جذبت مهنة «المسحراتي» عددا من الرحالة والمستشرقين الذين زاروا مصر ونقلوا طقوس أهلها وعاداتهم؛ ولعل أبرزهم المستشرق البريطاني إدوارد وليم لين الذي تحدّث عنه في موسوعته «المصريون المحدثون»، ضمن حديثه عن ملامح مصر الرمضانيّة.
فتحت اسم «المُسحر»؛ قال المستشرق البريطاني عن المسحراتي حسب ما نعرفه اليوم، إنّه «الشخص المسؤول عن إيقاظ المصريين لتناول وجبة السّحور في عز الليل قبل أن يُدركهم الفجر ليستعينوا بها على نهار الصوم».
كما ذكر أنّه يدور في كل ليلة، وأنّ لكل منطقة مسحراتي خاص بها، حيث يبدأ في طواف شوارع المحروسة بعد ساعتين من الغروب لكي ينتهي منها تماماً قُبيل الفجر في وقت يسير يسعه التسحُّر فيه، يرافقه فتى صغير يحمل قنديلين لكي يضيء الطريق في العتمة.
ويذكر وليم لين أنّ المسحراتي كان له نداء محفوظ، ويضرب على طبلته «بازته» عند كل وقفة ثلاث مرات، كما كان يطلق المدائح لأرباب المنازل؛ داعياً بالتقبل والحفظ لأهل الدار، قائلا: «اصح يا غفلان وحد الرحمن.. أسعد الله لياليك يا فلان)، ولا يذكر أسماء البنات، وإنّما يقول: «أسعد الله لياليك يا ست العرايس»، وكان المسحراتي يلزم الصّمت عندما يمرّ ببيت في حالة حزن لوفاة عزيز.
ويُلمح لين إلى طبقية ما في خطة عمل «المسحراتية» الذين يتوقفون لدى كُل باب من أبواب الأغنياء وقتا مناسبا لإيقاظ منتوي الصيام هناك، بينما يتجاهلون على الأغلب دور الفقراء الذين لن ينقدوهم أخيرا مالا نظير إيقاظهم.
وعلى الرّغم من تعدد المسحراتيّة فإن نوتة موسيقية محدّدة هي تلك التي يستخدمونها جميعاً للطرق على طبلتهم الخاصة، ضمّنها إدوارد لين في كتابه، إلى جوار نصوص النداءات المستخدمة ومن بينها: لا إله إلا الله.. محمد رسول الله… أسعد الليالي على (…)، ذاكرا اسم العائلة وأفرادها واحدا واحدا من الرجال، يتوسط الفواصل بين الجُمل عزف منفرد على طبلة المسحراتي.
وحسب المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم، أستاذ تاريخ العصور الوسطى في جامعة الزقازيق، فقد جذبت شخصية المسحراتي بعض الرّحالة والمستشرقين الذين زاروا مصر على مر العصور؛ حيث تحدثوا عن تقاليده وشغف المصريين به، فالرحالة المغربي «ابن الحاج» الذي جاء إلى مصر في العصر المملوكي في عهد الناصر محمد بن قلاوون تحدّث عن عادات المصريين وجمعها في كتاب وقال عن المسحراتي مبديا دهشته واستغرابه مما شاهد، إنه «تقليد خارج عن الشّرع لم يعرفه في بلاده، وذكر أنّ المسحراتي ينادي ويغني في شوارع القاهرة، أمّا في الإسكندرية فيطوف ويدقّ على البيوت بالعصي». ويتابع: «أمّا أبرز من تحّدث عن المسحراتي فهو المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين الذي زار مصر خلال القرن التاسع عشر في عهد محمد علي، وقد شغف شغفا كبيرا بعادات المصريين وتقاليدهم؛ حيث عاش بها فترة طويلة وتعلّم اللغة العربية، وقد ذكر لين كيفية احتفال المصريين بقدوم رمضان، وتحدّث عن عادات المسحراتي، ومن كثرة شغفه ذكر نصوص الأغاني التي يتغنّى بها والنوتة الموسيقية الخاصة بكل أغنية».
8:2 دقيقة
«المسحراتي»... مهنة رمضانية جذبت الرّحالة والمستشرقين في مصر
https://aawsat.com/home/article/1278791/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%C2%BB-%D9%85%D9%87%D9%86%D8%A9-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%B0%D8%A8%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%91%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1
«المسحراتي»... مهنة رمضانية جذبت الرّحالة والمستشرقين في مصر
أبرزهم البريطاني إدوارد وليم لين
- القاهرة: محمد عجم
- القاهرة: محمد عجم
«المسحراتي»... مهنة رمضانية جذبت الرّحالة والمستشرقين في مصر
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة