مسجد «باب عجيسة» التاريخي في مدينة فاس يسترجع بهاءه التاريخي بعد ترميمه

الأمير سلطان بن سلمان يمول العملية التي استمرت 14 شهراً بأكثر من مليون دولار برا بوالدته الراحلة

الترميم حافظ على أصالة المسجد ومعالمه المعمارية الأثرية
الترميم حافظ على أصالة المسجد ومعالمه المعمارية الأثرية
TT

مسجد «باب عجيسة» التاريخي في مدينة فاس يسترجع بهاءه التاريخي بعد ترميمه

الترميم حافظ على أصالة المسجد ومعالمه المعمارية الأثرية
الترميم حافظ على أصالة المسجد ومعالمه المعمارية الأثرية

عادت الحياة إلى مسجد «باب عجيسة» التاريخي في مدينة فاس المغربية بعد عملية الترميم ورد الاعتبار التي خضع لها خلال الأشهر الـ14 الأخيرة، والتي حافظت على أصالته ومعالمه العمرانية والمعمارية مع تجهيزه بالوسائل الحديثة في مجالات الإنارة وأجهزة الصوت وشاشات العرض وكاميرات لنقل الدروس والخطب. وغص المسجد الذي يوجد قرب أحد أهم أبواب المدينة العريقة لفاس بالمصلين خلال رمضان. وقال محمد اللمتي، أحد المصلين لـ«الشرق الأوسط»: «الفرق شاسع بين الحالة التي كان عليها المسجد، بجدرانه المتهالكة والمائلة للسقوط، وحالته اليوم حيث أصبح جديدا ومجهزا أفضل تجهيز. أشعر بالأمان والطمأنينة وأنا أصلي فيه».
فكرة إصلاح هذا المسجد التاريخي وترميمه كانت ثمرة صدفة جميلة، فخلال إحدى زيارات الأمير سلطان بن سلمان لمدينة فاس أدركته صلاة الجمعة في موقع قريب من مسجد «باب عجيسة»، قرب السور الشمالي للمدينة العتيقة، فقرر التوقف لأداء الصلاة. وبعد قضاء الصلاة خرج الجميع وتأخر الأمير داخل المسجد. استوقفته القيمة المعمارية والتاريخية للمسجد والمآثر التي يزخر بها.
تألم الأمير سلطان لحالة التدهور المتقدم لمعالم المسجد، فقرر أن يضع حدا لما يتعرض له من ضياع وتآكل وإهمال، وإعادة ترميمه وإصلاحه على نفقته ليؤدي وظيفته على أكمل وجه، برا بوالدته الراحلة الأميرة سلطانة بنت تركي بن أحمد السديري.
وتحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، واستجابة للأمير سلطان بن سلمان، وضعت دراسة شاملة للمشروع وفق أحدث وأرقى معايير ترميم ورد الاعتبار للبنايات التاريخية. وحددت تكلفة المشروع في تسعة ملايين درهم (1.1 مليون دولار). ووقعت اتفاقية تنفيذ المشروع بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، باعتبارها صاحبة المشروع، مع وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، باعتبارها الهيئة المسؤولة عن الإنجاز والتنفيذ، ولاية (محافظة) فاس، وشركة «تراثية» السعودية المتخصصة في مجال المحافظة على التراث، قبل أن تنطلق الأشغال في أبريل (نيسان) 2013.
يقع مسجد «باب عجيسة» فوق مرتفع صخري، الشيء الذي أعطاه شكلا خاصا بسبب انحدار الموقع الذي شيد عليه. ويتمتع المسجد من موقع علوه بمنظر جميل لمدينة فاس. ويرجح المؤرخون أن المسجد شيد في عهد الدولة المرينية، إذ يحمل عمود صغير، مثبت على إحدى زواياه الخارجية، تاجا رخاميا نقش عليه اسم السلطان أبو الحسن المريني، الذي حكم المغرب ما بين سنة 1331 وسنة 1351 ميلادية. أما اسم المسجد فأخذ من اسم الباب الشمالي للمدينة الذي يوجد المسجد بمحاذاته على السور العريق للمدينة، والذي يعد من أهم مداخل مدينة فاس، ويعود بناؤه إلى أحد الأمراء الزناتيين اسمه الأمير عجيسة. ومع المدة اختصر سكان فاس اسم الباب والمسجد في «جيسة»، مع نطق حرف الجيم كما ينطقه المصريون.
