السعودية: إطلاق حزمة مشاريع لخدمة تراث الأحساء

حضور خليجي في احتفالية الواحة التاريخية بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي

الأمير سعود بن نايف والأمير سلطان بن سلمان شاركا أهالي الأحساء الفرحة بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي (تصوير: عيسى الدبيسي)
الأمير سعود بن نايف والأمير سلطان بن سلمان شاركا أهالي الأحساء الفرحة بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي (تصوير: عيسى الدبيسي)
TT

السعودية: إطلاق حزمة مشاريع لخدمة تراث الأحساء

الأمير سعود بن نايف والأمير سلطان بن سلمان شاركا أهالي الأحساء الفرحة بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي (تصوير: عيسى الدبيسي)
الأمير سعود بن نايف والأمير سلطان بن سلمان شاركا أهالي الأحساء الفرحة بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي (تصوير: عيسى الدبيسي)

احتفت واحة الأحساء السعودية، مساء أمس، بانضمامها إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو قبل أيام، بحفل كبير رعاه الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية.
وأقيم الحفل في سوق القيصرية التراثي، بحضور الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء، والشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة في البحرين، والشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة سفير البحرين لدى المملكة، والشيخ شخبوط آل نهيان سفير دولة الإمارات لدى المملكة، والشيخ ثامر بن جابر الأحمد الصباح سفير الكويت في الرياض، وعدد من الوزراء والدبلوماسيين والإعلاميين ومسؤولي لجنة التراث العالمي في «اليونيسكو».
وفي كلمة مسجلة، قال الأمير سلطان بن سلمان: «لقد كان للأحساء كما لها اليوم الحمد لله دور كبير جداً في الدولة السعودية منذ بدايتها وتأسيسها، ومنطقة لها قيمة عالية جداً؛ من ناحية أهل الأحساء ودورهم التاريخي في هذه الدولة أو من ناحية كونها أيضاً واحة تلتقي فيها الحضارات وطرق التجارة القديمة، والمؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله وعى أن استعادة الأحساء أمر مهم جداً وأن الأحساء جزء من القلب النابض لوحدة الجزيرة العربية ووحدة المملكة العربية السعودية، وأيضاً هي ميناء ومحور اقتصادي كبير لمنطقة نجد ومنطقة شمال شرقي المملكة، لذلك الأحساء بكل هذا التكوين هي من أهم مواقع التراث العالمي على مستوى العالم، وهي استحقت هذا التسجيل ولم تفرض نفسها عليه».
وأضاف الأمير سلطان أن «المملكة قدمت هدية لمنظمة اليونيسكو ومواقع التراث العالمي ممثلة في واحة الأحساء التي عاصرت آخر تغير مناخي في الجزيرة العربية والفترات الإنسانية المتعاقبة فيها». ولفت إلى أن «الأحساء لها تاريخ حضاري يمتد لآلاف السنين، ولها تاريخها الاقتصادي كونها واحة قديمة، وهذه هي حقيقة مسار التسجيل، حيث تم تسجيل الأحساء واحة نابضة حية استمرت على مدى أكثر من 5 آلاف سنة... عملنا بشكل دؤوب على أن نفتح النوافذ لأهالي الأحساء الذين يتوقون أساساً لأن يحافظوا على تراثهم وعلى هذه المواقع التي ليست فقط جزءاً من تاريخهم بل من حياتهم ومستقبلهم أيضاً».
وأشار إلى أن «الأحساء اليوم مقبلة على نهضة كبيرة جداً حقيقة كمكان يمثل جزءاً مهماً جداً من تاريخ الجزيرة العربية وتاريخ توحيد المملكة العربية السعودية وجزءاً جميلاً جداً من تراث المملكة. الأحساء الجميل بتنوعه بألوانه وبأهله وبتراثه المادي واللامادي كل هذه متضامنة تجعل الأحساء وجهة سياحية مهمة».
وأوضح الأمير سعود بن نايف في كلمته أن «الأحساء هي خامس منطقة تسجل في اليونيسكو، وهذا لم يأتِ من فراغ بل أتى بعمل دؤوب منظم بمنهجية واضحة بشكل لا يقبل بالأخذ والعطاء، إذ إن التحضير لهذه الملفات يأخذ وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، وما لم تكن وراءه مجموعة من الرجال بقيادة مثل قيادة أخي الأمير سلطان فمن الصعب أن تتحقق مثل هذه المعادلة».
وأضاف: «الحقيقة من ينظر للأحساء سيجد فيها كثيراً من شواهد التاريخ التي تعبر عن الحقب التاريخية التي مرت في هذه المنطقة من وطننا الغالي، فبالتالي هي منطقة أصيلة عريقة برجالها بأدبها بتاريخها بكل ما فيها من مقومات تجعلها فعلاً مكاناً تاريخياً له إرث عظيم في تاريخ العالم».
