{تلاسن} قيادات ليبية يهدد بانهيار مبكر لاتفاق باريس

صالح: حفتر خط أحمر... والمشري يرد: لا نعترف به ولم نصافحه

السراج مستقبلاً وفداً أميركياً في طرابلس أمس («الشرق الأوسط»)
السراج مستقبلاً وفداً أميركياً في طرابلس أمس («الشرق الأوسط»)
TT

{تلاسن} قيادات ليبية يهدد بانهيار مبكر لاتفاق باريس

السراج مستقبلاً وفداً أميركياً في طرابلس أمس («الشرق الأوسط»)
السراج مستقبلاً وفداً أميركياً في طرابلس أمس («الشرق الأوسط»)

في مؤشر مبكر على بداية «تعثر» «اتفاق باريس»، الذي رعاه الرئيس إيمانويل ماكرون بين الفرقاء الليبيين مؤخراً، اعتبر المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني: «خط أحمر»، بينما قال خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، إنه «لا يعترف بحفتر، ولا بمنصبه ولم يصافحه» على هامش قمة باريس.
وقال رئيس البرلمان، الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، في تصريحات لقناة «فرانس 24» مساء أول من أمس، إن المشير حفتر والجيش الوطني أنقذ تحت قيادته الليبيين، وحتى بعض الدول المجاورة من خطر الإرهاب. ولفت إلى أنه «إذا خلصت النوايا، فالموعد المحدد لإجراء الانتخابات في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ممكن ومقبول»، قبل أن يضيف موضحاً: «نحن جاهزون لدعم المجتمع الدولي في حفظ الأمن، وإخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة».
لكن صالح رأى في المقابل أن تمرير الدستور الجديد للبلاد يحتاج إلى موافقة 120 عضواً من إجمالي عدد أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 200 عضو، وقال في هذا السياق: «إنه لأمر صعب توفير هذا العدد الذي يتطلبه النصاب القانوني لتمرير الدستور»، موضحاً أنه سيعرضه مجدداً على البرلمان عقب عيد الفطر لمناقشته. و«إذا حصل على الموافقة سيذهب للشعب للاستفتاء عليه، وفي المقابل لدينا تعديل دستوري جاهز، يحدد كل ما يتعلق بانتخابات الرئاسة المقبلة، وإذا لم يتم تمرير الدستور سنعمل بالإعلان الدستوري».
ولم يتأخر رد فعل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي يتخذ من العاصمة الليبية طرابلس مقراً له، حيث قال للقناة الفرنسية نفسها، في تصريحات بثتها مساء أول من أمس، إنه لا يعترف بحفتر كقائد عام للجيش، ووصفه بأنه «قوة أمر واقع، وليس قوة شرعية»، مبرزاً أنه أبلغ هذا الكلام لمبعوث الرئيس الفرنسي ماكرون، عندما تلقى دعوة لاجتماع باريس.
وأضاف المشري موضحاً: «أعترف بقائد أعلى للجيش الليبي اسمه فائز السراج (رئيس حكومة الوفاق الوطني)، ورئيس أركان موجود في طرابلس هو عبد الرحمن الطويل».
كما نفى المشري في تصريحات نشرها مكتبه الإعلامي على صفحته عبر «فيسبوك» قيامه بمصافحة حفتر، أو التحدث معه خلال اجتماع باريس، وقال إن «حفتر مسؤول عن مأساة 130 ألف ليبي نازح من درنة، بسبب الحرب التي يشنها هناك»، قبل أن يدعو لوقف إطلاق النار وفتح ممرات آمنة كرسائل إيجابية قبل الحوار. ورأى المشري، الذي قال إنه لا يمثل «الإخوان المسلمين» في رئاسة مجلس الدولة، أن ما يفعله حفتر في درنة هو «تصفية خصوم سياسيين، وليس حرباً على الإرهاب».
بدوره، دخل السراج على الخط، حيث اعتبر أن «الخطوط الحمراء التي لا يمكن التفريط فيها هي وحدة ليبيا وسلامتها، ومصلحة المواطن وحقه في تقرير مصيره عبر السبل الديمقراطية، ومن خلال صناديق الاقتراع». ودعا السراج الجميع إلى تقديم تنازلات، لتعبر ليبيا إلى بر الأمان، مؤكداً أنه يقف على مسافة متساوية من كل الأطراف، والتزامه بما تمخضت عنه قمة باريس.
إلى ذلك، بحث السراج، أمس، في طرابلس مع قائد القوات الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» توماس والدهاوسر والسفيرة ستيفاني ويليامز، القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا، المسار السياسي والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. واعتبر أن تنفيذ بنود إعلان باريس، الذي تم الاتفاق عليه «ليس سهلاً، فهناك تحديات تحتاج إلى جهد وصدق جميع الأطراف، وموقف دولي موحد يدعمها».
من جانبه، أكد الجنرال والدهاوسر أن عمليات مطاردة فلول الإرهاب مستمرة، وأن قواته تقوم برصد ومتابعة تجمعاتهم، واستهدافها بالتعاون والتنسيق الكامل مع حكومة السراج. ورحبت ويليامز بلقاء باريس، ودعمها لكل جهد يصب في صالح استقرار وأمن ليبيا، مع تأكيدها على أهمية الإعداد الجيد، وتوفير أرضية صلبة لإنجاح كافة الاستحقاقات بتنسيق مباشر مع الأمم المتحدة.
بدوره، أكد جوزيبى بيروني، سفير إيطاليا لدى ليبيا، أمس، على أن الالتزامات التي أكدها الليبيون الحاضرون في لقاء باريس «لا يجب أن تبقى مجرد كلمات من دون محتوى»، واعتبر في تصريحات لوسائل إعلام ليبية وإيطالية، أعاد بثها بتغريدة عبر موقع «تويتر»، أن أي قرار يخص تحديد تاريخ الانتخابات هو أمر يخص الليبيين فقط. وقال بهذا الخصوص: «إن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يستبدل الدور الليبي، ولا نحتاج لالتزامات جديدة»، معتبراً أن هناك أطرافاً متعددة في ليبيا «يجب أن تشارك في مسار الحل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم