واشنطن وبكين تستأنفان الحرب التجارية

سفينة حاويات في ميناء بولاية جورجيا الأميركية (أ.ب)
سفينة حاويات في ميناء بولاية جورجيا الأميركية (أ.ب)
TT

واشنطن وبكين تستأنفان الحرب التجارية

سفينة حاويات في ميناء بولاية جورجيا الأميركية (أ.ب)
سفينة حاويات في ميناء بولاية جورجيا الأميركية (أ.ب)

استأنفت الولايات المتحدة والصين مواجهتهما التجارية مع تبادلهما الإعلان عن فرض رسوم جمركية تبلغ نسبتها 25 في المائة على واردات بقيمة 50 مليار دولار، مما يقوض «التوافق» الذي تم التوصل إليه قبل أقل من شهر.
وستفرض الرسوم الأميركية الجديدة هذه المرة بسبب سرقة الملكية الفكرية والتكنولوجيا الأميركية، على بضائع «تحوي تقنيات عالية جدا على الصعيد الصناعي»، لكنها تستثني منتجات تلقى شعبية مثل الهواتف الجوالة وأجهزة التلفزيون.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس إن «علاقتي الرائعة مع الرئيس الصيني شي (جينبينغ) وعلاقة بلدي مع الصين مهمتان بالنسبة لي. لكن التجارة بين أمتينا جائرة جدا منذ فترة طويلة»، منهيا بذلك الهدنة التي أعلنت في 19 مايو (أيار) الماضي.
وردت الصين على الفور بإجراءات مماثلة. وقالت وزارة التجارة: «سنتخذ على الفور إجراءات في مجال الرسوم الجمركية بالقيمة نفسها».
وفي التفاصيل، أعلن الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر أن الرسوم ستطبق على سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار بدءا من 6 يوليو (تموز) المقبل، موضحا أن ذلك سيشمل 818 منتجا.
وأضاف أن «الدفعة الثانية» التي تتمثل في بضائع بقيمة 16 مليار دولار «ستخضع لدراسة إضافية» تشمل مشاورات واستشارات حكومية.
وذكرت بكين أن منتجات أميركية بقيمة 34 مليار دولار ستخضع للرسوم بدءا من 6 يوليو المقبل أيضا، وأوضحت أن هذه السلع منتجات زراعية وسيارات ومنتجات بحرية.
ولم يكن إعلان واشنطن مفاجئا؛ إذ إن البيت الأبيض صرح في نهاية مايو الماضي بأنه ما زال يعد إجراءات عقابية ضد الصين، على الرغم من «التوافق» الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة في بكين أولاً ثم في واشنطن.
وقد حدد 15 يونيو (حزيران) الحالي موعدا لإعلان هذه الإجراءات العقابية. وأعلنت بكين أول من أمس أنها ستعد هذه الاتفاقات غير صالحة.
وتحيي الرسوم الجديدة المخاوف من حرب تجارية يمكن أن تضر بالنمو الاقتصادي للعالم بأسره.
وما يعزز هذه المخاوف أن إدارة ترمب فتحت جبهات أخرى ضد الاتحاد الأوروبي وشريكتيها في «اتفاق التبادل الحر» لأميركا الشمالية، كندا والمكسيك. وكان الحلفاء والشركاء التجاريون لواشنطن أعلنوا عن إجراءات عقابية وشكاوى في منظمة التجارة العالمية بعد فرضها رسوما على وارداتها من الفولاذ والألمنيوم منهم.
وقال البيت الأبيض في بيان إن ترمب، وفي اتصال هاتفي أول من أمس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعا «الاتحاد الأوروبي إلى بدء مفاوضات لخفض الحواجز التجارية».
وذكرت وزارة التجارة الصينية أن «الصين لا ترغب في حرب تجارية بالتأكيد، لكنها مضطرة، بسبب سلوك الولايات المتحدة الخبيث والمضر والذي ينم عن قصر نظر، لفرض إجراءات مضادة شديدة وللدفاع بتصميم عن مصالحها القومية».
وفي الولايات المتحدة، عبر النائب الجمهوري كيفن برادي الذي يرأس واحدة من أقوى اللجان البرلمانية في الكونغرس، عن «قلقه» من التأثير السلبي للإجراءات على «الصناعيين والمزارعين والعاملين والمستهلكين الأميركيين».
من جهته، حذر توماس دوناهو، رئيس غرفة التجارة الأميركية التي تضم أرباب عمل وتتمتع بنفوذ كبير، من الخسارة المحتملة لمئات الآلاف من الوظائف.
وذكرت «مجموعة بوينغ» التي قد تصبح هدفا مهماً في حرب تجارية، لوكالة الصحافة الفرنسية أنها تجري تقييما للأضرار المحتملة بعد هذا التصعيد الجديد.
ويأتي هذا التوتر بعد أسبوع على إعلان وزارة التجارة الأميركية أن واشنطن وبكين توصلتا إلى اتفاق لتخفيف العقوبات التي وضعت مجموعة الاتصالات الصينية العملاقة «زد تي إيه» على شفير الانهيار.
وأثار هذا التبدل في موقف الإدارة الأميركية استياء الجمهوريين في الكونغرس الذين عبروا عن أسفهم لأن البيت الأبيض يهاجم حلفاءه بدلا من استهداف الصين.
ويرى خبراء أن البيت الأبيض يسعى إلى أهداف متناقضة بما أنه يسعى في وقت واحد إلى اتفاق مع كوريا الشمالية بدعم من بكين، وإلى تنازلات اقتصادية صينية لخفض العجز التجاري.
وهذه التطورات أثرت سلبا على بورصة نيويورك التي أغلقت على انخفاض في آخر تعاملات الأسبوع أول من أمس.w


مقالات ذات صلة

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

الاقتصاد نائبة البرلمان الفرنسي أميليا لكرافي (الشرق الأوسط)

نائبة بالبرلمان الفرنسي: نتطلع لتعاون مستدام مع السعودية في ظل «رؤية 2030»

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن إطار «رؤية 2030»، تتجه الأنظار نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وفرنسا.

أسماء الغابري (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)
مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)
TT

«بنك إسرائيل» يُبقي الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة وسط حالة عدم يقين اقتصادي

مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)
مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

أبقى «بنك إسرائيل» أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الثامن على التوالي يوم الاثنين، بعد أن شهد التضخم تراجعاً طفيفاً، لكن حالة عدم اليقين الاقتصادي استمرت بسبب الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة.

وكان «البنك المركزي الإسرائيلي» قد عبّر عن قلقه إزاء المخاطر المتزايدة التي يتحملها المستثمرون في إسرائيل، والتي شهدت انخفاضاً ملحوظاً بعد الارتفاع الحاد الذي سُجل عقب اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقرّر البنك إبقاء سعر الفائدة القياسي عند 4.50 في المائة، وفق «رويترز».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بعد تراجع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي في ظل تداعيات الحرب. ومع ذلك، حافظ البنك على سياسة الفائدة المستقرة في الاجتماعات التالية في فبراير (شباط)، وأبريل (نيسان)، ومايو (أيار)، ويوليو (تموز)، وأغسطس (آب)، وأكتوبر، ونوفمبر (تشرين الثاني).

وقد توقّع 12 من أصل 13 محللاً استطلعت «رويترز» آراءهم عدم رفع أسعار الفائدة في هذا الاجتماع، بينما توقّع أحدهم خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية.

وفي نوفمبر، انخفض التضخم السنوي في إسرائيل إلى أدنى مستوى له في أربعة أشهر، مسجلاً 3.4 في المائة، رغم أنه بقي أعلى من النطاق المستهدف للحكومة الذي يتراوح بين 1 في المائة و3 في المائة.

وأشارت توقعات موظفي «بنك إسرائيل» إلى أن العجز في الموازنة سيصل إلى 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، على أن يستمر في الانخفاض إلى 4.7 في المائة في 2025، و3.2 في المائة في 2026. أما التضخم، فمن المتوقع أن يصل إلى 2.6 في المائة في 2025، بانخفاض عن التوقعات السابقة التي كانت 2.8 في المائة، في حين سيظل سعر الفائدة القياسي في نطاق 4 في المائة إلى 4.25 في المائة في الربع الرابع من عام 2025.

وفيما يتعلق بالاقتصاد الإسرائيلي، كشفت توقعات موظفي «بنك إسرائيل» أن النمو الاقتصادي سيصل إلى 4 في المائة في 2025، بزيادة طفيفة عن التوقعات السابقة التي كانت 3.8 في المائة. كما توقّع البنك أن يحقق الاقتصاد الإسرائيلي نمواً بنسبة 0.6 في المائة في 2024، متجاوزاً التوقعات السابقة التي كانت 0.5 في المائة.

وقال البنك في بيانه: «في ضوء التطورات الجيوسياسية، يستمر التعافي في النشاط الاقتصادي بوتيرة معتدلة، بينما تواصل قيود العرض في بعض الصناعات إعاقة تضييق الفجوة بين الناتج المحلي الإجمالي الفعلي ومستواه المتوقع وفقاً للاتجاهات طويلة الأجل».

وأضاف: «من المتوقع أن تؤدي التعديلات الضريبية، لا سيما الزيادة في ضريبة القيمة المضافة، إلى جانب استمرار قيود العرض وارتفاع الطلب، إلى زيادة التضخم في النصف الأول من العام، بينما من المرجح أن يتباطأ التضخم ليصل إلى النطاق المستهدف في النصف الثاني من العام».

وأشار البنك إلى أن علاوة المخاطر في البلاد تراجعت بشكل ملحوظ، كما يتضح من مقايضات مخاطر الائتمان لمدة خمس سنوات، والفارق بين سندات الحكومة المقومة بالدولار والعائد على سندات الشيقل، رغم أن هذا المستوى لا يزال مرتفعاً نسبياً مقارنة بفترة ما قبل الحرب.

وأوضح البنك أن النشاط في قطاع البناء لا يزال دون مستوياته قبل الحرب، متأثراً بشكل رئيس بالقيود المستمرة على القوى العاملة، والتي لا تزال تمثل تحدياً كبيراً. وفي ظل استمرار الحرب، تركز سياسة اللجنة النقدية على ضمان استقرار الأسواق والحد من حالة عدم اليقين، إلى جانب استقرار الأسعار ودعم النشاط الاقتصادي. وسيتم تحديد مسار أسعار الفائدة بناءً على تقارب التضخم مع الهدف المحدد، واستمرار استقرار الأسواق المالية، والنشاط الاقتصادي، والتوجهات في السياسة المالية.