«حديقة الصنائع» في بيروت.. إطلالة جديدة بالألوان تبشر بمستقبل نضر

مساحة متجذرة في ذاكرة اللبنانيين وتراث متأصل في عيونهم

حفل الافتتاح وتبدو نافورة المياه بعد تأهيلها
حفل الافتتاح وتبدو نافورة المياه بعد تأهيلها
TT

«حديقة الصنائع» في بيروت.. إطلالة جديدة بالألوان تبشر بمستقبل نضر

حفل الافتتاح وتبدو نافورة المياه بعد تأهيلها
حفل الافتتاح وتبدو نافورة المياه بعد تأهيلها

«جميلة جدا، تفاجأت بالتحسينات والإضافات، كأنها حديقة أخرى. الطبيعة والخضار والتنسيق، زقزقة العصافير والتمتع بأشعة الشمس جميعها تبهر القلب وتمتع العين». كلمات تقولها فاطمة وهي تتمشى مع ابنتها تحت سماء بيروت على بساط أخضر توزع فيه الرواد، بعضهم فضل المشي فيما البعض الآخر آثر الانتباه لأطفاله وهم يركبون دراجاتهم الهوائية أو يلعبون بالأراجيح، وأناس تحلقوا حول بركة المياه مظللين بالأشجار، في حين ارتأى الباقون الجلوس والاستمتاع بالشمس.
إنها «حديقة رينيه معوض» في منطقة الصنائع بيروت، التي لطالما كانت واحدة من المتنفسات القليلة لأبناء العاصمة، أطلت بحلة جديدة بعد أن أعادتها شركة «أزاديا» إلى الحياة في 31 من مايو (أيار) الماضي، ونفخت فيها روح الجمال، كاسية إياها ثوبا جديدا، ثوب الخضار والنقاء، فعادت مقصدا للراغبين بفسحة هدوء وسط ضجيج العاصمة. ويقول مروان مكرزل، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أزاديا» في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في الحديقة: «هذه الحديقة ملك عام تابع لبلدية بيروت، وكل ما قامت به الشركة هو تجديدها لتصبح عصرية متاحة لجميع الناس، وفي النهاية ستبقى الحديقة للبلدية، ودور الشركة تطويرها وصيانتها على عشر سنوات قابلة للتجديد».
ويضيف مكرزل أن «هذه الحديقة هي جزء من تراث بيروت، وهذه المساحة متجذرة في ذاكرة اللبنانيين وتعد رمزا ومعلما لأهل بيروت».
و«جنينة الصنائع» هذه تمتد على مساحة 22 ألف متر مربع، وتتسع لنحو عشرة آلاف متنزه. وتعد بذلك أكبر حديقة في العاصمة وضواحيها بعد حرش بيروت. فيما بلغت كلفة تأهيلها مليونين وخمسمائة ألف دولار، تضاف إليها كلفة الصيانة وتتراوح بين مائة وثمانين ألف دولار سنويا. استغرقت عملية التأهيل نحو عام، وتولى المهندس الزراعي طوني متى الإشراف على زراعة الأشجار والزهور الجديدة فيها، وتأهيل الأشجار الموجودة سابقا، مع تنظيفها ورشها بالمبيدات، بينما تولت المهندسة زينة مجدلاني عملية التصميم. واستنادا إلى متى، جرى زرع خمسمائة شجرة حديثة، تضاف إلى مائتي شجرة قديمة. وقد توزعت الأشجار بين الممرات الرئيسة، والمداخل، وعند السور الحجري المحيط بالحديقة، وهي 75 شجرة سرو، و110 شجرات فلفل هندي، و80 شجرة باركن سانيو، ومائة شجرة حناء، و84 شجرة جكرندا، و21 شجرة أرتيرينا تزهر باللون الأحمر، و15 شجرة أكاسيا، و12 شجرة لينوكس، وخمس أشجار من البلحيات كبيرة.
واللافت أنه جرى زرع عدد من شجرات الدفلى خلف جدار الحمامات بألوانها الأبيض والزهري والفوشيا.
تزهر الأشجار منذ بداية الربيع حتى آخر الصيف، فتملأ المكان بألوان الأحمر والأصفر والليلكي. أما غالبية الأشجار القديمة فهي من نوع الكينا والبلحيات والصنوبريات وبينها أشجار الفيكس المحيطة ببركة المياه، وقد جرى تشذيبها على شكل مربعات ملتصقة ببعضها، فتبدو من الأفق دائرة خضراء.
إلى جانب الأشجار، جرى إعداد أحواض عند حواف الممرات غرست فيها 2200 زهرة لانتانا باللونين الليلكي والأصفر، وزهور الأباسكاس والبوغانبيليه، وتدعى بالعربية الجهنمية أو الجمال، وزهور الكاريسا التي تنفرش على التراب. ويتخلل الأشجار والزهور العشب الأخضر الذي يمتد على مساحات تصل إلى 11 ألف متر مربع.
وفي وسط الحديقة جرى رصف ساحة مستديرة بالحجارة الصفراء اللون، وحولها مدرج دائري صغير يجلس عليه المتنزهون.
وإلى جانب الساحة عادت بركة المياه الواسعة، تتوسطها النافورة، نافورة الحميدية الرخامية الحمراء التي صممها المهندس يوسف أفتيموس عام 1900 وتحيط بها حوافها الحجرية النظيفة التي تشكل بدورها مقاعد لمن يريد التمتع بمشهد المياه.
وجرى بناء خزان مياه خاص لعمليات الري، يجري ملؤه بالمياه الحلوة، لأن المياه التي تصل إلى الحديقة مالحة، وهي بالتالي غير صالحة للري.
المحافظة على نظافة الحديقة من الأساسيات، وبحسب مكرزل سيكون هناك ممنوعات عدة داخلها، كالنراجيل، والباربكيو، وطبعا قطف الأزهار أو قطع الأشجار، والسباحة في البركة، كما أن الحديقة ستكون مقفلة ليلا لعدة أسباب أبرزها الأمنية.
ويشرح مكرزل أن الهدف من إعادة تأهيل الحديقة «نشر المساحات الخضراء في كل العاصمة، على أن تكون الحديقة ملتقى للحوار والثقافة والفن، وأن نستفيد منها من أجل أبنائنا ليرسموا ذكرياتهم، كما رسمنا ذكرياتنا، وحتى تعود بيروت خضراء ويعود مجد لبنان».
ويؤكد مكرزل أنه ومن منطلق أن الاهتمام بالبيئة واجب، وأن الحدائق حق عام، لن تكون هذه الحديقة النموذجية الوحيدة، بل ستكون بداية لمشاريع عدة تعزز المساحات الخضراء في لبنان. ويوضح: «حديقة رينيه معوض أصبحت مجهزة بالكامل لاستضافة جميع أنواع المناسبات والنشاطات التعليمية والثقافية والترفيهية، الدخول إليها مجاني لأنها من حق الجميع».
ومن المجالات المستحدثة فيها أيضا إنشاء ثلاثة ملاعب خاصة بالأطفال، وتعبيد طريق محاذ للسور لممارسة رياضة المشي، وطريق خاص بالدراجات الهوائية.
ومن ميزات الحديقة أيضا، تاريخها الضارب في الأعماق، والذي يشهد على عمر لبنان الحديث حيث إن أول شتلة زرعت فيها كانت عام 1907، وجرى افتتاحها رسميا عام 1908. وهو العام نفسه الذي افتتح فيه «مكتب الصنائع والتجارة الحميدة» - وزارة الداخلية اليوم وكلية الحقوق سابقا - وقد جرى تأسيسهما في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وما زالت تحافظ على معالمها وعلى أشجار الكينا فيها، حتى أصبح اسمها «حديقة الرئيس رينه معوض» مطلع تسعينات القرن الـ20.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنه قبل الحرب اللبنانية كانت مدينة بيروت تتغنى بالكثير من الحدائق والمساحات الخضراء التي كانت تميزها، وبعد الحرب أقفلت معظم هذه الحدائق أبوابها تاركة بيروت تتلون باللون الرمادي.
واليوم تفتتح «حديقة الصنائع» عمرا جديدا لبيروت وأهلها، عمرا متنوع الألوان يعيد لبيروت بهجتها وللبنان نضارته المعهودة.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.