سنوات السينما: Wings

كلارا بو بين تشارلز رودجرز ورتشارد أرلن
كلارا بو بين تشارلز رودجرز ورتشارد أرلن
TT

سنوات السينما: Wings

كلارا بو بين تشارلز رودجرز ورتشارد أرلن
كلارا بو بين تشارلز رودجرز ورتشارد أرلن

Wings
(1927)
الأوسكار الوحيد لفيلم صامت تماماً

«أجنحة» ‬(Wings) هو الفيلم الصامت الوحيد في تاريخ السينما الذي نال جائزة أوسكار.
طبعاً هناك «الفنان» (The Artist) سنة 2011 لكن هذا الفيلم الفرنسي كان صامتاً بالاختيار، ولم يكن صامتاً تماماً. أما «أجنحة» فانتمى إلى كل تلك الحقبة السابقة وأفلامها غير الناطقة كلياً.
قصة صديقين شابين، هما جاك وديفيد (تشارلز روجرز ورتشارد أرلن)، يتنافسان على حب امرأة واحدة (كلارا بو، إحدى أكبر نجمات الفترة). حين تنشب الحرب العالمية الأولى ينطلقان للاشتراك بها ويقومان، وهما من أمهر قائدي الطيارات الحربية، بغارات ومعارك جوية ضد الأعداء الألمان. في الخلفية قضية عاطفية لم يتم حسمها بعد وفي الحاضر معارك يخوضانها ضد طائرات العدو بمهارة فائقة.
في الواقع، قدم المخرج ولمان بعض أفضل مشاهد معارك الطائرات الحربية الحيّة إلى اليوم. مع الأخذ بعين الاعتبار التقدّم التقني الكبير الذي حدث لاحقاً. يمكن القول إنه سبق عصره فيما حقق ووضع تقليداً قورن به لسنوات كثيرة لاحقة مع العلم أن جزءاً من نجاح التجربة يعود إلى الطريقة التي مزج بها المخرج مشاهد مصوّرة خصيصاً للفيلم بمشاهد مأخوذة من أفلام وثائقية.
على ذلك الإنجاز فإن «أجنحة» يحتوي على قصّة تقليدية لا تكشف عن اهتمامات أوسع أو أعمق شأناً من ذلك التخليص أعلاه. الشاغل على الشاشة هو تلك المشاهد اللولبية للطائرات المتقاتلة وفي خلفية البال أن على الرجلين حل نزاعهما حول كلارا بو بعد عودتهما.
لكن المفاجأة هي أن أحدهما (روجرز) يطلق النار خطأ على صديقه خلال إحدى المعارك. ينجح الثاني (أردن) في الهبوط بطائرته يتبعه صديقه الذي يهرع إليه. وبعض المهتمين وجدوا أن قبلة جاك لصديقه الحميم ديفيد تعكس إيحاء مثلياً. لكن هذا لا يمكن اعتباره دليلاً على مثل هذه العلاقة، كون القبلة وداعية تقع بعدما يموت ديفيد بسبب إصابته. جاك، طبيعياً، يشعر بالحزن أن صديقه مات على يديه ويفعل ما قد يقوم به أي شخص في مكانه امتلأ حسرة وأسى لما حدث. بالتالي لا يحتمل المشهد أي تفسير آخر يناسب رغبة خاصة.
«أجنحة» هو فيلم جيد التنفيذ بلا ريب، والبعض يعتبر أن المخرج ولمان لم يقدّم فيلماً آخر بالمستوى نفسه بعد ذلك. وهذا غير صحيح بالمطلق. بل في نطاق السنوات الأخيرة من مهنة ذلك المخرج خلال النصف الثاني من الأربعينات والخمسينات.
للفيلم حس ميلودرامي غالب ما ساعد على رواجه جماهيرياً واعتباره أحد أهم كلاسيكيات السينما الحربية وأفلام المعارك الجوية. نجاحه يعود أيضاً إلى أن الطيران في الفضاء، ناهيك بالقتال فيه، كان لا يزال حديثاً ومثيراً للمشاهدين، مما جذب إليه المزيد من الإقبال والتقدير. والعنصر الأكثر تميّزاً هنا هو التصوير الذي قام به هاري بيري الذي جاء واقعياً ومنفّذاً بإجادة خاصة، للغاية استخدم نظاماً باسم Magnascope مما أتاح للفيلم أن يعرض بنظام عريض مثل السينماسكوب لاحقاً.
في عام 1929 أقيمت حفلة الأوسكار الأولى وتم منح «أجنحة» أوسكار باسم «أفضل إنتاج». لم يكن الفيلم الوحيد الذي تم تقديره على هذا النحو بل فاز معه فيلم «شروق» للألماني ف. و. مورناو (صامت أيضاً) كأفضل فيلم درامي. وكانت هذه المرّة الوحيدة التي يتم فيها الفصل بين الإنتاج والدراما في تاريخ الجائزة.


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
TT

شاشة الناقد: ‫ THE CROW

من «جلال الدين» (مهرجان مينا).
من «جلال الدين» (مهرجان مينا).

هناك صنف من الأفلام العربية والغربية على حد سواء تتبنى الرغبة في تقديم موضوع بهدف أخلاقي وتعليمي أو إرشادي يتداول موضوع القيم المجتمعية والإنسانية والدينية على نحو إيجابي.

الرغبة تغلب القدرة على توفير فيلم بمعايير وعناصر فنية جيدة في أغلب الأحيان. يحدث هذا عندما لا يتوخى المخرج أكثر من تبني تلك الرغبة في حكاية توفر له تلك الأهداف المذكورة. لعله غير قادر على إيجاد عناصر فنية تدعم فكرته، أو لا يريد تفعيل أي وسيلة تعبير تتجاوز الحكاية التي يسردها.

هذا ما يحدث مع فيلم حسن بنجلون «جلال الدين»، فهو، في غمرة حديثه، يستند إلى الظاهر والتقليدي في سرد حكاية رجل ماتت زوجته بعد معاناة، فانقلب حاله من رجل يشرب ويعاشر النساء ويلعب القمار، إلى مُصلِح ورجل تقوى ودين.

يبدأ الفيلم برجل يدخل مسجداً وينهار مريضاً. لن يتجه الفيلم لشرح حالته البدنية، لكننا سنعلم أن الرجل فقد زوجته، وهو في حالة رثاء شديدة أثّرت عليه. ننتقل من هذا الوضع إلى بعض ذلك التاريخ وعلاقته مع زوجته الطيّبة وابنه الشاب الذي يبدو على مفترق طرق سيختار، تبعاً للقصّة، بعض التيه قبل أن يلتقي والده الذي بات الآن شيخاً.

في مقابلاته، ذكر المخرج بنجلون أن الفيلم دعوة للتسامح وإبراز القيم الأخلاقية والإنسانية. هذا موجود بالفعل في الفيلم، لكن ليس هناك جودة في أي عمل لمجرد نيّته ورسالته. هاتان عليهما أن تتمتعا بما يتجاوز مجرد السرد وإبداء النصيحة وإيجابيات التطوّر من الخطأ إلى الصواب. في «جلال الدين» معرفة بكيفية سرد الحكاية، مع مشاهد استرجاعية تبدو قلقة لكنها تؤدي الغرض منها. لكن ليس هناك أي جهد إضافي لشحن ما نراه بمزايا فنية بارزة. حتى التمثيل الجيد توظيفياً من ياسين أحجام في دور جلال الدين له حدود في رفع درجة الاهتمام بالعمل ككل.

