«إتش إس بي سي»: ملامح نظام تجارة جديد بين آسيا والشرق الأوسط

عبدالفتاح شرف الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات
عبدالفتاح شرف الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات
TT

«إتش إس بي سي»: ملامح نظام تجارة جديد بين آسيا والشرق الأوسط

عبدالفتاح شرف الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات
عبدالفتاح شرف الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات

قال مسؤول رفيع في بنك «إتش إس بي سي» العالمي إن ملامح نظام تجارة عالمي جديد آخذ بالظهور، مدفوعاً بالتدفقات والمبادلات التجارية القائمة بين دول آسيا ومنطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة تحولات اقتصادية غاية في الأهمية.
وبيّن عبد الفتاح شرف، الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات، أن تلك التحولات تتمثل في رؤى وبرامج طموحة تهدف إلى تطوير وتنويع اقتصادات المنطقة، وخلق ملايين فرص العمل الجديدة، وقاعدة جديدة من أصحاب الثروات، وبالتالي مزيداً من الاستثمار والإنفاق، مشيراً إلى أن الإمارات تتطلع للعمل على إجراء هذا التحول في اقتصادها بخطط محددة وواضحة.
وقال شرف: «نتحدث هنا عن اقتصاد يبلغ حجمه 350 مليار دولار، هو ثمار رؤية واستثمار وتخطيط يستشرف المستقبل بكل فرصه وتحدياته للتحول نحو اقتصاد متنوع مستدام، والنتيجة هي بروز الإمارات في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها من الاقتصادات الأكثر تنوعاً، والمدعوم بكثير من برامج التنمية الذكية والتطوير».
وأكد أن الإمارات لديها حكومة يرتكز نهجها على تبني التكنولوجيا الرقمية في جميع جوانب عملها، وبالتالي ستعمل على دفع القطاع الخاص في البلاد لجعل الإمارات متقدمة على منافسيها بعشر سنوات، وقال: «تقدر تكلفة المشاريع المخطط لإنشائها وتنفيذها في البلاد من الآن حتى عام 2022 بنحو 1.3 تريليون دولار». ولفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه من خلال إعادة النظر في تعزيز مشاريع توليد الطاقة، وزيادة حجم الاستثمارات في هذا المضمار من أجل تحقيق النمو الذكي، من المتوقع أن يتم تحقيق أقصى قدر من القيمة وزيادة في الربحية بإنشاء أكبر محطة متكاملة لتكرير النفط والبتروكيماويات في العالم في منطقة الرويس بحلول عام 2025. وتقدر تكلفة مشاريع الطاقة المتجددة المزمع إنشاؤها على المدى الطويل في دبي وحدها بنحو 27 مليار دولار، ويعتبر مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية واحداً من أكبر مشاريع توليد الطاقة الصديقة للبيئة في العالم. وبالعودة إلى الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي» في الإمارات، فإنه أشار إلى أن «تدفق الأفكار الخلاقة والجديدة يعني انتعاشاً لحركة التجارة، ويعني كذلك تدفقاً للسلع والبضائع، وجذباً لرؤوس الأموال، وتطويراً لوسائل النقل والمواصلات، وما إلى ذلك من دورة اقتصادية متكاملة».
ولفت إلى أن تدفق الأفراد للعمل أو الاستثمار أو العيش في الإمارات بلغ مستويات قياسية، في الوقت الذي ساهم فيه 15 مليون سائحاً جاؤوا لزيارة دبي في عام 2017 في جعل مدينة دبي المدينة السادسة الأكثر زيارةً في العالم، في حين ينتظر أن يزور معرض إكسبو العالمي في عام 2020 ما لا يقل عن 25 مليون زائر.
ومن شأن تلك العوامل أن تعزز من جاذبية الإمارات كوجهة للمستثمرين على المدى الطويل، حيث اجتذبت البلاد ما متوسطه 10 مليارات دولار من التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة سنوياً خلال السنوات العشر الماضية، وصُنفت من أهم 10 وجهات للاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 2017.
كما أشار إلى أن الإمارات تحتضن أصول صندوق ثروة سيادية بقيمة تبلغ 1.3 تريليون دولار، ويتوقع أن يزداد عدد أصحاب الثروات من ذوي الدخل المرتفع جداً في الإمارات، الذين تزيد قيمة أصولهم الاستثمارية عن 30 مليون دولار، بنسبة 60 في المائة في السنوات العشر المقبلة حتى عام 2026.
وأظهرت نتائج استبيان لتقرير «إتش إس بي سي»، حول أفق التجارة، أن 77 في المائة من الشركات الإماراتية التي شاركت في الاستبيان تتوقع نمو حجم أعمالها التجارية خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مع توقع قفزة في تجارة الخدمات بنسبة 62 في المائة. ويتوقع تقرير أفق التجارة أن تصبح الصين ثالث أكبر شريك في أعمال الاستيراد والتصدير بالنسبة للشركات في الإمارات خلال الفترة ما بين الآن وعام 2030.
وتمارس أكثر من 4 آلاف شركة صينية أعمالها في الإمارات، من الشركات الكبيرة وحتى الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويعتبر مركز التنين التجاري في دبي أكبر مركز لتجارة المنتجات الصينية خارج الصين في العالم، كما أن التدفقات الاستثمارية الآتية من الصين عبر الإمارات إلى بقية العالم آخذة بالتسارع.
وقال عبد الفتاح شرف: «باعتبارها بوابة للنمو والتطور في منطقة الشرق الأوسط وما وراءه، فإن الإمارات في مركز هذه التحولات العالمية، وتسهم في رسم ملامح نظام التجارة العالمي الجديد، ومؤهلة تماماً للاستفادة من فرص تدفق رؤوس الأموال والأفراد والأفكار من جميع أنحاء العالم». وأضاف: «يمكننا القول هنا إننا في بحر تهدر أمواجه بفرص وإمكانيات كبيرة آتية، ولا شك أننا في الإمارات كنا وما زلنا مستعدين للاستفادة من هذه الفرص على مختلف الصعد».


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.