النظام يسيطر على كامل العاصمة السورية وريفها

بعد صفقة أدت لنقل 1600 من عناصر «داعش» وعوائلهم إلى البادية

قوات النظام السوري فوق ركام حي «الحجر الأسود» المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (رويترز)
قوات النظام السوري فوق ركام حي «الحجر الأسود» المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (رويترز)
TT

النظام يسيطر على كامل العاصمة السورية وريفها

قوات النظام السوري فوق ركام حي «الحجر الأسود» المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (رويترز)
قوات النظام السوري فوق ركام حي «الحجر الأسود» المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (رويترز)

سيطرت قوات النظام السوري يوم أمس الاثنين على كامل العاصمة دمشق وريفها للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في العام 2011، وذلك على إثر صفقة رعتها موسكو أدت لنقل 1600 من عناصر «داعش» وعوائلهم من مخيم اليرموك إلى مناطق في البادية السورية.
وتفادت وسائل الإعلام التابعة للنظام الحديث عن صفقة، وأعلن الجيش السوري في بيان «القضاء على أعداد كبيرة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ما أدى إلى إحكام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك»، لتصبح بذلك «دمشق وما حولها وريفها وبلداته هي مناطق آمنة بالكامل وعصية على الإرهاب ورعاته». ونقلت وكالة «نوفوستي» الروسية عن مصدر أمني سوري تأكيده «تحرير القوات الحكومية كامل مساحة مخيم اليرموك المجاور للحجر الأسود»، مضيفا أن «العلم السوري يرفرف الآن فوق المخيم، ما يعني استعادة الجيش آخر جيب خاضع للتنظيمات المسلحة في أرياف العاصمة».
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن قوات النظام بدأت يوم أمس بتمشيط ما تبقى من مخيم اليرموك في القسم الجنوبي من العاصمة دمشق، بالتزامن مع تمشيطها للجزء الذي كان تحت سيطرة «داعش» في حي التضامن، لافتا إلى انتهاء عملية إخراج عناصر التنظيم وعوائلهم على متن نحو 32 حافلة، حملت على متنها حوالي 1600 شخص جرى نقلهم نحو البادية السورية «ضمن اتفاق (سري) بين داعش وسلطات النظام التي تمكنت من استعادة السيطرة على كامل العاصمة دمشق وريفها، بعد نحو 6 سنوات من فقدانها السيطرة على أجزاء واسعة منها، لتكون العاصمة دمشق خالية من العمليات العسكرية لأول مرة منذ حوالي 7 سنوات».

وأوضح المرصد أن عناصر «داعش» خرجوا بالسلاح الفردي وتركوا كامل السلاح الثقيل والمتوسط، لافتا إلى أن عملية الخروج، جرت بإشراف روسي كامل، من خروج الحافلات من القسم الجنوبي من العاصمة دمشق، ولحين وصولها إلى شرق سوريا.
وتحدث المرصد عن «استياء واسع» في أوساط سكان مخيم اليرموك والتضامن والقدم والحجر الأسود ممن نزحوا عن منازلهم نتيجة القصف الجوي والبري العنيف والعمليات العسكرية، «من إقدام عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، على تعفيش المنازل ونهبها، وتحميلها على متن سيارات ونقلها لجهات خارج الأحياء الجنوبية للعاصمة دمشق»، لافتا إلى أن الاستياء تركز أيضا على ما اعتبره مؤيدو النظام ومناصروه، تكرارا لسيناريو مختطفي الغوطة الشرقية، إذ لا يزال الغموض يلف مصير المختطفين والأسرى لدى «داعش». ويتهم الأهالي قوات النظام وحلفاءها، بـ«تعمد تجاهل مصير ذويها من الأسرى والمختطفين لدى التنظيم».
من جهته، أكد مصدر مطلع على المفاوضات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن عناصر «داعش» «خرجوا على دفعات صغيرة ليلاً»، موضحاً أن «الجزء الأكبر توجه إلى جيب داعش في البادية لأن الأميركيين لم يوافقوا على دخولهم الجيب الواقع شرق الفرات حيث توجد قوات سوريا الديمقراطية»، فيما ذهبت مجموعة أصغر إلى مناطق سيطرة «داعش» المحدودة في جنوب البلاد.
وبينما رجح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، نقل عناصر التنظيم إلى منطقة حميمة وبلدات أخرى واقعة في شمال وشرق السخنة، أشار الخبير في الجماعات المتطرفة عبد الرحمن الحاج، إلى أن معظم من تم إجلاؤهم وصلوا إلى ريف دير الزور قرب البوكمال، أي إلى المنطقة الواقعة جنوب شرقي سوريا. وقال الحاج لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصعوبات الكبيرة التي واجهت قوات النظام في عمليات اقتحام مناطق سيطرة داعش في محيط دمشق ما كلفها مئات القتلى، أدت إلى سعيه للإسراع بعقد الصفقة».
وأوضح الحاج أن العمليات في البادية بوجه التنظيم مستمرة على جبهتين، جبهة «قوات سوريا الديمقراطية» شرقي الفرات ومن جبهة النظام غربي النهر. وأضاف: «لكن في النهاية نعي تماما أن لا مصلحة للنظام في المرحلة الراهنة في الإسراع بإنهاء عملياته ضد (داعش)، لأنه لا يكف عن استخدام عناصر التنظيم ضد (قسد)، ما يعني أن العمليات العسكرية في البادية ستطول».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.