جنبلاط لحصر تمثيل الدروز في الحكومة بـ«التقدمي الاشتراكي»

الحريري وجنبلاط في لقاء سابق (دالاتي ونهرا)
الحريري وجنبلاط في لقاء سابق (دالاتي ونهرا)
TT

جنبلاط لحصر تمثيل الدروز في الحكومة بـ«التقدمي الاشتراكي»

الحريري وجنبلاط في لقاء سابق (دالاتي ونهرا)
الحريري وجنبلاط في لقاء سابق (دالاتي ونهرا)

تتجه الأنظار نحو التمثيل الدرزي في الحكومة العتيدة، وذلك في خضم الصراع الدائر بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يترأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، و«الحزب الديمقراطي اللبناني» الذي يترأسه وزير المهجرين طلال أرسلان، حيث حسم جنبلاط بأن الحقائب الوزارية من الحصة الدرزية «ستكون جميعها من حصة الاشتراكي».
وأوضحت مصادر مقربة من «التقدمي الاشتراكي»، أن عدد النواب الدروز ثمانية، بينهم سبعة نواب في كتلة النائب تيمور جنبلاط (اللقاء الديمقراطي)، ويبقى أرسلان الذي فاز بمقعد شاغر في عالية «لذا من الطبيعي وعملاً بمفهوم الميثاقية، ألا يتمثل أرسلان في الحكومة، على غرار الطوائف الأخرى حيث تكون الحقائب الحكومية من حصة أكبر الممثلين في طوائفهم».
وكشف المصادر عن «معلومات حاسمة لا تقبل الجدل» بأن «التمثيل الدرزي سيكون جنبلاطياً صافياً»، مشيرة إلى أنه «إذا كانت الحكومة من ثلاثين وزيراً عندئذ سيكون هناك ثلاثة دروز لجنبلاط، وإذا كانت على مستوى مقعدين درزيين فمن الطبيعي أيضاً أن يكونوا من كتلة النائب تيمور جنبلاط».
وأضافت: «إذا كانت هناك إشكالية في التأليف حول المقعد الثالث، فالنائب جنبلاط له حرية الاختيار من طوائف أخرى بدلا من الدرزي الثالث، إذ إن لديه نواباً مسيحيين ومحازبين من كل الطوائف وأنصار ومقربين»، مشيرة إلى أن جنبلاط «سيطالب بتوزير مسيحي من كتلته هو النائب نعمة طعمة، الذي سجل نجاحاً وإنجازات في وزارة المهجرين، أو من طوائف أخرى، كالنائب بلال العبد الله».
وتحدثت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ولدى زيارته رئيس الحكومة سعد الحريري، «تمنى عليه أن يكون التمثيل الدرزي وفق نتائج الانتخابات النيابية»، وهو أمر سبق وأبلغه النائب وائل أبو فاعور للحريري من خلال الاتصالات التي يتولاّها مع رئيس الحكومة وفريقه السياسي. كما جرى بحث الملف مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي.
وقالت المصادر: «هناك تحذير من العبث بالساحة الدرزية لإحداث أي شرخ سياسي وخلق فتن من قبل البعض، في حين أن الأمور واضحة طبقاً لما أدّت إليه الانتخابات الأخيرة». ورأت المصادر أن تشكيل كتلة نيابية من نواب من التيار الوطني الحر يترأسها أرسلان، بغية توزيره، «بدعة وتذاكي وضحك على ذقون الناس لن يمرّ من خلال هذه الألاعيب والخفة التي يتعاطون بها».
وتشهد العلاقة بين المحورين الجنبلاطي والأرسلاني توتراً غير مسبوق في الانتخابات النيابية، وما تلاها من إشكال وقع في الشويفات، وأدى إلى مقتل عنصر بـ«الاشتراكي». ورغم أن جنبلاط ترك مقعداً شاغراً لأرسلان في عالية كي يضمن فوزه في الانتخابات، فإن مهاجمة أرسلان لجنبلاط ومحازبيه لم تتوقف.
وقالت مصادر مقربة من اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط»، إن النائب أرسلان رفض، بداية، التوافق الانتخابي أو ما يسمى بالائتلاف، لإراحة الجبل حتى مع حصة مقبولة له، وتُرِك له مقعد درزي شاغر في عاليه كتقليد درج عليه النائب جنبلاط حفاظاً على وحدة الصف الدرزي، ولكن أرسلان ذهب باتجاه آخر رافضاً التوافق، ليعقد صفقة مع وزير الخارجية جبران باسيل ويتحالف مع التيار الوطني الحر وآخرين، ومن ثم كانت الطامة الكبرى عندما وجّه كتاباً مفتوحاً لرئيس اللقاء الديمقراطي متحاملاً عليه بشكل كان موضع استهجان من الغالبية الساحقة من طائفة الموحدين الدروز وسواهم. وتفاقمت القضايا عندما سجل إطلاق نار لدى إعلان لائحة التيار الوطني الحر وأرسلان، وإقفال طرق، في وقت أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يرد على الكتاب المفتوح ولا على أي مواقف متشنجة أطلقها أرسلان، بل عمّم على مناصريه ومحازبيه بضرورة ضبط النفس ورفع الغطاء عن أي مشاغب.
وأضافت المصادر أن «ذروة الاحتقان بلغت عندما وقعت حادثة الشويفات، وأدت إلى استشهاد عنصر من الحزب التقدمي الاشتراكي، عندما رفض أرسلان تسليم القاتل وهو معروف ومسؤول أمن وزير المهجرين والجميع يعرفه». وفي المقابل كانت توجهات جنبلاط التهدئة ثم التهدئة وعدم هزّ الاستقرار في الجبل والحفاظ على وحدته، ليأتي المؤتمر الصحافي لأرسلان الذي كان بمثابة الشعرة الذي قصمت ظهر البعير عندما خرج عن المألوف مستعملاً عبارات وجملاً فيها الكثير من التطاول على المختارة وعلى نواب سماهم بـ«نواب الصدفة»، في حين أن النائب الذي أطلقت عليه هذه التسمية حاز على أصوات مضاعفة عن أرسلان.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.