوقت، من الممكن أن يغير ذلك الوضع الخلايا والأعضاء الصحية ويسبب ألما مستمرا في العضلات والأنسجة والمفاصل. ومن الممكن أن تؤدي الالتهابات المزمنة كذلك إلى زيادة مخاطرة الإصابة بأمراض القلب والسكري وأنواع معينة من السرطان بل وحتى الزهايمر.
- النظام الغذائي والمناعة
إذن ما دور نظامك الغذائي في هذه المنظومة؟ يشبه الأمر كثيرا ما يوصف بـ«تأثير الدومينو» والذي يعمل في صورتين تبعا لما أوضحه دكتور تابونج، إذ يقول: «يمكن أن يساعد نظامك الغذائي في دعم جهاز المناعة لديك عبر تشغيله وإطفائه في الأوقات المناسبة. على الجانب المقابل فإن النظام الغذائي السيئ يمكن أن يبدل جهاز المناعة بحيث يعمل على نحو غير طبيعي ويمكن أن يسهم في تعرض الجسم لالتهابات مستمرة منخفضة الحدة».
في الواقع توصلت بعض الدراسات إلى أن جهاز المناعة يقدم رد فعل تجاه النظام الغذائي غير الصحي على نحو شديد الشبه باستجابته للعدوى البكتيرية. ويضيف الدكتور تابونج أن العلم لم يتوصل بعد إلى كيفية معاونة النظام الغذائي بصورة مباشرة في جهاز المناعة. ومع هذا فإن بعض الدلائل توحي بأن نقص مجموعة متنوعة من المغذيات الدقيقة، مثل الزنك والسلنيوم والحديد وحامض الفوليك وفيتامينات إيه وبي6 وسي واي، ربما يسبب تغييرات في أسلوب عمل جهاز المناعة.
وتوحي أدلة علمية قوية بأن الأطعمة الغنية بمجموعة من مضادات الأكسدة تعرف باسم البوليفينولات يمكن أن يكون لها تأثير مضاد للالتهابات يساعد في تخفيف ومنع نوبات الاحتدام المؤلمة.
وتتضمن هذه الأطعمة الكثير من العناصر الأساسية في النظام الغذائي المميز لمنطقة البحر المتوسط، مثل الفواكه الكاملة (خاصة جميع أنواع التوت) والخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة والمكسرات والبقوليات والحبوب الكاملة.
ويقول الدكتور تابونج: «الكثير من هذه العناصر غني بالمغذيات الدقيقة التي يحتاجها جهاز المناعة كي يعمل على مستوى عالي الكفاءة». وتوصلت بعض الأبحاث إلى أن الأحماض الدهنية أوميغا - 3 الموجودة في زيت الزيتون والأسماك الدهنية (مثل السلمون والساردين والماكريل) من الممكن أن تساعد هي الأخرى في السيطرة على الالتهابات.
- تنويع الغذاء
يتمثل التوجه الأمثل فيما يخص النظام الغذائي والقادر على معاونة جهاز المناعة لديك وبالتالي الإسهام في الحد من الالتهابات المزمنة، في الحد من تناول الأطعمة السيئة المسببة للالتهابات وتناول أنواع أخرى من الطعام جيدة ومضادة للالتهابات. وتتمثل الكثير من الأطعمة السيئة في الأطعمة المعالجة التي تحمل قيمة غذائية منخفضة، منها المشروبات الغازية والمحلاة وأطعمة أخرى تحوي سكريات بسيطة مثل عصير الذرة المركز عالي الفركتوز واللحوم المعالجة والخبز الأبيض والباستا البيضاء وأطعمة أخرى غنية بالسكريات المنقاة. (أنت بحاجة لحذف هذه الأطعمة من قائمة نظامك الغذائي لأسباب صحية أخرى أيضا).
فيما يتعلق بالأطعمة المضادة للالتهابات، يقول الدكتور تابونج إنه لا يتعين عليك الإفراط في تناول مجموعة ضئيلة من العناصر المفضلة لأنه بذلك ستفوتك فرصة تناول بعض العناصر الغذائية الحيوية التي يحتاجها جهاز المناعة لديك. بدلا من ذلك يتعين عليك السعي لتنويع نظامك الغذائي.
- تقسيم الوجبات الأساسية
على سبيل المثال يمكنك تقسيم الوجبات الأساسية الخاصة بك على النحو التالي:
> ينبغي أن يكون نصف الطبق ممتلئاً بحبوب كاملة مثل الخبز المصنوع من القمح الكامل والباستا المصنوعة من الحبوب الكاملة والأرز البني، وبروتينات صحية، مثل الأسماك والفول والمكسرات والدواجن.
> أما النصف الآخر فينبغي أن يكون خضراوات بجانب بعض الفواكه.
> استخدم زيوتا صحية مثل زيت الزيتون وزيت الكانولا بدلا من الزبد وغيره.
وعليك أن تضع نصب عينيك أنه يتعين عليك تحقيق تغيير دائم من أجل أن يعمل نظامك الغذائي لصالحك.
ويضيف الدكتور تابونج: «نظامك الغذائي ليس قرصا سريع المفعول وإنما يحمل إمكانية عالية لأن يعينك على السيطرة على، بل ومنع الالتهابات، الأمر الذي ربما يساعدك على تخفيف الألم المزمن».

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك فوائد الرياضة قد ترجع إلى زيادة تدفق الدم للدماغ وتحفيز المواد الكيميائية المعروفة باسم الناقلات العصبية (رويترز)

دراسة: ممارسة الرياضة لنصف ساعة تساهم في تحسين الذاكرة

يعتقد العلماء الآن أن النشاط البدني ليس مجرد فكرة جيدة لتحسين اليوم القادم؛ بل يمكن أن يرتبط بزيادة طفيفة في درجات عمل الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم «البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

«البنزول» مادة مسرطنة تنتشر في منتجات العناية الشخصية

​يبدو أن مركب «البنزول» المسمَّى أيضاً «البنزول الحلقي» ظهر في كل مكان خلال السنوات الأخيرة. معقِّمات بمواد مسرطنة أولاً، كانت معقمات اليدين التي تحتوي على …

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».