ليالي «حي على بلدنا» نُفّذت لأول مرة منذ 20 سنة

أشرف عبد الغفور يجسد دور فؤاد حداد على المسرح القومي

أشرف عبد الغفور في دور فؤاد حداد على المسرح القومي
أشرف عبد الغفور في دور فؤاد حداد على المسرح القومي
TT

ليالي «حي على بلدنا» نُفّذت لأول مرة منذ 20 سنة

أشرف عبد الغفور في دور فؤاد حداد على المسرح القومي
أشرف عبد الغفور في دور فؤاد حداد على المسرح القومي

منذ أن اختاره لتقديم حدوتة «الشاطر حسن» على مسرح السلام في القاهرة قبل 34 سنة، لم يفارق المخرج المصري أحمد إسماعيل قصائد شاعره فؤاد حداد حتى الآن، وهو يعمل سنويا على تقديمها ممسرحة للجمهور بممثلين من محبي حداد وأبنائه.
قال أحمد إسماعيل في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «حرصت مع بداية الأيام الأولى لشهر رمضان على تقديم ليالي (حي على بلدنا) بالتعاون مع ممثلين كبار أمثال الفنان أشرف عبد الغفور ومفيد عاشور وعهدي صادق ورحاب رسمي، مع الاستعانة بأناشيد وأغنيات قدمها ملحنون مهمون في تاريخ الأغنية المصرية، هم سيد مكاوي، وإبراهيم رجب، وعبد العظيم عويضة ووجيه عزيز، فضلا عن محمد عزت، وهو واحد من عشاق قصائد حداد ومحبيه، وقد سعيت خلال العرض إلى ربطها درامياً، كما أفعل دائما بشعر حداد الذي نختاره بعناية ليكون جزءاً من نسيج الفرجة المسرحية التي نقدمها لجمهور المسرح في رمضان».
هذه ليست المرة الأولى لتقديم «حي على بلدنا» على المسرح القومي، فقد عُرضت حسب إسماعيل، منذ 20 سنة على الخشبة نفسها، وكانت من بطولة الفنان محمود حميدة ويوسف إسماعيل وذلك في عامي 1997 1998. وقد أجريت تغييرات كبيرة في العرض استدعتها اللحظة الحالية والتطورات التي تحدث وتمر بها القضية الفلسطينية.
وذكر إسماعيل أنّه عندما عرض العمل على الفنان أشرف عبد الغفور، استصعب تقديم أشعار فؤاد حداد في البداية، وكاد يعتذر، لكن بعد أن تناقشنا وقبل العمل، وعلى الرّغم من ضيق الوقت وصعوبة تقديم الشعر العامي ومسرحته، ولأنّه مبدع حقيقي تفاعل بسرعة مع العرض وقدّمه مع زملائه بصورة تليق بتاريخه الكبير في التمثيل. لافتاً إلى أنّه قدم قبل «حي على بلدنا» التي أعدها الشاعر أمين حداد، أكثر من 18 مسرحية معتمداً على أشعار فؤاد حداد، وقد تطوّرت الأعمال مع الزمن، وعبر رحلته الممتدة معه، لتأخذ شكلاً معتمداً على الحكايات الشعبية واستلهام المولد. «وبعد وفاة حداد الذي كان المنشد الرئيسي في أمسيتيه الشعريتين (الحمْل الفلسطيني) و(نور الأدان) اللتين أخرجتهما على مسرح السلام قبل 34 سنة، حلّ ممثلون مكانه، وزادت عملية المسرحة، وحرصت على أن يأخذ كل فنان موقع الشاعر، ويقول القصائد بشخصه، وببساطته كإنسان بعيد عن إمكانياته التمثيلية، لتكون هناك حالة من الإفضاء والحميمية المباشرة مع الجمهور».
وأشار إسماعيل إلى أنّ العرض ليس به أدوار تمثيلية يتقمّصها الفنان، وهناك طريقة معينة لأداء شعر حداد، اكتسبتها من العمل معه، والتعايش مع قصائده عبر سنوات طويلة، وهو لا يفرضها على المشاركين في العرض، لأنّهم ممثلون كبار، لكنّه يحاول طول الوقت أن يتناقش معهم، لينقل لهم وجهة نظره ليخرج العرض محملاً بأداءات تحمل طابع كل منهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».