وذكّر بأن «الملك عبد العزيز - رحمه الله - كان محباً للأحساء، والملوك الذين أتوا من بعده رحمهم الله إلى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - كانوا محبين للأحساء أرضاً وناساً وتراثاً». وأكد أن «الإنسان الأحسائي إنسان معتز بأرضه وتاريخه وتراثه بقي ليخدم هذه الأرض منذ الأزل منذ أن وجد على هذه الأرض الغناء، أرض واحة الأحساء التي كانت ولا تزال مصدر سلة غذاء للجزيرة العربية ومنفذاً بحرياً مهماً من المنافذ البحرية للجزيرة العربية».
وأطلق الأمير سعود بن نايف عدداً من مشاريع الهيئة في مجال التراث العمراني والمتاحف في محافظة الأحساء، بينها مشاريع ترميم وتأهيل للمواقع التراثية مثل وسط مدينة العيون وعدد من المباني التراثية في واحة الأحساء، إضافة إلى تطوير وتأهيل وترميم 10 مواقع تراثية؛ هي مشروع قصر إبراهيم، ومشروع قصر صاهود، ومشروع قصر خزام، وقصر محيرس، ومشروع المدرسة الأميرية، ومشروع بيت البيعة، ومشروع مسجد جواثا، ومشروع عين نجم، ومشروع مباني منطقة العقير التاريخية، ومشروع مدينة العيون التاريخية.
كما سيتم تدشين المراحل الإنشائية لمتحف الأحساء الإقليمي الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ضمن منظومة المتاحف الإقليمية الجديدة والمطورة التي شرعت الهيئة في تنفيذها. ويتم تنفيذ مشروع متحف الأحساء الإقليمي ليكون معلماً حضارياً شاهداً على آثار المحافظة وتراثها وتاريخها، وفق تسلسلها التاريخي بداية من عصور ما قبل التاريخ وظهور الحضارات المبكرة في كل منطقة وانتهاءً بالعصر الحديث، بما فيها الحرف والصناعات التقليدية، مع مراعاة شمول التعريف بتاريخ المحافظة من خلال البرامج والمعروضات الموجهة لمختلف فئات زوار المتحف وأعمارهم ومستوياتهم. وتشمل مشاريع الهيئة أيضاً تشغيل مركز الإبداع الحرفي في المحافظة.
وقال الأمير بدر بن محمد بن جلوي، إن «تسجيل واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي يضع علينا مسؤولية المحافظة عليها، خصوصاً أن هذا الإنجاز سيعود بكثير من العوائد الاقتصادية وسيسهم في تطوير التنمية في المحافظة وزيادة الرحلات السياحية لها، وننتظر من الجميع استثمار هذا الإنجاز في تطوير المحافظة اقتصادياً وتنموياً وتراثياً وثقافياً».
وقال أمين الأحساء المهندس عادل الملحم في كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة، إن الإدراج «يمثل إقراراً عالمياً بالقيمة التاريخية الكبيرة والثقافية الواسعة لواحة الأحساء الثرية، وعراقة المواقع الأثرية ومكانتها التاريخية وما تزخر به من إرث حضاري كبير». وأضاف: «يأتي دور هذا القرار في الحفاظ على هذه الواحة ومواقعها وتطويرها واستثمارها، والعمل على خطة متكاملة لإدارة المواقع وحمايتها وتأهيلها، لذا قامت أمانة الأحساء ومن واقع مسؤولياتها، بتجنيد إمكاناتها كافة في خدمة ملف تسجيل الأحساء في اليونيسكو، عبر شراكة واسعة وعميقة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، عبر إمداد الملف بالمعلمات والمخططات كافة الخاصة بالواحة، كما لمخطط الأحساء الاستراتيجي دور كبير في دعم ملف التسجيل الذي يتواكب مع تغيرات الوقت، انطلاقاً من الأحساء التاريخية إلى الأحساء الحاضرة المليئة بالإرث التراثي».
وأشار إلى أن «المخطط يعمل على دراسات تمتد حتى عام 2050، مع ما تلزمه تلك الدراسات من المحافظة على أوساط المدن التاريخية، والمحافظة على الواحة والرقعة الزراعية. وبعد تسجيل الأحساء، نواصل العمل جادين في المحافظة على التراث وفقاً للالتزامات الفنية والبرنامج الزمني الذي تقدمت به المملكة في ملف الترشيح وخطة الإدارة، ووفقاً لمتطلبات ومواصفات هيئة التراث العالمي، وبالمستوى الذي يليق بالأحساء كموقع تراث عالمي، وبسمعة المملكة ذات الجهود الدائمة والداعمة لليونسكو».
وكان الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أطلع ضيوف الحفل أمس على أعمال الحرفيين التي تنوعت بين الصناعات اليدوية مثل صناعة المشالح والملابس والفخار والسعف والحدادة والمداد، إلى جانب صناعة القياطين وكذلك مخابز التنور والدكاكين المختلفة مثل دكاكين الحلوى والخرازة أو صناعة الأحذية، إضافة إلى المصنوعات التقليدية التي تعتبر ركيزة أساسية من ركائز الأعمال والحرف اليدوية قديماً في الأحساء.
كما تم الاطلاع على نماذج متنوعة من الفنون الشعبية التي أدتها مجموعة من الفرق الشعبية المتخصصة في مثل هذه الفنون مثل العرضة الأحسائية، وفن الفريسة، وفن العاشوري، والمجيلسي، والليوة، وغيرها من الفنون التي تم استعراضها في الساحة المخصصة ضمن فعاليات الاحتفال. كما شاهد ضيوف الحفل المعرض المصور الذي اشتمل على أكثر من 80 صورة تبرز تاريخ الأحساء العريق وتراثها الأصيل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».