تواصل موسكو وبيروت تنسيق عودة النازحين وفق الخطة الروسية

الحريري مصرّ على بقاء التواصل مع النظام السوري في الإطار الأمني

TT

تواصل موسكو وبيروت تنسيق عودة النازحين وفق الخطة الروسية

رحّب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بإعلان موسكو اتجاهها إلى العمل على عودة النازحين السوريين إلى بلادهم. وأوكل مهمة التنسيق في هذا الإطار مع الجانب الروسي إلى مستشاره للشؤون الروسية، على أن تستكمل آليات التواصل عبر الجهات اللبنانية الرسمية بين الطرفين للتنسيق بشأن الخطوات المقبلة لعودة النازحين من لبنان. وأشار بيان صادر عن مكتب الحريري إلى أنه طلب من مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان، «التواصل مع المسؤولين الروس للوقوف على تفاصيل الاقتراحات التي أعلنتها موسكو، بخصوص إعادة النازحين السوريين من لبنان والأردن».
واجتمع شعبان لهذه الغاية اليوم (أمس)، مع الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، واطلع منه على تفاصيل المقترحات المحددة التي أعلن عنها رئيس المركز الوطني لإدارة شؤون الدفاع الروسي الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف، «حول تنظيم عودة النازحين إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب».
ونقل شعبان إلى بوغدانوف، بحسب البيان، ترحيب الرئيس الحريري بأي جهد تقوم به موسكو يؤدي إلى «وضع خطة مشتركة لعودة النازحين، خصوصاً عودة النازحين من لبنان والأردن، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة خاصة بذلك، وفقاً لما ورد في الإعلان الروسي».
وأكد شعبان لبوغدانوف أن «الحريري يعول على هذه الخطوة، التي من شأنها أن تؤسس لمعالجة أزمة النازحين في لبنان، وتضع حداً لمعاناتهم الإنسانية، وارتداداتها الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة على البلدان المضيفة، وفي مقدمتها لبنان».
وأكد البيان أنه من المقرر أن تستكمل في ضوء هذا الاجتماع، آليات التواصل عبر الجهات اللبنانية الرسمية، مع الطرف الروسي للتنسيق بشأن الخطوات المقبلة.
وفي هذا الإطار، قال مستشار الحريري نديم المنلا إن «ملف عودة النازحين وضع على السكة»، موضحاً لـ«وكالة الأنباء المركزية» أنه «قبل قمة هلسنكي تواصل الرئيس المكلف مع الرئيس بوتين، الذي قال له إنه لا حل سياسي في سوريا من دون عودة النازحين، وإن روسيا قادرة على لعب دور أساسي في هذا الخصوص، وجاء كلام بوتين في المؤتمر الصحافي ليؤكد ذلك».
وأضاف: «بعد مؤتمر القمة، يمكن القول إن الخطوات العملية الأولى لعودة النازحين انطلقت بشكل جدي بعيداً من المبادرات الاستعراضية لبعض الأحزاب»، مشيراً إلى أننا «بصدد تشكيل لجنة لبنانية - روسية للتنسيق بهذا الخصوص، على أن يكون جهد مشترك لبناني - روسي وعلى غراره روسي - أردني وروسي - تركي».
ولفت المنلا إلى أن «موسكو ستلعب دور الضامن السياسي والأمني لعودة النازحين، وعلى النظام السوري أن يقدم لها الضمانات بعدم التعرض للمعارضين منهم، أو مصادرة أملاكهم أو إلزامهم بالخدمة العسكرية، أما الشق اللوجيستي فستتولاه الأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن «التواصل مع الحكومة السورية سينحصر بالشق الأمني المحدد لهذا الغرض، أي الدور الحالي الذي يقوم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم». وأشار إلى أن «الخطوة الروسية بعلم وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، أما تفاصيلها فلا تزال قيد التحضير، على أن تشكل اللجان المشتركة انطلاقتها».
وأكد «أن طرح التواصل مع النظام بات وراءنا، والرئيس الحريري يرفض أن يتخطى إطاره الأمني إلى آخر سياسي»، مضيفاً: «روسيا من موقعها دولة كبرى أخذت الملف على عاتقها، واعتبرته جزءاً لا يتجزأ من الحل السياسي في سوريا، وباشرت بالخطوات التنفيذية، وأصبحنا في مرحلة متقدمة، بعيداً عن التجاذبات الداخلية اللبنانية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.