سنة على «خفض التصعيد» في إدلب: 1100 قتيل و6 مجازر

مقاتلون هجروا من داريا يتبنون هجوماً على الفوعة وكفريا

سنة على «خفض التصعيد» في إدلب: 1100 قتيل و6 مجازر
TT

سنة على «خفض التصعيد» في إدلب: 1100 قتيل و6 مجازر

سنة على «خفض التصعيد» في إدلب: 1100 قتيل و6 مجازر

أفادت منظمات حقوقية ومعارضون سوريون بمقتل 1109 مدنيين، بينهم 255 طفلا، وارتكاب قوات النظام وروسيا 6 مجازر خلال سنة من بدء خفض التصعيد، بموجب عملية آستانة برعاية روسية - تركية - إيرانية، في وقت تبنى مقاتلون كانوا هجروا من داريا قرب دمشق هجوما على بلدتين مواليتين لدمشق وطهران. وأعرب معارضون عن خيبة من عدم توقف القصف على ريف إدلب بعد نشر نقاط مراقبة تركية.
وكانت شبكة «سمارت» المعارضة، قد أفادت بأن «تجمع سرايا داريا» التابع لـ«الجيش السوري الحر» شن هجوما على بلدة الفوعة (9 كيلومترات شمال مدينة إدلب)، ذلك أنه «بالتعاون مع (سرية 82) فجروا إحدى نقاط تمركز ميليشيا قوات النظام على أطراف البلدة، وقتلوا جميع العناصر دون ذكر تفاصيل أخرى».
و«تجمع سرايا داريا»، بحسب «سمارت»، فصيل مستقل تشكل أوائل عام 2018، وركز أهدافه لمواجهة قوات النظام والميليشيات التابعة لها، بحسب مسؤوله الإعلامي حسام الأحمد.
وكانت «هيئة تحرير الشام» و«تجمع سرايا داريا» قد شنا قبل أيام، هجوما على بلدة الفوعة «ردا على المجزرة التي ارتكبتها طائرات يرجح أنها روسية في بلدة زردنا» في ريف إدلب.
من جهتها، اعتبرت «حكومة الإنقاذ» التابعة للمعارضة، أن «تركيا هي المُتضرِّر من المجازر التي ترتكبها روسيا والنظام في محافظة إدلب».
وقالت في بيانٍ لها: «إن أي نزوح جديد بسبب المجازر المرتكبة يومياً من قِبَل الاحتلال الروسي وعصابات الأسد، سيتسبب في أزمة إنسانية، وخاصة لتركيا كونها تتحمل العبء الأكبر لتبعات هذا التهجير. وندعو القيادة التركية إلى تحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين، ولا سيما أن الشعب السوري كان يأمل في أن تكون نقاط المراقبة المنتشرة في الشمال المُحرَّر بمثابة قوة لتحميه من بطش النظام المجرم».
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان «حصاد عام على بدء خفض التصعيد في محافظة إدلب»، وثّقت فيه مقتل 1109 مدنيين، بينهم 255 طفلاً على يد قوات الحلف السوري - الروسي في غضون عام منذ دخول اتفاقية خفض التصعيد حيِّز التنفيذ، بموجب عملية آستانة برعاية روسيا وتركيا وإيران.

جاء في التقرير أنَّ «محافظة إدلب شكَّلت بعد خروج مناطق واسعة منها عن سيطرة النظام السوري، ملاذاً لعشرات آلاف العائلات التي تشرَّدت من مناطقها، بعد أن أُجبرت على الاستسلام والرَّحيل، خوفاً من عمليات اعتقال أو تعذيب يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه، أو خوفاً من إجباره أبناءها على الالتحاق القهري والقتال إلى جانب قواته، وبالتالي توريطهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية».
وبحسب التقرير، فإنَّ «عدد سكان محافظة إدلب قد بلغ 2.5 مليون نسمة، أي أنه ازداد بمعدل مرة ونصف تقريباً بسبب تدفُّق عشرات آلاف النَّازحين من جهة، وإغلاق الحدود التركية، وبالتالي توقف باب اللجوء نحو الدول الأوروبية من جهة أخرى».
وذكر التقرير أنَّ النَّازحين في محافظة إدلب؛ خاصة ممن يقطنون الخيام، يعيشون أوضاعاً إنسانية متردية، في ظلِّ تهديد مستمر بالقتل بفعل الهجمات السورية - الروسية على مختلف مناطق المحافظة، بما فيها مخيمات النزوح.
وأكَّد التقرير أنَّ «اتفاقية خفض التصعيد لم تُقدِّم أثراً ملموساً حقيقياً في وقف الانتهاكات المتنوعة، من عمليات القصف والمجازر والهجمات العشوائية أو المقصودة، التي تشنُّها قوات الحلف السوري – الروسي، وأنَّ مستويات القتل عادت إلى الارتفاع بشكل صارخ، بعد مرور نحو أربعة أشهر على دخول الاتفاقية حيِّز التنفيذ».
تضمَّن التقرير، بحسب بيان من «الشبكة»، تفاصيل 6 مجازر ارتكبتها قوات روسيا والنظام في العام الذي تلا اتفاقية خفض التصعيد، في عدة مناطق من محافظة إدلب «معتمداً على عمليات المراقبة المستمرَّة للحوادث والأخبار من قبل فريق الشبكة، وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، ومقاطعة المعلومات التي يُقدِّمها النَّاجون وشهود العيان وعمال الإشارة المركزية».
وقدَّمت «الشبكة» إحصائية تتحدَّث عن «مقتل 1109 مدنيين، بينهم 255 طفلاً، و209 سيدات (أنثى بالغة) على يد قوات الحلف السوري الروسي، إضافة إلى ارتكابها ما لا يقل عن 32 مجزرة، وتم توثيق ما لا يقل عن 233 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيَّة في المدة ذاتها، بينها 34 مركزاً حيوياً طبياً، و50 مدرسة، و16 سوقاً».
كما وثَّق التقرير 19 هجوماً بذخائر عنقودية، و16 هجوماً بذخائر حارقة على يد قوات الحلف السوري الروسي، وهجوماً واحداً بأسلحة كيميائية شنَّته قوات النظام السوري بشكل رئيسي مع دعم واضح من القوات الروسية. كما سجَّل التقرير 752 برميلاً متفجراً ألقاها النظام السوري على محافظة إدلب، في المدة التي يُغطيها.
أكَّد التقرير أنَّ «قوات الحلف السوري الروسي خرقَت بشكل لا يقبل التشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254، القاضيين بوقف الهجمات العشوائية، وأيضاً انتهكت عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي، ما يُشكِّل جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية».
وبحسب التقرير: «خرقت قوات الحلف السوري الروسي قرار مجلس الأمن رقم 2401 الصادر2018، الذي نصَّ على وقف الأعمال القتالية مدة 30 يوما». وطالب مجلس الأمن بإحالة الملف السوري إلى «المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي، بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب، وإحلال الأمن والسلام، وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين، لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب، وتوسيع العقوبات لتشمل النظام الروسي والسوري والإيراني، المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية، ضدَّ الشعب السوري».
إلى ذلك، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «الانفجار الذي ضرب مدينة إدلب، عند منطقة الكونسروة، تسبب بقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة نحو 10 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، ولا يزال الغموض يلف أسباب الانفجار فيما إذا كان ناجما عن تفجير آلية مفخخة أم نتيجة استهداف المنطقة بالصواريخ، ولا تزال أعداد من قضوا قابلة للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة».



تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
TT

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة، طوال السنوات الماضية، على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية، وذكر أن عدداً من كبار المسؤولين فيما يُسمَّى «جهاز الأمن والمخابرات»، شاركوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان وتعطيل المشاريع الإنسانية في سبيل جني الأموال وتجنيد عملاء في مناطق سيطرة الحكومة، بهدف إشاعة الفوضى.

التقرير الذي يستند إلى معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وأعدَّه مركز مكافحة التطرف، ذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين في المخابرات الحوثية شاركوا في استهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان، ونشر التطرف بين جيل من اليمنيين (بمن في ذلك الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في البلاد من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات مالية ومشتريات غامضة، وتجنيد العملاء لزرع الفوضى والدمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز مخابرات الحوثيين مجتمعاً مع رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

ورأى التقرير أن المنظمات الدولية فشلت في صدّ مسؤولي المخابرات الحوثية الذين يمارسون السيطرة على مشاريعها أو ينسبون الفضل إليهم. وقال إنه، ومع أن الوضع الإنساني حساس للغاية؛ حيث يحتجز الحوثيون شعبهم رهينة ولا يعطون قيمة كبيرة للحياة البشرية، من الواجب اتخاذ تدابير إضافية للكشف عن مسؤولي المخابرات ومنعهم مِن استغلال أنشطة المنظمات الإنسانية.

واستعرض التقرير الدور الذي يلعبه جهاز مخابرات الحوثيين في التحكُّم بالمساعدات الإنسانية. وقال إن الحوثيين قاموا بحل الجهة المكلَّفة السيطرة على المساعدات، المعروفة باسم مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلوا مسؤولياتها إلى وزارة الخارجية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الانقلابية غير المعترَف بها.

وأكد أن جهاز المخابرات الحوثي كان شريكاً رئيسياً لذلك المجلس في جمع المعلومات عن المنظمات الإنسانية وأنشطتها، وكذلك في فرض مطالبهم عليها. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن حل المجلس لا يشير بالضرورة إلى نهاية مشاركة جهاز المخابرات في السيطرة على المساعدات وتحويلها.

استمرار السيطرة

نبَّه التقرير الدولي إلى أنه، وقبل أقل من شهرين من نقل مسؤوليات هذا المجلس إلى وزارة الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، تم تعيين عبد الواحد أبو راس نائباً لوزير الخارجية، وكان يشغل في السابق منصب وكيل المخابرات للعمليات الخارجية.

وبيّن التقرير سيطرة جهاز المخابرات على مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية من خلال تسلُّل أفراده إلى مشاريع المساعدات، واحتجازه للعاملين في مجال المساعدات، وتعيين رئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني عضواً في مجلس إدارة المجلس.

عبد الواحد أبو راس انتقل إلى خارجية الحوثيين مع نقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية معه (إعلام محلي)

ورجَّح مُعِدّ التقرير أن يكون نَقْل أبو راس إلى وزارة الخارجية مرتبطاً بنقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية إلى هذه الوزارة، ورأى أن ذلك سيخلق رابطاً جديداً على مستوى عالٍ بين المخابرات والجهود المستمرة التي يبذلها الحوثيون لتحويل المساعدات الإنسانية، بعد انتهاء ولاية مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن حل المجلس الحوثي الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قد يكون نتيجة لضغوط دولية متزايدة على المنظمات الإنسانية لوقف التعاون مع هذه الهيئة الحوثية المعروفة بتعطيل وتحويل المساعدات.

ولاحَظَ التقرير أن مشكلة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين كانت مستمرة لمدة تقارب عقداً من الزمن قبل إنهاء عمل هذا المجلس. وقال إنه ينبغي على الأقل استهداف هؤلاء الأفراد من خلال العقوبات وقطعهم عن الوصول إلى النظام المالي الدولي.

ومع مطالَبَة التقرير بانتظار كيف سيؤثر حل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على جهود تحويل المساعدات التي يبذلها الحوثيون، توقَّع أن يلعب أبو راس، المسؤول الكبير السابق في المخابرات العامة، دوراً رائداً في ضمان تخصيص أي موارد تدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لتعزيز مصالح سلطتهم.

استراتيجية أوسع

بشأن القيادي الحوثي، منتظر الرشيدي، الذي يشغل حالياً منصب مدير جهاز المخابرات في محافظة صنعاء، يذكر التقرير أنه يحضر الفعاليات الترويجية الحوثية الكبرى، مثل الافتتاح الكبير لمنشأتين طبيتين جديدتين في صنعاء (بتمويل من اليونيسيف) وافتتاح مشروع تنموي لبناء 20 وحدة سكنية جديدة.

طوال عقد وجَّه الحوثيون المساعدات الإنسانية لما يخدم مصالحهم (إعلام محلي)

وقال إنه من المرجح أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للحوثيين تهدف إلى الحصول على الفضل في أعمال البنية الأساسية، التي يتم تمويل كثير منها من قبل منظمات الإغاثة الإنسانية، بينما في الوقت نفسه يبتز جهاز المخابرات هذه الهيئات ذاتها ويضطهد موظفيها.

أما زيد المؤيد، فيشغل (بحسب التقرير) منصب مدير جهاز المخابرات الحوثية في محافظة إب؛ حيث يتخذ الحوثيون إجراءات وحشية بشكل خاص بسبب شكوك الجماعة تجاه سكان هذه المحافظة المختلفين مذهبياً.

ويورد التقرير أن الحوثيين وعدوا بالعفو عن أولئك الذين فرُّوا من حكمهم، فقط لكي يعتقل جهاز المخابرات ويعذب بعض العائدين. وقال إنه في حالة أخرى أصدروا مذكرة اعتقال بحق أطفال أحد المعارضين لهم في المحافظة.

وبحسب هذه البيانات، أظهر المؤيد مراراً وتكراراً أنه يدير إب وكأنها «دولة مافيا». وقال التقرير إنه في إحدى الحالات، كانت إحدى قريبات المؤيد تخطط للزواج من رجل من مكانة اجتماعية أدنى، وفقاً للتقسيم العرقي لدى الحوثيين، إلا أنه أمر جهاز المخابرات باختطاف المرأة لمنع الزواج.

الحوثيون متهمون بأنهم يديرون محافظة إب بطريقة عصابات المافيا (إعلام محلي)

وفي قضية منفصلة، يذكر التقرير أنه عندما أُدين أحد المنتمين للحوثيين بارتكاب جريمة قتل، اتصل المؤيد بالمحافظ للتأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام. وذكر أن المؤيد شغل سابقاً منصب مدير جهاز المخابرات في الحديدة؛ حيث ورد أنه أشرف على تهريب الأسلحة عبر مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف).

وفقاً لما جاء في التقرير، قام زيد المؤيد بتجنيد جواسيس للتسلل إلى الحكومة اليمنية، خصوصاً الجيش. وذكر التقرير أن الجواسيس الذين جنَّدهم كانوا مسؤولين عن بعض محاولات الاغتيال رفيعة المستوى ضد مسؤولين عسكريين يمنيين، بما في ذلك محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش اليمني.

وسبق المؤيد في منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب العميد محمد (أبو هاشم) الضحياني، ويرجّح التقرير أنه خدم بسفارة الحوثيين في طهران قبل أن يتولى منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب.