«اكتشاف سقارة» يفتح شهية علماء الآثار لفك لغز التحنيط

يقدم {دلائل دقيقة} لطريقة حفظ الجثث

الكتان المستخدم في لف الجثث وُضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل لمقاومة البكتيريا (أ.ب)
الكتان المستخدم في لف الجثث وُضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل لمقاومة البكتيريا (أ.ب)
TT

«اكتشاف سقارة» يفتح شهية علماء الآثار لفك لغز التحنيط

الكتان المستخدم في لف الجثث وُضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل لمقاومة البكتيريا (أ.ب)
الكتان المستخدم في لف الجثث وُضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل لمقاومة البكتيريا (أ.ب)

لطالما حيّر لغز تحنيط المصريين القدماء لموتاهم على مدار عقود طويلة، لكن الكشف الأثري المهم الذي أعلنت عنه مصر أخيراً، والذي صدرته الصحافة العالمية والقنوات التلفزيونية العربية والأجنبية على صفحاتها، ونشراتها الإخبارية، سيكون دليلاً رئيسياً في رحلة البحث عن سر التحنيط عند الفراعنة، بعدما اكتشفت وزارة الآثار المصرية أول ورشة كاملة لعمليات التحنيط في عصر الفراعنة يعود عمرها إلى 2500، وذلك داخل مقبرة قديمة بالقرب من أهرامات سقارة بالجيزة.
ويفتح هذا الاكتشاف الأبواب أمام حل كثير من أسرار التحنيط في عصر الفراعنة، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمكونات الكيميائية للزيوت التي استخدمها المصريون القدماء في تحنيط موتاهم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
من جهته، قال أحمد عامر، الباحث الأثري المصري: «الدفن في عصر الدولة القديمة كان يتم بشكل مختلف، وكذلك في الدولة الوسطى والحديثة أيضاً». ولفت إلى أنه من الممكن ظهور كشف جديد يخص الحضارة الفرعونية في مختلف ربوع مصر، بشكل شبه يومي، موضحاً أن كشف ورشة للتحنيط في سقارة شيء مميز، لأنه سيقدم دلائل جديدة عن وسائل التحنيط، وكيفيته، والكميات اللازمة لإتمامه.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «سر التحنيط لم يكن معلوماً للجميع، مثل سر بناء الأهرامات أيضاً، والاكتشافات تقوم بتوصيل رسالة بأن الحضارة الرومانية واليونانية امتداد للحضارة الفرعونية»، موضحاً أن الفراعنة كانوا يقدسون الذهب والفضة أيضاً، حيث أظهر قناع الملك توت عنخ آمون الذهبي الذي يزن نحو 13 كيلوغراماً، أن التحنيط سر من أسرار الحضارة الفرعونية، سعى إليه كثير من الأثريين المصريين والأجانب أيضاً لاكتشافه.
يشار إلى أن ورشة التحنيط المكتشفة ذات تخطيط معماري مستطيل ومدخل في الركن الجنوبي الغربي، ومشيدة من الطوب اللبن وأحجار جيرية غير منتظمة الشكل.
من جهته، قال الدكتور حسين بدري، على هامش المؤتمر الصحافي الخاص بالإعلان عن الاكتشاف الأخير، إن الورشة تشمل مباني بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 متراً وتنتهي بحجرة أسفل الأرض، وضعت عليها أوانٍ فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقي والديموطيقي أسماء لمواد وزيوت التحنيط، وتضم الورشة أيضاً حوضين محاطين بجدران من الطوب اللبن، أغلب الظن أن أحدهما خُصص لوضع ملح النطرون والآخر لإعداد لفائف المومياء الكتانية.
وكانت وزارة الآثار المصرية قد أعلنت اكتشاف ورشة كاملة للتحنيط ملحق بها حجرات للدفن بها مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين (664 - 404 ق.م)، وذلك أثناء أعمال المسح الأثري بمنطقة مقابر العصر الصاوي، الموجودة جنوب هرم أوناس بسقارة.
كما عثرت البعثة أيضاً على قناع مومياء مذهب ومطعم بأحجار نصف كريمة كان يغطي وجه إحدى المومياوات الموجودة بإحدى حجرات الدفن الملحقة، هذا بالإضافة إلى 3 مومياوات ومجموعة من الأواني الكانوبية المصنوعة من الكالسيت (الألباستر المصري)، وعدد من تماثيل الأوشابتي المصنوعة من الفاينس الأزرق، وأوانٍ لزيوت التحنيط مكتوب عليها باللغة المصرية القديمة.
يذكر أن المواد التي وجدت في أقمشة الدفن في أقدم المقابر المصرية القديمة المعروفة، أظهرت أن حفظ الجثث بالتحنيط بدأ عام 4300 قبل الميلاد تقريباً. وتبين أن الكتان المستخدم في لف جثث الموتى وضعت عليه مواد كيميائية لتوفير عازل للحماية ومقاومة البكتريا، بحسب علماء الآثار.
ولم تكن هذه الطريقة دقيقة مثل عملية التحنيط التي استخدمت لاحقاً لحفظ جثث الفراعنة أصحاب المناصب المهمة والنخبة وكثير من عامة المصريين، لكنها جاءت قبل أكثر من 1500 سنة على التاريخ الذي اعتقد العلماء أن التحنيط بدأ فيه. وتوجد أدلة على أن التحنيط يعود لعام 2600 قبل الميلاد تشمل رفات الملكة حتب حرس أم الملك خوفو الذي أمر ببناء الهرم الأكبر. كما توجد أدلة من كتان احتوى على مادة الراتنغ واستخدم في لف جثث الموتى عام 2800 قبل الميلاد تقريباً.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.