صراعات الطبقة العاملة تدفع ألكسندريا أوكاسيا كورتيز إلى تحقيق الانتصار

صراعات الطبقة العاملة تدفع ألكسندريا أوكاسيا كورتيز إلى تحقيق الانتصار
TT

صراعات الطبقة العاملة تدفع ألكسندريا أوكاسيا كورتيز إلى تحقيق الانتصار

صراعات الطبقة العاملة تدفع ألكسندريا أوكاسيا كورتيز إلى تحقيق الانتصار

عندما لا يتواجد علي أحمد في محل البقالة الصغير الذي يملكه بحي «كوينز» فلا بد أن يكون في سيارته التي يجوب بها شوارع المدينة كسائق أوبر.
يساعده العمل الإضافي في تدبير نفقات الرهن العقاري وفي سداد فواتير خدمات البيت الذي ابتاعه منذ عامين بضاحية «بارك شيستر» بحب «ذا برونكس» بنيويورك. أحمد يعيش ويعمل بحي «دائرة الكونغرس الرابعة عشرة» التي يتوقع لها أن تنتخب قريبا أصغر سيدة لعضوية الكونغرس الأميركي، وهي ألكسندريا أوكاسيا كورتيز.
يقول أحمد إنه يعمل باجتهاد لسداد الأقساط وإنه يحاول تأسيس قاعدة مالية أفضل لأطفاله. هو صراع يتردد صداه هنا بقوة بين الناخبين الذين دفعوا بأوكاسيا كورتيز (28 عاما) لتحقيق الانتصار الأسبوع الماضي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي أمام منافسها من الحزب الجمهوري جوزيف كراولي.
يتألف الناخبون من عائلات من الطبقة المتوسطة التي تكافح لتوفير حياة كريمة لأبنائها في ظل الحياة الرغدة التي يعيشها غيرهم من سكان مانهاتن. في ضاحية «باركشستر»، يعيش سكان نيويورك الأصليون، المتحدرون من أصول إيطالية وغيرهم ممن قدموا من بورتريكو، جنبا إلى جنب مع المهاجرين الذين جاءوا خلال العقود الماضية من الإكوادور والمكسيك وبنغلاديش وغيرها من مختلف بقاع العالم. تتميز المناطق المجاورة لحي «كوينز» مثل جاكسون هايتس، و«أستوريا» و«صندايز» بنفس القدر من التنوع.
يعتبر حي «كوينز» نافذة على الاقتصاد الحديث. فقد عزز تعافي الاقتصاد الذي حدث في العقد الأخير من أوضاع بعض الأميركيين الذين انتعشوا من ارتفاع قيم المنازل ومن الارتفاع الثابت في أسواق المال. لكن رغم التراجع القياسي في مستوى البطالة في البلاد، فإن تلك الطبقة التي تعيش على هامش اقتصاد قوي وجدوا أنفسهم يعملون لفترتين لمجرد مواصلة الشهر إلى نهايته.
اضطر أحمد (41 عاما) إلى الانتقال مع عائلته إلى حي «برونوكس» بعد أكثر من 20 عاما قضاها في حي «كوينز» بسبب ارتفاع قيمة الإيجار بمنطقة «أستوريا» العصرية.
جعل الانتقال إلى سكن جديد بعض الأشياء أفضل والبعض الآخر أسوأ. ففي الحي القديم لم تكن المسافة بين بيت أحمد ومحله التجاري تستغرق سوى بضع دقائق بالسيارة، والآن باتت تستغرق ساعة كاملة. كذلك أصبحت قيم الأقساط أعلى باعتباره مالكا للبيت، لكن في المقابل أصبح لديه مساحة أكبر تتمثل في الفناء، وأصبح أطفاله (بنت 4 سنوات وولد 8 سنوات) أكثر سعادة.
وعن الحال في البيت الجديد، علق أحمد بقوله «عائلتي تشعر بالراحة هنا»، مضيفا أنه يعتقد أن الوضع سيكون أفضل لأطفاله على المدى البعيد. واستطرد في مكالمة هاتفية فيما كان أطفاله يلعبون إلى جواره في حديقة المنزل: «أريد أن يتلقى أطفالي تعليما جيدا، فأنا أبذل كل ما في وسعي لتحقيق ذلك. أملي هو أن أصنع مستقبلا أفضل لهم وأن ينعموا بعمل جيد».
