حفل خيري لمواجهة الإيدز في النمسا

عرض راقص خلال حفل افتتاح «لايف بول» أمام قاعة مدينة فيينا (أ.ف.ب)
عرض راقص خلال حفل افتتاح «لايف بول» أمام قاعة مدينة فيينا (أ.ف.ب)
TT

حفل خيري لمواجهة الإيدز في النمسا

عرض راقص خلال حفل افتتاح «لايف بول» أمام قاعة مدينة فيينا (أ.ف.ب)
عرض راقص خلال حفل افتتاح «لايف بول» أمام قاعة مدينة فيينا (أ.ف.ب)

مواصلة لكرنفالاتها الصيفية نظّمت العاصمة النمساوية فيينا، أول من أمس، حفل «لايف بول» (life ball) الخيري التنويري ضد مرض نقص المناعة «الإيدز»، في دورته الـ25.
أُقيم الحفل في مبنى البلدية «الرات هاوس» حيث ألقى كل من العمدة السابق ميخائيل هويبل والعمدة الجديد ميخائيل لودفيغ خطاباً، أكدا فيهما على استمرار دعمهم واستضافتهما للمؤسسة المعروفة باسم «لايف بول» التي تشرف على الحفل الذي أمسى أكبر فعالية عالمية تهدف لبث مزيد من التنوير وتدعم الجهود الطبية لمزيد من الأبحاث وتوفير علاجات لوقف مد هذا المرض الذي لا يزال متفشيا في مجتمعات فقيرة وغنية على السواء.
وحسب إحصاءات أخيرة نشرتها المؤسسة فإنّ العدد المعلن لمن يعيشون بالإيدز يفوق 36700000، وأنّ عام 2016 وحده شهد 18000000 إصابة، وأنّ دولة متقدمة كالنمسا تشهد يوميا نحو إصابتين.
في سياق موازٍ، خاطب الحفل وزيري الثقافة والصحة النمساويين حاثين الشباب على الاهتمام بسبل الوقاية اللازمة بما في ذلك الكشف عن الإصابة، أو ما يطلقون عليه «اعرف حالتك»، معلنين عن إمكانية الكشف حتى في الصيدليات تماما كما توفر الصيدليات إمكانية قياس الضغط ومعرفة الوزن.
إلى ذلك خاطب الحفل عبر «سكايب» الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والمغني ألتون جون، والممثلة تشارليز ثيرون، وثلاثتهم يتولون مهام مؤسسة خيرية تنشط في ذات المجال، وسبق لها أن حظيت بدعم مقدر من مؤسسة لايف بول.
كما تحدّثت مندوبة عن الأمير هاري الذي يرعى مؤسسة تعمل في دولة مالاوي. وكانت باريس مايكل جاكسون قد حيّت الجمهور إنابة عن إليزابيث تايلور التي بدورها تُشرف على جمعية خيرية تساعد مرضى الايدز وتحظى بدعم مؤسسة لايف بول.
جدير ذكره أنّ مؤسسة لايف بول تقدم مساعدات مالية وعينية مباشرة للكثير من الدول الأفريقية جنوب الصحراء، حيث يتفشى مرض الإيدز وينتقل من الأمهات حاملات الجرثومة إلى مواليدهن.
اختار المنظمون كموضوع لديكور وأزياء الحفل للعام الحالي، فيلم صوت الموسيقى الذي نال أكثر من جائزة أوسكار في عام 1965، وأمسى أشهر فيلم سينمائي صوّر في النمسا. وتحديداً في إقليم سالزبورغ.
وضمن عرض الأزياء الذي بات تقليداً يصاحب الحفل كل عام، لم يكتف المصممون الذين شاركوا في هذه الدورة ومنهم فيفيان إيستوود وجان بول غوتييه وروبرتو كيفالي وألبرتا ميسوني بظهور العارضين والعارضات فحسب، بل اختاروا مجموعة بالغة الفخامة من آخر موديلات السيارات وصل بها العارضون لوسط مسار الـ«كات ووك» الذي فرش كعلم نمساوي بطول 24 مترا من بداية جادة الرات هاوس وحتى أمام المبنى شاقاً الجماهير التي احتشدت في الهواء الطلق. ومع نهاية العرض بدأ الحفل الخاص المغلق الذي يخصص ريعه وتبرعاته لدعم المؤسسة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».