اللعاب... لتشخيص الأمراض

محاولات علمية للاستفادة من تركيبته الفريدة وسهولة الحصول عليه

عينات من سوائل الجسم
عينات من سوائل الجسم
TT

اللعاب... لتشخيص الأمراض

عينات من سوائل الجسم
عينات من سوائل الجسم

قدمت مجموعة من الباحثين البولنديين نتائج مراجعتها العلمية لمدى استفادة الأوساط الطبية من سائل اللعاب في تشخيص الإصابات بأنواع مختلفة من الأمراض والاضطرابات الصحية. ووفق ما تم نشره ضمن عدد 9 مايو (أيار) الماضي من المجلة الدولية للبحوث الحيوية الطبية (BioMed Research International)، قام الباحثون من كلية الطب بجامعة بوميرانيا في مدينة شتشيتسين البولندية بمراجعة تحليلية لنتائج 77 دراسة طبية حول سائل اللعاب وكيفية تطور الاستفادة التشخيصية منه حتى اليوم في مجالات شتى.
- اهتمام إكلينيكي تطبيقي
وقال الباحثون في مقدمة الدراسة ما مفاده إن «اللعاب سائل بيولوجي فريد في الجسم، ويحتوي على كثير من المركبات الكيميائية والمواد العضوية والخلايا الحية والميكروبات». وأضافوا: «الميزة المهمة للعاب كمادة تشخيصية هي توفره، وسهولة طريقة جمعه دون الحاجة إلى تدخل»، بعكس الحصول على سائل الدم مثلاً. وقال الباحثون عن هدف إجرائهم هذه الدراسة العلمية: «الهدف من هذه المراجعة هو التأكيد على القيمة التشخيصية للعاب كمادة يُمكن أن يتغير تكوينها ويضطرب إفرازها»، في الحالات المرضية والاضطرابات الصحية المختلفة.
وتشير المصادر الطبية إلى أن هناك كثيراً من الطرق لاستخدام اللعاب سائلاً بيولوجياً، لأن اللعاب يمثل «مرآة الجسم» التي تعكس صورة الحالة الفسيولوجية والمرضية في تجويف الفم وفي أماكن أخرى من الجسم، ما يجعله، كما قال الباحثون، «بمثابة أداة تشخيص ومراقبة في كثير من المجالات، مثل الطب الباطني وطب الأسنان والعلاج الدوائي».
وتحت عنوان «جوهر الموضوع»، قال الباحثون: «يهدف تحليل الدم، وهو الأكثر حضوراً في التحاليل الكيميائية الإكلينيكية، إلى تحديد الأمراض ومراقبة تقدم العلاج. ومع ذلك، فإن العاملين في المجال الطبي يُقدّرون بشكل متزايد أن اللعاب يُمكن استخدامه مادة تشخيصية، لأنه غني بالمعلومات الإكلينيكية ويمكن استخدامه في التشخيص المختبري والتشخيص الإكلينيكي، وكذلك في مراقبة وعلاج المرضى المصابين، ليس فقط بأمراض الفم بل بأمراض بقية الجسم».
وأضافوا: «يمكن استخدام اللعاب لتشخيص الأمراض المعدية، وأمراض اضطرابات المناعة الذاتية، والسرطان، وكذلك اضطرابات الغدد الصماء وأمراض القلب. كما يمكن استخدام اللعاب لفحص مستويات عدد من الأدوية واختبارات وجود المخدرات».
واللعاب كمادة تشخيصية من السهل جمعها ونقلها وتخزينها. ومع ذلك، يجب التنبه إلى أنه يُفضّل جمع عينة اللعاب في الفترة بين التاسعة والحادية عشرة صباحاً، وذلك لأن الاستقرار الفيزيائي (Physicochemical Stability) للعاب في هذه الفترة هو الأعلى مقارنة ببقية ساعات اليوم. كما يجب امتناع المريض عن تناول أي شيء لفترة ساعة ونصف الساعة قبل تجميع عينة اللعاب، والتوقف أيضاً قبل يوم واحد عن تناول أي نوع من الأدوية التي تؤثر في نشاط إفراز اللعاب. وقبل أخذ العينة اللعابية، ينبغي شطف الفم بالماء الخالي من الأيونات، ويجب جمع اللعاب لمدة 10 دقائق.
- اضطرابات اللعاب
