دراسة مصرية: 5 مراجعات قدمتها «القاعدة» مثلت دستوراً لإعادة إحياء التنظيم

أعدها بن لادن والمقدسي وسيد إمام... وحذرت من التسرع في السيطرة على الأرض

عنصران من «القاعدة» في الشريط الحدودي بين باكستان وافغانستان («الشرق الأوسط») ...وفي الإطار زوجة أبو عمر الشيشاني (صورة من مواقع التواصل الاجتماعي) و مسؤول التجنيد في التنظيم الأسترالي نيل براكاش («الشرق الأوسط»)
عنصران من «القاعدة» في الشريط الحدودي بين باكستان وافغانستان («الشرق الأوسط») ...وفي الإطار زوجة أبو عمر الشيشاني (صورة من مواقع التواصل الاجتماعي) و مسؤول التجنيد في التنظيم الأسترالي نيل براكاش («الشرق الأوسط»)
TT

دراسة مصرية: 5 مراجعات قدمتها «القاعدة» مثلت دستوراً لإعادة إحياء التنظيم

عنصران من «القاعدة» في الشريط الحدودي بين باكستان وافغانستان («الشرق الأوسط») ...وفي الإطار زوجة أبو عمر الشيشاني (صورة من مواقع التواصل الاجتماعي) و مسؤول التجنيد في التنظيم الأسترالي نيل براكاش («الشرق الأوسط»)
عنصران من «القاعدة» في الشريط الحدودي بين باكستان وافغانستان («الشرق الأوسط») ...وفي الإطار زوجة أبو عمر الشيشاني (صورة من مواقع التواصل الاجتماعي) و مسؤول التجنيد في التنظيم الأسترالي نيل براكاش («الشرق الأوسط»)

عرضت دراسة مصرية لخمس مراجعات، كان قد قدمها قيادات من تنظيم القاعدة الإرهابي، مثلت منهجاً ودستوراً لتجديد نشاط التنظيم وإعادة إحيائه. ودعت هذه المراجعات لعدم استهداف المساجد والأسواق وأماكن تجمع المدنيين. وحذرت من التسرع في السيطرة على الأرض.
وقالت دار الإفتاء المصرية، في الدراسة التي أجرتها عن تأثير المراجعات التي قدمها قيادات من تنظيم القاعدة، إن مراجعات «القاعدة» تؤكد فشل «المشروع الجهادي»، وإنها قدمت نقداً عميقاً لأفكار الماضي.
تأتي تلك الدراسة تزامناً مع عودة تصدر تنظيم القاعدة للمشهد السياسي مرة أخرى، بعد أن ترك الساحة لصعود تنظيم داعش الإرهابي عام 2014، ثم انحساره عقب هزائم طالته خلال الأشهر الماضية في سوريا والعراق. ورصدت الدراسة، التي أعدها باحثون في مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء، تغييراً في نهج التنظيم الإعلامي، وأن خطابه يميل بشكل أساسي إلى كسب تعاطف شعوب المناطق المأزومة، وهو خطاب جاء نتيجة لتوصيات تلك المراجعات.
وأكدت الدراسة وجود علاقة قوية بين المراجعات التي أعدها قيادات من التنظيم بهدف إعادة إحيائه وتجديد نشاطه، وبين ممارسات التنظيم خلال السنوات الماضية، وهو ما يؤشر على أهمية تلك المراجعات في فهم ورصد أهم الاستراتيجيات التي سينطلق منها التنظيم لتنفيذ عملياته، كما أنها تساعد على رصد الأهداف التي يمكن للتنظيم استهدافها في عمليات تمدده. كذلك تعطي صورة أوضح لفهم خطاب التنظيم الإعلامي.
وقالت الدراسة إن المراجعات عبرت عن تغيير في منهج ممارسات التنظيم، وجاءت رد فعل على سقوط التنظيم في العديد من الانحرافات والأخطاء التي أزهقت أرواح الأبرياء، وإدراك تلك القيادات مدى تورط التنظيم في الحرب الأميركية على أفغانستان في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001.
وتضمنت الدراسة عرضاً لنماذج من المراجعات الشاملة التي عبرت عن تحول جذري وشامل، وتقديم نقد عميق لأفكار الماضي، وسعت إلى تقديم منهج جديد منقطع الصلة بقيم الماضي، وركزت بشكل أساسي على رفض المبادئ المؤسسة للتنظيم، ومنها مسألة «التكفير والتترس»، وعلى رأس تلك المراجعات الشاملة التي تناولتها الدراسة مراجعات سيد إمام (وهو منظر جماعة الجهاد المصرية) في كتابه «وثيقة ترشيد العمل الجهادي».
وقدمت الدراسة أيضاً عرضاً لأهم نماذج المراجعات الجزئية التي قدمها كل من أسامة بن لادن (مؤسس زعيم القاعدة السابق) في «وثائق أبوت آباد»، وكذلك مراجعات أبي محمد المقدسي (المنظر الجهادي الأردني) في «وقفات مع ثمرات الجهاد، رسالة المناصرة والمناصحة، الرسالة الثلاثينية في التحذير من الغلو في التكفير»، وهي تعبر عن نقد ذاتي جزئي لبعض من ممارسات التنظيم، وذلك بهدف إعادة تصحيح المسار، ومعالجة الانحرافات التي وقع فيها التنظيم، وهي ليست منقطعة الصلة بقيم الماضي بشكل كامل.
كذلك رصدت الدراسة عدداً من القضايا الرئيسية التي تناولتها تلك المراجعات، والتي أثرت بشكل أساسي في منهج واستراتيجيات التنظيم في الوقت الراهن، من بينها التراجع عن مسألة «التترس» وقتل المدنيين أثناء تنفيذ العمليات الانتحارية، وهو ما يلاحظ بتراجع عمليات «التترس» الخاصة بالتنظيم خلال السنوات السبع الماضية.
ودعت تلك المراجعات أيضاً إلى عدم استهداف الطوائف الدينية المسلمة، خصوصاً الشيعة، وكذلك عدم تنفيذ عمليات تستهدف المساجد والتجمعات السكانية والأسواق العامة تجنباً لسقوط ضحايا من المدنيين، وهو ما يفسر تراجع عمليات التنظيم في استهداف تلك الطوائف والمناطق خلال السنوات الماضية.
كما أشارت تلك المراجعات إلى تبني منهج أكثر نفعية في تأسيس أو إقامة «الإمارة الإسلامية». وحذرت من التسرع والتعجل في السيطرة على الأرض، كما دعت إلى عدم اللجوء إلى الإدارة المباشرة لشؤون الناس في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، خصوصاً أن الأوضاع الاقتصادية في تلك المناطق قد تقود إلى رفض الشعوب للتنظيم، ويساهم في تسهيل سقوط التنظيم في تلك المناطق، وهو ما يمكن ربطه بسياسة التنظيم في إدارة مدينة المكلا باليمن بطريقة غير مباشرة، بعد أن سيطر عليها ثم انسحب منها فيما بعد بسهولة.
وشددت الدراسة المصرية على أهمية تلك المراجعات كونها أداة مهمة في مكافحة التطرف والإرهاب، خصوصاً أنها تصدر من قيادات التنظيمات الإرهابية، كما أنها تعمل على تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها تعميق الخلافات داخل تلك التنظيمات بين التيارات المحافظة والمجددة، ومن ثم تساهم في تعميق مسألة الانشقاقات بين تلك التنظيمات.
فيما حذرت الدراسة من أن عودة التنظيم للمشهد السياسي في ضوء تلك التوجهات لدى التنظيم تعد الأخطر، حيث قد يسعى التنظيم إلى تركيز قوته في استهداف قوات الأمن من الجيش والشرطة، مع محاولته التغلغل بين صفوف المواطنين، وتجنيد عناصر جديدة مستغلاً حالة الصراعات والنزاعات في المنطقة. وأيضاً حذرت من عدم تخلي التنظيم عن وسائله التقليدية في مهاجمة المدنيين، في ظل فشل مركزيته في التحكم بممارسات كافة الأفرع والأفراد داخل التنظيم.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم