لم ينجح بيان أصدرته دار الإفتاء المصرية مساء أول من أمس، في حسم الجدل المثار منذ يومين على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن صحة رؤية هلال رمضان، ليدخل البرلمان المصري على خط الأزمة من خلال طلب إحاطة تقدم به النائب محمد العقاد، عضو ائتلاف دعم مصر بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء، بشأن حالة الجدل التي أثيرت بشأن صحة رؤية هلال رمضان، بعد أن تداول مستخدمو المواقع صوراً وفيديوهات للقمر في السماء، وهو يبدو شبه مكتمل في طور «البدر» باليوم الثاني عشر من شهر رمضان.
وقال العقاد في بيان أصدره صباح أمس إنّه طالب بحضور ممثلين عن دار الإفتاء المصرية وعلم الفلك، للرّد على الشكوك التي أثيرت من أجل قطع الشك باليقين وحسم هذا الجدل.
وبدأ هذا الجدل مع تداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي قبل يومين صوراً للقمر من مناطق مختلفة في مصر، وهو يبدو مكتملاً في طور «البدر» باليوم الثاني عشر من شهر رمضان، ليعلق عليها رواد تلك المواقع، بأنّها تأكيد على أنّه تم التأخر في الإعلان عن الشهر، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك بالقول إن ما حدث كان متعمداً.
وعلى الرّغم من أنّ معهد البحوث الفلكية المصري سعى لحسم الجدل في بيان تم التأكيد فيه على أن الرؤية بالعين المجردة تختلف عن الحساب الفلكي الدقيق، فإن الجدل لم ينته، وهو ما أثار حالة من الدهشة والاستغراب في الأوساط العلمية، عبّر عنها الدكتور أشرف تادرس رئيس قسم البحوث الفلكية في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر بقوله: «سأفترض أنّنا أخطأنا... هل كل العالم أخطأ».
وأطلع تادرس «الشرق الأوسط» على صور للقمر من عدة دول عربية وأجنبية ظهر فيها بنفس الحالة، ليعلق على ذلك قائلا: «هذا تأكيد على ما قاله المعهد في بيانه قبل يومين، وهو أنّ الرؤية بالعين المجردة تختلف عن الحساب الفلكي».
وقال المعهد في بيانه، إنّ القمر وفق الصور المتداولة يبدو شبه مكتمل، ولا تستطيع العين المجردة التفرقة بين حالته مكتملا وشبه مكتمل، وأوضح أنه وفق الحسابات الفلكية فإن اكتمال القمر كان يوم 29 مايو (أيار).
ونشر مرصد القطامية الفلكي، التابع لمعهد البحوث الفلكية على صفحته في «فيسبوك» أول من أمس، صورا علمية ترصد مراحل اكتمال القمر بدرا، لتبين أنّ العين المجردة لا تستطيع إدراك الفرق بين القمر المكتمل وشبه المكتمل.
وعلّقت إدارة المرصد على الصور قائلة: «لا بدّ لنا أن نعلم أن عين الإنسان لا يمكنها تمييز نسبة استضاءة قرص القمر بالكامل، فهناك فترة تقدر بنحو ثلاثة أو أربعة أيام يرى فيها القمر لنا كالبدر الكامل، وهذا بعيوننا المجردة (أي من دون استخدام تليسكوبات)، ولكن الحسابات الفلكية والرّصد بالتليسكوبات شيء آخر، إذ إن القمر يكون بدراً كاملاً عندما تبلغ نسبة إضاءة قرصه نحو 99.9 في المائة أو 100 في المائة.
بدورها أكدت دار الإفتاء المصرية في بيانها أنّ الرؤية الشرعية لهلال رمضان هذا العام قد وافقت الحساب الفلكي، ومن المقرّر شرعاً أنّ القطعي مقدَّم على الظني، أي أنّ الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة؛ ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره، على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت، وهو ما تعتمده الدّار عند استطلاعها للأهلة.
ولفتت دار الإفتاء إلى أنّه وفقاً لخبراء الفلك والمتخصصين في معهد البحوث الفلكية، فإنه لا يمكن للعين المجردة أن تحكم على اكتمال القمر، وبالتالي فالحكم يكون من خلال خبراء مختصين، والاكتمال حسب علماء الفلك سيكون في موعده في منتصف شهر رمضان. أمّا الحديث عن الاكتمال في الليلة الثانية عشرة من رمضان، فهو أمر غير صحيح، إذ قد يبدو القمر مكتملاً، ولكن في الواقع ليس مكتملاً، فقد يكون بنسبة 96 في المائة فقط حسبما أعلن خبراء الفلك.
من جهته، شكك د.عبد الحميد الأطرش الرئيس السابق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، في نيات مثيري هذا الجدل، مؤكداً أنّهم لا يسعون إلا للفتنة وإحداث البلبلة. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحساب الفلكي لا يقتصر على مصر وحدها، فلماذا لا تُثار هذه القضية إلّا عندنا».
صحة رؤية هلال رمضان تثير جدلاً مصرياً يصل للبرلمان
رواد مواقع التواصل تداولوا صوراً للقمر في طور «البدر» باليوم الثاني عشر
صحة رؤية هلال رمضان تثير جدلاً مصرياً يصل للبرلمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة