الخارجية اللبنانية تنتقد {الدور السلبي} لمفوضية اللاجئين تجاه العودة

وفد منها زار عدداً من النازحين أمس

لاجئون سوريون هاربون من قتال في عرسال باتجاه الحدود اللبنانية في مجدل عنجر عام 2014 (رويترز)
لاجئون سوريون هاربون من قتال في عرسال باتجاه الحدود اللبنانية في مجدل عنجر عام 2014 (رويترز)
TT

الخارجية اللبنانية تنتقد {الدور السلبي} لمفوضية اللاجئين تجاه العودة

لاجئون سوريون هاربون من قتال في عرسال باتجاه الحدود اللبنانية في مجدل عنجر عام 2014 (رويترز)
لاجئون سوريون هاربون من قتال في عرسال باتجاه الحدود اللبنانية في مجدل عنجر عام 2014 (رويترز)

تمضي وزارة الخارجية اللبنانية في خطواتها العملية لتسريع عودة اللاجئين السوريين بمعزل عن موقف الأمم المتحدة التي أبدت «الخارجية» تحفظها على سياستها في لبنان.
وزار مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الخارجية اللبنانية، السفير غادي الخوري، أمس، بلدة عرسال الحدودية اللبنانية التي تحوي أكبر تجمُّع للنازحين مع وفد من الوزارة ومن الأمن العام اللبناني، مطلعاً على وضع النازحين وعلى موقفهم، متهماً مفوضية شؤون اللاجئين بالتأثير سلباً على النازحين السوريين وعدم تشجيعهم لاتخاذ قرار بالعودة إلى سوريا، في وقت أكدت فيه «المفوضية» أنها تحترم دائماً القرارات الفردية للاجئين بالعودة إلى ديارهم، ولا تثني أو تعارض هذه الخطوة التي تتم بناء على قرار الفرد الحر والمستنير.
وبعدما كانت الخارجية قد أمهلت «المفوضية»، أسبوعين، لوضع خطة لعودة النازحين، أكد خوري أن وزارة الخارجية لديها خطة جاهزة، وهي تنتظر ما ستقوم به المنظمة الدولية ليبنى على الشيء مقتضاه، قائلاً: «نقوم بخطوات تدريجية لتحقيق العودة الطوعية ولن نقبل بعد اليوم أن تؤثر المفوضية على قرار اللاجئين».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الزيارة التي قام بها الوفد إلى عرسال، أمس، والتقى خلالها نحو 25 شخصاً من الأهالي، أثبتت الشكوك حيال التأثير السلبي للمفوضية، وذلك خلال المقابلات واللقاءات التي يقوم بها ممثلوها مع العائلات، واصفاً الأسئلة آلت تطرح عليهم بـ«الموجهة»، موضحاً: «على غرار هل تعلمون طبيعة الأوضاع التي ستعيشونها في سوريا؟»، ما يوحي لهم بأن الأوضاع ليست آمنة في وقت هناك كثير من العائلات التي سبق أن غادرت إلى بلداتها بشكل فردي من عرسال على سبيل المثال، إضافة إلى العملية التي أنجزت من شبعا باتجاه بيت جن بريف دمشق قبل نحو شهرين. ويضيف: «علماً بأن بعض العائلات تتواصل مع أقربائها في سوريا ويؤكدون لهم أنهم يعيشون في أوضاع أفضل من تلك التي يعيشونها في لبنان».
وكان وزير الدولة لشؤون النازحين، معين المرعبي قد أكد أنه ووفق إحصاء قامت به وزارته أظهر أن 95 في المائة من اللاجئين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم بعد أن يضمنوا أمنهم وسلامتهم.
وفي ظل شكوى عدد كبير من السوريين من عدم قدرتهم على مغادرة لبنان نتيجة الرسوم المتراكمة عليهم وعدم امتلاكهم الأموال اللازمة لتسديدها، لفت خوري إلى أن هذا الأمر سيكون قيد المعاجلة على غرار معوقات أخرى تواجه النازحين، مشيراً إلى اقتراحات بهذا الشأن، منها اتخاذ قرار بإعفائهم منها.
ومع رفضها الاتهامات بالضغط على اللاجئين، وتأكيدها على عملها الإنساني فقط، توضح المتحدثة باسم المنظمة في لبنان ليزا بوخالد، عمل المفوضية مع اللاجئين بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يعبّر اللاجئون عن نية العودة إلى ديارهم، تتحقق المفوضية مما إذا كانت لديهم معلومات عن المكان الذي سيعودون إليه، أو إذا كانوا يفتقرون إلى أي وثائق مهمة يمكن للمفوضية أن تساعدهم في الحصول عليها. يمكن أن تتضمن هذه الوثائق شهادات الميلاد والزواج والوفاة التي تثبت أن مثل هذه الأحداث وقعت في المنفى، بالإضافة إلى السجلات المدرسية، وكل ما يساعد اللاجئ في إعادة تأسيس حياته في دياره، والوصول إلى المدارس والخدمات».
وتشدد على أن المقابلات مع اللاجئين الذين يعتزمون العودة، تساعد المفوضية في متابعة وضعهم في سوريا، مؤكدة: «هذا العمل هو مسؤولية عالمية للمفوضية تقوم على أساس المعايير الدولية، وهي أمور تطبق في جميع حالات اللاجئين كنشاط أساسي».
وجددت أبو خالد تأكيد المفوضية على احترام سياسة الحكومة اللبنانية المتمثلة في أن الاندماج ليس خياراً للاجئين في لبنان، مؤكدة: «المنظمة لا تعمل على إدماج اللاجئين ويتمثل هدفها في إيجاد حلول مستدامة لهم من خارج لبنان، في شكل إعادة توطين في بلدان ثالثة، والعودة إلى الوطن بما يتماشى مع المعايير الدولية».
وأمام هذه السياسة الجديدة التي تتبعها السلطات اللبنانية وعلى رأسها وزارة الخارجية تجاه «حسم عودة اللاجئين» من المتوقع أن تتسارع خطوات العودة ضمن سياسة «العودة الطوعية»، بحسب خوري.
وكان رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، قد أكد أن هناك ثلاثة آلاف شخص سجلوا أسماءهم للمغادرة، وسلمت اللوائح إلى الأمن العام اللبناني، وهم بانتظار الموافقة عليها من قبل السلطات السورية، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى 5 آلاف نازح في شبعا، بحسب ما لفت رئيس بلديتها محمد صعب، وهم في معظمهم يتحدرون من بلدات بيت جن التي كان قد عاد إليها نحو 500 شخص قبل شهرين.
وأشار الحجيري لـ«الشرق الأوسط»: «إن الثلاثة آلاف الذين سجلوا أسماءهم في عرسال هم من أصل 30 ألفاً يتحدرون من القلمون الغربي»، لافتاً كذلك إلى وجود 30 ألفاً آخرين في المنطقة نفسها يتحدرون من القصير وحمص «لكن هؤلاء لا حديث أو معلومات عن أي عودة قريبة لهم».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.