اتساع المظاهرات من سوق طهران إلى محيط البرلمان

المحتجون هتفوا ضد تدهور الوضع الاقتصادي وسياسات النظام الإقليمية... والشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم

إيرانيون يهتفون ضد سوء الأوضاع الاقتصادية أثناء الاحتجاجات قبالة سوق الذهب والمجوهرات في بازار طهران القديم أمس (أ.ب)
إيرانيون يهتفون ضد سوء الأوضاع الاقتصادية أثناء الاحتجاجات قبالة سوق الذهب والمجوهرات في بازار طهران القديم أمس (أ.ب)
TT

اتساع المظاهرات من سوق طهران إلى محيط البرلمان

إيرانيون يهتفون ضد سوء الأوضاع الاقتصادية أثناء الاحتجاجات قبالة سوق الذهب والمجوهرات في بازار طهران القديم أمس (أ.ب)
إيرانيون يهتفون ضد سوء الأوضاع الاقتصادية أثناء الاحتجاجات قبالة سوق الذهب والمجوهرات في بازار طهران القديم أمس (أ.ب)

اتسع نطاق الاحتجاجات ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية، في «بازار» طهران أمس لليوم الثاني على التوالي، على خلفية احتجاجات اندلعت أول من أمس غضبا من ارتفاع سعر الدولار إلى مستويات قياسية، وأعلن عدد من التجار والباعة في أسواق طهران إغلاق أبواب المحلات احتجاجا على تذبذب الأسعار، قبل أن تتشكل موجات احتجاجية عفوية شقت طريقها من مختلف مناطق وسط طهران إلى محيط البرلمان الإيراني للتنديد بالوضع الاقتصادي، وهو ما أدى إلى مناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن في ميدان بهارستان.
وتباينت تقارير وسائل الإعلام الرسمية مع عشرات المقاطع التي تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي عبر نشطاء من داخل طهران، وبينما دفعت رواية وسائل الإعلام الحكومية باتجاه تمييز المتظاهرين بين تجار يرفعون مطالب اقتصادية محقة و«مجهولين حاولوا تحريف مسار المظاهرات»، أظهرت مقاطع الناشطين موجات بشرية تردد هتافات بصوت واحد تطالب قوات الأمن بتوفير الأمان للمتظاهرين والسماح بإقامة الاحتجاجات وذلك على الرغم من تأكيد الجانبين على سلمية الاحتجاجات.
وأظهرت المقاطع المتوفرة أن نواة الاحتجاجات بدأت بالإضرابات بين أسوار «بازار» طهران القديم منذ أول ساعات الصباح، قبل أن يشكل التجار والباعة إضافة إلى مواطنين غاضبين موجات بشرية شقت طريقها من الأسواق المركزية في وسط العاصمة الإيرانية باتجاه مقر البرلمان الإيراني في ميدان بهارستان.
وبحسب التقارير، شهدت مدن أخرى بالقرب من طهران، مثل شهريار وكرج، إضرابات مشابهة، كما تداول ناشطون حول حراك متزامن في أسواق مدينة مشهد في شمال شرقي البلاد وجزيرة قشم وبندر عباس وعبادان والأحواز في جنوب البلاد.
واتهمت وكالة «إيلنا» أطرافا بالسعي وراء إثارة التوتر على أثر إغلاق سوق طهران. وتابع تقرير الوكالة المقربة من الإصلاحيين أن «تعطل الأسواق كان دائما لإعلان موقف النقابات تجاه القضايا الاقتصادية مثل الضرائب والركود، وقلما تشهد شعارات سياسية».
وأبلغ متعاملون في «البازار»، التي أيد تجارها الثورة الإسلامية في إيران في 1979، وكالة «رويترز» بالهاتف أن معظم المحال التجارية ما زالت مغلقة.
ونقلت الوكالة عن تاجر في البازار طلب عدم نشر اسمه: «نحن جميعا غاضبون من الوضع الاقتصادي. لا يمكننا أن نواصل أعمالنا بهذا الشكل. لكننا لسنا ضد النظام».
وذكرت الوكالة أن بعض أصحاب المحلات في سوق طهران أغلقوا أبواب المحلات التجارية احتجاجا على غلاء الدولار وتراجع المبيعات، وقالت في تقريرها الرئيسي إن «بعض الأشخاص حاولوا إثارة التوتر في سوق طهران بهدف إغلاق المحلات التجارية احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وسببوا مشكلات للناس العاديين».
وذكرت تقارير وسائل إعلام رسمية أن 8 أسواق في سوق طهران الكبير أغلقت أبوابها «حفاظا على الأموال والأرواح».
