مطالبة باسيل بالمالية أو الداخلية تخلط تفاهمات تشكيل الحكومة

«القوات» تطالب بـ«المساواة» مع «الوطني الحر» في الحصص

عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان متحدثا للصحافيين أمس (القوات اللبنانية)
عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان متحدثا للصحافيين أمس (القوات اللبنانية)
TT

مطالبة باسيل بالمالية أو الداخلية تخلط تفاهمات تشكيل الحكومة

عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان متحدثا للصحافيين أمس (القوات اللبنانية)
عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان متحدثا للصحافيين أمس (القوات اللبنانية)

خلط تكتل «لبنان القوي» أمس أوراق التفاهمات المبدئية السابقة مع «تيار المستقبل» و«الثنائي الشيعي»، بتجديد مطالبته الحصول على واحدة من حقيبتي «الداخلية» أو «المال»، لتُضاف تعقيدات جديدة إلى عقد تواجه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في مهمة تأليف الحكومة، وهي 4 عقد أساسية، ومن أبرزها مطالبة «القوات اللبنانية» بحقيبة سيادية، والمساواة بالحصص الوزارية مع «الوطني الحر».
وبعد إشاعة أجواء إيجابية مرتبطة بتفاهمات مسبقة حول حقيبة المالية التي ستكون من حصة الشيعة، خرق وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس تكتل «لبنان القوي» تلك الأجواء بإعلانه أنه «لا أحقية لأحد بالتمسك بحقيبة معينة وحان الوقت لحصول تكتلنا على إحدى الحقيبتين، المالية أو الداخلية».
ورغم أن المقصود بتصريح باسيل هو حقيبة المالية، فإن مصادر الثنائي الشيعي لم تجد نفسها معنية بالتصريح كون قضية وزارة المال من حصة بري «يفترض أنها حُسمت في وقت سابق». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن ما قاله باسيل يعني أن كتلة «لبنان القوي» «تتطلع لوزارة الداخلية»، كونه «ما بات متفاهماً عليه أن حقيبة وزارة المال ستكون من حصة حركة أمل، وهذا الملف بات من وراء ظهرنا».
وتتقاسم الطوائف الأربع الكبرى في لبنان، الحقائب السيادية في الوزارات، وهي «الداخلية» التي يشغلها في حكومة تصريف الأعمال السنة بوزير يمثل تيار المستقبل، والخارجية ويشغلها الآن الموارنة من حصة «التيار الوطني الحر»، والمالية ويشغلها الشيعة من حصة «حركة أمل»، والدفاع ويشغلها وزير أرثوذكسي من حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ويتمسك رئيس البرلمان نبيه بري بحقيبة «المال»، كونها تعطي الطائفة الشيعية مشاركة في السلطة التنفيذية عبر توقيع وزير المال.
وتحدث باسيل باسم «تكتل لبنان القوي» بعد لقاء الحريري، قائلاً: «لا أحقية لأحد بالتمسك بحقيبة معينة، وحان الوقت لحصول تكتلنا على إحدى الحقيبتين: المالية أو الداخلية»، مشيراً إلى «إننا نطمح لتمثيل الطائفة العلوية والأقليات وطالبنا بتوزيع الحقائب السيادية على الطوائف الصغرى، أيضا، وتحديدا العلويين والدروز والكاثوليك والطوائف المسيحية الأخرى».
ويعتبر تصريح باسيل حول وزارة الداخلية هو الأول من نوعه، كون حليفه «تيار المستقبل» يشغل وزارة الداخلية خلال الحكومتين السابقتين، ويتوقع أن تكون من حصته هذه المرة، إلا في حال تخلى «الوطني الحر» عن حقيبة الخارجية وبادل بها «الداخلية». ولا تخفي مصادر مطلعة على أجواء «المستقبل» أن كل المعطيات السابقة «تبدلت عما كانت عليه قبل الانتخابات»، مشددة على أن هناك قواعد أساسية لا يمكن لأحد خرقها، وهي توزيع الحقائب السيادية الأربع مناصفة بين المسلمين والمسيحيين. ورأت المصادر أن الواضح من كلام باسيل أنه يريد التأكيد «إن وزارة المال أو أي وزارة أخرى ليست حكراً على طائفة أو فريق سياسي دون سواها، رغم أن الشيعة ينظرون إلى وزارة المال على أنها أداة مشاركة في السلطة التنفيذية».
وتمثل تلك التطورات جزءا من عقد تواجه مهمة الرئيس الحريري، وهي عقد ناتجة عن «المبالغة في المطالب للقبول بالواقع في مرحلة ثانية»، كما قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن المفاوضات الجدية «لم تبدأ بعد»، واصفة الاستشارات بأنها «نقاشات شكلية».
وتواجه الحريري الآن أربع عقد، هي عقدة وزارة المال، وعقدة حصة الدروز التي يطالب «الحزب التقدمي الاشتراكي» بأن تكون محصورة به، وعقدة السنة في قوى 8 آذار، وعقدة استبعاد «القوات اللبنانية» من الحقائب السيادية وتثبيت حصة رئيس الجمهورية في الحكومة.
ونُقل أمس عن مصادر «تكتل لبنان القوي» مطالبته بـ6 مقاعد وزارية من ضمنها الداخلية أو المالية، وأوضحت أن حصة رئيس الجمهورية «تختلف عن حصة التكتل»، معتبرة أن «أي كلام غير هذا الكلام هو استهداف للرئيس وللتكتل». هذا وأوضح النائب إلياس بو صعب أن حصّة رئيس الجمهورية غير حصة «التيار» في التأليف، مشيراً إلى أن حق الرّئيس بحقائب «متّفق عليه منذ الطائف».
وفي المقابل، قال النائب جورج عدوان متحدثاً باسم «كتلة الجمهورية القوية»، وهي كتلة «القوات اللبنانية»: «ما يهمنا هو المعايير التي ستعتمد في تشكيل الحكومة»، لافتاً إلى أن «المعايير التي يجب أن تعتمد هي أن تمثيل القوات اللبنانية يجب أن يوازي تمثيل التيار الوطني الحر». وأضاف: «إن الكتلة طالبت بأن تكون هي حصة رئيس الجمهورية في الحكومة المقبلة، والجميع يعلم الدور الذي لعبناه في انتخابه».
وتطالب «القوات» بحصة وازنة قد تكون 4 حقائب وزارية بينها حقيبة سيادية، وهو ما يرفضه «التيار الوطني الحر» الذي يعتبر أن الحقيبتين السياديتين هما من حصة «الوطني الحر» ورئيس الجمهورية.
في هذا الوقت، تحدثت وكالة «المركزية»، أن جعجع أكد لعون خلال لقائهما الخميس الماضي، تمسّكه بالشراكة الثنائية مع «التيار» في الشارع المسيحي على غرار «الثنائية الشيعية» لتحقيق الإنجازات، انطلاقاً من النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع التي عكست «تقاسم» الساحة المسيحية بين هاتين القوتين. كما شدد على «احترام الشراكة في الشارع المسيحي التي شكّلت جوهر اتفاق معراب، وهذا يعني تطبيق مبدأ المساواة وتقاسم النفوذ»، فضلاً عن الاستعانة عند تشكيل الحكومة بوجوه جديدة شابة واعدة تُسهم في انطلاق ورشة الإصلاح والتغيير، إضافة إلى ضرورة القيام بخطوات عملية تُحدث «صدمة إيجابية» لدى الرأي العام.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.