المغني البلجيكي ستروماي يعيد إلى المسرح «كتاب الغابة»

بعد غياب سنتين تفرغ خلالهما لتصميم الأزياء مع زوجته

ستروماي يتوسط زوجته وشقيقه
ستروماي يتوسط زوجته وشقيقه
TT

المغني البلجيكي ستروماي يعيد إلى المسرح «كتاب الغابة»

ستروماي يتوسط زوجته وشقيقه
ستروماي يتوسط زوجته وشقيقه

لا يشبه الملحن والمغني ستروماي غيره من الفنانين. فهذا الشاب البلجيكي النحيل الطويل ذو الوجه الطفولي استطاع أن يقدم نفسه في إطار صوتي وأدائي جديد وغير معهود، ساعده على أن ينال شهرة في العالم كله. لكن ستروماي، واسمه الحقيقي بول فان هافر، قرر قبل سنتين أن يستريح من الغناء وأعلن أنه يود «البقاء في الظل». وها هي صحيفة «آخر ساعة» البلجيكية تعلن عودته إلى العروض الفنية من خلال مسرحية موسيقية يجري التدريب عليها حالياً، مأخوذة عن «كتاب الغابة» للبريطاني روديارد كيبلنغ. ونشر كيبلنغ كتابه عام 1894، وفيه يتابع مغامرة الطفل موغلي الذي تربى في الغابة مع الحيوانات ومحاولته العودة للعيش بين البشر. وتبدو هذه القصة مفصلة على ستروماي الذي يمكن وصفه بأنه يتوجه للأطفال بأغنيات تجتذب الكبار. وسبق لشركة ديزني أن نقلت الرواية إلى الشاشة عام 1967 في فيلم شهير من أفلام الرسوم المتحركة، حيث أدى أصوات الحيوانات فيه عدد من مشاهير الممثلين. لكن مؤسس الشركة والت ديزني توفي قبل العرض بفترة وجيزة. ألهم «كتاب الغابة» الكثير من الفنانين بعد ديزني. واليوم، بعد نصف قرن على ذلك الفيلم، يقرر ستروماي أن يغني الحكاية نفسها وأن ينتجها من خلال الشركة التي أسسها مع زوجته كورالي، على أن يتولى شقيقه لوك جونيور الإخراج الموسيقي للمسرحية. وكان الثلاثي العائلي قد ظهر، في الربيع الماضي، في متجر «بومارشيه» في باريس وفاجأ الوسط الفني بتقديم أغنية بعنوان «ديفيليه»، ترافقت مع عرض للثياب التي صممتها زوجته ويقوم المتجر الفخم بتسويقها. واقترن ستروماي بالمصممة كورالي باربييه في صيف 2015، في حفلة عرس كبرى حرص على إحاطتها بالكتمان. وكان قبلها قد عاش قصة حب مع ملكة جمال بلجيكا السابقة تاتيانا تافاريس.
خلال غيابه عن المسرح الغنائي، انشغل ستروماي بتصميم الأزياء مع زوجته. وبعد أسطوانته الأخيرة «جذور مربعة» التي طرحها قبل 5 سنوات، قدم 5 مجموعات للثياب التي تنسجم وشخصيته التي تجمع بين سذاجة الطفل وتقنية الإنسان الآلي. كما تشارك الزوجان في تصميم نموذجين من الأحذية لشركة «بيبيتو» المتخصصة في الجلود المريحة والملونة. ولم يتوقف الساحر ستروماي عن سحب الأرانب المدهشة من جعبته، فهو قد استلهم نوعاً من الشوكولاته لتقديم خط من الثياب الموحدة التي تصلح للجنسين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».