خيبة «الكتائب» الانتخابية مزدوجة والمشكلة ليست فقط في القانون

سعادة: خيار المعارضة انعكس سلباً علينا وعشرات الحزبيين لم يلتزموا باللوائح

سامي الجميل
سامي الجميل
TT

خيبة «الكتائب» الانتخابية مزدوجة والمشكلة ليست فقط في القانون

سامي الجميل
سامي الجميل

استياء عام يسود أوساط «حزب «الكتائب»» منذ مساء الأحد الماضي لحظة بدء اتضاح نتائج الانتخابات. شعار «نبض التغيير» الذي اختاره «الكتائب» في حملته الانتخابية، كما خيار المعارضة الذي كان رأس حربتها في الفترة الأخيرة، لم يترجَم «أصواتاً تفضيلية» في صناديق الاقتراع، وحوّل «الكتائب» إلى أكبر الخاسرين في هذه المعركة بحيث تقلصت كتلته من 5 نواب إلى 3، هم: رئيس الحزب سامي الجميل، وابن عمه نديم، والحزبي إلياس حنكش.
وينكبّ المسؤولون في «الكتائب» على القيام بمراجعة سياسية وانتخابية عامة لمسار الحزب منذ نحو سنتين إلى اليوم وصولاً إلى الانتخابات التي قدّم المسؤول عن إدارتها باتريك ريشا استقالته، واللافت في النتيجة الأولية لهذه المراجعة أن خيبة الأمل كانت مزدوجة بحيث أتت من أهل البيت قبل غيرهم، إذ سجّل في أقلام عدّة عزوف حزبيين عن انتخاب لوائح «الكتائب» وهو ما سيكون على رأس أولويات البحث، إضافة إلى التنظيم والسياسة العامة، حسب ما يكشف النائب سامر سعادة الذي لم ينجح في هذا الاستحقاق، سائلاً: «هل هذا الأمر هو نتيجة رفض لسياسة (الكتائب) أم هي خيانة وشراء ذمم؟».
في المقابل، يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، أن النتيجة التي حققها «الكتائب» لم تكن مفاجئة حتى إن بعض التوقعات كان تشير إلى حصوله على نائبين فقط، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «إضافة إلى شوائب القانون فشل النائب سامي الجميل في عقد تحالفات من شأنها أن تمنحه دفعاً انتخابياً، وبالتالي عمد إلى تشكيل لوائح ضعيفة أدت إلى ما أدت إليه، إضافة إلى عدم تصديق الناس للحملات التي قاموا بها خصوصاً أنهم لم يتمكّنوا من ترجمتها فعلياً على الأرض»، ويضيف: «حتى إن فوز نديم الجميل في بيروت الأولى لم يتحقق لأنه مرشّح (الكتائب) بل لأنه ابن رئيس الجمهورية السابق بشير الجميل، وانتخابه أتى بناءً على مقاربة المسيحيين التي تنطلق من أنه لا بد من بقاء نديم في البرلمان كغيره من أبناء الرؤساء والزعماء».
وفي حين ساد الصمت أوساط «الكتائب» هذا الأسبوع، وامتنع معظم مسؤوليه عن الإدلاء بأي تصريح، على أن توضع كل القضايا على طاولة البحث بدءاً من الأسبوع المقبل، قال النائب سعادة لـ«الشرق الأوسط»: «لا ننفي أننا لم نكن نتوقع تشكيل كتلة نيابية كبيرة، لكن مما لا شك فيه أن النتيجة كانت مخيبة للآمال على صعد عدّة»، ويضيف: «وجودنا خارج الحكومة طوال الفترة الماضية أدى إلى محاصرتنا من كل الأدوات التقليدية الانتخابية، التي تستفيد منها الأحزاب في الحملات الانتخابية، كالتوظيف وتقديم الخدمات عبر الوزارات والأموال التي تقدّم على شكل مساعدات وهبات هنا وهناك، في وقت لم يكن بيد (الكتائب) الإمكانات المادية اللازمة في انتخابات استخدمت فيها الماكينات الانتخابية الأموال الطائلة». ويعتبر «أن التضييق السياسي لم يكن وحده السبب الأساس في الخيبة الكتائبية بل الخيبة الكبرى أتت من أهل البيت الواحد، أي الحزبيين الذين لم ينتخب العشرات منهم لوائح (الكتائب) ومن المواطنين بحيث انعكس موقعنا في المعارضة سلباً علينا في مجتمع لا يزال مواطنوه ينتظرون الخدمات من المرجعية الحزبية والنواب لا من دولتهم».
مع العلم، أنه ومنذ اختيار الجميل العزوف عن المشاركة في الحكومة التي يترأسها سعد الحريري يواجه في أوساط حزبه معارضة للمسار الذي يسلكه. معتبرين أن فاعلية المعارضة تكون أكثر تأثيراً من الداخل لا من خارج السلطة، على غرار السياسة التي يتبعها «القوات» في قضايا عدّة، وهو ما يلفت إليه سعادة بالقول: «تمكن مقاربة هذا الموضوع من خلال الاختلاف بين سياسة الحزبين والنتيجة التي توصل إليها كل منهما، حيث نجح القوات في حصد 16 مقعداً».
ويضيف سعادة: «رغم أننا كنا في مقدمة الأحزاب والنواب الذين واجهوا الفساد ونجحنا في ذلك مرات عدة، لكن بعدما كنا اعتبرنا أن اللبنانيين باتوا محصّنين اكتشفنا أنهم لا يزالون يبحثون عمّن يؤمّن وظيفة لابنهم أو مَن يقدم لهم مساعدة من هنا وتقديمات من هناك في ظل النظام الاجتماعي السياسي القائم».
ومع تشديده على أن الهدف في حزب «الكتائب» ليس المقعد النيابي، يؤكد سعادة أن المراجعة وتصحيح الأخطاء واكتشاف مكامن الخلل لا تعني التنازل عن المبادئ والمسار إصلاحي والترفع عن السلطة الزبائنية، مستبعداً في الوقت عينه أن تعرض عليهم المشاركة في الحكومة، قائلاً: «على كل الأحوال اليوم أكثر من السابق خصوصاً بعدما دفعنا الثمن في الانتخابات. ما لم يؤخذ منا في السابق لن يؤخذ منا في المستقبل، وسنبقى في المواجهة على أمل الإصلاح».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.