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن شرطة مكافحة الشغب استخدمت عند الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر (11.00 ت.غ) الغاز المسيل للدموع عند تقاطع «الفردوسي» وشارع «جمهوري»، في وسط طهران، ضد عشرات من الشبان الذين كانوا يرمون حجارة ومقذوفات في اتجاه عناصر الشرطة. وتفرق المحتجون الذين كانوا يهتفون: «ادعمونا أيها الإيرانيون» عندما بدأ عناصر الشرطة الاقتراب منهم.
وأفادت وكالة «رويترز» نقلا عن شهود، بأن دوريات للشرطة جابت البازار الكبير في طهران أمس في الوقت الذي واجهت فيه قوات الأمن صعوبة في إعادة الأمور إلى طبيعتها بعد اشتباكات مع محتجين أغضبهم انهيار الريال، الذي يعطل قطاع الأعمال من خلال زيادة تكلفة الواردات.
وكانت الدعوات للإضرابات بدأت بسوق طهران للإلكترونيات في شارع «جمهوري».
ونقلت عدسات المواطنين الإيرانيين تفاصيل التطورات إلى مختلف مناطق إيران والعالم. أول مقاطع تم تداولها أظهرت شعارات اقتصادية تندد بارتفاع سعر الدولار وعجز السياسات الاقتصادية الحكومية عن تحسين معيشة الإيرانيين، لكن مع مرور الوقت وابتعاد حشود المتظاهرين عن مناطق الانطلاق باتجاه البرلمان، أظهرت المقاطع أن الشعارات اتخذت ألوانا أكثر سياسية تندد بإنفاق طهران على تدخلاتها الإقليمية وتجاهل أوضاع المواطن الإيراني، فضلا عن شعارات «الموت للديكتاتور» وأخرى تشكك بأهلية المرشد الإيراني علي خامنئي وقدرة البرلمان الإيراني على إدارة شؤون البلاد.
وتشهد إيران منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي احتجاجات متصاعدة ضد تدهور الوضع المعيشي وتنحو إلى مسارات أكثر تحديا للسلطات بعدما جرب الإيرانيون عددا كبيرا من الاحتجاجات خلال العام الماضي ضد تدهور الأوضاع المعيشية والمشكلات البيئية، وهو ما أجمع مراقبون على أنه شكل مفارقة على مدى 39 عاما من عمر النظام الإيراني.
قبل أشهر قليلة كانت السلطات قد نجحت في احتواء الاحتجاجات ضد غلاء الأسعار قبل أن تلجأ قوات الأمن إلى العنف في تفريق احتجاجات جماعة «غناباد الصوفية» في فبراير (شباط) الماضي، بمنطقة باسداران شمال طهران، وهو ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الجماعة وقوات الأمن، وانتهت باعتقال المئات منهم.
في الأثناء، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه عن اجتماع صباح اليوم بين نواب البرلمان ومسؤولين حكوميين في الأجهزة المعنية لبحث الوضع الاقتصادي ومخاوف الإيرانيين، وفقا لوكالة «إيسنا» الحكومية.
وشدد فلاحت بيشه على أهمية تنفيذ الاتفاق النووي في ظل الظروف الراهنة وقال: «الأبعاد الاقتصادية الداخلية المتأثرة بالاتفاق النووي؛ نظرا لهواجس الناس والقضايا الدولية التي لها ظروفها الخاصة، تتطلب النقاش».
وكانت تصريحات فلاحت بيشه أول تعليق يصدر من مسؤول في البرلمان الإيراني بعد ساعات من تجمهر المتظاهرين في محيط البرلمان.
وناقش البرلمان أول من أمس خلف الأبواب المغلقة أوضاع الاقتصاد الإيراني وموجة غلاء الأسعار الجديدة بحضور نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري ووزيري الصناعة والزراعة ورئيس البنك المركزي.
أما محافظ طهران فقد دعا إلى اجتماع طارئ لخلية الأزمة في العاصمة الإيرانية طهران لبحث الإضرابات وتجمهر المحتجين بالقرب من البرلمان الإيراني.
ونقلت «إيلنا» عن المساعد الأمني لمحافظ طهران محسن همداني نسج أن خلية الأزمة في طهران دعت إلى اجتماع طارئ لبحث أوضاع السوق في طهران.
وقال عبد الله اسفندياري، رئيس مجلس أمناء سوق طهران، في أول تعليق على الأوضاع الملتهبة في السوق، إنه «لم يتوقف نشاطه بصورة كاملة، لكن أجزاء كبيرة أغلقت الأبواب».
وصرح اسفندياري لوكالة «إيسنا» الطلابية بأن «مطالب تجار السوق شرعية، يريدون توضيح وضع سوق الصرف بشكل نهائي»، مضيفا: «نأمل في الالتفات إلى مشكلاتهم وأن تعود السوق غدا (اليوم الثلاثاء) إلى حركتها العادية». وأشار إلى أن التجار «يحتجون على سعر الصرف المرتفع... تقلب العملات الأجنبية (...)، وعرقلة البضائع في الجمارك، والافتقار إلى المعايير الواضحة للتخليص الجمركي، وحقيقة أنهم في ظل هذه الشروط، تجعلهم غير قادرين على اتخاذ قرارات أو بيع بضائعهم».
في سياق متصل، قال أمين عام نقابات «بازار طهران» أحمد كريمي أصفهاني لوكالة «إيسنا»: «كنا نتوقع الأوضاع الحالية للسوق، وحذرنا المسؤولين عدة مرات، وقلنا إنه لا يمكن السيطرة على السوق في ظل الأحوال الحالية».
من جانبه، قال المساعد الأمني والسياسي لقائمقام طهران عبد العظيم رضائي، أمس، إن السلطات «لم تعتقل أي شخص من المتجمهرين خلال الاحتجاجات»، مشددا على أن «التجمعات انتهت بشكل سلمي ومن دون مشكلات، ولم تسفر عن إصابة أي أحد».
وقال المسؤول الأمني الإيراني تعليقا على انتشار عدد كبير من قوات الأمن الإيرانية، إنه يأتي نتيجة «الحساسيات الموجودة لتوفير أمن المركز التجاري في محيط السوق، حتى لا يفتقر أصحاب المحلات للأمن ويغلقوا المحلات»؛ بحسب ما أوردت عنه وكالة «إيرنا» الرسمية.
وقال المسؤول الإيراني إن السلطات بحثت مطالب أصحاب المحلات والتجار مع رؤساء النقابات، مضيفا أن «مطالب الباعة اقتصادية، لكن عددا من الأشخاص أرادوا تغيير مسار الاحتجاجات من القضايا الاقتصادية، وهو ما تصدت له قوات الأمن».
وبحسب المسؤولين، فإن مطالب السوق في الاحتجاجات شملت مخاوف من تذبذبات سوق العملة وفقدان الأعمال.
وأجمعت وسائل الإعلام التابعة للحكومة و«الحرس الثوري» على أن الاحتجاجات «كانت مطالب نقابية واقتصادية، أدت إلى إغلاق جزئي للسوق وتجمهر عدد منهم أمام البرلمان».
وقالت وكالة «تسنيم»، التابعة لمخابرات «الحرس الثوري» الإيراني، في تقريرها الرئيسي عن احتجاجات سوق طهران إنها خرجت ضد السياسات الاقتصادية للحكومة الإيرانية.
وأوضحت الوكالة أن «المتظاهرين تفرقوا بإعلان احتجاجهم على الوضع الاقتصادي وقرارات المسؤولين عن الملف الاقتصادي في الإدارة الإيرانية»، ووصفت إغلاق سوق طهران بالخطوة الرمزية بهدف إيصال صوتهم إلى المسؤولين. كما وجهت تهما إلى «مجهولين ملثمين» بالسعي وراء اختراق صفوف المتظاهرين لإجبار التجار على إغلاق محلاتهم التجارية، وهو ما واجه مقاومة من قبل التجار أجبرتهم على مغادرة السوق؛ حسب زعم الوكالة.
وأشارت الوكالة إلى مناوشات بين المتظاهرين وقوات الأمن في شارع «جمهوري» ومنطقة «لاله زار» بالقرب من مقر البرلمان الإيراني، وقالت إن متظاهرين أشعلوا النيران في أكشاك الشرطة والممتلكات العامة.
ويتعرض الريال لضغوط شديدة من تهديد العقوبات الأميركية. وهوت العملة الإيرانية إلى 90 ألف ريال مقابل الدولار في السوق غير الرسمية أمس من 87 ألفا أول من أمس الأحد، ونحو 75500 يوم الخميس الماضي، بحسب موقع الصرف الأجنبي «بونباست دوت كوم»؛ وبحسب «رويترز».
وفي نهاية العام الماضي، بلغت العملة المحلية 42890 ريالا للدولار.
وفرضت إيران حظرا على استيراد أكثر من 1300 منتج في إطار إعداد اقتصادها لمقاومة عقوبات تهدد بها الولايات المتحدة، ووسط احتجاجات على هبوط عملتها إلى مستويات قياسية منخفضة.
في السياق نفسه، ذكرت صحيفة «فايننشيال تريبيون» الإيرانية أمس عن وثيقة رسمية أن وزير الصناعة والتجارة محمد شريعة مداري فرض حظر الاستيراد على 1339 سلعة يمكن إنتاجها داخل البلاد. كما ذكرت صحيفة «طهران تايمز» أن قائمة الواردات المحظورة تشمل الأجهزة المنزلية ومنتجات المنسوجات والأحذية ومنتجات الجلود والأثاث ومنتجات الرعاية الصحية وبعض الآلات.
وتأتي التطورات في طهران قبل بدء العقوبات الأميركية على إيران التي من المفترض أن تبدأ من جديد في أغسطس (آب) وفي نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي.
وقد يتسبب هذا في انخفاض إيرادات إيران من العملة الصعبة من صادرات النفط، وقد يؤدي ذلك إلى قيام الإيرانيين بتحويل مدخراتهم من الريال إلى الدولار.



تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
TT

تركيا: استضافة لافتة لرئيس وزراء كردستان ورئيس حزب «حراك الجيل الجديد»

إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً رئيس وزراء إقليم كردستاني العراق مسرور بارزاني (الرئاسة التركية)

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، بالتزامن مع مباحثات مع رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وجاءت زيارة بارزاني لأنقرة، الثلاثاء، بدعوة من إردوغان، في وقت يجري فيه التلويح بتحرك عسكري تركي لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وكذلك مع انطلاق عملية جديدة في تركيا تهدف إلى حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابية.

وفي هذه الأجواء، زار بارزاني أنقرة للمرة الثانية في أقل من 3 أشهر، حيث زارها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى إردوغان، قبل أيام قليلة من الانتخابات التشريعية في كردستان التي أجريت في الـ20 من الشهر ذاته.

جانب من لقاء إردوغان وبارزاني بحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الرئاسة التركية)

وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مباحثات مع بارزاني سبقت لقاءه مع إردوغان.

وبالتزامن مع مباحثات بارزاني مع إردوغان وفيدان، التقى نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، رئيس حزب «حراك الجيل الجديد»، شاسوار عبد الواحد، بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية، عبر حسابها في «إكس»، عن انعقاد اللقاء دون ذكر أي معلومات عما دار فيه.

نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ خلال استقباله رئيس حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد (الخارجية التركية)

ويتزعم عبد الواحد، وهو رجل أعمال من السليمانية، حزب «حراك الجيل الجديد»، أكبر أحزاب المعارضة في إقليم كردستان العراق، وحل الحزب في المركز الثالث بعد حزبي «الديمقراطي الكردستاني»، و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، وحصل على 15 مقعداً من أصل 100 في برلمان الإقليم.

موقف حكومة أربيل

وبحسب مصادر تركية، تناولت مباحثات إردوغان وبارزاني، التي حضرها فيدان أيضاً، العلاقات بين أنقرة وأربيل، والوضع في كردستان، والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي أجريت في أكتوبر الماضي، إلى جانب التعاون في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني.

وفقد الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، الأغلبية، التي كان يتمتع بها سابقاً، رغم حصوله على 39 مقعداً، فيما حصل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، برئاسة بافل طالباني، على 23 مقعداً.

ولم يتم تشكيل حكومة جديدة في كردستان، حتى الآن، ويواجه الحزبان صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية.

ويتطلب تشكيل الحكومة تنازلات متبادلة بين الأحزاب، في ظل سعي كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مباحثاته مع بارزاني (الخارجية التركية)

وتقول أنقرة، إن حزب «العمال الكردستاني» قاد حملة لدعم «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بقيادة بافل طالباني، في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقبلة.

كما تتهم طالباني، بدعم وجود «العمال الكردستاني» في محافظة السليمانية وفي سوريا، بعد توليه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وأغلقت في 3 أبريل (نيسان) 2023 مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى مطار «السليمانية»، متهمة حزب «العمال الكردستاني» باختراق المطار، وتهديد الأمن الجوي، بحسب ما ذكرت وزارة الخارجية التركية وقتها.

ومددت تركيا، الاثنين، حظر الرحلات الجوية من وإلى مطار السليمانية، للمرة الثالثة. وقال مدير المطار، هندرين هيوا، إن تركيا مددت حظر الرحلات الجوية لـ6 أشهر إضافية، قبل يوم من انتهاء الحظر.

