أولا: التعامل مع مبابي
بالنظر إلى معاناة كرواتيا في التعامل مع سرعة رحيم سترلينج في الشوط الأول ضد إنجلترا فمن المرجح أن تكون أكبر مشاكلها ضد فرنسا كيفية التعامل مع كيليان مبابي الذي لا يملك فقط سرعة أكبر من سترلينج بل أقوى من الناحية البدنية وأكثر فاعلية أمام المرمى.
ويمنح الشوط الثاني في الدور قبل النهائي بعض الثقة لكرواتيا بعدما أصبحت أكثر تماسكا ونجحت في إدراك التعادل لكن فرنسا ربما لن تكون سيئة مثل إنجلترا وبالتأكيد لن تفرط في الاستحواذ على الكرة بالاعتماد على التمريرات العالية.
وعلى الأقل مبابي يلعب في الناحية اليمنى مما يعني أن سرعته لن تكون موجهة ضد ديان لوفرين ودوماجوي فيدا، وإيفان شترينيتش ليس بطيئا مثلهما لكن حالته البدنية غير واضحة بعد خروجه في مباراة انجلترا واستبداله في مباراة مثل هذه وبالنظر إلى حالة إرهاق كرواتيا يمكن أن تشير إلى أنه مصاب أو منهك تماما، في النهاية كان تقييم المدرب زلاتكو داليتش في كيفية التعامل مع الإصابات فعالة.
والأمر المقلق لكرواتيا هو ما حدث بشكل متكرر على مدار العام الماضي عندما كان شترينيتش معزولا نظرا لقلة المساندة الدفاعية من الجناح الأيسر إيفان بريسيتش وبغض النظر عما سيحدث لا يمكن أن تمنح كرواتيا مبابي فرصة مواجهة شترينيتش في سباق سرعة في المساحة خلفه.
ثانيا: مواجهة عمالقة خط الوسط
قدم بول بوجبا بطولة ممتازة فلم يكن مبهرجا ولم يلجأ لحيل غير ضرورية لم يلعب بشعور الغاضب من كبحه كما حدث في يورو 2016.
ظهر وجه ملتزم لبوجبا وبلا شك ساعدته حيوية نجولو كانتي الاستثنائية حوله وضغط ماتودي لحمايته في الناحية اليسرى ولعب دورا مهما في صورة واقعية مؤثرة لكنه يخوض الاختبار الأكبر عندما يواجه لوكا مودريتش القلب النابض لكرواتيا.
ففي البطولة الحالية لم يركض أي لاعب أكثر من مودريتش (63 كيلومترا) وهو الأكثر تسجيلا وتمريرا في صفوف كرواتيا. وأكمل 2.7 تمريرة مؤثرة في المباراة بنحو ضعف أي زميل آخر في المنتخب. فقط ريبيتش يتفوق عليه في المراوغات ولا يتفوق عليه سوى مارسيلو، وبروزوفيتش في التمرير من بين اللاعبين الذين لعبوا شاركوا في التشكيلة الأساسية في أكثر من مباراة واحدة. وإيقاف مودريتش لا يعني إيقاف كرواتيا لكن لو عزلته ستضرب أسلوب الفريق.
ثالثا: تهديد مانزوكيتش
ماريو مانزوكيتش لاعب استثنائي ويمثل الروح في هذا الفريق الكرواتي وهو ما يجعل الفوز في النهائي على فريق أكثر نشاطا بعد حصوله على راحة أمرا منطقيا.
وبدا منهكا ضد روسيا في دور الثمانية وإنجلترا في الدور قبل النهائي لكنه أجبر نفسه على تقديم أقصى ما لديه وضغط على مدافعي المنافس وكان يقظا لخطف مساحة خلف جون ستونز ليحرز هدف الفوز.
لا يعتبر التهديد البدني الذي يمثله وساعده في الفوز بمعدل يبلغ 4.6 التحاما في الهواء في المباراة هو نقطة قوته الوحيد لكنه الأبرز.
وقدم رافائيل فاران أداء ممتازا في البطولة حتى الآن ونجاحه في التعامل مع خطر كرواتيا سيتعمد على هل يستطيع الحفاظ على سجله بالتفوق في 72.7% من الالتحامات الهوائية التي اشترك فيها حتى الآن.
رابعا: مواجهة اليسار ضد اليمين
في بعض الحالات تتوازن الأمور في خطط الفرق التي تهاجم بشكل غير متماثل، في مباراة فرنسا في الدور قبل النهائي ضد بلجيكا على سبيل المثال كانت النزعة بالاعتماد على مبابي في الناحية اليمنى أكثر من بليز ماتودي في اليسار في خطة 4-2-3-1 التي تعتمدها فرنسا كانت مناسبة مع خطة بلجيكا حيث لا يتقدم يان فيرنونجن في الناحية اليسرى مما حرم مبابي من مساحة للركض بينما في الناحية اليمنى شارك ناصر الشاذلي وهو لاعب وسط في الأصل في مركز الظهير الأيمن ويتقدم كثيرا لكن الأمر في النهائي لن يكون كذلك.
ويفضل الفريقان الهجوم من نفس الجناح حيث تبلغ نسبة هجمات كرواتيا من الناحية اليسرى 45 % مقابل 33% من اليمين فيما تأتي 42% من هجمات فرنسا من الناحية اليمنى مقابل 37% من اليمين.
والأمر لا يتوقف عند أن شترينيتش ربما لا يلقى مساندة من بريشيتش فبنجامين بافار الظهير الأيمن لفرنسا والذي تقدم ليحرز هدف التعادل 2-2 ضد الارجنتين ربما أيضا لن يحظى بمساندة من مبابي (رغم أن أسلوب فرنسا أكثر حذرا من كرواتيا).
والاختلاف في الأسلوب ليس كبيرا بالنسبة لكرواتيا لكن ماتودي يقدم التوازن لمبابي في الناحية اليسرى لفرنسا لذا فالعمل الدفاعي لأنتي ريبيتش يمنح الحرية لبريسيتش وارتكب لاعب الجناح معدل 3.8 خطأ في المباراة أكثر من أي لاعب في كأس العالم في إشارة إلى الحماس في ضغطه.
وتحسنت كرواتيا في الشوط الثاني ضد إنجلترا بعدما تقدم الظهيران للمساندة في الهجوم حيث أجبر بريسيتش وريبيتش ظهيري انجلترا كيران تريبيير وأشلي يانغ على التراجع للدفاع وعانت إنجلترا في توازن الأمر مما شكل عبئا على ثلاثي خط الوسط وبإلقاء نظرة على ذلك كان يمكن من المنطقى أن ينقل ساوثغيت لاعبه رحيم سترلينج إلى الجناح في خطة 5-4-1 وإيقاف التقدم في جناح المنافس.
وكانت تمريرة فرساليكو العرضية التي ساعدت بريسيتش على إدراك التعادل وفي المواجهة الأخرى وجد الشاذلي في الشوط الأول على الأقل مساحة كبيرة بشكل مفاجئ للتقدم في الهجوم في الناحية اليمنى لبلجيكا لكن ليس من المرجح أن يكرر ماتودي ذلك إلا إذا سيطرت كرواتيا تماما على خط الوسط.