تونس تتعهد بالثأر من الإرهابيين عقب الهجوم الحدودي

رئيس الحكومة: الوضع الأمني تحت السيطرة

عائلة الجندي التونسي العربي قيزاني (28 عاما) من حي التضامن خلال لحظات مؤثرة قبل تشييع جثمانه أول من أمس (إ.ب.أ)
عائلة الجندي التونسي العربي قيزاني (28 عاما) من حي التضامن خلال لحظات مؤثرة قبل تشييع جثمانه أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

تونس تتعهد بالثأر من الإرهابيين عقب الهجوم الحدودي

عائلة الجندي التونسي العربي قيزاني (28 عاما) من حي التضامن خلال لحظات مؤثرة قبل تشييع جثمانه أول من أمس (إ.ب.أ)
عائلة الجندي التونسي العربي قيزاني (28 عاما) من حي التضامن خلال لحظات مؤثرة قبل تشييع جثمانه أول من أمس (إ.ب.أ)

أقيمت أول من أمس في تونس مراسم تأبين لستة عناصر من الأمن التونسي قتلوا الأحد في هجوم مسلح قرب الحدود الجزائرية هو الأعنف من سنتين وتبنته «كتيبة عقبة بن نافع»، في حين توعد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بـ«الثأر». وقتل عناصر الأمن الستة في كمين نصبته الأحد «مجموعة إرهابية» في شمال غربي البلاد، بحسب ما أكدت السلطات». وجرى تشييع جنازة العنصر الأمني الشاب العربي القيزاني في موكب تقدمه عناصر من الأمن بسلاحهم، في منطقة دوار هيشر، الحي الشعبي القريب من العاصمة الذي شهد منذ سنوات عمليات توقيف متطرفين. وفي البيت الذي كان القيزاني بصدد بنائه وتجهيزه، انهارت والدته الأرملة وهي تنتحب فوق النعش الذي لف بالعلم التونسي، بعد أن فقدت معيل العائلة الوحيد.
وعقد اجتماع أمني أول من أمس في قصر الحكومة بالقصبة برئاسة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحضور وزيري الداخلية والدفاع الوطني، وعدد من القيادات الأمنية والعسكري «لمتابعة العمليات الجارية منذ يوم أمس لتعقب المجموعة الإرهابية في المناطق الجبلية الحدودية إثر العملية الغادرة»، وفقا لبيان رئاسة الحكومة المنشور على صفحة الحكومة على موقع «فيسبوك». وفي أول تعليق له على الهجوم، قال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في بيان وصلت إلى وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه: «سنثأر لأبنائنا في أقرب وقت، ولن يهدأ لنا بال حتى نقضي نهائيا على الإرهابيين»، مضيفا: «الحرب على الإرهاب طويلة المدى، ربحنا فيها معارك مهمّة، وكسبنا جولات كبيرة، لكن بعض المجموعات اليائسة والمعزولة قامت اليوم بهذه العملية الغادرة». وصرح الشاهد، بأن «الوضع الأمني في البلاد تحت السيطرة» غداة الهجوم الإرهابي الذي استهدف دورية للحرس الوطني، وأوقع ستة قتلى». وقال الشاهد، عقب اجتماع أمني بمقر رئاسة الحكومة لمتابعة عملية تعقب عناصر الإرهابية التي نفذت الهجوم: «أريد أن أطمئن التونسيين أن الوضع الأمني تحت السيطرة».
أما رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي عاد أول من أمس رجال الأمن الجرحى في المستشفى فدعا في أول تصريح علني له منذ الهجوم إلى الوحدة. وقال السبسي في تصريح عبر التلفزيون «الآن نحن مسيطرون نسبيا» على الوضع و«نريد من التونسيين أن يكونوا متضامنين». وأضاف: «دعوت لانعقاد مجلس الأمن القومي وسنستمع للشهود وللفنيين وخاصة لآمر الحرس الوطني لنعرف بالضبط ما حصل»، معتبرا أن «التقييم الذي سنقوم به غدا سيمكنّنا من تجاوز نقاط الضعف أن وجدت». وقال الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني العقيد حسام الدين الجبابلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن ثلاثة جرحى من الأمنيين نقلوا إلى المستشفى العسكري في تونس و«حالتهم مستقرة»، مؤكدا أن عمليات التمشيط والبحث كانت لا تزال مستمرة أول من أمس. ومن المحتمل أن يعمق الهجوم الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، خصوصا أن رئيس الحكومة وجّه انتقادات سابقة شديدة لحزبه ولرئيسه حافظ قائد السبسي.
إلى ذلك، نددت أحزاب تونسية ومنها حزبا «النهضة» و«نداء تونس» ومنظمات ونقابات بالهجوم.
وقال حزب «نداء تونس» في بيانه الذي وقعه حافظ السبسي، نجل الرئيس التونسي: «معركة بلادنا ضد الإرهاب التي طالما أكدنا أنها معركة طويلة وشاقة تتطلب دعم المؤسسة الأمنية والعسكرية بعيدا عن كل التجاذبات السياسية والحسابات الفئوية الضيقة». بينما دعا حزب «النهضة» إلى «التمسك بالوحدة الوطنية وتعزيزها».
ويأتي الهجوم بينما تستعد تونس لموسم سياحي تتوقع السلطات أن يسجل «نهوضا فعليا» للقطاع مع استقرار الأوضاع الأمنية. مع العلم أن الاعتداء حصل في منطقة نائية نسبيا وغير مقصودة من السياحة. ويعود آخر اعتداء بهذا الحجم إلى مارس (آذار) 2016 ووقع في بن قردان (جنوب) عندما استهدف جهاديون مقارّ أمنية. وتسبب الاعتداء في حينه بمقتل 13 عنصرا من القوى الأمنية وسبعة مدنيين، فيما قتل 55 متطرفا على الأقل. ولا تزال حال الطوارئ سارية في تونس منذ الاعتداءات الدامية التي وقعت في 2015، عندما استهدفت اعتداءات متحف باردو في العاصمة، وفندقا في سوسة مخلّفة ستين قتيلا بينهم 59 سائحا أجنبيا. وتقول السلطات إنه تم إضعاف الجماعات المسلحة من خلال عمليات «استباقية» بتوقيف وقتل أفراد منهم. وسُجّل خلال السنتين الماضيتين تحسن في الوضع الأمني في البلاد.
وقال المحلل والخبير في شؤون الحركات المتشددة نور الدين المباركي لوكالة الأنباء الألمانية: «لا يمكن القول إن الهجوم الإرهابي يعكس وضعا أمنيا هشا، مثل هذه العمليات حدثت في دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة».
ونددت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالعملية الإرهابية، لكنها دعت في نفس الوقت رئيس الجمهورية إلى معالجة الظروف التي تؤدي إلى انتشار الإرهاب في ظل حالة من الاحتقان الشعبي بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. وقالت الرابطة، في بيان لها، إن الإرهاب بات يهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد، داعية إلى محاسبة كل من يقف وراءه ويموله.
من جهته، قال نور الدين المباركي: «بيان التبني للعملية لا يحمل إمضاء عقبة بن نافع، وإنما مؤسسة الأندلس الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة للمغرب الإسلامي المتمركز في الجزائر». وأضاف المباركي: «تمت صياغة البيان بأسلوب مختلف عن الأسلوب المحلي لكتيبة عقبة بن نافع، وهذا يحدث للمرة الأولى ما يعني أنه من المرجح أن يكون التخطيط للعملية قد تم من خارج تونس ونفذته الكتيبة». ويستند هذا الرأي أيضا إلى سرعة إصدار بيان التبني للعملية في وقت تستمر فيه عمليات التمشيط في المناطق القريبة من الهجوم الإرهابي.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.