وكان يعمل في السليمانية نحو 176 مكتباً سياحياً تعلن عن رحلات يومية إلى تركيا اضطر معظمها لتعليق عمله، بعد قرار الحظر التركي.

وبينما تشيد تركيا بموقف أربيل، تهدد بفرض مزيد من الإجراءات ضد السليمانية، إذا لم يوقف طالباني دعمه لـ«العمال الكردستاني».

وزيرا الدفاع العراقي والتركي يوقّعان مذكرة تفاهم لإنهاء خطر «العمال الكردستاني» (الخارجية التركية)

واتفقت أنقرة وبغداد على التنسيق ضد حزب «العمال الكردستاني»، عبر مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، وقعها وزير الدفاع التركي يشار غولر ونظيره العراقي ثابت العباسي، في ختام الاجتماع الرابع لآلية التعاون الأمني رفيع المستوى بين البلدين، عُدّت جزءاً من استكمال التفاهمات التركية - العراقية بشأن تثبيت الأمن على الحدود بين البلدين، والتعاون في تحييد حزب «العمال الكردستاني» ومقاتليه.

موقف ضد «العمال الكردستاني»

وأعلنت بغداد «العمال الكردستاني» «تنظيماً محظوراً»، بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لبغداد وأربيل في أبريل (نسيان) الماضي، إلا أن تركيا لا تزال تنتظر من بغداد إعلانه «منظمة إرهابية»، كما هو الحال في تركيا والاتحاد الأوروبي وأميركا.

وعشية زيارة بارزاني لأنقرة، هدد إردوغان بدفن المسلحين الأكراد بأسلحتهم إن لم يقوموا هم بدفن هذه الأسلحة، ملوحاً بعملية عسكرية تركية خارج الحدود، إذا كان هناك تهديد لحدود تركيا. وقال إن على جميع الأطراف أن تجري حساباتها على هذا الأساس.

كما انتقد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي حضر لقاء إردوغان وبارزاني، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي عقب مباحثاتهما في أنقرة، الاثنين، السماح بوجود عناصر حزب «العمال الكردستاني» في سنجار، قائلاً إنه ربما يتغير الوضع قريباً.

حوار مع أوجلان

وجاءت زيارة بارزاني في أجواء عملية جديدة بمبادرة من رئيس حزب «الحركة القومية»، حليف حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، دولت بهشلي، تضمنت دعوة زعيم «العمال الكردستاني»، السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، للحديث في البرلمان وإعلان حل الحزب، والتخلي عن أسلحته، وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه، مبرراً ذلك بالتطورات في المنطقة.

وأيد إردوغان دعوة حليفه، لكنه تجنب تماماً الإشارة إلى إمكانية إطلاق سراح أوجلان، الذي سمح لوفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد في تركيا، بلقائه في سجنه في جزيرة إيمرالي ببحر مرمرة غرب البلاد، واختتم «وفد إيمرالي»، الذي يضم كلاً من نائبي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» سري ثريا أوندر، وبروين بولدان، والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الثلاثاء، جولة على الأحزاب السياسية، عقب اللقاء الذي تم مع أوجلان في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للتباحث حول ما جاء، والتصور المروح لحل المشكلة الكردية في تركيا، وإنهاء الإرهاب وحل حزب «العمال الكردستاني».

جانب من لقاء رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزال مع وفد إيمرالي (موقع الحزب)

وبدأت الجولة بلقاء رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، الخميس الماضي، ثم لقاءات مع رئيسي حزبي «المستقبل» أحمد داود أوغلو، و«السعادة» محمود أريكان، ورئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم عبد الله غولر، وعدد من نواب رئيس الحزب، الاثنين، ثم لقاء رؤساء أحزاب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، أوزغور أوزال، و«الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان، الثلاثاء.

واستثني من اللقاءات حزب «الجيد» القومي، الذي رفض أي مفاوضات مع أوجلان.

ورحبت الأحزاب التركية بالعملية الجديدة، مشترطة أن تتسم بالشفافية، وأن تجرى من خلال البرلمان، وأن تحظى بأكبر مشاركة مجتمعية في كل مراحلها.

وشهدت تركيا في الفترة بين عامي 2013 و2015 عملية مماثلة استهدفت حل المشكلة الكردية، حظيت بدعم من مسعود بارزاني، الذي زار مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، بصحبة إردوغان الذي كان رئيساً للوزراء في 2013، قبل أن يعلن إردوغان نفسه في 2015 عدم الاعتراف بعملية الحل، قائلاً إنه لا يوجد مشكلة كردية في تركيا.