وفي حالات جفاف الفم (Xerostomia) يحصل انخفاض في إفراز اللعاب، إما نتيجة تناول أنواع مختلفة من الأدوية، مثل أدوية خفض ارتفاع ضغط الدم أو مضادات الاكتئاب أو مدرات البول أو مضادات الهيستامين للحساسية أو أنواع من مسكنات الألم، أو مع التقدم في العمر، أو كأحد الأعراض المرافقة لبعض أمراض اضطرابات المناعة الذاتية. وبالتالي تحصل عدة مضاعفات لنقص إفراز اللعاب، مثل تسويس الأسنان والتهاب الفم والغدد اللعابية، وفقدان الإحساس بالطعم، وصعوبة البلع، وألم الفم، وتشقق اللسان، والسوء في رائحة الفم، وغيرها.
وبالمقابل، هناك حالة زيادة اللعاب (Hypersalivation) المزعجة للمصابين بمرض باركنسون العصبي أو انفصام الشخصية أو حالات مرضية أخرى. وتشمل تحاليل اللعاب قياس درجة حمضيته. وخلال النوم، ومع تدني إفراز اللعاب، تزداد درجة حامضيته. وأثناء تناول الطعام، ومع زيادة إفراز اللعاب، تقل درجة حموضته ليصبح سائلاً قلوياً.
وقال الباحثون ما ملخصه: «عندما تزداد حمضية اللعاب، تحصل إزالة للمعادن Demineralization في تركيب طبقة مينا الأسنان، أي تآكل المينا Enamel Erosion، وقد يحصل الشيء نفسه عند تناول مواد حمضية أو وصول حامض المعدة إلى الفم. وما لم يعمل اللعاب على معادلة هذه الأحماض، يحصل التآكل في مينا الأسنان. ولذا فإن من المفيد قياس درجة حموضة اللعاب وقياس مدى القدرة المخففة للعاب Saliva Buffer Capacity، كتحاليل سهلة يمكن إجراؤها في عيادة الطبيب».
وتعتمد مرونة اللعاب (Saliva Elasticity) على وجود مركبات ميوسين (Mucins)، وهي مركبات غنية بالحمض الأميني برولين والبروتينات السكرية وعدد من المعادن، إضافة إلى الماء. ووظيفة ميوسين الأساسية هي حماية كل أنسجة بطانة الفم، ولذا يعتبر من أهم المركبات البروتينية في سائل اللعاب، ويشكل نسبة 30 في المائة من بروتينات سائل اللعاب، ومع زيادة وجوده في سائل اللعاب ترتفع كتلته ولزوجته. وثمة عدد من أنواع أجهزة قياس اللزوجة Viscosimeters، يمكن الاستفادة منها في تقييم مستوى لزوجة اللعاب. وقال الباحثون: «من جملة النتائج يُمكن استنتاج أن تسويس الأسنان يُمكن منعه بتحسين نوعية اللعاب وخصائصه بنيته»، والتي منها لزوجته.
- تحاليل هرمونية
وعرض الباحثون بتفصيل واسع نتائج الدراسات حول تطور قياس نسبة عدد من أنواع الهرمونات في سائل اللعاب، ودلالات ذلك الإكلينيكية التطبيقية. ومنها هرمون كورتيزول (Cortisol) الذي تنتجه الغدد فوق الكلوية. ويوفر قياس نسبة هذا الهرمون في اللعاب فرصة لإجراء عدة قياسات له، وفي الغالب 7 مرات في اليوم، دون الحاجة إلى أخذ عدة عينات من الدم. وكذلك قياس نسبة هرمون ليبتين (Leptin) في اللعاب، وهو الهرمون المرتبط بتنظيم تناول الطعام وتوازن الطاقة في الجسم. وترتفع نسبته في اللعاب، أو تنخفض، في حالات مرضية عدة، مثل أمراض وأورام الفم.
كما عرض الباحثون تفاصيل مجمل التطورات العلمية في قياس نسبة عدد من الإنزيمات في اللعاب، مثل إنزيم أميليز ذي الصلة بهضم السكريات وحماية الفم من الميكروبات، وهو الإنزيم الذي لا يزال الباحثون يحاولون معرفة دلالات تغيرات نسبته في اللعاب. وعلى سبيل المثال، ترتفع نسبته في اللعاب لدى الأمهات عند ضم الطفل المولود أثناء الولادة القيصرية، بخلاف ضم الطفل المولود بعد الانتهاء من تلك العملية الجراحية. وأيضاً تنخفض نسبته في اللعاب بعد إجراء عمليات المعدة لإنقاص الوزن. وكذلك الحال مع إنزيم ليسوزوم (Lysozyme)، ذي الصلة بنشاط عمل جهاز مناعة الجسم.
كما عرض الباحثون تفاصيل عن تحاليل لعدد من البروتينات في اللعاب، مثل بروتين «كروموغرانين إيه» (Chromogranin A) ذي الصلة بعمل الجهاز العصبي اللاإرادي. وأيضاً الجسم المضاد من نوع «إيه» (IgA)، ذي الصلة بعمليات جهاز مناعة الجسم في الأنسجة المخاطية.
- جوانب مبهمة حول إفراز اللعاب ومكوناته
> لدى الشخص البالغ، يتم في اليوم الواحد، عموماً، إنتاج كمية تقارب ما بين لتر ونصف اللتر إلى لترين من سائل اللعاب، تزيد في أوقات تناول الطعام، وتنخفض بشكل كبير أثناء فترات النوم. وبشكل أكثر دقة، فإن معدل إفراز اللعاب بالمتوسط نحو 0.5 مليلتر في الدقيقة، ويرتفع أثناء مضغ الطعام ليبلغ 10 مليلترات في الدقيقة، وينخفض أثناء النوم إلى أقل من 0.25 مليلتر في الدقيقة. ولذا قال الباحثون: «حجم اللعاب اليومي يعتمد على مدة ساعات النوم، وعلى نوعية وعدد وجبات الطعام في اليوم، وتأثيرات التفاعلات النفسية».
وثمة نوعان من أنواع الغدد اللعابية (Salivary Glands)؛ أحدها نوع كبير والآخر نوع صغير جداً. وبخلاف اللثة والجزء الأمامي من الحنك (Hard Palate)، تحتوي جميع الأغشية المخاطية في الفم على مجموعة كبيرة من الغدد اللعابية الدقيقة (Fine Salivary Glands)، التي يتراوح عددها من 200 إلى 400 غدة صغيرة، وهذه الغدد اللعابية الصغيرة تنتج نحو 10 في المائة من كمية اللعاب التي يتم إفرازها كل يوم. والكمية الباقية من اللعاب، أي 90 في المائة، يتم إفرازها من 3 أزواج من الغدد اللعابية الكبيرة؛ الأولى هي «الغدة تحت الفك السفلي» (Submandibular Gland)، التي تنتج نحو 65 في المائة من كمية اللعاب اليومي، والثانية هي «الغدة النكافية» (Parotid Gland)، التي تنتج نحو 20 في المائة من كمية اللعاب اليومي. والثالثة هي «الغدة تحت اللسان» (Sublingual Gland) التي تنتج نحو 5 في المائة من اللعاب اليومي.
ويشكل الماء نسبة 99 في المائة من مكونات سائل اللعاب. ويحتوي اللعاب على كثير من الشوارد (الأيونات) المعدنية للأملاح، مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنيسيوم والكلوريد والبيكربونات والفسفور واليود. كما يحتوي اللعاب على مادة ميوسين المخاطية، التي تصنع حالة اللزوجة فيه. إضافة إلى عدة مركبات أخرى وأجسام مضادة ذات قدرات على مقاومة الميكروبات، وعلى مواد ذات قدرة على تسكين الألم (Opiorphin).
ومع ما تقدم، يحتوي اللعاب على مكونين آخرين؛ الخلايا والبكتيريا أولاً، والإنزيمات والهرمونات ثانياً. وبشيء من التفصيل، تفيد بعض المصادر العلمية بأن كل مل واحد من اللعاب يحتوي على نحو 8 ملايين خلية بشرية و500 مليون خلية بكتيرية، ليست بالضرورة ضارة. كما يحتوي اللعاب على إنزيم أميليز الذي يُسهم في بدء هضم السكريات النشوية عند مضغ الطعام في الفم، وإنزيم الليبيز الذي يُسهم في هضم الدهون عند وصولها إلى المعدة، وعدد آخر من الإنزيمات والهرمونات، ذات المهام المتعلقة بالمناعة والنمو النسيجي وتفتيت البروتينات وتسهيل ترطيب الفم ووقاية الأسنان وغيرها من المهام، التي لا يزال الباحثون العلميون يُحاولون معرفة أنواعها ووظائفها.
وما نعلمه حتى اليوم أن اللعاب يقوم بوظائف متعددة جداً في الفم وفي الجسم ككل، منها ترطيب مكونات الفم، وتسهيل عمليات مضغ وبلع وهضم الطعام، وتسهيل نطق الكلام، وتسهيل تذوق الطعم وبقية أنواع الإحساس العصبي في الفم، وحماية الأسطح الداخلية لتجويف الفم والتراكيب التي فيه كالأسنان واللثة واللسان والحلق وغيرها، كما لا تزال معرفة بقية وظائف اللعاب محل البحث العلمي المستمر.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

