ضجة في تونس بعد منع مكبرات الصوت خلال صلاة التراويح

جدل حول برنامج تلفزيوني يدين سياسيين بالتعامل مع إسرائيل

TT

ضجة في تونس بعد منع مكبرات الصوت خلال صلاة التراويح

أكدت منية الجويني، وهي مسؤولة حكومية في مدينة حمام سوسة (وسط شرق)، أن قرار منع استعمال مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح خلال شهر رمضان الحالي، كان من قبل الواعظ الديني التابع لمعتمدية حمام سوسة (السلطة المحلية)، وذلك بعد أن تقدمت بعض الأسر القاطنة على مقربة من هذه المساجد بشكوى تطالب فيها بإيقاف استعمال المكبرات لانزعاجها من الأصوات العالية، وأيضاً لأنها تمنع أبناءهم من التركيز في المراجعة، خصوصا أنهم في الفترة التحضير لامتحانات الباكالوريا (الثانوية العامة).
لكن هذا القرار خلَّف استياء عدد كبير من المواطنين داخل المدينة، الذين رأوا فيه انتقاصاً من حرمة الشهر الفضيل، خصوصا أنها المرة الأولى التي يُتخذ فيها قرار من هذا النوع في تونس.
من جهة ثانية، تدخلت أحزاب سياسية وشخصيات نافذة، ولوبيات مالية وأخرى إعلامية لمنع بثّ برنامج تلفزيوني، يعرض تصريحات بعض الشخصيات السياسية والدينية والإعلامية والفنية والرياضية، التي قبلت التعاون مع إسرائيل، وذلك من خلال برنامج للكاميرا الخفية، كان سيبث على قناة التاسعة الخاصة ضمن سلسلة تحمل اسم «شالوم».
وفي الحال، تناقلت معظم وسائل الإعلام التونسية قائمة سوداء، قالت إنها للشخصيات التي قبلت التعامل مع الكيان الإسرائيلي، ووافقت على مساعدته في فتح سفارة في تونس، تحت إغراء المال، وعبروا عن استعدادهم للتأثير في الرأي العام التونسي.
وفي المقابل، توالت أمس تصريحات كثيرة لبعض السياسيين والشخصيات الإعلامية المشاركة في البرنامج للتبرؤ من تهمة التعامل مع الكيان الإسرائيلي.
ووفق ما قدمته إحدى الإذاعات الخاصة، فقد ضمت القائمة عبد الرءوف العيادي، رئيس حركة وفاء المعارضة، المعروف بمواقفه المعادية لإسرائيل، وعادل العلمي، رئيس حزب الزيتونة الإسلامي، ومحمد بن سالم، القيادي في حركة النهضة.
وأكدت هذه الإذاعة الخاصة أن سليم شيبوب، صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قبل الفكرة، وتفاوض مع أصحاب البرنامج عن المبلغ المالي الذي سيتقاضاه، لكنه قال لهم إن الأمور «لا تتم منذ الوهلة الأولى» على حد تعبيره. وبعد ذلك أكد وليد الزريبي منتج البرنامج أن شيبوب انسحب بمجرد علمه أنه يتعامل مع سفيرة دولة إسرائيل المرشحة في تونس.
وحسب القائمة ذاتها، فقد رحب رءوف بن يغلان (ممثل تونسي) والمختار التليلي (مدرب كرة قدم) بفكرة التعامل مع الكيان الإسرائيلي. فيما قال منذر قفراش، وهو ناشط سياسي، عندما تلقى العرض «لقد انتظرتكم لعدة سنوات».
وفي رده على هذه الاتهامات، لم ينفِ قفراش ما جاء في تصريحاته، وقال إن «إسرائيل تتعامل مع الفلسطينيين، وهم يعترفون بها كدولة، ولا يوجد قانون في تونس يمنع التعامل معهم».
في المقابل، أكدت القائمة ذاتها أن عدداً من الشخصيات المعروفة رفضت العرض، وتمسكت بفكرة عدم التعامل مع إسرائيل، وبينهم عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية السابق، وعمار عمروسية القيادي في تحالف الجبهة الشعبية المعارض، ومحمد عبو زعيم التيار الديمقراطي المعارض، ورضا بلحاج القيادي السابق في حزب النداء، وعصام الدردوري القيادي في نقابات الأمن، الذي هدد بإبلاغ الأمن.
وفي هذا السياق، قال محمد عبو، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا البرنامج كشف عن حجم الفساد المستشري في تونس، فعندما نتحدث عن معلومات حول تمويل أجنبي لسياسيين، أو قبول سياسيين لأموال من ميليشيات مسلحة، فإن البعض قد يتصور أننا نبالغ لضرب خصومنا. لكن الواقع يؤكد كلامنا، ويكشف عن معدن كثير من الشخصيات المعروفة».
في السياق ذاته، قال عبد الرءوف العيادي، رئيس حركة وفاء (حزب معارض) إنه سيرفع دعوى قضائية ضد وليد الزريبي، منتج «الكاميرا الخفية شالوم»، موضحاً أنّ القصد من البرنامج ليس إنجاز كاميرا خفية، بل «استهدافه بصفة شخصية». وتابع موضحاً: «عندما أردتُ الخروج اعترض سبيلي أحد الأشخاص وهو يحمل سلاحاً».
وبدوره، استغرب محمد بن سالم، القيادي في حركة النهضة، من إدراج اسمه في قائمة الشخصيات التي قبلت التعامل مع إسرائيل في برنامج الكاميرا الخفية «شالوم»، وقال إنه يرفض رفضاً باتّاً التعامل معهم.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.