تعوّد المصريون على بيانات تصدرها وزارة الصّحة كل فترة، تحذّر فيها من المكملات الغذائية التي يُعلن عنها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، لكنّ الواقع يؤكّد أنّ هذه السّوق تنمو وتتزايد من دون أن تكون هناك حلول عملية لمواجهتها، الأمر الذي أرجعه متخصّصون إلى صعوبة إجراءات التسجيل الرّسمي لها في وزارة الصّحة، بما يؤدي لاختلاط الأنواع الجيدة مع الرديئة.
والمكملات الغذائية، في أبسط تعريفاتها، هي فيتامينات ومعادن وألياف تُوضع في أقراص، ويستخدمها الإنسان لتعويض ما يفتقده في نظامه الغذائي اليومي، أو من أجل المساهمة في بناء عضلات الجسم، والهدف الثاني هو الأكثر شيوعا في أغلب الدول العربية.
ومصر، واحدة من الدول التي يقتصر بيع المكملات الغذائية فيها على الصيدليات، وتتشدّد في تسجيلها، ولم يؤد ذلك إلّا إلى انتشار «المغشوش» الذي وصل إلى نسبة 40 في المائة من حجم الموجود في السوق، حسب الدكتور علي عوف رئيس شعبة الأدوية في الغرف التجارية.
صدم عوف المصريين بهذه النسبة في تصريح صحافي تداولته الصّحف أخيرا. لكن الحديث عن فوضى هذه السوق، يتجاوز في زمنه هذا التصريح بسنوات.
وفي تشبيه صادم، قال الدكتور علي عوف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يقلّ خطر المكملات الغذائية المغشوشة عن خطورة تجارة مخدر الحشيش». وأضاف: «لكن إذا كان القائمون على هذه التجارة يتخفون لتسويق سمومهم، فإنّ السموم التي تباع تحت اسم المكمّلات يُعلن عنها في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الوسائل الإعلامية».
هذه المقارنة، ينفي عوف أن يكون مبالغا في قولها، لا سيما عندما يضيف لها قوله: «هذه المكملات المغشوشة ملوثه ببراز وفضلات القوارض مثل الفئران، وبعضها ملوث بالتراب والإسمنت والزرنيخ».
في السياق نفسه، فإن التحذير الذي تطلقه وزارة الصحة عن الإعلانات الخاصة بالمكملات، غير كاف، لأنّ بعض المنتجين يعلنون عن منتجاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وليس عبر القنوات الفضائية أو الصّحف وكلّها وسائل متاحة لعرض جميع السلع.
طالب عوف وزارة الصحة بتبني ما سماه بـ«الرقابة الرّشيدة» التي تراعي صحة المواطن، وفي الوقت نفسه ألّا تتشدد في الإجراءات لأنّ التشدد يخلق سوقا غير شرعية للتجارة.
إلى ذلك، فإنّ إجراءات تسجيل هذه المنتجات تستغرق من أربع إلى خمس سنوات، وهو ما يؤدي إلى نشأة سوق غير شرعية، تعتمد على تصنيع المكمل الغذائي داخليا في مصانع غير مرخصة، حسب عوف. والحل الذي يقترحه هو تسهيل إجراءات تسجيل المكمّلات الغذائية بحيث لا تتعدّى الستة أشهر، وأن تكون مسؤولية تسجيلها تابعة لمعهد التغذية، وليس لإدارة الصيدلة في وزارة الصحة، لأنّ معهد التغذية هو الجهة الأقدر على التعامل مع هذا المنتج.
ولأن الاعتراف بالمشكلة، أول طريق للعلاج، فقد أقرّ مصدر بإدارة التسجيل الدوائي في وزارة الصّحة المصرية بوجود المشكلة. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «مواردنا البشرية والفنية في الوزارة لم تتزايد بالقدر الذي يتناسب مع التزايد الكبير في أعداد شركات إنتاج المكملات الغذائية التي وصلت إلى ألف شركة».
ووفق ما هو معمول به في الوزارة، يحصل منتج المكملات على موعد لتقديم الملف الخاص بمنتجه، ويكون عادة بعد تسعة أشهر من تقديمه طلباً بالتسجيل، وينتظر بعدها أربعة أعوام حتى يحصل على الترخيص.
ويضيف المصدر: «على الرّغم من أنّ مواردنا البشرية والفنية لم تتطوّر بالشّكل الذي يتلاءم مع الزّيادة في عدد شركات المكملات، فإنّنا نجحنا في تخفيض الفترة التي تنتظرها الشّركة للحصول على موعد لتقديم الملف الخاص بها، لتخفيضها من تسعة أشهر إلى ثلاثة».
مكمّلات غذائية مغشوشة تغزو مصر عبر «فيسبوك»
شعبة الأدوية حذّرت من خطورتها... ووزارة الصّحة وضعت خطة للعلاج
مكمّلات غذائية مغشوشة تغزو مصر عبر «فيسبوك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة