جيل جديد من الإنسولين القاعدي لمرضى السكري

عقاقير توفر مفعولاً طويلاً على مدار اليوم

جيل جديد من الإنسولين القاعدي لمرضى السكري
TT

جيل جديد من الإنسولين القاعدي لمرضى السكري

جيل جديد من الإنسولين القاعدي لمرضى السكري

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى وجود أكثر من 760 ألف حالة تنويم طارئة بالمستشفيات في كل عام بسبب مضاعفات مرض السكري. ووفقا للاتحاد الدولي للسكّري (IDF)، فإن نسبة انتشار مرض السكّري بالمملكة العربية السعودية تجاوزت 20 في المائة لدى الأفراد البالغين، مما يضع المملكة في المرتبة الأعلى ضمن دول الشرق الأوسط، والسادسة على مستوى العالم. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى زيادة معدلات السمنة، وأنماط الحياة المستقرة، وتقدم السن، وهو السبب في حدوث الأمراض والوفيات بشكل كبير.
ومما تجدر الإشارة إليه، أن نقص السكّر بالدم (hypoglycemia) عادة ما يرتبط بتكلفة عالية على المريض، ونظام الرعاية الصحية، والمجتمع بشكل عام، فهناك تكلفة مباشرة كتكاليف المستشفى والطبيب المعالج والطوارئ، بينما تتضمن التكلفة غير المباشرة الغياب عن العمل، وانخفاض القدرة على العمل، وغيرها من الحوادث ذات الصلة. ولكل ذلك تأثير مباشر على خفض نوعية الحياة، وخفض أو حتى فقدان القدرة على العمل، مما يشكل عبئاً إضافياً على المجتمع.
ومن الملاحظ أن التحكم بمستويات السكّر في الدم لدى مرضى السكّري لا تزال دون المستوى المثالي، فهناك مريض واحد من بين كل مريضين يتلقيان علاجاً لمرض السكّري لا يحقق أهداف مؤشر الجهد السكّري لديه. ولتلبية هذه الحاجة لدى مرضى السكّري، أطلقت «سانوفي» السعودية الجيل الجديد من الإنسولين القاعدي لعلاج السكري.
- مزايا الإنسولين القاعدي
يمثل عقار «توجيو toujeo» الجيل الجديد من الإنسولين القاعدي (basal insulin) الذي يساهم في توفير جزيئات إنسولين ذات مفعول طويل المدى، كما أنه يتميز بالمرونة طوال النهار والليل لأكثر من 25 ساعة.
وأوضح البروفسور روبرت ريتزل، Robert Ritzel، رئيس قسم الغدد الصماء والسكري، في مستشفى «كلينيكوم شفابنغ» (Klinikum Schwabing)، في ألمانيا، الذي شارك في ندوة أقيمت حديثا في مدينة جدة حول مزايا العلاج الجديد، أن من المؤكد لنا أن غالبية مرضى السكّري من النوع الثاني والنوع الأول في مختلف مناطق العالم لم يصلوا بعد إلى تحقيق أهدافهم من العلاج المتاح، مما يشير إلى الحاجة لتوفير علاجات جديدة تساعد في الوصول إلى الهدف المرتبط بسكّر الدم، وتوفر عنصر المرونة في إمكانية استخدامها بحرية. لهذا فإن العلاج الجديد يرتبط بمخاطر أقل فيما يتعلق بنقص السكّر بالدم، حيث إن هناك عملية تحفيز للإنسولين نفسه.
إن خطورة نقص السكّر في الدم قليلة نسبياً مقارنة بأنواع الإنسولين الأخرى المتاحة، وهذا يعني أننا نملك اليوم وضعية يتم من خلالها تعديل سلوك المريض فيما يختص بتركيز السكّر بالدم خلال اليوم. ولهذا فعلى المرضى أن يعلموا أن هذا الإنسولين له مخاطر أقل مع نقص السكّر في الدم. ونحن نستطيع القول بأننا قد توصلنا إلى نتائج أفضل ومخاطر أقل بالنسبة لمضاعفات السكّري.
- عقار جديد
> دواعي الاستعمال: يقول الدكتور سعود السفري، استشاري الغدد الصماء والسكري، رئيس قسم الغدد الصماء والسكري بمستشفيات القوات المسلحة بالهدا والطائف، عضو الجمعية السعودية للسكري، إن الجيل الجديد من الإنسولين القاعدي «توجيو» الذي تم الاعتراف به من قبل هيئة الغذاء والدواء السعودية (SFDA) حديثا، بعد أن أثبتت الدراسات فعاليته، يعتبر خيارا مفضلا لمن يعانون من النوع الأول أو النوع الثاني من السكري.
وفي النوع الأول، لا بد من استخدامه مع الأنواع الأخرى من الإنسولين التي تقوم بتغطية الوجبات، ويكون الإنسولين الأساسي الذي يغطي 24 ساعة. وفي النوع الثاني، يستخدم مع فاقدي السيطرة على مستوى السكر وهم تحت العلاج بالحبوب الخافضة للسكر، ومع المرضى الجدد المشخصين بالسكري، الذين يكون لديهم معدل السكر التراكمي عاليا جدا، وأيضا يفضل استخدام إنسولين «توجيو» مع المرضى الذين يعانون من انخفاضات متكررة في سكر الدم، وكذلك مع من يخافون من زيادة الوزن عند استخدام الإنسولين. ويعتبر هذا النوع الجديد من الإنسولين القاعدي آمناً، وفقاً للدراسات التي تمت على المرضى من النوع الثاني الذين هم أكبر من 65 سنة، ويعانون من تكرار انخفاض معدلات السكر لديهم.
> طريقة الاستخدام: يقول الدكتور سعود السفري، إن عملية تعليم وتثقيف مريض السكري الذي سوف يستخدم الدواء الجديد «توجيو» هي أبسط وأسهل من استخدامه للإنسولين الآخر المتعدد أثناء اليوم. وكما ذكرنا فإن إنسولين «توجيو» سيكون مفيدا جدا مع المرضى الذين يعانون من داء السكري، سواء النوع الأول والنوع الثاني، ولكي تتم الفائدة المطلوبة من هذا الدواء يتم تدريب المرضى على الاستخدام الصحيح والأمثل للدواء، فهو يؤخذ مرة واحدة في اليوم. وعلى المريض تعلم طريقة قياس السكر، حيث يحتاج المريض أن يقيس مستوى السكر وهو صائم مرة واحدة في اليوم.
ومن جانب آخر، فإنه يتم أيضا تثقيف وتعليم الفريق الطبي المعالج، ومنهم المثقِّفون الصحيون على الطريقة المناسبة لشرح المزايا المتوفرة في دواء «توجيو» مقارنة بأنواع الإنسولين الأخرى.
ونؤكد على ضرورة المتابعة مع الأطباء المختصين للسيطرة الجيدة على المرض، ومنع حدوث مضاعفاته، وإن السيطرة على مستوى السكر تكون قادرة على منع المضاعفات، سواء اعتلال الشبكية أو الأعصاب أو الكلى، وكذلك الوقاية من المضاعفات المميتة كالجلطات الدماغية والجلطات القلبية.
- عدم التحكم في سكر الدم
أوضح الدكتور سعود السفري، أن عدم قدرة كثيرين من المرضى على التحكم الجيد في سكر الدم عند المعدل الطبيعي للسكر التراكمي، هي مشكلة شائعة، ولها أسباب متعددة، منها:
> طبيعة المرض نفسه، كونه مرضا مزمنا يتم فيه فقد مزيد من خلايا «بيتا» بغدة البنكرياس المفرزة للإنسولين، أثناء تقدم المرض مع الوقت.
> وجود أكثر من آلية أو سبب لحدوث النوع الثاني من السكري.
> صعوبة تركيب مجموعة الأدوية الخافضة للسكر عند المرضى.
> الآثار الجانبية لاستخدام الأدوية الخافضة للسكر، التي تعتبر من الأسباب المهمة هذه الأيام، وهي تتمثل في انخفاض السكر وزيادة الوزن... إلخ.
> وأخيرا، صعوبة التعامل مع مرض السكري، بحيث إنه يتطلب من مريض السكري أن يتعلم جيدا أساسيات ثقافة المرض، وطريقة متابعته في المنزل، وتدارك حالات انخفاض السكر، وعدم وجود فريق طبي متكامل يقدم للمريض الخدمات المطلوبة من كل النواحي الطبية والنفسية والصحية والاجتماعية.
وعليه، فإن مقدمي الخدمات الصحية يواجهون دائما مشكلات وصعوبات في تنويم مرضى السكري الذين يعانون من عدم التحكم الجيد في السكر، ويتعرضون لارتفاعات حادة في سكر الدم، ينتج عنها ما يسمى بغيبوبة الأحماض الكيتونية، أو يضطر إلى تنويمه لدخوله في الغيبوبة، نتيجة ارتفاع أملاح الدم، وخاصة في كبار السن، ويبقى المريض منوما بالمستشفى في المتوسط من ثلاثة إلى سبعة أيام، حسب السبب الذي أدى إلى ارتفاع السكر. خلال هذه المدة يتم إعادة رسم الخطة العلاجية للمريض.
ويؤكد الدكتور سعود السفري على أهمية دور الأطباء المعالجين، ومنهم أيضا أطباء الرعاية الصحية الأولية، فهم خط الدفاع الأول في العناية والرعاية بالمرضى، لمحاولة تجنب مضاعفات مرض السكري بقدر الإمكان، وذلك بالسيطرة على مستوى السكر في الدم، واختيار أفضل الأدوية وأكثرها أمانا من بين الخيارات المتاحة للعلاج حاليا، ومنها الإنسولين القاعدي الجديد.

- الإنسولين والبدانة
أما عن تخوف البعض ممن يستخدمون الإنسولين من البدانة؛ وخصوصاً النساء، فيؤكد البروفسور روبرت ريتزل، أن معظم الدراسات التي أجريت في كثير من مناطق العالم، مثل أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وآسيا، تؤكد أن تغير الوزن الذي تمت ملاحظته مع كثير من أنواع الإنسولين الأخرى هو أقل مع «توجيو» مقارنة بغيره، وأن لـ«توجيو» تأثيراً يفيد في إحداث تحكم جيد في مستوى السكّر بالدم.
ويعود ذلك إلى أن «توجيو» يرتبط بخطورة أقل مع نقص السكّر بالدم، فعندما يتكرر نقص السكّر بالدم يصبح المريض ميالاً لتناول الأطعمة المحتوية على كربوهيدرات، ومن المهم عند الخروج من المنزل أن يحمل المريض معه مواد غذائية محتوية على كربوهيدرات إلى جانب بعض الحلوى، وذلك خوفاً من حدوث نقص السكّر بالدم. وتختفي أو تقل هذه المشكلة مع «توجيو»، مما يعني أن يتمتع المريض بتأثير قوي على سلوكه، وعلى مكونات الغذاء الذي يتناوله.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».