مشاهد الحزن تسيطر على الحلقات الأولى من الدراما الرمضانية المصرية

أبرزها «أيوب» و«كلبش 2» و«رحيم»

أفيش مسلسل «كلبش 2»
أفيش مسلسل «كلبش 2»
TT

مشاهد الحزن تسيطر على الحلقات الأولى من الدراما الرمضانية المصرية

أفيش مسلسل «كلبش 2»
أفيش مسلسل «كلبش 2»

سيطرت مشاهد الحزن على الحلقات الأولى من معظم المسلسلات المصرية في موسم رمضان الحالي، وهو ما أثار موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، متهمين إياها بضخ جرعات من الاكتئاب والحزن للمشاهدين. مسلسل «كلبش 2» الذي يؤدي دور البطولة فيه الفنان المصري أمير كرارة بشخصية سليم الأنصاري نموذج بارز لتلك الظاهرة، إذ قُتلت عائلته بالكامل في الحلقة الأولى من العمل. وكذلك مسلسل «رحيم» الذي يقوم ببطولته الفنان ياسر جلال ويلعب دور رجل أعمال يسجن بعد نشوب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وعند خروجه من سجن العقرب بعد 7 سنوات، يجد والده الذي يقوم بدوره الفنان حسن حسني يعيش في المقابر. كما يغير الفنان مصطفى شعبان جلده من الأدوار الكوميدية والترفيهية هذا العام، للعب دور تراجيدي، في مسلسل «أيوب». تموت والدته في حفل زفاف شقيقته، وهو داخل السجن على ذمة قضايا تعثر مادية، ويكابد أيوب الفقر المدقع والمشكلات المتتالية طوال الحلقات الأولى.
أمّا مسلسل «ليالي أوجيني» الذي يقوم ببطولته الفنان ظافر العابدين والفنانة أمينة خليل، فقد ظهرت كاريمان التي تقوم بدورها الفنانة أمينة خليل والتي تعاني من قسوة زوجها ومعاملته العنيفة لها، ولكنّه فاجأها بدعوتها على العشاء في أحد الكازينوهات، وفي الوقت نفسه يخطّط لحرمانها من ابنتها، وتنتهي الحلقة بقتلها له.
ندى أبو شادي طالبة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «شاهدت الحلقات الأولى لكثير من الأعمال، حتى أصبت بحالة حزن واكتئاب، من ضمنها مسلسل (سلسال الدم) الجزء الأخير، وخصوصاً مشهد إصابة ناصرة التي تقوم بدورها الفنانة عبلة كامل بالجلطة، جراء الإفراج عن هارون الذي يؤدّي دوره الفنان رياض الخولي». وأضافت: «كنا نتمنّى أن تخرجنا مسلسلات رمضان من الاكتئاب والمشكلات والهموم التي نشعر بها في حياتنا، ولكن للأسف الشديد الأعمال الدرامية هذا العام واصلت موجة الكآبة والحزن التي نعيشها».
وتقول هبة عبد الحكيم، ربة منزل، لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي، كنا نشاهد الأعمال التي تشعرنا بالمتعة والسعادة مثل فوازير رمضان، وحكايات ألف ليلة وليلة، ولكن هذا العام شعرت كأن المسلسلات متفقة على شيء واحد، وهو مشاهد الحزن والكآبة، فوجدت نفسي أبكي بشدة عندما أشاهد أي عمل». وتابعت: «من ضمن تلك الأعمال مشهد موت أم زين في مسلسل (نسر الصعيد) بعد إصابتها بالسرطان، وأيضاً بكيت بشدة عندما كانت كاريمان تصرخ وتتوسل إلى زوجها الذي حرمها من طفلتها في مسلسل (ليالي أوجيني)».
من جهته، اختلف الناقد الفني، محمود قاسم، مع آراء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «معظم الأعمال الدرامية التي شاهدتها، بها عمق شديد، مثل مسلسل الزعيم عادل إمام (عوالم خفية)، وكذلك مسلسل (رحيم) للفنان ياسر جلال، ومسلسل (طايع) للفنان عمرو يوسف، ومسلسل (ممنوع الاقتراب أو التصوير) للفنانة زينة، و(مليكة) للفنانة دينا الشربيني، فعلى الرغم من أنّ أحداث الأعمال يظن البعض أنّها تنقل الكآبة والحزن إلى نفوس المشاهدين، فإني وجدتها تجسيداً للواقع الحقيقي الذي نعيشه وتلك هي الدراما الحقيقية».
وتابع: «الأعمال الكوميدية ترسم الضحكة والابتسامة، ولكن بشكل مزيف، وفي واقع خيالي غير حقيقي، لكنّ الأعمال الدرامية لهذا العام اتّسمت وتميزت بالواقعية».
في السياق نفسه، فإنّ مسلسل «بالحجم العائلي»، بطولة الفنان المصري الكبير يحيى الفخراني الذي يعدّ من المسلسلات الكوميدية لهذا العام، سيطرت مشاهد الحزن على حلقاته الأولى أيضاً، حيث إن السفير نادر الذي يمتلك منتجعاً سياحياً في مرسى علم، ويعيش بعيداً عن زوجته وأولاده، قد حُجز في قسم الرعاية المركزة بعد إصابته بوعكة صحية شديدة، ما أصاب جميع محيطيه بالقلق والحزن.
إلى ذلك، تحدّثت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «إذا كان هناك إجماع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أنّ مسلسلات رمضان تضخ الكآبة فهذا غير صحيح، حتى لو أجمع على ذلك المئات من روادها، بصفتي ناقدة، أرى تلك الأعمال بعين مختلفة، ووجدت أنّ معظم الحلقات الأولى لها كانت بدايتها طبيعية وليست مفجعة، لأن تلك الأعمال تختلف عن الكوميديا، فمن الطبيعي أن تتضمّن حلقاتها نوعاً من الإثارة والتشويق والأحداث المؤثرة التي تجذب المشاهد لها لمتابعتها».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».