«الغراب» (ليونزغايت)

فيلم حسن بنجلون السابق لهذه المحاولة: «من أجل القضية»، حوى أفكاراً أفضل في سبيل سرد وضع إنساني أعلى ببعض الدرجات من هذا الفيلم الجديد. حكاية الشاب الفلسطيني الذي لا يجد وطناً، والصحافية اليهودية التي تتعاطف معه، لم تُرضِ كثيراً من النقاد (على عكس هذا الفيلم الجديد الذي تناقل ناقدوه أفكاره أكثر مما بحثوا في معطياته الأخرى) لكنه كان أكثر تماسكاً كحكاية وأكثر إلحاحاً. بدوره لم يحمل تطوّراً كبيراً في مهنة المخرج التي تعود إلى سنوات عديدة، لكنها كانت محاولة محترمة لمخرج أراد المزج ما بين القضية الماثلة (بطل الفيلم عالق على الحدود بين الجزائر والمغرب) وتلك الدعوى للتسامح التي يطلقها الفيلم الجديد أيضاً.

• فاز بالجائزة الأولى في مهرجان مينا - هولاندا.

‫ THE CROW

ضعيف

أكشن عنيف لغراب يحمل قضية بلا هدف

بعد ساعة وربع الساعة من بداية الفيلم يتحوّل إريك (بل سكارغارد) إلى غراب... ليس غراباً بالشكل، بل - ربما، فقط ربما - روحياً. أو ربما تحوّل إلى واحدة من تلك الشخصيات العديدة التي مرّت في سماء السينما حيث على الرجل قتل مَن استطاع من الرجال (وبعض النساء) لمجرد أنه يريد الانتقام لمقتل شيلي (ف. ك. أ. تويغز)، الفتاة التي أحب، والتي قتلوها. لم يقتلوها وحدها، بل قتلوه هو أيضاً، لكنه استيقظ حياً في أرض الغربان وأصبح... آسف للتكرار... غراباً.

يستوحي الفيلم الذي أخرجه روبرت ساندرز حكايته من تلك التي وضعها جيمس أو بار الذي وُلد، كبطل شخصيّته، يتيماً وماتت صديقته في حادثة سيارة. لكن لا الحكاية الأولى (من سلسلة «الكوميكس» بالعنوان ذاته) مُعبّر عنه في هذا الفيلم ولا يستوحي المخرج ساندرز من أفلام سابقة (أهمها فيلم بالعنوان ذاته حققه سنة 1994 أليكس بروياس بفاعلية أفضل). كذلك هناك إيحاء شديد بأن شخصية كرو مرسومة، بصرياً، لتشابه شخصية جوكر في فيلم تود فيلبس الشهير، كما قام به يواكيم فينكس.

في الـ75 دقيقة الأولى تأسيس للشخصيات. إريك صغيراً شهد مقتل حصانه المفضل. بعد 3 دقائق هو شاب في مصحة ما تريد تهيئة مَن فيها لحياة أفضل، لكنه يفضل الهرب مع شيلي التي كانت هربت من الموت على يدي أحد رجال الشرير ڤنسنت (الممثل داني هيوستن الوحيد الذي يعرف ما يقوم به). كانت شيلي تسلمت على هاتفها مشاهد لعصبة ڤنسنت، لذلك لوحقت وقُتلت. لكن عصبة كهذه يقودها رجل لا يموت (حسب الفيلم) لِمَ عليها أن تخشى صوراً على الهاتف؟ ليس أن الفيلم يحتاج إلى مبرر واقعي، بل يفتقر إلى تبرير حتى على هذا المستوى.

مشاهد الأوبرا التي تقع في خلفية الفصل الذي سيقوم فيه إريك بقتل أكثر من 30 شريراً من أزلام الرئيس، ويتلقى أكثر من ضعف ذلك العدد من الرصاصات التي لا تقتله (لأنه ميت - حي ومن نوع نادر من الغربان التي لا تموت) قُصد بها التزاوج بين مقطوعة فنية ومقطوعة من العنف المبرح. لكن كلا الجانبين يتداخل مع الآخر من دون أثر يُذكر.