وقال صاحب محل البقالة إنه لاحظ تطورا ما في أصدقائه وجيرانه، حيث أقدم الكثيرون على الانتقال إلى أماكن أخرى معقولة التكلفة بمدينة نيويورك. فالمهنيون الذين يعملون في مانهاتن انتقلوا إلى حي «كوينز» سعيا لإيجار أقل.
استطرد أحمد: «في مقابل كل شقة من غرفة نوم واحدة هناك 15 شخصا مشتريا يريد الانتقال إليها، ولذلك فإن الضغط كبير على العقارات هنا»، مضيفا أن الكثيرين من أصدقائه قد انتقلوا من حي «كوينز» إلى «برونكس» وإلى غيرها من الأحياء.
ونتيجة لذلك، فقد أخذت الأسعار في الارتفاع من حوله في حي «برونكس». فمثلا سأل ابن عمه عن شقة في نفس الحي وعلم أن القسط الشهري المطلوب منه هو 1500 دولار أميركي لشقة من غرفة نوم واحدة رغم أن المبلغ كان 1000 دولار منذ عامين فقط.
وأوضحت بيانات مكتب الإحصاء أن طبيعة المنطقة الانتخابية التي ستمثلها أوكاسيا كورتيز حال جرى انتخابها في نوفمبر (تشرين الثاني) قد تغيرت من منطقة ذات أغلبية بيضاء إلى منطقة تضم 50 في المائة من ذوي الأصول الإسبانية، و17 في المائة من ذوي الأصول الآسيوية، و23 في المائة من البيض عام 2016.
ونجح بعض السكان هناك بالفعل في وضع اللبنات الأولى الضرورية للنجاح الاقتصادي في الولايات المتحدة، مثل امتلاك بيت، وإلحاق ابن بالجامعة، وإدارة مشروع تجاري. كذلك هناك آخرون ممن يعانون الأمرين لتوفير المتطلبات الأساسية، وتلك هي الطبقة الكادحة التي تضم الخدم، والسائقين والبائعين.
بالنسبة للكثيرين، فإن العمل يعني رحلة طويلة إلى مقر العمل وقضاء يوم عمل طويل وشاق. وتتميز تلك الدائرة الانتحابية عما سواها، ومنها واشنطن، بخامس أعلى نسبة عمالة خدمية، بحسب بيانات مكتب الإحصاء. وتحتل المنطقة المركز السابع في طول المسافة والرحلة من البيت إلى العمل.
ليس من المفاجأة إذا أن الناخبين هنا قد انجذبوا إلى أوكاسيا كورتيز وإلى دعوتها بتوفير الرعاية الصحية للجميع وتوفير التعليم المجاني وحد أدنى معقول للأجور.
في منطقة «بوركشاستر» التي تبعد مسافة 35 دقيقة بالقطار عن محطة «غراند سنترال»، يقوم الناس بأعمال تجارية بعدة لغات منها الإنجليزية والإسبانية والبنغلاديشية. فمثلا في شارع «ستارلينغ أفينيو»، الذي بات يحمل اسم «السوق البنغالديشي» يتقاسم المكان محل كبير لبيع البيتزا مع مطعم بنغلاديشي ومحل لبيع اللحم الحلال.
وعلى مقربة من محطة قطارات «باركشستر» ستجد مقهى «ستارباكس» وصالونا لتجديل الشعر وآخر للحلاقة، ومطاعم لاتينية. وعلى جدار إحدى الصيدليات هناك لافتة تقول: «مطلوب عامل» شرط أن يتحدث الإسبانية، وعلى مظلة الصيدلية لافتة أخرى تقول إن «العاملين بالصيدلية يتحدثون اللغة البنغلاديشية» أيضا.
وعن طبيعة المنطقة، أوضح جورج بين، مالك صالون حلاقة بمنطقة «ويستشستر أفينيو»، أن المنطقة قد تغيرت كثيرا منذ انتقاله إليها من حي «هارلم» عندما كان طفلا صغيرا. فقد كانت المنطقة أبيض كثيرا عن الآن، وكانت «العنصرية ظاهرة»، بحسب جورج، لكن الوضع تغير بعد انتقال الكثير من السود ذوي الأصول الإسبانية إلى المنطقة، ليخلقوا بيئة أكثر ترحيبا بزوجته وأطفاله السود الذين تعود جذورهم إلى بورتوريكو.
وأفاد جورج (44 عاما) بأن الإيجارات المرتفعة والأحياء الفاخرة التي بنيت حول المدينة ساهمت في تدفق المزيد من السكان الذين يتطلعون إلى سكن معقول التكلفة للعيش فيه. أضاف: «جاء الكثيرون من أحياء مثل بروكلين وهارلم للعيش في برونكس».
وفي السياق ذاته، قالت إيلسا لونا (60 عاما) التي انتقلت للعيش في منطقة «باركشستر» قادمة من الإكوادور منذ عامين لتعيش بالقرب من ابنتها وحفيدتيها، إن «الكثير من الناس في هذه المنطقة يشعرون بالضغط. فالشيء الوحيد الذي تستطيع شراءه بسعر معقول هو الملابس». تعيش تلك الأسرة في بنايات سكنية بعيدة عن الشارع المزدحم المليء بمحلات التجزئة، لكنها اشتكت من أن «كل شيء غالي الثمن».
ميزانية الأسرة محدودة نظرا لأن إيلسا غير قادرة على العمل بسبب إصابة قديمة في جسدها. لكنهم يقضون الوقت في التنقل بين المتنزه والكنيسة. وهناك الكثير من اللغات بتلك المنطقة، ولذلك من الصعب التواصل في الكثير من الأحيان. وفي هذا السياق، قالت لونا: «جارتي هندية. هي تحبني وتعلم أنني أحبها، لكننا لا نستطيع أن نقول لبعضنا البعض أكثر من كلمة مرحبا».
تعتبر القدرة على تحمل تكاليف المعيشة الهم الأكبر وعنوان حملة المرشحة أوكاسيا كورتيز في انتخابات الكونغرس. ففي مقابلة صحافية مع مجلة «فوغ» الشهر الجاري، أشارت أوكاسيا إلى أن متوسط سعر الشقة التي تحوي غرفة نوم قد ارتفع بواقع 80 في المائة خلال الثلاث سنوات الماضية. واستطردت بقولها «لم ترتفع دخولنا بنفس النسبة بكل تأكيد، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى موجة عاتية من الإحلال للشرائح السكانية التي قضت عمرها هنا بشرائح أخرى».
بعد وفاة والدها بمرض السرطان، كان على أوكاسيا كورتيز الجمع بين ثلاث وظائف للمساعدة في تجنيب أسرتها مخاطر الرهن العقاري.
وعلى نفس المنوال، أفادت رزوانا بارفين التي انتقلت من بنغلاديش للعيش في الولايات المتحدة، بأن أسرتها تناضل من أجل الحياة رغم أن زوجها يعمل ما بين 60 إلى 70 ساعة أسبوعيا كبائع في أحد محال البقالة بمنطقة كوينز. أضافت روزانا بينما تجلس على أريكة وسط ابنتيها على مقربة من منزل مرشحة الكونغرس، أن زوجها «يسدد إيجار الشقة ولا يتبقى شيء بعد ذلك».
وأفاد جورج بين، صاحب صالون الحلاقة، بأنه نتيجة لتغيير البنية السكانية لتلك المناطق فإن معدلات الجريمة تأخذ أحيانا في الارتفاع تارة وفي الانخفاض تارة. ورغم أنه لم يعد يرى نوافذ سيارات مهشمة، فإنه يشعر بالقلق من ارتفاع معدلات الجريمة والعنف، وهي نفس المخاوف التي عبر عنها غيره من الجيران مستشهدين بروايات عن إطلاق نار عشوائي على المارة بغرض السرقة.
غير أن السكان يحدوهم أمل كبير في أن تتمكن مرشحة الكونغرس الشابة أوكاسيا كورتيز في المساعدة لتغيير الأوضاع هناك. والسبب جاء على لسان جورج، صاحب صالون الحلاقة، الذي اختتم بقوله: «عندما لا ترى تغييرا في الحقيقة، فإنك تقول لنفسك دعني أجرب شخصا جديدا».
- خدمة: {واشنطن بوست}


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».