مهرجان «الزمن الجميل» يكرّم نجومه

الفنانة نجوى فؤاد مع منظم الحفل
الفنانة نجوى فؤاد مع منظم الحفل
TT

مهرجان «الزمن الجميل» يكرّم نجومه

الفنانة نجوى فؤاد مع منظم الحفل
الفنانة نجوى فؤاد مع منظم الحفل

قد تكون اللفتات التكريمية لأهل الفن، التي عادة ما تتضمنها مهرجانات تنظم خصيصاً من أجل تقديم جوائز تقديرية لهم، تعبر عن الشعبية التي يحققها هؤلاء النجوم خلال مشوارهم الفني، إلا أن مهرجان «الزمن الجميل» كسر هذه القاعدة عندما قرّر منظمه طبيب التجميل الدكتور هراتش سغبزريان أن يلم شمل نجوم ذلك الزمن، من مغنيين وممثلين وموسيقيين، ليحيي لهم سنوياً حفلاً تكريمياً تقديراً لبصمتهم الذهبية التي تركوها على الساحة الفنية. ومن أجل أن يكون هؤلاء في مأمن من غدر الزمان ومطباته، قُدّمت في حفل أقيم في فندق متروبوليتان في بيروت عقود تأمين لعدد من النجوم اللبنانيين المخضرمين، في ظل افتقادهم الاهتمام المطلوب بهم من الجهات الرسمية في لبنان.
هذه اللفتة التي أعادت الاعتبار إلى مكانتهم، فوصفها بعضهم بـ«هدية العمر»، رأى فيها قسم آخر منهم «وقفة عزّ» تحميهم في خريف حياتهم من مدّ يدهم للآخر، ودق أبواب المؤسسات لمساعدتهم على تأمين حياة كريمة لهم. عقود صحية، وأخرى للتأمين ضد حوادث السير والحرائق، إضافة إلى غيرها من الهدايا التي تتعلّق بالحفاظ على مظهرهم الخارجي، تلقاها نجوم الزمن الجميل الذين كُرّموا في النسخة الثالثة من مهرجان «الزمن الجميل» هذه السنة، أمثال وفاء طربيه وصلاح تيزاني (أبو سليم) وهند طاهر وإحسان المنذر وهيام يونس.
وحضر الحفل إضافة إلى النجوم الذهبيين، جيل من الشباب الذي ساهم من خلال إعادة أداء أغنية قديمة أو نص مسلسل جدّد شبابهم التمثيلي ترسيخ المكانة الفنية لعمالقة ذلك الزمن. فكانت إطلالات للفنانة رلى سعد، التي أدت عدداً من أغاني صباح بصوتها، فغنت لها على المسرح «أهلا بهالطلة»، وكذلك هالة هادي التي غنت «إن راح منك يا عين» لشادية، ومي الحريري التي وقفت تستذكر الراحل ملحم بركات بأغنية «حبيبي إنت»، وهي التي أعادت تسجيل بعض أغانيه منذ فترة. فيما عبر الممثل والكاتب الشاب طارق سويد عن فرحته بالاستعانة دائماً بوجوه ممثلين من ذلك الزمن لإضفاء التميز على أعماله الدرامية.
وعلى طاولات حملت أسماء عمالقة «الفن الجميل»، أمثال وردة وعبد الحليم حافظ وعماد حمدي وصباح وشادية وفاتن حمامة وغيرهم، جلس أهل الفن المكرمين سعيدين بلم شملهم، وبرؤية بعضهم بعضاً بعد أن فرقتهم المسافات بعيداً عن المشاركة في أعمال تجمعهم.
«هي لمة ننتظرها كل عام، فنستعيد معها أياماً حلوة قدمنا فيها أعمالاً تركت بصمتها على الساحة»، يقول الممثل صلاح تيزاني المشهور بـ«أبو سليم» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «لقد كان زمناً نفتخر به، إذ كان همنا الوحيد التنافس على تقديم الأفضل للبنانيين. أما اليوم، وفي زمن السرعة، فمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الشغل الشاغل لأهل الفن، وخربت الدنيا».
أما الممثلة وفاء طربيه، فعبّرت من ناحيتها عن سعادتها بهذه اللفتة التكريمية التي تضعها بمأمن من مطبات الحياة في آخر مرحلة من حياتها، وتقول: «لكل زمن رجاله، ونحن سعداء كوننا حفرنا في أعمالنا الدرامية، وشاركنا في انتشارها. فالممثل اللبناني يمتاز عن غيره من الممثلين العرب بلكنته الصحيحة في الفصحى التي يجيدها قلة من الممثلين».
وكان لضيفة الشرف في المهرجان، الفنانة نجوى فؤاد، رأيها في هذه التظاهرة الفنية، في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، حيث عبرت عن فرحتها قائلة: «هذا المهرجان ساهم في إيقاظ فناني الزمن الجميل من كبوتهم، ولعل أجمل ما فيه هو العمل الخيري الذي توجه به إلى هؤلاء النجوم، مقدماً لهم تأمينات صحية واستشفائية وغيرها لأنّهم لا يستحقون أن يشعروا بالذل يوماً ما. فالفنان عندما يتقدم في السن لا يجد أحداً حوله. وهذا المهرجان يحيطه بالاهتمام الكافي».
وعن رأيها بزمن الفن اليوم، تقول: «هو حلو وجيد، ولكنه برأيي يجب أن يتقدم ويتطور بشكل أفضل، في ظل كل هذه الإمكانيات المتوفرة له».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».