وعرف المسجد ترميمات في حقب مختلفة خلال حكم العلويين (الأسرة الحاكمة الحالية). ويعود بناء صومعته إلى عهد السلطان مولاي إسماعيل العلوي، الذي حكم بين 1672 و1727، ورمم في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله (حكم بين 1757 و1790)، وفي عهد السلطان مولاي عبد العزيز (حكم من 1894 إلى 1908) ثم في عهد السلطان محمد الخامس، قائد معركة استقلال المغرب (حكم من 1927 إلى 1961). وتؤرخ نقوش على جدار المسجد لهذه الإصلاحات.
الترميم الحالي جاء لينقذ المسجد من الانهيار بعد أن مالت جدرانه الضخمة وتآكلت زخارفه وفسيفساؤه. ويضيف أحد المصلين المترددين على المسجد: «حتى منبر الإمام كان جداره مائلا ومهددا بالانهيار. وكان التراب يتسرب من جدران المسجد». لكنه أيضا اعتمد أحدث المعايير المعتمدة في ترميم المباني التاريخية.
ويقول فؤاد السرغيني، مدير عام وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس: «حرصنا ما أمكن على استعمال المواد الأصلية. ومن حسن الحظ أن مدينة فاس ما زالت تضم الكثير من الحرفيين الذين يتقنون هذه الفنون، خصوصا الزخارف التقليدية باستعمال صباغات معدنية ونباتية، والفسيفساء، والنقش على الخشب والجبس». ويضيف السرغيني: «حاولنا ما أمكن إعادة استعمال نفس المواد بعد نفض الغبار والرواسب التي علقت بها وترميمها وإبراز نقوشها وزخارفها».
لم تكتفِ العملية بإعادة ترميم وإحياء المرافق القديمة للمسجد، بل أدخلت عليها لمسات حديثة، إضافة إلى إعادة بناء شبكات الماء والكهرباء والتطهير. وجرت إعادة هندسة الإنارة داخل المسجد، التي استعملت فيها فوانيس نحاسية من الصناعة التقليدية لمدينة فاس، وإنارة القبة فوق المحراب بشكل يبرز زخارفها.
وفي الجزء الخاص بالنساء استبدل بالقماش الذي كان يفصله عن صحن المسجد حاجزا من الخشب المنقوش، كما جرى فتح مدخل جديد خاص بالنساء. ومع اكتمال العملية تحول المسجد من خراب إلى تحفة باهرة من المعمار العربي الإسلامي الأصيل، وجرى افتتاحه للصلاة في مطلع رمضان الحالي بعد تدشينه من طرف الأمير سلطان بن سلمان والأمير مولاي رشيد، شقيق الملك محمد السادس.
وبعد ترميم المسجد تتجه الأنظار إلى ملحقاته، وعلى رأسها المدرسة العتيقة المجاورة له، والتي يعود إنشاؤها إلى عهد السلطان العلوي محمد بن عبد الله. وتعهد الأمير سلطان بن سلمان بترميم وترقية المدرسة وإعادتها للحياة لتعود إلى لعب دورها كمركز للإشعاع العلمي والفكري ومعهد لتعليم العلوم الشرعية والعربية.
ويعود تاريخ بناء مدينة فاس، التي يلقبها المغاربة بالعاصمة العلمية، إلى القرن الثامن الميلادي، حيث استقر بها إدريس بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فارا من العباسيين، وأسس بها دولة الأدارسة سنة 788 ميلادية. وصنفت المدينة تراثا عالميا من طرف اليونيسكو. وعرفت المدينة منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي سلسلة من برامج الترميم ورد الاعتبار، تقودها وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس التي اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال.
وأطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس أخيرا برنامجا جديدا للفترة 2014 - 2017، والذي يتضمن ترميم وإعادة إحياء 27 معلما تاريخيا في مرحلة جد متقدمة من التدهور، إضافة إلى معالجة وإصلاح مجموعة من الأبنية والأحياء المهددة بالانهيار في المدينة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.