مثل كرة اللهب، تدحرجت قضية الشهادات المزورة في الكويت، في صيف ملتهب، ليتطاير شرارها في كل مكان.
القضية التي تفّجرت قبل أيام، وأخذت طريقها إلى العناوين الأولى للصحافة المحلية، أصبحت حديث المجالس والديوانيات الحقيقية والافتراضية، مع تراشق الاتهامات بشأن عمليات تزوير مزعومة من حملة الشهادات العليا الذين كانوا يحجزون مقاعدهم على الصفوف الأولى، أو أولئك المتحدثين الفضائيين المتسترين بحرف «الدال».
تفّجرت القضية عندما تم الكشف عن مقيم مصري يتولى تنسيق عمليات التزوير لحصول زبائنه على شهادات عليا، بينها الدكتوراه، من جامعات مصرية لم يسبق لهم أن دخلوها مقابل مبالغ مالية، ولكن هذا الكشف لم يكن سوى الجزء الأول، الفصل الأكثر أهمية هو أن المزور كشف عن شبكة داخلية تتولى تسجيل الشهادات العليا في السجل الحكومي التابع للوزارات المسؤولة عن التعليم والتعليم العالي، والتسجيل يضمن لصاحب الشهادة الحصول على امتيازات وظيفية.
من بين أبرز الذين حصلوا على الشهادات المزورة، والحديث عن نحو 400 مشتبه به، محامون ومهندسون ومذيعون وممرضون، وحتى أطباء. والنيابة العامة استدعت بالفعل متهمين عملوا وسطاء لتسهيل هذه العملية.
وكانت وزارة التعليم العالي الكويتية قد أعلنت، الأربعاء الماضي، كشفها عدداً من الشهادات المزورة الصادرة من إحدى الدول العربية لمختلف المراحل الجامعية في الأشهر الماضية، وإلقاء القبض على أحد الوافدين العاملين بالوزارة متواطئاً في ذلك.
كما كشف وزير التعليم العالي، السبت، عن تقديم الوزارة ما يقارب 40 بلاغاً لحالات من الشهادات المزورة خلال العام الحالي، مؤكداً نجاح الجهود المبذولة في كشف عدد من الشهادات المزورة والوهمية، وإحالتها إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية.
وأول من أمس، بحث مجلس الوزراء الكويتي هذه القضية، وكلف المجلس وزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي، وجهات حكومية أخرى، بينها «الخدمة المدنية» و«التعليم العالي» و«برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة»، بالعمل كلجنة لمتابعة قضية الشهادات المزورة، وإحالة كل من يثبت تورطه في القضية إلى القضاء.
وأطلع المجلس على الإجراءات التي اتخذها وزير التربية ووزير التعليم العالي للكشف عن الشهادات الوهمية والمزورة، وإحالتها إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية بحق كل من ثبت تزوير مؤهلاته الدراسية، وحصل بموجبها على أي نوع من أنواع المزايا الوظيفية، سواء أكانت ترقية أو مزايا مالية أو غيرها دون وجه حق، كما أحاط المجلس علماً بأن الوزارة تعكف حالياً على متابعة فحص جميع المعادلات المشكوك بصحتها، والتنسيق مع وزارة الداخلية للبحث والتحري للكشف عن كل من تورط أو قام بتسهيل التزوير لهذه الشهادات.
وتعهدت الحكومة بأنها «لن تتهاون في تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وأنها ستواصل جهودها في مكافحة الفساد، واجتثاث منابعه من مؤسسات الدولة».
إلى ذلك، أصدرت، أمس، 33 جمعية من جمعيات النفع العام بياناً يطالب الحكومة «باتخاذ إجراءات حاسمة لحل قضية الشهادات المزورة»، وأيدت «الدعوات التي نادت بمحاسبة المزورين، وانتهاج منهج الشفافية مع الشعب، من خلال اطلاعه على آخر تطورات القضية، وسرعة البت في تلك القضايا وما سبقها من قضايا مشابهة»، وذلك «انطلاقاً من إيماننا بدورنا كمجتمع مدني يمثل أطياف المجتمع، وحرصاً منا على صحة وسلامة البناء التعليمي» في الكويت.
ومن بين الجمعيات الموقعة جمعية الإعلاميين الكويتية، وجمعية الخريجين، وجمعية الدكتور، ورابطة الأدباء الكويتيين، والجمعية الطبية، وجمعية العلاقات العامة الكويتية، والجمعية الكويتية للإعلام والاتصال، والجمعية الكويتية للتراث، والجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية، والجمعية الكويتية للعمل الوطني، والجمعية الكويتية لحقوق الإنسان.
رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، دعا وزير التربية وزير التعليم العالي د. حامد العازمي، وجميع المعنيين، إلى الاستمرار في كشف «الشهادات المزورة»، و«عدم الخضوع لأي ضغوط»، وقال في تصريح بالمجلس إن «هذا الملف في غاية الخطورة، فلا يمكن أن نتخيل أن مزوراً يعلم أبناءنا، أو أن يكون بين من يشغلون الوظائف العامة صاحب شهادة مزورة أو وهمية».
وحذر ديوان الخدمة المدنية من أنه سيقوم بحرمان أصحاب الشهادات المزورة من الامتيازات الوظيفية التي حصلوا عليها. وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية الكويتي أحمد الجسار قد ذكر أن وزارة التعليم العالي خاطبت الديوان بأسماء الموظفين المشكوك في حصولهم على مؤهلات بشهادات مزورة، مبيناً أن الديوان اتخذ خطوات عدة تجاههم، في مقدمتها طلبه من الجهات المعنية استرجاع ما صرفوه، بناء على هذه الشهادات، من دون وجه حق.
وقال الجسار، في بيان نقلته وكالة أنباء «كونا» أمس، إن الديوان أبلغ الهيئة العامة للقوى العاملة بوقف صرف دعم العمالة الخاص بالعاملين في القطاع الخاص لأي من هؤلاء الموظفين، مع توجيه مخاطبات إلى الوزراء المعنيين لسحب القرارات الإدارية الصادرة بحقهم في الجهات التي يعملون بها.
وأضاف أن الديوان قرر كذلك «وضع قيد وحظر على كل من وردت أسماؤهم من وزارة التعليم العالي في النظام الخاص للباحثين عن عمل وصرف دعم العمالة».
وذكر أن من الإجراءات كذلك «إبلاغ الهيئة العامة للقوى العاملة (برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة) بالقيام بأمرين: الأول وقف صرف دعم العمالة الخاص بالعاملين في القطاع الخاص من حملة الشهادات غير المعتمدة، واسترجاع ما تم صرفه من دون وجه حق بموجب هذه الشهادات».
فضيحة الشهادات المزورة في الكويت... كرة من لهب في صيف ساخن
الحكومة تشكل لجنة تحقيق وتحويل متهمين للنيابة وحرمان المزورين من الامتيازات الوظيفية
فضيحة الشهادات المزورة في الكويت... كرة من لهب في صيف ساخن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة