تونس: إعفاء المتحدث باسم وزارة الداخلية وتعيين رئيس جديد لمكافحة الإرهاب

العميد خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية السابق.
العميد خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية السابق.
TT

تونس: إعفاء المتحدث باسم وزارة الداخلية وتعيين رئيس جديد لمكافحة الإرهاب

العميد خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية السابق.
العميد خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية السابق.

أجرت الحكومة التونسية عدة تغييرات، شملت إقالة قيادات أمنية رفيعة، وذلك بعد حادثة غرق المركب، التي أودت بحياة عشرات الشبان التونسيين، وخلفت احتجاجات واسعة في بعض المدن.
وأعفى غازي الجريبي وزير الداخلية بالنيابة، العميد خليفة الشيباني المتحدث باسم وزارة الداخلية، وكلفه بنفس المهمة على رأس الإدارة العامة للحرس الوطني، وهو نفس المنصب الذي كان يشغله قبل التحاقه بوزارة الداخلية.
ويأتي هذا الإعفاء بعد قرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد بإقالة لطفي براهم، وزير الداخلية، من منصبه عقب مقتل 75 مهاجرا غير شرعي في حادثة غرق قبالة سواحل جزيرة قرقنة (وسط شرق)، واتهام قيادات أمنية مكلفة مراقبة الحدود البحرية بـ«التواطؤ»، وأيضا على خلفية عدم تنفيذ أوامر قضائية بإلقاء القبض على محمد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية السابق، المتهم في قضية التآمر على الدولة مع رجل الأعمال التونسي شفيق الجراية.
وكان وزير الداخلية المقال قد أعفى بدوره عددا من المسؤولين الأمنيين في منطقة صفاقس، التي تتبع لها جزيرة قرقنة من الناحية الإدارية، وضمت القائمة مسؤولين في سلك الأمن والحرس الوطني، وطالت على الخصوص عناصر أمنية مكلفة بمراقبة الحدود البرية والبحرية، والأمنيين المكلفين مراقبة السفن والركاب.
وفي السياق ذاته، تم تعيين مختار بن نصر، العميد المتقاعد من الجيش، برئاسة اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب. وكان بن نصر يشغل منصب المتحدث باسم وزارة الدفاع، قبل أن يتم تكليفه بهذه المهمة الصعبة، التي من أولوياتها إيجاد حلول لإدماج الإرهابيين العائدين من جبهات القتال في المجتمع، والذين يقدر عددهم بنحو 800 إرهابي.
من جهة ثانية، قالت راضية النصراوي، رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب(منظمة حقوقية مستقلة)، إن حالات التعذيب التي عرفتها تونس خلال مايو (أيار) الماضي ارتفعت بما «ينبئ بعودة ممارسة العنف والتعذيب بوتيرة أكبر، مقارنة بالأشهر الماضية». مبرزة أن السجون ما زالت تسجل حالات سوء معاملة.
وفي هذا السياق سجلت المنظمة تدخل الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب (هيئة حكومية) لزيارة طفل، اتهم رجال الأمن بحرق جسده بالسجائر قصد إجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها في غياب وليه ومحام للدفاع عنه، وقالت إنها عرضته على الفحص الطبي.
ويتزامن هذا التقرير مع ما سجلته منظمة «هيومن رايتس ووتش» قبل أيام من تواصل لحالات التعذيب عند إيقاف المتهمين في مراكز الأمن التونسية.
وقدمت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب مجموعة من التوصيات التي تمحورت حول التوقف عن إساءة معاملة الموقوفين أو السجناء، بناء على نوعية القضايا المنسوبة إليهم، وإسداء تعليمات واضحة من قبل النيابة العامة باحترام إجراءات سماع الأطفال على وجه الخصوص.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».