كابل تنفض غبار الحرب وتتحول ورشة لإعادة الإعمار

تنظيف الواجهات الزجاجية لمبنى حديث وسط العاصمة كابل أمس (رويترز)
تنظيف الواجهات الزجاجية لمبنى حديث وسط العاصمة كابل أمس (رويترز)
TT

كابل تنفض غبار الحرب وتتحول ورشة لإعادة الإعمار

تنظيف الواجهات الزجاجية لمبنى حديث وسط العاصمة كابل أمس (رويترز)
تنظيف الواجهات الزجاجية لمبنى حديث وسط العاصمة كابل أمس (رويترز)

أقلعت طائرة الخطوط الجوية الأفغانية (أريانا) المتهالكة من طراز «بوينغ 727» من إسلام آباد وعلى متنها نحو 10 ركاب متجهة إلى كابل التي تمزقها الحرب بعد سقوط حركة طالبان عام 2001. كانت العاصمة الأفغانية تحولت إلى أنقاض بفعل القذائف الصاروخية ونيران المدفعية في القتال بين «المجاهدين» والسوفيات أولاً عقب الغزو الذي قادوه عام 1979، ثم بين فصائل «المجاهدين» المختلفة فيما بعد. كانت في المطار مقاتلات محترقة وعشرات الأشخاص يحمل كل منهم سيخاً في يده بحثاً عن ألغام على المدرج. وضع شخص سلماً استند على جسم الطائرة وفتح غطاء ثم سكب سائلاً وألقى العلبة الفارغة وراءه. وبعد مرور 16 عاماً أو 4 بطولات لكأس العالم لكرة القدم... تحولت كابل من أنقاض إلى عاصمة صاخبة رغم الآثار الواضحة لتصاعد الحرب مع متمردي حركة طالبان.
وتبدو منطقة وسط العاصمة شديدة التحصين؛ إذ توجد بها حصون إسمنتية وأسلاك شائكة ونقاط تفتيش عالية التأمين. ويوجد مبنى مكاتب متهدم قرب القصر الرئاسي شاهدا على تفجير ضخم وقع العام الماضي وأودي بحياة 150 شخصا. وحلت مبان سكنية جديدة محل الأنقاض، ومن خلفها صفوف من الأكشاك والمتاجر التي تبيع الخضراوات الطازجة والهواتف الذكية والملابس والأدوات المنزلية، والأهم من ذلك مواد البناء.
أما ذكرى النساء اللاتي كن يرتدين البرقع الذي فرضته حركة طالبان تحت حكمها ويمضين من أمام المنازل المتهدمة فيمحوها الحديث عن مزيد من اتفاقات وقف إطلاق النار مع طالبان، والانتخابات المقبلة، وأول مباراة ودية للمنتخب الوطني للكريكيت ضد الهند، وكأس العالم لكرة القدم. وقال أوميد شريفي، أحد مؤسسي جماعة «أرتلوردز» التي تروج للثقافة الأفغانية: «المجتمع أكثر تسامحا وانفتاحا. هناك فن وثقافة وموسيقى. الناس أكثر طيبة».
يؤكد الوجود الأمني الكثيف في أنحاء العاصمة كابل استمرار الخطر الذي تواجهه المدينة التي شهدت مقتل وإصابة مئات المدنيين في هجمات هذا العام. كما تجعل انقطاعات الكهرباء المتكررة والسيول في العاصمة الحياة صعبة بالنسبة لكثيرين، لكن وسط هذا الخطر تحسنت معيشة المحظوظين من المنتمين للطبقة المتوسطة في كابل، والذين استفادوا من تدفق الأموال على المدينة بعد حملة قادتها الولايات المتحدة لإطاحة حكم طالبان عام 2001 .
وسيطرت طالبان على البلاد عام 1996 وفرضت تفسيرا متشددا للشريعة، وعانت المدينة من موجات متتالية من التفجيرات منذ إسقاطها في 2001. ولا يزال وسط كابل؛ حيث توجد مقرات البعثات الدبلوماسية، محاطاً بالحواجز الخرسانية والأسلاك الشائكة ونقاط التمركز الأمنية. يقول شريفي من جماعة «أرتلوردز» عن سنوات حكم طالبان: «كانت هذه الفترة الأكثر ظلاما... لم تكن تستطيع حتى الاستماع إلى الموسيقى. ويتذكر أن والده كان يصطحبه لمشاهدة مباريات كرة القدم. لكن المباريات سبقها في مرتين تنفيذ أحكام إعدام». وأضاف: «حاول أبي حمايتي وإغلاق عيني. لكن بفضول الطفل استطعت أن أرى بعين واحدة. ظهرت مجموعة من الرجال في 3 سيارات وقتلوا الرجال مثل الأغنام».


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».