صحتك من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

أظهرت مراجعة بحثية حديثة أن مستهلكي المياه المعبأة يومياً يبتلعون أكثر من 90 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)

نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء. فالبرودة وقِصر ساعات النهار وزيادة التوتر أحياناً تجعل من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم ليلاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم «اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)

دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

حذّر علماء من أن تغيّرات خفية تصيب العظام، وتحديداً نخاع العظم، قد تشكّل علامة مبكرة على الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا).

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

أشارت دراسة علمية حديثة إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
TT

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)

أظهرت مراجعة بحثية حديثة أن مستهلكي المياه المعبأة يومياً يبتلعون أكثر من 90 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور، ما يستدعي اتخاذ إجراءات تنظيمية عاجلة للحد من المخاطر.

وتشير المراجعة أيضاً إلى أن متوسط ​​ما يبتلعه الإنسان سنوياً يتراوح بين 39 ألفاً و52 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، يتراوح حجمها بين جزء من ألف من الملِّيمتر وخمسة ملِّيمترات.

وتُطلق الزجاجات البلاستيكية جسيمات دقيقة في أثناء التصنيع والتخزين والنقل؛ حيث تتحلل بفعل التعرض لأشعة الشمس وتقلبات درجات الحرارة، وفقاً لباحثين في جامعة كونكورديا بكندا الذين يحذرون من أن العواقب الصحية لابتلاعها «قد تكون وخيمة»، حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وفي السياق، قالت سارة ساجدي، المؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة المنشورة في مجلة المواد الخطرة: «يُعدُّ شرب الماء من الزجاجات البلاستيكية آمناً في حالات الطوارئ، ولكنه ليس خياراً مناسباً للاستخدام اليومي».

من المعروف أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تدخل مجرى الدم وتصل إلى الأعضاء الحيوية، مما قد يُسبب التهابات مزمنة، ومشكلات تنفسية، وإجهاداً للخلايا، واضطرابات هرمونية، وضعفاً في القدرة على الإنجاب، وتلفاً عصبياً، وأنواعاً مختلفة من السرطان. إلا أن آثارها طويلة الأمد لا تزال غير مفهومة بشكل كامل بسبب نقص طرق الاختبار الموحدة لتقييمها داخل الأنسجة.

في هذه المراجعة، فحص الباحثون التأثير العالمي لجزيئات البلاستيك الدقيقة التي يتم ابتلاعها من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على صحة الإنسان، مستندين في ذلك إلى أكثر من 141 مقالة علمية.

تشير المراجعة إلى أن الأشخاص الذين يحصلون على الكمية اليومية الموصى بها من الماء من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد فقط، قد يبتلعون 90 ألف جزيء إضافي من البلاستيك الدقيق سنوياً، مقارنة بمن يشربون ماء الصنبور فقط، والذين يبتلعون 4 آلاف جزيء دقيق سنوياً. كما توضح الدراسة أنه على الرغم من أن أدوات البحث الحالية قادرة على رصد حتى أصغر الجزيئات، فإنها لا تكشف عن مكوناتها.

ويشير الباحثون إلى أن الأدوات المستخدمة لتحديد تركيب جزيئات البلاستيك غالباً ما تغفل أصغرها، داعين إلى تطوير أساليب اختبار عالمية موحدة لقياس الجزيئات بدقة.

وكتب الباحثون: «يسلط التقرير الضوء على المشكلات الصحية المزمنة المرتبطة بالتعرض للبلاستيك النانوي والميكروي، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي، ومشكلات الإنجاب، والتسمم العصبي، والسرطنة».

وتسلِّط المراجعة الضوء على تحديات أساليب الاختبار الموحدة، والحاجة إلى لوائح شاملة تستهدف الجسيمات البلاستيكية النانوية والميكروية في زجاجات المياه. كما يؤكد البحث ضرورة التحول من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام إلى حلول مستدامة طويلة الأمد لتوفير المياه.


نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
TT

نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء. فالبرودة وقِصر ساعات النهار وزيادة التوتر أحياناً تجعل من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم ليلاً. ومع ذلك، هناك بعض العادات البسيطة والتغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد على تحسين جودة النوم، خلال الأشهر الباردة.

وذكر تقريرٌ نشرته صحيفة «التلغراف» أهم الطرق والنصائح للحصول على نوم أفضل ليلاً في فصل الشتاء، وهي:

ابدأ يومك بالتعرض للضوء

يمكن أن يساعد التعرض للضوء لمدة ثلاثين دقيقة، في الوقت نفسه كل صباح، في إعادة ضبط ساعتك البيولوجية، وتحسين جودة نومك.

وإذا جرى هذا التعرض للضوء أثناء المشي فإن هذا الأمر قد يُحسّن المزاج أيضاً.

لكنْ إذا لم تتمكن من الخروج نهاراً، فإن الجلوس بجوار النافذة يساعد على تحسين التركيز والمزاج وجودة النوم.

احمِ عينيك من الضوء ليلاً

يُفضَّل ليلاً استخدام إضاءة خافتة ودافئة، حيث يرتبط التعرض للضوء ليلاً بنومٍ أخف وأقل راحة.

ويبدأ إفراز هرمون النوم الميلاتونين عادةً قبل ساعة ونصف من موعد نومك المعتاد، لذا جرّب إشعال شمعة مع وجبة العشاء مع إغلاق مصادر الإضاءة الأخرى. سيساعدك الجمع بين هذه الأدوات على النوم بسهولة أكبر.

اجعل المشي وقت الغداء عادة

بغضّ النظر عن مدى لياقتك البدنية، فإن قلة الخطوات تعني تقليل تراكم «ضغط» النوم، مما يسهم في شعورك بالتعب ليلاً ويتسبب في اضطرابات بنومك.

ضع لنفسك هدفاً بالمشي وقت الغداء، بغضّ النظر عن الطقس.

حاول ألا تستيقظ مبكراً

إن الاستيقاظ مبكراً في فصل الشتاء قد يُسبب ارتفاعاً غير معتاد في مستوى الكورتيزول، مما قد يجعلك تشعر بمزيد من التوتر والإرهاق طوال اليوم.

قد لا يكون هذا ممكناً للجميع، لكن إذا استطعتَ الحصول على نصف ساعة إضافية من النوم صباحاً، فقد تنام، بشكل أفضل، في الليلة التالية.

استمتع بوقتك في أحضان الطبيعة

إن الخروج للطبيعة في فصل الشتاء يمكن أن يساعدك في تحسين جودة نومك، بشكل كبير، ليلاً. لكن ينبغي عليك الحرص على ارتداء الملابس الثقيلة أثناء الخروج.

خطط لوجباتك بذكاء

وجدت دراسات حديثة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة ترتبط بارتفاع معدلات الأرق واضطرابات الصحة النفسية.

من الأفضل بدء وضع خطة وجبات أسبوعية. فالأطعمة الغنية بالألياف والمُغذية (مثل الفواكه والخضراوات الطازجة) ترتبط بتحسين جودة النوم.

وإلى جانب نوعية الطعام، فكّر أيضاً في وقت تناوله. توقف عن الأكل، قبل ساعتين على الأقل من موعد نومك، لتنعم بنوم هانئ.


الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
TT

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

وتنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة، التي يتراوح حجمها بين جزء من ألف من المليمتر وخمسة ملليمترات، في كل مكان اليوم؛ إذ توجد في الطعام والماء والهواء. ومن المعروف أنها تدخل مجرى الدم، بل وتستقر في الأعضاء الحيوية.

وتُسهِم هذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بدءاً من اضطرابات الهرمونات، وضعف القدرة على الإنجاب، وتلف الجهاز العصبي، والسرطان، وصولاً إلى أمراض القلب.

ومع ذلك، لم يكن من الواضح، فيما يتعلق بأمراض القلب، ما إذا كانت هذه الجسيمات تُلحق الضرر بالشرايين بشكلٍ مباشر، أم أن وجودها مع المرض كان مجرد مصادفة فقط، وهذا ما توصلت إليه الدراسة الجديدة، والتي نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقال تشانغ تشنغ تشو، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف الدراسة الجديدة: «تقدم دراستنا بعضاً من أقوى الأدلة حتى الآن على أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهِم بشكل مباشر في أمراض القلب والأوعية الدموية».

وفي الدراسة، قيّم الباحثون آثار الجزيئات البلاستيكية الدقيقة على فئران مُعرّضة وراثياً للإصابة بتصلب الشرايين.

تمت تغذية فئران الدراسة، ذكوراً وإناثاً، بنظام غذائي منخفض الدهون والكولسترول، يُشابه ما قد يتناوله شخص سليم ونحيف.

ومع ذلك، وعلى مدار تسعة أسابيع، تلقت الفئران جزيئات بلاستيكية دقيقة بجرعات تُقارب 10 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم.

واختار الباحثون مستويات التعرض هذه للجزيئات البلاستيكية الدقيقة؛ لتعكس كميات مُشابهة لما قد يتعرض له الإنسان من خلال الطعام والماء الملوثين.

وعلى الرغم من أن النظام الغذائي الغني بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة لم يتسبب في زيادة وزن الفئران أو ارتفاع مستويات الكولسترول لديها، وظلت الحيوانات نحيفة، فإن تلف الشرايين قد حدث.

ووجد الباحثون على وجه الخصوص فرقاً ملحوظاً في تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بين ذكور وإناث الفئران.

وأدى التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة إلى تسريع تصلب الشرايين بشكل كبير لدى ذكور الفئران، حيث زاد تراكم اللويحات بنسبة 63 في المائة في جزء من الشريان الرئيسي المتصل بالقلب، وبأكثر من 7 أضعاف في الشريان العضدي الرأسي المتفرع من الشريان الرئيسي في الجزء العلوي من الصدر.

وخلصت الدراسة إلى أن إناث الفئران التي تعرضت للظروف نفسها لم تشهد زيادة ملحوظة في تكوّن اللويحات.

وبمزيد من البحث، وجد الباحثون أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تتداخل مع الشرايين؛ ما يُغير سلوك وتوازن أنواع عدة من الخلايا.

ووجدوا أن الخلايا البطانية، التي تُشكل البطانة الداخلية للأوعية الدموية، كانت الأكثر تأثراً.

وقال الدكتور تشو: «بما أن الخلايا البطانية هي أول ما يتعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المنتشرة في الدم، فإن خلل وظيفتها قد يُؤدي إلى بدء الالتهاب وتكوّن اللويحات».

يبحث الباحثون حالياً في سبب كون ذكور الفئران أكثر عرضة لتلف الشرايين نتيجة التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وما إذا كان هذا الاختلاف بين الجنسين ينطبق على البشر أيضاً.

وقال تشو: «يكاد يكون من المستحيل تجنب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تماماً. ومع استمرار تزايد تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة عالمياً، أصبح فهم آثارها على صحة الإنسان، بما في ذلك أمراض القلب، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».

وأشار إلى أنه نظراً لأنه لا توجد حالياً طرق فعالة لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من الجسم، فإن تقليل التعرض لها والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام - من خلال النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، وإدارة عوامل الخطر - يبقى أمراً بالغ الأهمية.