«بالحجم العائلي»... يحيى الفخراني وحده لا يكفي

سيناريو غير محكم وقع في فخ الموقع الواحد والحبكات الثانوية

يحيى الفخراني وميرفت أمين في مشهد من «بالحجم العائلي»
يحيى الفخراني وميرفت أمين في مشهد من «بالحجم العائلي»
TT

«بالحجم العائلي»... يحيى الفخراني وحده لا يكفي

يحيى الفخراني وميرفت أمين في مشهد من «بالحجم العائلي»
يحيى الفخراني وميرفت أمين في مشهد من «بالحجم العائلي»

بمجرد أن يرتبط اسم عمل فني باسم الفنان القدير يحيي الفخراني، فإن هذا العمل يعطي ضمانة تلقائية على جودة العمل وعلى متعة المشاهدة، لكن تصدي مسلسل «بالحجم العائلي» الذي يلعب فيه الفخراني دور البطولة والشخصية المحورية المحركة للأحداث، لقضايا الطبقة العليا من المجتمع المصري صدم الجمهور، فضلاً عن ضعف الحبكة الدرامية للعمل وهو ما لم يكن متوقعاً من قبل الجمهور الذي اعتاد على ثقل أعمال الفخراني الدرامية.
تدور الأحداث حول «نادر التركي» وهو رجل مسنّ كان يعمل سفيراً سابقاً، وبعد أن ترك عمله بالسلك الدبلوماسي، قرر أن يتفرغ لهوايته المفضلة وهي الطهي، فأسس منتجعاً سياحياً في مدينة مرسى علم على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي خلق بينه وبين أسرته جفاء وتباعداً كبيراً بينه وبين زوجته الفنانة ميرفت أمين التي تلعب دور (ثريا) وأبنائه اﻷربعة.
يحاول نادر التركي لمّ شمل أسرته بدعوتهم لقضاء عطلة بمناسبة رأس السنة الجديدة، وهو المحرِّك السردي الرئيسي للعمل هنا، ويواجه البطل عدداً من العقبات والصراع لتحقيق هدفه ولكن شيئاً فشيئاً تزداد الأمور تعقيداً أمام البطل بسبب المشكلات التي يقع فيها أبناؤه. وقد كشف لنا مؤلف العمل كل القصة في الحلقة الأولى.
اعتمد المسلسل على موقع المنتجع بمرسى علم، وهو الأمر الذي جذب قدراً كبيراً من المشاهدين ملبياً رغبتهم في الهروب من الأحداث العنيفة في كثير من دراما هذا العام، لكن الاعتماد على فكرة الموقع الواحد كمحور للأحداث إلى جانب تعدد الشخصيات الثانوية جعلت من العمل مجرد سلسلة من الحبكات الثانوية المتتالية، بعكس ما كان متوقعاً من العمل الذي كتبه السيناريست محمد رجاء.
ورغم أن السيناريست أراد أن يكون العمل كوميديّاً اجتماعيّاً وحاول توظيف كوميديا الموقف لوضع العمل في قالب «كوميدي»، لكن جاء كل الاعتماد على الضحكة الشهيرة للفخراني التي أصبحت هي العامل الرئيسي لرسم البسمة على وجوه الجماهير، وربما لو تم اختيار فريق عمل آخر من الممثلين الكوميديين، لكان ذلك أفضل للعمل وللجمهور. ناهيك بالسعادة المطلقة التي أضفاها المؤلف على بطله؛ فهو يضحك ويقهقه طوال الوقت غير عابئ أصلاً بأسرته.
لا جدال أن السيناريست نجح في خلق الفكرة الرئيسية للعمل ورسالته وهي أهمية الأسرة وأنه لا سعادة دونها، إلا أن العقبات التي كان يواجهها البطل «الفخراني» كانت متقاربة أكثر مما ينبغي مما خلق حالة من الإرهاق لدى المشاهد فضلاً عن الكثير من المشاهد الثانوية المقحمة التي لم تضف قيمة للعمل، إضافة إلى تتبع الكاميرا لفترات طويلة لتحركات الفخراني وأبطال العمل من وإلى مباني المنتجع وحجراته وأروقته.
وهناك تضامن من السيناريست مع البطل السفير السابق على الرغم من أن سمات الشخصية وسلوكياتها تؤكد أنه يتسم بالأنانية فبدلاً من أن يمضي فترة التقاعد بجوار أسرته، قرر الابتعاد عنها، وعلى الرغم من ذلك يقدمه العمل كأنه مثالي، وأنه مَن يحاول لم الشمل وإصلاح أحوال أسرته رغم أن كل ذلك نتاج إهماله لأسرته واهتمامه بعمله كأولوية قصوى.
ومع ذلك ينتظر الجمهور هل سيحقق نادر التركي هدفه ويجتمع شمل أسرته أم لا وهو المنتظر في الحلقة الأخيرة.
يقدم العمل مشكلات الطبقة الراقية في المجتمع المصري، لكن الغريب أنه لخص المشكلات في تعلق الشباب بسيدات يكبرنهم في السن ويحاول الفخراني بطل العمل نهر أبنائه عن تلك العلاقات. ففي منتصف حلقات العمل ينغمس نجل الفخراني عمرو صالح (إيهاب) في علاقته مع كارولين خليل (سلوى) التي تكبره في العمر رغم أنه متزوج، أما ديانا هشام (رانيا)، فقد تقاربت مع أحمد مجدي (ابن عمها فادى) في ظل وجود خطيبها عادل، أما يسرا اللوزي «هدى» فقد دخلت في مشادّة مع زوجها علاء بسبب تناوله الخمور أمام الصغار، أما عمر حسن يوسف (مراد) نجل الفخراني فنكتشف أنه على علاقة بصديقة والدته التي تلعب دورها الفنانة سلوى محمد على، ونجده أيضاً بعدها يتركها ويرتبط بسيدة أكبر منه أيضاً هي الفنانة مها أبو عوف.
كما أننا نجد الفخراني (نادر التركي) يطلب الزواج من مدربة الزومبا (رشا) التي تلعب دورها الفنانة الموهوبة ندى موسى، ليحيد عن الهدف الرئيسي للمسلسل أو الهدف المرسوم للشخصية!
يحيى الفخراني أكد في تصريحات صحافية أنه ينتظر رد فعل الجمهور بعد انتهاء عرض المسلسل، قائلاً: «أنا دائماً أنتظر رد فعل الجمهور مع آخر مشهد، حيث تكون الرؤية كاملة أمام المتلقي وأنا متفائل لأنني بذلت وزملائي جهداً كبيراً في التصوير». وأشار إلى أن المشاهد التي تجمعه مع أحفاده كانت من أصعب المشاهد التصويرية للمسلسل، لأنه من الصعب السيطرة على ردود فعل الأطفال الصغار، ما أدى إلى تكرار تلك المشاهد في أماكن تصوير مفتوحة وأخرى مغلقة.
الفنانة الكبيرة ميرفت أمين كانت موفَّقة في اختيار ملابس الشخصية، وحرصت أن يُكتب ذلك على شارة المسلسل، فقد بدت سيدة أرستقراطية تنتقي ملابسها وكل قطعة حلي وإكسسوار بعناية تامة، لكنها لم تتمكن من الإمساك بسمات الشخصية بقوة؛ شعرنا بأنها كانت تغيب عنها وتخرج من إطارها لتتحول لشخصية أخرى أقل أرستقراطية في التعامل مع مشكلات أبنائها وصديقاتها. انفعالاتها لم تكن محسوبة بدقة كما عوَّدَت جمهورها.
فريق العمل وأداؤهم كان باهتاً مقارنة بأداء يحيي الفخراني السهل الممتنع والممتع في آن واحد، وهو الذي يغطي على نواقص العمل كثيراً، ولكن لا يغفر ذلك للمسلسل. فقد جاء أيضاً أداء الفنان الشاب أحمد مجدي مخيباً للآمال بعد دوره العام الماضي في مسلسل «لأعلى سعر»، و أيضاً خفت أداء يسرا اللوزي عن مسلسل «آدم وجميلة»، ربما ما يمكن الإشادة به في هذا العمل هو تسليطه الضوء على مشكلات واقعية يمر بها المجتمع المصري وحالة التفسخ الشديدة فيه، لا سيما مع انفصال آلاف الأسر يوميا وارتفاع معدلات الطلاق، وهو ما تطرق له المؤلف بذكاء يُحسَب له.
عدد كبير من النقاد أبدوا سعادتهم ورضاهم عن مستوى المسلسل، لكون بطله الفخراني بتاريخه الكبير، واعتبروه من أفضل المسلسلات الكوميدية لهذا العام، منهم الناقدة ماجدة موريس فيما انتقد آخرون كون القصة تتطابق مع قصة مسلسل «صاحب السعادة» التي قدمها العام الماضي الفنان عادل إمام مع الفنانة لبلبة. فيما نجد أن الناقدة ماجدة خير الله قد علقت على حسابها عبر «فيسبوك» قائلة: «(بالحجم العائلي)... معالجة عصرية للملك لير، مضاف لها خطوط ومواقف من الفيلم الإيطالي (كلهم بخير)، مع تفاصيل من هنا وهناك، لكن وجود يحيى الفخراني أضاف لتلك الخلطة خصوصيتها وتألقها وحيويتها، مشاهده بعد اكتشاف خداع أبنائه له، وعدم الامتنان لعطائه المتصل كانت شيئاً رائعاً، لأنه اكتفى بمرارة الصمت والحسرة، ولكنه رغم ذلك ابتسم وتحامل على أوجاع نفسه حتى يضيف بعض البهجة لصديقته الشابة (رشا)، أو ندى موسي التي تحتمي به كلما ضاقت بها الدنيا».


مقالات ذات صلة

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت الفنانة المصرية سهر الصايغ إنها تشارك في مسلسل «أسود باهت» بدور «شغف» التي تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي.

مصطفى ياسين (القاهرة )
يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».