مصر تسعى لكشف لغز آثار فرعونية ضبطت داخل حاوية دبلوماسية في إيطاليا

«الآثار» تؤكد مصريتها... و«الخارجية» تنفي تبعية الحاوية لدبلوماسي

مصر تسعى لكشف لغز آثار فرعونية ضبطت داخل حاوية دبلوماسية في إيطاليا
TT

مصر تسعى لكشف لغز آثار فرعونية ضبطت داخل حاوية دبلوماسية في إيطاليا

مصر تسعى لكشف لغز آثار فرعونية ضبطت داخل حاوية دبلوماسية في إيطاليا

تحاول مصر حالياً الكشف عن لغز تهريب الآثار الفرعونية إلى إيطاليا بطريقة غير مشروعة، بعدما كشفت الصحافة الإيطالية الصادرة الأربعاء الماضي، عن ضبط مجموعة من الآثار المصرية التي هُرّبت في حاوية دبلوماسية.
ووفقا لصحيفة إيمولوجي imolaoggi» الإيطالية، فإنّ «السلطات الإيطالية في ميناء ساليرنو ضبطت مجموعة من القطع الأثرية مهرّبة في حاوية دبلوماسية، وأن هذه الحاوية كانت قادمة من ميناء الإسكندرية»، واصفة القطع بـ«الفريدة من نوعها»، وتضم قناعاً ذهبياً، وقارباً للموتى وغيرها، مشيرة إلى أن الموضوع لا يزال قيد التحقيقات.
وفور انتشار الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي نقلاً عن الصحافة الإيطالية، أصدرت وزارة الآثار المصرية بياناً تؤكد فيه صحّته، من دون الإشارة إلى أن الحاوية التي ضُبطت هي حاوية «دبلوماسية».
وقالت وزارة الآثار، في البيان، إنّ «شرطة مدينة نابولي في إيطاليا ضبطت حاويات تحتوي على قطع أثرية تنتمي لحضارات متعددة، من بينها قطع أثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة».
وأوضح شعبان عبد الجواد، رئيس إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار المصرية، أنّ «وزارة الخارجية المصرية ممثلة في السفارة المصرية بروما، أخطرت وزارة الآثار المصرية عن عملية ضبط هذه الحاويات، وعلى الفور شُكّلت لجنة متخصّصة لفحص صور القطع المضبوطة، والتأكد من أثريتها وانتمائها للحضارة المصرية القديمة، لموافاة السلطات الإيطالية المختصة بها كخطوة أولى في إجراءات عملية استرداد هذه القطع التي يبدو أنّها قد نتجت من الحفر خلسة بشكل غير شرعي نظراً لكونها ليست من مفقودات مخازن أو متاحف وزارة الآثار».
وتتضمن المضبوطات مجموعة من الأواني الفخارية من فترات زمنية مختلفة، وأجزاء من توابيت وعملات، وقطع قليلة تنتمي للحضارة الإسلامية، وقال عبد الجواد لـ«الشرق الأوسط»، إنه «فوجئ» بأنّ عملية ضبط هذه الآثار تمت خلال العام الماضي، مشيراّ إلى أن «وزارة الآثار المصرية أُبلغت بالموضوع في مارس (آذار) الماضي». وأضاف أن «الوزارة تأكدت من مصرية القطع عبر الصور التي أرسلت من وزارة الخارجية»، مشيراً إلى أن «الوزارة طلبت صورا أوضح للقطع الأثرية وعددها 118 قطعة، لفحصها».
وحول سفر وفد من الآثار المصرية لفحص القطع الأثرية والتأكد من أثريتها، قال عبد الجواد: «نتابع الموضوع الآن عبر المراسلات والصور التي ترسلها لنا وزارة الخارجية، لأن هذه الآثار مصادرة ضمن قضية يجري التحقيق بشأنها، لكنّ المؤكد أنّها آثار مصرية، وأنّها من نتائج الحفر غير القانوني، لأنّها ليست من مفقودات المخازن الأثرية».
وفي ساعة متأخرة من مساء الأربعاء أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً حول الواقعة، شدّدت فيه على أنّ هذه الحاوية لا تخص دبلوماسياً مصرياً، وأنّ السلطات الإيطالية لم تبلغها بعد بهوية صاحب الحاوية، ومصدرها.
وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في البيان، إنّ «شرطة الآثار والسياحة الإيطالية أبلغت السفارة المصرية في روما في 14 مارس الماضي، بعثورها على 23700 قطعة أثرية من بينها 118 قطعة مصرية في حاوية دبلوماسية»، مشيراً إلى أن «السفارة أرسلت على الفور مجموعة من صور الآثار المضبوطة إلى القطاع الثّقافي بوزارة الخارجية في القاهرة، لتسليمها إلى وزارة الآثار والتحقق من كونها أصلية».
وأضاف أبو زيد أنّ «السفارة المصرية في روما تواصلت مع نائب قائد الإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار ووزارة الخارجية الإيطالية للاستفسار عن مصدر الحاوية، وهل خرجت من ميناء الإسكندرية، أم تم تداولها فقط في الميناء خلال رحلتها إلى إيطاليا، وجنسية الدبلوماسي المصدّر للشحنة وتاريخ خروجها، حيث أفاد الجانب الإيطالي بأنّ اتصالاتهم مع إدارة الجمارك بالميناء تشير إلى أن الآثار عُثر عليها العام الماضي، والشّحنة لم تكن لدبلوماسي مصري ولكنّها تخصّ مواطناً إيطالياً، كما وعد الجانب الإيطالي بتقديم المزيد من الإيضاحات بشأن تاريخ خروج الحاوية والجهة المصدرة في أقرب فرصة بعد الحصول على إذن جهات التحقيق».
وقال عبد الجواد: «حتى الآن لا نعرف هوية الدبلوماسي صاحب الحاوية، لكنّ المؤكد أنّه ليس مصرياً، كما لم تؤكّد السّلطات الإيطالية ما إذا كانت هذه الحاوية قد خرجت من ميناء الإسكندرية أم لا»، مشيراً إلى أن التحقيقات لا تزال مستمرة، ووزارة الآثار تتابعها بالتعاون مع وزارة الخارجية عبر السفارة المصرية في روما. كما أكد المتحدث باسم الخارجية أنّ «الوزارة تتابع القضية لاستيضاح كل التفاصيل الخاصة بها ومحاسبة المسؤولين عن تهريب آثار مصرية، إذا ثبت أنّها آثار حقيقية».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».