جدل توقيت صلاة الفجر يتجدد في مصر

أثاره تقرير علمي نشره بالخطأ موظف بمعهد الفلك

أصدرت دار الإفتاء الديار المصرية بياناً أكدت فيه صحة توقيت صلاة الفجر الحالي وذلك لحسم جدل مثار على مواقع التواصل حوله
أصدرت دار الإفتاء الديار المصرية بياناً أكدت فيه صحة توقيت صلاة الفجر الحالي وذلك لحسم جدل مثار على مواقع التواصل حوله
TT

جدل توقيت صلاة الفجر يتجدد في مصر

أصدرت دار الإفتاء الديار المصرية بياناً أكدت فيه صحة توقيت صلاة الفجر الحالي وذلك لحسم جدل مثار على مواقع التواصل حوله
أصدرت دار الإفتاء الديار المصرية بياناً أكدت فيه صحة توقيت صلاة الفجر الحالي وذلك لحسم جدل مثار على مواقع التواصل حوله

أثار توقيت صلاة الفجر الجدل مجددا في مصر، بعدما أحال المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر موظفا بالمعهد إلى التحقيق لنشره بالخطأ على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تقريرا علميا رفعه معمل أبحاث الشمس إلى رئيس المعهد الدكتور حاتم عوده، ويتضمن رأي ثمانية من كبار أساتذة المعمل حول صحة توقيت صلاة الفجر في مصر.
وذهب الأساتذة الثمانية في تقريرهم، إلى أن هناك خطأ كبيرا في توقيت صلاة الفجر بمصر، ليحيي ذلك جدلا قديما أثير منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان يتجدد على فترات أقربها العام الماضي، مع رفع أكثر من دعوى قضائية تطالب بتغييره.
ولم ينف أحد الباحثين الموقعين على البيان صحة المعلومات الواردة فيه، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «فيسبوك» ليس المكان الملائم لمناقشة مثل هذه القضايا العلمية.
وأضاف الباحث الذي طلب عدم نشر اسمه، أن هيئة المساحة المصرية اعتمدت موعد صلاة الفجر عندما تكون زاوية الانخفاض العمودي للشمس تحت خط الأفق عند بداية ظهور الخيط الأبيض، تقدر بـ19.5 درجة، وهي قيمة خاطئة وبعيدة عن الصواب.
وأوضح الباحث أن القيمة الصحيحة التي ينتفي عندها أي لبس أو خطأ هي 14.7 درجة.
وتلقف البيان الذي ضل طريقه إلى «فيسبوك» أصحاب القضايا التي رفعت أمام القضاء المصري العام الماضي للمطالبة بتأخير موعد صلاة الفجر، ليضج موقع التواصل الاجتماعي بالجدل، الذي لم ينهه بيان أصدره دكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، وأكد فيه صحة توقيت صلاة الفجر الحالي.
وقال المفتي في بيانه، إنه لا صحة على الإطلاق لتشكيك بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية في صحة توقيت الفجر في مصر، بدعوى أن الأذان في مكة المكرمة يحين في بعض الأوقات بعد القاهرة.
وشدد المفتي على أن توقيت الفجر المعمول به حالياً في مصر (وهو عند زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5°) هو التوقيت الصحيح قطعا، وأنه الذي جرى عليه العمل بالديار المصرية منذ القرون الإسلامية الأولى إلى يومنا هذا، وهو الذي استقر عليه عمل دار الإفتاء المصرية في كل عهودها، وهو ما كانت عليه مصلحة عموم المساحة المصرية منذ إنشائها سنة 1898م، ثم استمرت على ذلك بعد إنشاء الهيئة المصرية العامة للمساحة سنة 1971م، وهي المؤسسة المصرية الرسمية المختصة بإصدار التقاويم الفلكية المتضمنة لمواقيت الصلاة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها المفتي بيانا يؤكد فيه صحة توقيت صلاة الفجر، إذ سبق أن أصدر العام الماضي بيانا استنكر فيه حملات التشكيك المتعمدة التي تثار ما بين الحين والآخر حول توقيت أذان الفجر، مطالبا المواطن المصري بعدم الالتفاف لمثل هذه الآراء التي تهدف إلى زرع الفتنة من دون وعي حقيقي لمقاصد الدين الإسلامي، وجاء هذا البيان حينها على خلفية دعاوى قضائية تم رفعها أمام القضاء المصري تطالب بتأخير موعد صلاة الفجر.
واختصمت الدعوى التي حملت رقم 33766 لسنة 71 قضائية، الدكتور محمد مختار جمعة، بصفته وزير الأوقاف، وذكر مقيم الدعوى حسين أحمد مصطفى حبيب، إمام وخطيب مسجد في عريضة دعوته، أنه «في الثمانينيات من القرن الماضي ثارت على صفحات الصحف وفي دور العلم قضية المواقيت الصحيحة للصلاة وبالأخص صلاة الفجر، ونشرت كثير من الدراسات التي انتهت في نتيجتها إلى أن مواقيت الصلاة في مصر تقوم في غير التوقيت الصحيح لها، وأن صلاة الفجر يؤذن لها قبل وقتها الصحيح بفارق توقيت من خمس وعشرين إلى أربعين دقيقة، ما يعني أن صلاة الفجر تؤدى قبل دخول الوقت الذي هو من أهم شروط صحة الصلاة ووجوبها».
وطالبت وزارة الأوقاف المصرية حينها جميع أئمة المساجد بضرورة الالتزام بالميقات الحالي لأذان الفجر، باعتبارها المعتمدة من هيئة المساحة المصرية، وحذرت الأئمة باتخاذ إجراءات عقابية مشددة فيما يؤيد دعوات تغيير ميقات صلاة الفجر، كما انتقد بشدة الأزهر الشريف دعوات تغيير ميقات صلاة الفجر، وقال إن هيئة كبار العلماء حسمت هذا الخلاف بناء على تقارير هيئة المساحة المصرية وعدد من علماء الفلك.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».