مسلسل «عشم» انطلق من جدة ويعرض في فضائية سودانية

هواة سودانيون ينشدون التغيير وينكرون تمردهم على المألوف

فريق العمل في صورة جماعية ({الشرق الأوسط})
فريق العمل في صورة جماعية ({الشرق الأوسط})
TT

مسلسل «عشم» انطلق من جدة ويعرض في فضائية سودانية

فريق العمل في صورة جماعية ({الشرق الأوسط})
فريق العمل في صورة جماعية ({الشرق الأوسط})

في سابقة جريئة، كان مسرحها جدة غرب السعودية، استطاع عدد من الهواة السودانيين، الذين ولدوا وترعرعوا في السعودية، أن يحولوا فكرة صغيرة أطلقتها إحداهن، على «اليوتيوب»، إلى مسلسل تلفزيوني مُشاهَد على مدى 30 حلقة بثت على مدى شهر رمضان بعنوان «عشم»، خلقت ضجة كبيرة في الوسط الفني والشارع السوداني، وأذهلت محترفي فن الدراما.
ما لفَتَ الانتباه، أن معظم العاملين في مسلسل «عشم»، ومن بينهم ثلاث شقيقات، لم يكن لهم تجارب سابقة، ومن بينهم آلاء الشيخ، لم يسبق لها أن شاهدت أي محاولة درامية. مخرج المسلسل محمد كمال خاطبها بأن هذا العمل الفني، سيرى النور، ويحقق نجاح ونسبة مشاهدة عالية، وقد كان بالفعل.
المشاركون في صناعة المسلسل، فكرة وكتابة وإنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً، أنكروا الاتهامات التي أثارها الجدل، الذي صاحب بثّ «عشم»، في وسائل الإعلام من صحافة ووسائط التواصل الاجتماعي، بأن دافعهم لم يكن التمرّد على العادات والتقاليد الموروثة، وإنما إعادة طرح الواقع ومناقشة قضايا المجتمع بشكل واقعي، والتغيير الإيجابي.
«العشم» الذي تم تصويره في عدد من أحياء جدة غرب السعودية، من بينها حي «الرحاب»، ناقش مشكلات الشباب في عصر المتغيرات السريعة، ووسائط التواصل الاجتماعي، من حيث انتشار المخدرات وقداسة الحبّ في بناء العلاقات بين الجنسين، والبوح به بشكل عصري علني.
قالت آلاء الشيخ، التي تلقفت الفكرة وأسهمت في كتابتها، في اتصال هاتفي من جدة لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الفكرة من بنات أفكار زوجة مخرج المسلسل محمد كمال، حين كان التوجه (يوتيوبياً) وبعد الاتفاق مع قناة (سودانية 24)، لعرضها تلفزيونياً تسلمت زمام الأمور، حيث كانت لي محاولات كتابية سابقة».
وأضافت: «غيرة المحب لبلده، والوضع الذي تعيشه الدراما السودانية، كان الدافع الأكبر لنا، ولا ننكر أن الاتفاق المبرم مع (سودانية 24)، لبث العمل تلفزيونيا، أصبح دافعا أيضاً لتجويد العمل، وكان نقل العمل من 10 حلقات بطول 13 إلى 15 دقيقة على (يوتيوب) إلى مسلسل تلفزيوني، تحدّياً كبيراً في حد ذاته».
وتابعت آلاء: «بحثنا مطولاً عن كتّاب سيناريو، ولكننا لم نوفق، وحينها لجأت إلى المجهودات الذاتية، وكان هناك كثير وكثير من ورش العمل بين أعضاء الفريق للاستفادة من أكبر قدر من الأفكار وإثراء العمل دراميا».
ووفق آلاء، فإن فريق المسلسل، يتألف من خريجي جامعات من التخصصات في شتى المجالات، «بالنسبة لي حضرت تجارب أداء كغيري من الفريق، غير أنني كنت من أوائل المشاركين في هذا العمل الفني، حيث لم يكن يحوي الفريق وقتها غير المنتج، وسام الكاف، والمخرج، محمد كمال ومدير الإنتاج، أحمد مهدي».
وعن الجدل الذي أثاره «عشم»، باتهام المسلسل بأنه يمثل تمرّداً وخروجاً على المألوف السوداني، قالت آلاء: «لم تكن عندنا أي نيات بالتمرّد على السلوك المألوف اتجاه المجتمع، إذ إن الزي الذي ارتديناه في المسلسل، من وجهة نظرنا، متطلب درامي».
وزادت: «من المؤكد أننا نحب بلدنا وننتمي له، وملمّون بالعادات والتقاليد الموروثة، ولم يكن ما فعلناه سوى ضرورة لإظهار العمل بالصورة الواقعية المطلوبة ليصدقها المشاهد».
فيما يتعلق بتمويل إنتاج «العشم»، قالت آلاء: «لم نكن على اطلاع كامل على الأمور المادية والتمويلية، فقد كانت تخص إدارة العمل بشكل خاص، ولكن لمسنا حجم المصروفات، حيث كنا جزءاً من العمل بشكلٍ يومي، غير أن المنتج وسام الكاف، هو مَن موّل العمل بشكلٍ كامل مع أنه ليس سودانياً، ولكن إيمانه وحبه للعمل كان دافعاً كبيراً».


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».